الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خديجة أم المؤمنين

31 يوليو 2011 21:01
وللنساء مآثر بالغة ومواقف عظيمة في تاريخ البشرية على امتداد عصورها، تتراكم هذه المآثر جيلا بعد جيل، ويهتدي بها الرجال والنساء، ويعرفون لهؤلاء النسوة حقهن وقدرهن بمقدار هذا التأثير، وإن من أعظم النساء مآثر وأرفعهن قدراً خديجة بنت خويلد، سيدة مكة في شرفها وطهارتها وجمالها وكمال عقلها، ووفرة مالها وكثرة تجارتها، ولكن الله تعالى أراد أن تكون ذكراها ومآثرها إلى آخر الدهر مقرونة بالتجلة والاحترام، فتزوجت محمداً بن عبد الله بن عبد المطلب، ولم يكن له سعة من المال، ولكنه كان مركز دائرة الأخلاق الحميدة والاستقامة في فورة الشباب، فأرسلته بتجارتها، فرأت منه ما لم تره من الرجال أمانة ووفاء وحسن سيرة، فخطبته وتزوجته على الطهر والعفاف وعهد الصفاء والوفاء، وعاشا أحسن زوجين يتقاسمان الحياة، ورزقها الله الذرية الطاهرة من البنين والبنات (الذكور القاسم، عبدالله والإناث زينب، رقية، أم كلثوم، فاطمة وأما إبراهيم فأمه ماريه القبطية). وازداد الصخب في مكة مع الأيام، وكثرت الانحرافات، فكان محمد بن عبد الله صلوات الله عليه ينقطع عن الناس حتى لا يرى ما يؤلمه، ولا يسمع ما يؤذيه، ولا يسهم في تعميق هذه الرعونات، وكان انقطاعه في غار حُراء يطل منه على مكة، ويرى إرث إبراهيم الكعبة المشرفة، فهو حاضر معهم برؤيته، بعيد عنهم بعمله وفكرته، وهناك في يوم من أيام رمضان جاءه جبريل على غير موعد ولا انتظار (وَمَا كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ)، وهز كيانه بقوله (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ)، فعاد سريعاً إلى زوجته التي تعيش معه حياة الحب والألفة، وهو يرتجف خائفاً من هذا المشهد الذي لم يألفه، ودخل عليها ممتقع اللون مهدود القوى، فاستقبلته بعقلها الراجح، وقلبها الرحيم المتسع، وفكرها الثاقب الصافي، فقالت له ما بك يا ابن عم؟ فشرح لها الخبر ثم قال: لقد خشيت على نفسي، وأحداث الزمان كثيرة ومخاطره كبيرة، فقالت كلمتها الرائعة الباقية: (كَلا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ)، وهذه هي المآثر العظيمة لكل العصور، وكانت تؤيده فيها وتشد أزره في صنعها فهي سنده وعضده، وأخذته إلى ورقة بن نوفل عالم قريش حتى هدأت من روعه وأزالت مخاوفه. ثم جاءت فأعلنت إسلامها وكانت أول السابقين إلى الإسلام، وسارت معه في هذا الطريق حتى لقيت ربها وهى تكافح وتدافع عنه، وتقدم له كل ما تستطيع من حنان وعون ومال وحسن استقبال ومعاشرة، ولما توفيت كان لمواقفها ولمآثرها في قلب رسول الله ومشاعره أحسن الأثر، فكان يذكرها كثيراً، ويشيد بهذه المآثر الرائعة لتحذوها كل زوجة تحب الخير لنفسها ولزوجها ولبيتها، ومما جاء من مآثرها التي حفظتها المصنفات، ووعتها القلوب الواعيات، وعملت بها المؤمنات قوله: (صَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللهُ مِنْهَا الْوَلَدَ)، وقدمت له كل مالها الوفير، وجاء ذكر ذلك في الكتاب العزيز (وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى) لهذه المآثر الجليلة جاءتها البشرى من السماء بالتحية والثناء (قَالَ جِبْرِيلُ للنَّبِيّ: اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ، وَلاَ نَصَبَ). رضي الله عن خديجة الطاهرة فهي منبع الفضائل ونبراس الشمائل للنساء والرجال. د. محمد مطر الكعبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©