السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

نساء الإمارات يستحضرن جذور الأمس في «زايد التراثي الخامس»

27 يوليو 2015 21:35
أحمد السعداوي (الوثبة) وجبة تراثية قوامها أيادي أبناء الإمارات ورائحتها معبقة بأريج التاريخ العربي الأصيل، مثلت ملامح البداية المدهشة لفعاليات النسخة الخامسة من مهرجان «الشيخ زايد التراثي» الذي انطلق أمس الأول، وينتهي في الثاني عشر من ديسمبر الجاري، وسط احتفالات مدهشة عمّت أرجاء منطقة الوثبة، احتفاء بالمهرجان التراثي الأضخم في المنطقة الذي يحمل اسم المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويعد ملتقى لعشاق التراث الإماراتي القادمين من أنحاء الإمارات وخارجها، لمطالعة لآلئ الموروث الشعبي الإماراتي. مشاركة قوية يذهب زوّار مهرجان السمحة في رحلة عبر أعماق التاريخ الإماراتي، مثلت المرأة فيه عنصراً مهماً بما قامت به من أدوار مهمة في حياة أهل الإمارات في زمن الأقدمين، ممتداً إلى مشاركتها القوية في بناء النهضة التي تعيشها الإمارات حالياً، ولذلك كان الحضور النسائي لافتاً في فعاليات اليوم الأول للمهرجان عبر النساء الحرفيات اللاتي برعن في إظهار موروثهن الشعبي وإتقان الحرف اليدوية التي كانت أهم سبل الحياة في المجتمع الإماراتي على مر الزمن. في أحد أركان المهرجان، أخذت الوالدة موزة بنت أحمد الرميثي، في عمل «الديين»، وهو إناء مصنوع من خيوط متشابكة يعلقه الغواص في رقبته أثناء جمع اللؤلؤ ليضعه فيه. وقالت إنها احترفت صناعته منذ طفولتها، وكانت تساعد به الرجال على ممارسة حرفة الغوص، من خلال تجهيز «الديين» وعدد من الأدوات التي كان يستخدمها الرجال في رحلات الغوص، ومنها «الزبيل»، وهو عبارة عن حبل مربوط بالحجر الذي يساعد الغواص في النزول إلى قاع البحر. كما تجيد الرميثي صناعة منتجات النخيل بالوراثة عن الوالدة، وأقاربها من النساء، مشيرة إلى أن البيئة في ذلك الوقت لم يكن بها الكثير من الوسائل التي تساعد على العيش، فكان الناس يتفننون في استخدام الأشياء البسيطة المحيطة بهم، ومنها النخلة التي صنعوا منها عشرات، بل مئات الأدوات صاروا يستعملونها في حياتهم اليومية، سواء داخل البيت أو في الخارج للعمل في الصيد والغوص، وغيرها من الحرف التي عرفها أهل الإمارات قديماً. السرود والمجبة ومن أهم منتجات النخيل التي تجيدها الرميثي، «السرود»، الذي يفرش على الأرض ويتم وضع الطعام عليه، «المجبة» وهو وعاء هرمي الشكل يستخدم لحفظ الطعام، «المهفة» أو المروحة تستخدم للتهوية في أيام الحر، «الجفير»، وعاء له أذنان ويستعمل في نقل الثمار والتمر وحفظ الأطعمة، «الحصير» يستخدم مثل السجادة في فرش الأرضيات، «العريش»، وهو عبارة عن غرفة جدرانها مصنوعة من سعف النخيل المربوط بالحبال، غير أنها تحتاج كمية كبيرة من الخوص، وغالباً ما يقوم على صنع العريش الرجال لأنه يحتاج إلى قوة عضلية وجهد حركي أكثر مما لدى كثير من النساء. وتورد الخبيرة التراثية، أن هذه المنتجات جميعاً كانت تصنع من الخوص الذي يصنع من سعف النخيل بعد جمعه ثم نشره في الشمس لتجفيفه وتنظيفه، ثم يعاد صباغته بألوان البنفسجي والأخضر والأحمر الداكن، ثم يبلل ويتم وضعه في القماش حتى يلين ويسهل التعامل معه وصنع أشكال مختلفة منه. «الرحا»، تلك الآلة الحجرية العتيقة التي يمتد عمرها إلى آلاف السنين، حين اكتشف الإنسان منافع الحجر، ولعبت دوراً رئيساً في حياة أهل الإمارات القدامى عبر استخدامها في طحن الحبوب المختلفة المستخدمة في الطعام، ولذلك احتلت «الرحا» مكاناً متميزاً في الكرنفال التراثي، من خلال الوالدة فاطمة أحمد حرموث التي تقدم عروضاً حية لزوار المهرجان في كيفية استخدام الرحا، ومدى الجهد التي كانت تبذله ربات البيوت الإماراتيات قديماً لطحن الحبوب المستخدمة في صنع غذائهم. توريث البنات وأكدت أنها تحرص على توريث بناتها كل ما تعرفه عن التراث من أجل الحفاظ عليه من الاندثار، وشاركت في كثير من الفعاليات والمهرجانات الخاصة بالتراث الإماراتي، وتلاحظ مدى انبهار الجمهور بقدرة أهل الإمارات على التعامل مع المكونات البيئية واستغلالها بأفضل ما يكون، وتطويعهم لها حتى تساعدهم على تسيير أمور حياتهم. وذكرت حرموث، أنها تحترف كثيراً من المهن الشعبية الإماراتية، وتعلمتها عن حب من الجيل السابق، وتعمل على تعريف الآخرين بها بحب واعتزاز بقيمة هذا الموروث في نفوس كل أبناء الإمارات، وضمن ما تعرفه الأكلات المحلية بمختلف أنواعها، والتلّي المستعمل في تزيين الملابس النسائية الإماراتية، وهو عبارة عن شريط ذو ألوان زاهية وجذابة مصنوع من خيوط ذات ألوان مختلفة ومختلطة ببعضها. وأدوات صناعة التلّي، بكرات يلتف عليها خيوط قطنية مع بكرة من الفضة أو ألوان أخرى، و«الكاجوجة» وهي الأداة الرئيسية لنسج التلّي، وهي عبارة عن وسادة مستندة إلى قاعدة معدنية على شكل قمعين ملتصقين من الرأس، وبها حلقتان على القاعدة العلوية لتثبيت وسادة تلف عليها الخيوط اللازمة لعملية التطريز. وتلفت الوالدة حرموث إلى أن عملية صناعة التلّي تحتاج صبراً وتستغرق وقتاً طويلاً يتجاوز الأشهر الثلاثة في كثير من الأحيان، ولذلك كانت النساء يصنعنها خلال مواسم الصيد أو الغوص عن اللؤلؤ حين كان يسافر الرجال أشهراً بعيدة عن المنزل. الحرف البدوية ومن منتسبات الاتحاد النسائي العام، قالت لوينا عيسى المنصوري، إنها منذ 21 عاماً تغزل السدو باستخدام النول، مبينة أنه من أقدم الحرف البدوية لاعتماده على وبر الجمال وهي أكثر الكائنات انتشاراً في البيئة الصحراوية. وأهم استخدامات السدو، صناعة بيوت الشعر، المسكن التقليدي لأهل الصحراء المعروف بألوانه الزاهية، وكذلك يستعمل السدو في صناعة خطام الهجن. وتضيف أن النول المستخدم في صناعة السدو يسمى أيضاً «سدو»، وهو عبارة عن شكل مستطيل على أربعة أوتاد، ممدد عليها خيوط مختلفة الألوان، و«منشزة»، مصنوعة من الخشب تستخدم في صف الخيوط، و«ميشع» عبارة عن عصا خشبية يلف الخيط حولها، و«قرن»، وهو قرن غزال حقيقي يستخدم في إعادة ترتيب خيوط السدو وفصلها عن بعضها حتى يصل ما تصنعه المرأة من سدو إلى الشكل العام الذي تبتغي عمله. نصف المجتمع من جهتها، قالت لولوة الحميدي، مدير إدارة الصناعات التراثية في الاتحاد النسائي العام، إن المرأة نصف المجتمع، وبالتالي هي نصف تراث أي مجتمع، وغالبية الأشغال اليدوية الإماراتية الأصيلة تتم بأيادي المرأة، خاصة ما يتعلق بمستلزمات المنزل والمطبخ والنسائية، ولذلك جاءت المشاركة الكبيرة للمرأة في مهرجان الشيخ زايد التراثي، تأكيداً على قيمة المرأة في المجتمع الإماراتي وجهودها في مساندة الرجل منذ قديم الزمن. وأشارت الحميدي إلى أن المهرجان يتميز عن غيره من الفعاليات، بأنه صار يأخذ سمات عالمية نتيجة الاهتمام المتزايد به وبضيوفه القادمين من أنحاء العالم لمطالعة مفردات التراث الإماراتي الثرية، ولذلك يعتبر المهرجان فرصة للتعريف بالتراث المحلي في منطقة الوثبة التي صارت الآن مقصداً سياحياً مهماً بفعل إقامة المهرجان الذي يعتبره أهالي منطقة الوثبة هدية عظيمة قدمها لهم المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كونه يحمل اسمه، بما له من حب وقيمة كبيرة في نفوس أبناء الإمارات والعالم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©