الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا.. استراتيجية غائبة في الشرق الأوسط

16 أغسطس 2014 23:55
كيف كان سيبدو الأمر إذا كانت لدى الولايات المتحدة استراتيجية للشرق الأوسط؟ الآن نشهد سلسلة أزمات غير مسبوقة في المنطقة بأسرها، تبدو وكأن صُناع السياسة الأميركيين يتعاملون معها كما لو كانت غير مهمة. وكانت الردود الأميركية لكل منها تفاعلية، وعادة ما تنحرف ما بين السلبية وغير الملائمة. وبينما كان هناك الكثير من التأمل حول الأخطاء التي قد تحدث إذا تبنينا سياسات خطرة أو سيئة، كان هناك القليل من التركيز على كيفية تحقيق أهدافنا وقليل من التفكير في عواقب تقاعسنا. باختصار، في هذا الجزء الخطير من العالم، يبدو وكأننا ليس لدينا رؤية واضحة أو خطة لتنفيذها. ونتيجة لذلك، تعاني المصالح الوطنية الحيوية الأميركية. فهناك منطقة ذات أهمية اقتصادية كبيرة للولايات المتحدة وللعالم تشهد حالة تزداد عمقا من عدم الاستقرار. والحلفاء أيضا في خطر. فاللاعبون السيئون الذين يشكلون تهديدا أمنيا للولايات المتحدة يتزايدون عدداً ويزدادون قوة. ولا تزال أهدافنا في الشرق الأوسط واضحة: لدينا مصالح اقتصادية هناك مثل توفير موارد الطاقة، وتدفقات التجارة والاستثمارات التي نرغب في حمايتها ورعايتها. كما نود الحفاظ على علاقات قوية مع الدول التي تساعدنا على تعزيز مصالحنا الجيوسياسية، وتعزيز نفوذنا وموازنة القوة مع المنافسين المحتملين. فالاستقرار الذي ننشده في الولايات المتحدة، هو استقرار شرق أوسط مزدهر وصديق لنا وأن يكون منطقة غير مضيافة لأعدائنا. لذلك، يتعين وضع استراتيجية أميركية طويلة الأجل، لا تحتضن خيارات تحقق استقراراً لحظيا، بل تعزز التغييرات التي تجعل الاستقرار أكثر استمراراً. نقطة التحول لاستقرار أي مجتمع هي عندما يشعر غالبية الناس أن عملهم داخل النظام يصب في مصلحتهم أكثر من عملهم خارجه. وكانت الصحوة العربية علامة على أن دولاً عديدة في المنطقة كانت تترنح في هذه النقطة. ولمواجهة مبادراتهم، علينا أن ندعم هؤلاء الذين يدركون الحاجة إلى خلق نظم تقدم بدائل أفضل من الفوضى وقيم القرون الوسطى التي يبيعها «الجهاديون» وأتباعهم. وعلاوة على ذلك، علينا إدراك أن الاستقرار في الشرق الأوسط لا يمكن فرضه من الخارج، بل من الداخل. ولا يمكن تجاهل أن القادة الذين يحكمون من الداخل ما زالوا في حاجة لدعمنا نظراً للتهديدات والخصومات والتحديات التي يواجهونها. المصدر الأساسي لتهديد مصالحنا وحلفائنا واستقرار المنطقة هو تهديد المتطرفين أو الإسلام السياسي. وبينما تظهر الجماعات المتطرفة بأسماء عديدة، وتستقل عن بعضها البعض، فهي أيضاً تتقاسم صلات مهمة؛ بعضها أيديولوجي وبعضها له علاقة بالتكتيكات، التي تستخدمها أو بالتجمعات التي تجند منها أعضاءها، أو بمصادر الأسلحة والتمويل. والأكثر أهمية أن هذه التهديدات ليست فقط متصلة بالرعاة المشتركين أو وسائل الإعلام الاجتماعية؛ لكنها أيضا مرتبطة بكونها جزءا من قصة تاريخية أكبر. وبينما يعطى كثير من الاهتمام للتنافس السني- الشيعي، إلا أن هناك خط صدع آخر برز خلال السنوات الأخيرة وربما يكون أكثر أهمية. هذا هو الصراع السني- السني بين المتطرفين وهم دعاة التغيير الجذري المتشدد وأنصار الإسلام السياسي من جانب، والجماعات الأكثر اعتدالاً، التي تنشد الحفاظ على الإسلام، ولكن بطريقة أكثر انفتاحاً من الجانب الآخر. وهذه هي المعركة المسؤولة عن القدر الأعظم من الاضطرابات، والعنف الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط اليوم. وسواء كان الأمر يتعلق بأنصار الشريعة في ليبيا أو «الإخوان المسلمين» في مصر أو «حماس» في غزة أو «جبهة النصرة» في سوريا، أو «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية، أو الدولة الإسلامية التي تناضل من أجل تأسيس الخلافة، فمن الواضح اليوم أن التطرف الديني يبرز كتهديد واسع النطاق. وهناك أيضاً علاقات بين هذه الجماعات وغيرها في محيط المنطقة مثل «طالبان» وشبكة «حقاني» و»بوكو حرام» أو الشيشان الانفصاليين، ما يؤكد النطاق العالمي للمشكلة وإمكانية عقد تحالفات كبيرة للمساعدة في مكافحته. وبالطبع، فإن حلفاءنا التقليديين في الشرق الأوسط يرون المشكلة. توحيد العداء تجاه «الإخوان المسلمين»، الذي ربط الكثير من دول المنطقة. وفي حين أن هذه الدول تضم أفراداً يؤيدون هذه الجماعات المتطرفة، فإن الحكومات نفسها تتحد في قلقها الكبير إزاء انتشار «داعش»، لدرجة أن بعضها تغاضى للحظة عن عدم ارتياحه لتأييد إيران أو بشار الأسد من أجل مواجهة هذه التهديد المتزايد. كما أدى ذلك إلى تشكيل علاقة روسية- إسرائيلية جديدة ووثيقة. إن القيادة الأميركية في السنوات المقبلة ستحول قدرتنا على إعادة تشكيل تحالفاتنا والمؤسسات الدولية حتى نتمكن بفاعلية من تحقيق أهدافنا الدولية. وهذا يتطلب دبلوماسية، والتزامات فعالة يمكن الاعتماد عليها من خلال المساعدات والأسلحة والاستخبارات والدعم اللوجيستي والقوة الجوية والعمليات الخاصة. كما يتطلب ذلك أيضاً القليل من المهارات الأميركية الأخرى مثل الدبلوماسية والقدرة على الإنصات والولاء للأصدقاء القدامى والرغبة في قبول الاختلافات في القيم والنهج داخل التحالفات. كما أن التركيز على تكوين تحالف جديد لهزيمة هذا التهديد له عدة عناصر. ففي الشرق الأوسط، سينطوي على العمل الحقيقي لاستعادة الثقة مع مجموعة مختلفة من الجهات الفاعلة التي يمكنها مساعدتنا من القاهرة إلى عمّان إلى أبوظبي ومن الكويت إلى الرياض. هذا أيضا يشمل بذل جهد مكثف لإشراك الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والهند. هذه الاستراتيجية تتطلب أيضاً الاعتراف بأن تقويض الشركاء المحتملين والحيويين مثل مصر أو إسرائيل أو الشركاء المحتملين في الخليج بسلوكنا، أمر غير مقبول. ولا يزال بإمكاننا ممارسة الضغوط عند الحاجة، لكن ينبغي الحفاظ على أولوياتنا -الاستقرار في المنطقة والقضاء على تهديدات المتطرفين. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©