الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ارتباك بسوق النقد المصري ومضاربات على الدولار تهدد استقرار الجنيه

ارتباك بسوق النقد المصري ومضاربات على الدولار تهدد استقرار الجنيه
16 أغسطس 2014 20:20
سيطرت حالة من الفوضى على سوق النقد الأجنبي في مصر خلال الأيام القليلة الماضية، بفعل مضاربات حادة تقوم بها بعض شركات الصرافة والأفراد وبث العديد من الإشاعات في السوق لحث حائزي العملات الأجنبية على الاحتفاظ بها وعدم بيعها. وترتب على هذه المضاربات حدوث ارتفاعات ملموسة في أسعار العديد من العملات الرئيسية في مقدمتها اليورو والدولار وبعض العملات العربية الأخرى، وهي ارتفاعات تراوحت بين 2 و3?، حيث ارتفع الدولار في السوق الموازية من 740 إلى 750 قرشاً، فيما تحرك السعر في البنوك من 712 إلى 716 قرشاً للشراء و720 قرشاً للبيع. وبالنسبة لسعر العملة الأوروبية «اليورو»، فقد سجلت في السوق الرسمية 960 قرشاً مقابل 950 قرشاً قبل أيام قليلة، بينما لامس السعر حاجز العشرة جنيهات في السوق الموازية، وكذلك قفز سعر الجنيه الإسترليني ليبلغ 12?25 جنيهاً بنسبة ارتفاع قدرها 3?. فيما حققت أسعار العملات العربية ارتفاعات طفيفة نظراً لتوافر كميات كبيرة منها على خلفية موسم عودة المصريين العاملين بالخارج لقضاء إجازاتهم السنوية بالبلاد، وكذلك وجود سياحة عربية ملموسة في العديد من المنتجعات السياحية المصرية، وفي مقدمتها مناطق شرم الشيخ ومرسى علم والساحل الشمالي الغربي. وعلى الرغم من إعلان البنك المركزي المصري قبل أيام عن ارتفاع صافي الاحتياطي الأجنبي ليبلغ 17?6 مليار دولار، إلا أن إعلان الحكومة عن اعتزامها اللجوء للسوق المحلية والدولية لتدبير نحو 1?5 مليار دولار خلال الأسبوعين القادمين لسداد جزء من مستحقات شركات البترول الأجنبية العاملة في البلاد - يبلغ إجمالي هذه المستحقات 5?9 مليار دولار - ساهم في تغذية سلوك المضاربة في السوق الموازية للنقد الأجنبي في مصر، حيث يراهن المضاربون على إمكانية اضطرار الحكومة إلى اللجوء للسوق المحلية وشركات الصرافة والبنوك لتدبير جزء من هذا المبلغ الكبير، وبالتالي احتمال ارتفاع الأسعار، الأمر الذي أدى إلى استمرار المضاربات وبقوة في الأيام الماضية. استمرار الارتباك ويرشح متعاملون في سوق الصرف المصرية هذه الحالة من الارتباك للاستمرار في الأسابيع القادمة، وحتى يتم حسم سداد مستحقات الشركات الأجنبية، مما دعا الحكومة إلى تسريب أنباء للسوق عن إمكانية طرح سندات دولارية بالمبلغ في السوق الدولية عبر ضمانة مالية من السعودية، بهدف إفشال مخططات المضاربين وتكبيدهم خسائر فادحة جراء عمليات الاكتناز المنظمة للدولار التي تتم حالياً من جانبهم. في الوقت نفسه، أدت عودة شركات الاستيراد للعمل بقوة - بعد انتهاء موسم شهر رمضان- وإقدامها على فتح اعتمادات مستندية وخطابات ضمان بمبالغ كبيرة، لتدبير الاحتياجات الاستيرادية للشهور الثلاثة القادمة إلى إحداث طلب كبير ومفاجئ على العملات الأجنبية خاصة اليورو والدولار اللذين يمثلان عملتي التبادل التجاري الخارجي لمصر. ودفع ذلك المضاربين لاستغلال هذه التطورات لصالحهم ورفع الأسعار وحجب كميات كبيرة من هاتين العملتين عن التداول، خاصة أن الموسم الاستيرادي الشتوي كان يبدأ عادة مع بداية شهر سبتمبر، تزامنا مع عودة المدارس إلا أن تبكير المستوردين بفتح الاعتمادات المستندية بنحو ثلاثة أسابيع ساهم في خلق مناخ نفسي في سوق النقد يعزز من توجه المضاربين وتنامي عمليات المضاربة. ومن المنتظر أن يشهد مطلع الأسبوع الحالي تحركات مضادة من البنك المركزي لمواجهة عمليات المضاربة، عبر الإعلان عن ضخ كميات من الدولار عبر آلية المزاد المعتمدة لتلبية الاحتياجات العاجلة لهؤلاء المستوردين، والقضاء على قائمة الانتظار الجديدة في البنوك والتي تراكمت في الأيام القليلة الماضية، الأمر الذي من شأنه إفشال مخططات المضاربين وتهدئة السوق، خاصة في ظل ما يتردد في السوق عن حاجة مشروع قناة السويس الجديد لمعدات مستوردة لحفر الأنفاق الستة المطلوبة ضمن المشروع، ومن المتوقع أن يتم تدبير قيمتها على نحو عاجل في الأسابيع القادمة للمساعدة على إنجاز المشروع في الموعد المحدد له وهو عام واحد فقط. وبالتالي فإن ثمة احتياجات دولارية متزايدة سوف تواجه البنك المركزي في الفترة المقبلة وعليه إدارة ملف النقد الأجنبي بمزيد من الحكمة والاحترافية، حتى لا تتعرض السوق لهزة يجني من ورائها المضاربون أرباحاً ضخمة على حساب بقية أطراف السوق والمجتمع. ما يحدث مصطنع ويرى خبراء ومتعاملون في سوق النقد الأجنبي في مصر أن ما يحدث حالياً مصطنع ولا مبرر له على الإطلاق في ظل عودة الاقتصاد لنشاطه المعتاد، خاصة في المجالات المسؤولة عن توفير مصادر للنقد الأجنبي، وفي مقدمتها السياحة والتصدير، حيث من المقرر زيادة صادرات مصر إلى روسيا - على سبيل المثال - في الشهور القادمة من 400 مليون دولار إلى ملياري دولار، بناء على إحدى الاتفاقيات التي وقعها الرئيس السيسي خلال زيارته الأخيرة لموسكو، وبالتالي يؤكد هؤلاء الخبراء أن هناك تحسناً ملموساً ومتوقعاً في موارد النقد الأجنبي، الأمر الذي يتنافى مع حالة المضاربة الراهنة. وقال هؤلاء الخبراء إن هذا السلوك المضاربي يستهدف حث البنك المركزي على التدخل وضخ كميات إضافية من الدولار، يستفيد منها المضاربون في تمويل عمليات استيراد ترفيهية وغير أساسية، الأمر الذي قد يشكل ضغطاً على السوق، مشيرين إلى أن موسم عودة المصريين العاملين في الخارج لقضاء إجازاتهم دائماً ما كان يصاحبه توافر المعروض من الدولار، وهو ما لم يحدث هذا العام مما يؤكد وجود قوى خفية تمارس ألاعيب غير قانونية في السوق لتحقيق أرباح فردية. في هذا الإطار، يؤكد علي الحريري - رئيس شركة الصرافة - أن عمليات المضاربة التي تحدث وإن كانت محدودة، إلا أن لها تأثيراً على السوق، مستبعداً تورط أي من شركات الصرافة المسجلة رسمياً وتعمل تحت مظلة وإشراف البنك المركزي وبقية السلطات الرقابية في الدولة في عمليات المضاربة، حيث يشير إلى أن المضاربين أفراداً أو تجاراً لا تربطهم بشركات الصرافة أي صلة. وقال إن كل شركة صرافة ترتبط عبر حساب يومي بالبنوك الرسمية العاملة في السوق وتورد في نهاية يوم العمل حصيلتها من مشتريات النقد الأجنبي، ويسجل ذلك في حسابات كل من البنك وشركة الصرافة، وهي السجلات التي يطلع عليها مسؤولو الرقابة والتفتيش بالبنك المركزي في أي لحظة، الأمر الذي لا يتيح لأي شركة التلاعب ومن ثم يجب التصدي لممارسات الأفراد التي تسيء للسوق وتتم بعيداً عن السوق الرسمية المنظمة، مشيراً إلى أن هذه المضاربات موسمية وسوف تنتهي ولن تؤثر كثيراً على مستوى الأسعار لأن الارتفاع في حدود 2 أو 3? لا يمثل مشكلة، بل هو انعكاس طبيعي لمعادلة العرض والطلب في أي سوق وهذه معادلة تتغير كل يوم بل كل ساعة. ويؤكد هذه الرؤية أيضاً، رائد علام - رئيس شركة تمويل - الذي يشير إلى أن أوضاع احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي المصري مطمئنة للغاية، ولا توجد مخاوف من إمكانية حدوث أي تراجع كبير، نظراً لتوافر موارد متجددة من النقد الأجنبي مثل السياحة والتصدير وتحويلات العاملين في الخارج ورسوم المرور في قناة السويس. وأوضح أن اقتراب موعد مؤتمر «أصدقاء مصر» يبعث برسالة ثقة للسوق لأنه من المنتظر أن يسفر عن تقديم حزمة جديدة وكبيرة من الدعم المالي العربي، إلى جانب اجتذاب استثمارات كبيرة من القطاع الخاص العربي للعمل في مصر على خلفية المشروعات القومية الكبرى، وبالتالي سوف يتوافر مزيد من موارد النقد الأجنبي، مما يطمئن الجميع على تلبية احتياجات الشركات والأفراد من النقد الأجنبي في الفترة القادمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©