الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد الأميركي... وانتخابات 2012

الاقتصاد الأميركي... وانتخابات 2012
27 أكتوبر 2010 20:46
على الرغم من انقضاء عامين على الأزمة المصرفية، لا نزال نعاني من بعض آثارها في مجال الرهن العقاري. وفي الوقت نفسه نراقب بقلق صراع أوروبا مع أزمة الديون السيادية. وكل خبير من خبراء الاقتصاد لديه تنبؤه الخاص المفضل، بشأن ذلك الجزء من الاقتصاد الذي ستأتي من ناحيته الأزمة الاقتصادية التالية. هل هو: السندات، أم صناديق التحوط، أم المشتقات المالية؟ أم الدين الفيدرالي؟ أنا شخصياً ليس لدي فكرة عما سيكون سببا في الأزمة الاقتصادية التالية، ولكنى أستطيع توقع التاريخ الذي ستقع فيه وهو: العام 2012. نعم إنه عام الانتخابات القادمة. ولكن ليس هناك ما يدعو للاستغراب بشأن ذلك، إذ عادة ما تقع الأزمات الاقتصادية عندما يواجه السياسيون استحقاقاتهم الانتخابية. والسبب في ذلك بسيط للغاية وتفسيره هو أن تلك الأزمات غالباً ما تقع بسبب الإفراط في الإقراض غير المقيد، والزيادة الكبيرة في العجوزات المالية، أو تقييم العملة بأكثر من قيمتها الحقيقية، وهي تقريباً نفس الأشياء التي يحاول بعض السياسيين تجاهلها، ويحاول بعضهم الآخر بذل جهد مضاعف ومتعجل لحلها بأي طريقة كانت أثناء موسم الانتخابات، على أمل تأجيل الحساب عنها إلى ما بعد إغلاق صناديق الاقتراع، أو إلى ما بعد تولي حكومة جديدة للحكم. وهذه المحاولات من جانب الساسة، غالبا ما تؤدي إلى نتائج معاكسة، وإلى تفاقم تلك المشكلات بدلاً من حلها، كما تؤدي كذلك إلى زيادة كبيرة في أثارها الضارة على الاقتصاد مثل تناقص الدخول وفقدان الوظائف... وغير ذلك. ومحاولات التملص من المشكلات القائمة من جانب السياسيين في موسم الانتخابات، لها سوابق كثيرة في تاريخ الولايات المتحدة، بدءاً من انتخابات عام 1932 التي لقي فيها "هربرت هوفر" الهزيمة على يد "فرانكلين روزفلت". بيد أن أكثر الأمثلة وضوحاً على قصر النظر الذي يتسم به السياسيون في موسم الانتخابات، ويؤدي كنتيجة محتمة لتفاقم المشكلات الاقتصادية. هو ذلك الـذي حدث عام 2008. فبعد الاتفاق على عملية إنقاذ مرتجلة لمصرف"بير شتيرن"، أدرك "هنري بولسون" وزير الخزانة في ذلك الوقت، أنه بحاجة لسلطة وأموال للتعامل مع الوضع القائم غير أنه لم يطلب من الكونجرس تزويده بأيهما، متعللاً بأن مشرعي القوانين لن يوافقوا أبدا على شيء مثير للجدل مثل عملية إنقاذ المصرف المذكور، قبل شهور قليلة من انطلاق الانتخابات الرئاسية (ربما كان محقاً في ذلك). وهكذا فإنه عندما تعثر مصرف"ليمان براذر" في ذلك الخريف، لم يكن أمام"بولسون"، الذي لم تكن لديه خطة منظمة لإبطاء وتيرة الاقتصاد، سوى تركه يتداعى. بعد ذلك اقترح "بولسون" ما يعرف بـ"برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة" للتعامل مع الفوضى الناشئة عن ذلك، ولكن مجلس النواب الذي كان في ذلك الوقت رهينة لذلك الشعور بالنفور من عمليات الإنقاذ في سنة الانتخابات، رفض البرنامج. وهو ما أدى إلى حدوث حالة من الاضطراب الكبير في الأسواق. والانتخابات سبب رئيسي للأزمات الاقتصادية ليس في الولايات المتحدة فحسب، وإنما في الدول الأخرى كذلك - وربما على نحو أكبر. فعندما بدأت الحملة الانتخابية في اليونان عام 2009، أعلنت الحكومة أن العجز يتجاوز 6 في المئة من الناتج القومي الإجمالي، ولكن بعد أن أسفرت الانتخابات عن فوز الاشتراكيين وتوليهم الحكم أعلنوا أن العجز الحقيقي يصل إلى 12.5 في المئة. وتبين أن الحكومة السابقة كانت تصدر تنبؤات متفائلة، وتخفي بعض جوانب إنفاقها المسرف. وعندما تبخرت ثقة المستثمرين الأجانب في اليونان، ارتفعت الفوائد على ديونها ارتفاعاً كبيراً. ولتجنب الإفلاس الوشيك، لم يكن لدى اليونان من وسيلة سوى طلب إنقاذ سريع من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من الإنقاذ، من المتوقع أن يتقلص الاقتصاد اليوناني بنسبة 3 في المئة هذا العام والذي يليه. حدث -دون دخول في التفاصيل- شيء مماثل لذلك في الجوهر، في موسم الانتخابات في بلدان أخرى منها على سبيل المثال المكسيك في انتخابات 1982 والبرازيل عام 2002. قد يقول قائل إن اليونان أقل تطوراً اقتصادياً من باقي دول أوروبا، وأن البرازيل والمكسيك لا زالتا ديمقراطيتين ناشئتين ذاتي تاريخ معروف في سواء الإدارة الاقتصادية وأن الولايات المتحدة شيء مختلف، وأن ما حدث فيها قد لا يحدث مرة ثانية. هل هذا القول صائب؟ علينا أن نفكر مرة أخرى في هذا القول. صحيح أن الولايات المتحدة قد مررت بأغلبية ساحقة ما يعرف بـ"قانون دود - فرانك"، كي تجعل من الأزمات المالية شيئاً من الماضي، إلا أن ذلك يجب ألا يصرف أنظارنا عن حقيقة أنها تعاني من عدد لا حصر له من المشكلات، وأن أيّاً من هذه المشكلات - أو كلها- قد تتطور إلى أزمات بحيث لا يكون "قانون دود - فرانك" كافياً في حد ذاته لتجنب الأزمة التالية على ضوء حالة الفوضى في الميزانيات الحكومية. يقودنا هذا إلى عام 2012. على الرغم من كافة الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل حكومة أوباما للتعافي من آثار الأزمة المالية الطاحنة التي عانت منها الولايات المتحدة خلال العامين المنصرمين، فإن الظروف الاقتصادية القائمة حاليا، تهدد بحدوث حالة من الركود على غرار الركود الياباني في عقد التسعينيات، وإلى حالة من الانكماش، تبقى فيها أسعار الفائدة الأميركية منخفضة للغاية لبعض الوقت. وحتى إذا زال هذا الخطر، فإن المستثمرين في سندات الخزينة الأميركية قد يصلون إلى درجة من التشكك تدفعهم إلى المطالبة بمعرفة متى ستتمكن الحكومة الأميركية من وضع موضوع العجز في الميزانيات والدين المتفاقم تحت السيطرة. ولكن عندما تبدأ الإدارة في ذلك فإن انتخابات 2012 ستكون قد أطلت برأسها، وسوف يبدأ المرشح "الجمهوري" في شن الحملات على سجل أوباما المالي، ويتعهد - إذا نجح في الانتخابات بشن حملة من أجل حل موضوع الدين، وهو ما سيرد عليه أوباما بالقول إن إدارة جورج بوش الابن هي المسؤولة عن معظم ما وقع، ويعد بكشف النقاب عن خطته لإنقاذ الأمور إذا أعيد انتخابه. النتيجة المحتمة لذلك السجال الانتخابي هو خلق حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين، ستؤدي بدورها إلى الدخول في حلقة شريرة من أسعار الفوائد المتصاعدة، والعجز في الميزانية، مما سيؤدي إلى ضغط شديد على الاقتصاد، يدفع إلى اتخاذ إجراءات تقشفية فجائية ومؤلمة. جريج آي بي محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©