الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإرادة أولا.. وأخيرا

الإرادة أولا.. وأخيرا
27 أكتوبر 2010 20:57
“اصنع صحتك واستثمر حياتك” هو عنوان كتاب جوهرة طه التي تعرض منه لنظرتها حول كيفية المحافظة على صحة الانسان لكي يتمتع خلال هذه الرحلة القصيرة في هذه الحياة وتقول طه في كتابها: نحن ضيوف على الدنيا، إنها الحقيقة التي تؤكد نفسها دائماً من خلال الميلاد والموت والشروق والغروب والنشوء والانحلال، إنها سمة المخلوقات بكل أصنافها ومستوياتها وأشكالها. وتبقى أحوالنا تؤكد فطرتنا على حب الحياة الغالية والحفاظ عليها، من أكل وشرب وحركة وفكر، وسعي دؤوب وراء شروق بعيد الغروب ما أمكن. تطرح المؤلفة في كتابها قضايا عن سلوكيات الفرد فتقول: لو سألنا أي شخص عن مدى استعداده للتخلي عما يظن أن فيه دعماً لحياته لأي سبب كان، سيجيب بالنفي القاطع لأنه يدرك أنه يعيش عمراً وكثيراً ما نقابل من يدّعي بأنه لا يفرط بأية فرصة تلوح له من قريب أو بعيد من شأنها تحمل له الشعور والعيش الطيب. لكن الواقع الذي يصدم، أنه على الرغم من الرغبة الفطرية لعيش حياة أفضل وعمر مديد مثمر، نرى الكثير من الناس غير جادين في تحقيق هذا المراد الغالي، وتحديداً عندما يتبين لهم أن نواله يحتم عليهم إعادة النظر في طبيعة طعامهم وشرابهم. معطيات الغذاء إن المفهوم السائد عند معظمنا عن الغذاء، كونه لا يتعدى في أحسن الأحوال ضرورة لسد الجوع وسبيلاً للتمتع بمذاقاته ونكهاته المختلفة، التي تنعش أذواقنا وتسعدنا. وفاتنا أن ندرك أن معطيات الغذاء هذه؛ هي بعض خصائصه المحببة التي نتوق إليها ونتلذذ بها في أثناء تناوله. لكن الميزة الأساسية والدور الأكبر للغذاء، الذي يؤديه في بناء أجسامنا وترميمها وإدامة تعميرها بالصحة، لا نقف عليه لنؤمن بأهميته، إلا بمرور الأيام والشهور والسنوات، لذلك سقط من قائمة معاييرنا في اختيار طعامنا اليومي هذا المعيار الأساسي. وفي سلسلة من التساؤلات تلاحظ المؤلفة أنه في ظل التغيرات المستمرة في مجالات الحياة كلها، إن التغير المستمر قد تركز نحو الأسوأ في مجال الغذاء والمعاناة الصحية، فتسأل: كيف لنا أن نأمل خيراً؟ في أي تقدم يتحقق أو نهضة في أي مكان، وفي أي اتجاه ما دام الإنسان، الذي يجب أن يعمل علماء الدنيا ومفكريها، على تأمين حياته وإدامة صحته وفاعليته، ما زال يئن ويزحف على هامش الحياة في غالبية مجتمعاتنا. لمن الحياة؟ إن لم تكن له، وكيف يحيا؟ إن لم يمتلىء صحة، تجعله يرى ويسمع ويدرك ويفكر، كي تثمر حركته عيشاً هنيئاً له، وعماراً لما حوله. وتجيب: لقد حان الوقت، لنعمل على إعادة الحياة إلى غذائنا ليلعب دوره الكبير في صنع صحتنا. وتشير الكاتبة إلى إننا لو كنا صادقين في ادعائنا بأننا من المصلحين في الأرض، فالصدق والإخلاص يوجب علينا البحث بجدية وبدون ملل عن الأسباب التي إن أخذنا بها ننجح في تحقيق الإصلاح والتعمير في الأرض. وانطلاقاً مما أقره العلم والواقع في أهمية الغذاء وأثره في صحة البشر وطاقاتهم البدنية والفكرية التي تشكل طبيعة حياتهم ومستقبل مجتمعاتهم، لا بد لنا أن نضع ضرورة إصلاح غذائنا وطبيعة عيشنا في مقدمة تلك الأسباب لأنها بحق الجذر الثابت المغذي لكل طموحاتنا. ومن أجل ذلك فإنها توجه نصائح مبدئية تساعد الإنسان على تنظيم حياته: لتكن خطواتنا الأولى في هذا الاتجاه لتحقيق رسالتنا في الإصلاح بثبات وإرادة قوية، ولا نعير اهتماماً لعبارات التهكم والاستغراب والتثبيط التي تقذف بها مساعينا الجادة، في مجال ليس من المتوقع أن تنطلق منه خطوة الإصلاح والبناء الأولى، ألا وهو الغذاء وصناعة الصحة. إن من أبسط مسؤولياتنا في هذا المجال تجاه أولادنا والأجيال القادمة أن نفند لهم بطريقة علمية المفاهيم السامة التي يطلقها البعض من خلال عبارات وأمثال بدائية ساذجة على رأسها المقولة الغبية التي تدعو إلى الغاء العقل والإرادة؛ (كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس). من يا ترى...؟ أطلق هذه الدعوة المتدنية البلهاء لتغليب هوى الآخرين على مظهرنا، وتغليب هوانا على صحتنا ولنذهب بعدها إلى حيث نذهب إذ ليس هناك ما يستوجب العناء ما دمنا قد وجدنا حلاً لمشكلة المأكل والملبس بهذه الجملة العبقرية المعجزة. نظرة متوارثة من المؤسف أن تشكل مثل هذه النظرة المتوارثة غير المبصرة لعظمة دور الغذاء وتأثيره الكبير في حياتنا عائقاً يحول دون تمتعنا بالصحة الكاملة التي من شأنها أن تنعش الحياة في أبداننا وعقولنا ومشاعرنا. لذلك ليس تطرفاً أبداً، إذا قلنا إنها سبباً فعّالاً في توالد العثرات وتفاقمها على طريق نهضتنا وتقدمنا. تعرض إن الغذاء الصحي السليم بمواده الطبيعية وأسلوب تحضيره وحسن تناوله، هو مصنع الصحة وسر الحياة الإنسانية الفاعلة في كل الميادين على مرّ العصور وسيبقى كذلك ما دامت الحياة سواء آمنا بهذه الحقيقة وأصلحنا شأننا أم لم نعرها اهتمامنا. ولنكن على يقين؛ بأننا في الحالتين سنجازى بحصيلة موقفنا منه وطبيعة اختيارنا له. لقد أثبت الواقع قديماً وحديثاً أن العادات والموروثات الغذائية السيئة تقلع من الجذور صحة أجيال وشعوب وتقوّض حلم نهضتها. وبالتالي فإن التمسك بها رغم ضررها لا يتعدى كونه تصرفاً شاذاً لم يعرض على العقل ليقول كلمته فيه. في كل الأحوال علينا أن نعتمد على أنظمة غذائية مدروسة، إذا كنا من النوع الذي يأكل ليعيش، ينبغي أن نفكر وننتقي الأطعمة التي تمنح الحياة. لأن اعتقادنا في أن كل ما تعودنا على تناوله هو طعام داعم للحياة، هو اعتقاد خاطىء نخسر به صحتنا ونعجّل به ضعفنا وشيخوختنا. تقول حياتنا مهما كان عدد أعوامها نريد أن نعيشها بالكامل ونستثمرها بالشكل الأمثل. ما دام هناك ما يحقق لنا هذا الهدف لماذا لا نسعى إليه..؟ الطعام الصحي المدروس يعدنا بالكثير. ما المانع في أن نجرب صناعة الصحة في مطابخنا. وإن كان فينا من يعيش ليأكل، فيتحتم عليه أيضاً أن يدقق النظر في مردود طعامه على صحته لكي يضمن لنفسه الصحة الدائمة التي تتيح له أن يتناول ما يفضله لكي لا يحرمه المرض الذي قد تسببه عادات غذائية رديئة من أن يأكل أي شيء مما يريد. إن عالم الصحة والسبل الموصلة إليه، هو العالم المهمل بل المجهول من قبل الكثير منا رغم أهميته ومركزيته في حياتنا كلها. فمعظمنا يتصرف فيه بعشوائية ذاتية وموروثات عقيمة. تعرض الكاتبة ان تختبر إرادتك بأن تجرب أن تعيش لمدة شهر أو شهرين أو ستة أشهر أو سنة كاملة، وفق نظام غذائي صحي مدروس. وبعدها عد إن شئت إلى تناول طعامك بدون ضوابط كما كنت، مفضلاً الأصناف التي تحبها والتي تعودت عليها على تلك التي تحمل لك الصحة. ويكاد يجزم بأنك لن تعود إلى ما كنت عليه من اللامبالاة بنوعية طعامك وبما يسلبه من صحتك وعمرك بجلساته اللطيفة، ذلك لأن النظام الغذائي الصحي، الذي جرّبته ولو لمدة محدودة قد آتى بعض أكله. وجعلك شخصاً آخر تعجب به أنت نفسك، وسوف تحارب رغبات الدنيا كلها من أجل سلامته وإدامة صحته
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©