الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انطلاق ماراثون التدافع والتسابق لشراء مايسمى بـ «احتياجات رمضان»

انطلاق ماراثون التدافع والتسابق لشراء مايسمى بـ «احتياجات رمضان»
31 يوليو 2011 21:13
مشهد يتكرر سنوياً قبيل وخلال شهر رمضان ازدحام منقطع النظير في الجمعيات التعاونية ومتاجر بيع الطعام، الرفوف فارغة من المواد الغذائية، العربات تُزاحم المكان من هنا وهناك تملؤها الكثير من الأصناف. وبدافع الجنون الاستهلاكي تتلقف الأيدي كل ما تطاله من سلع بكميات كثيرة، البعض يأخذها من باب حاجته، وآخرون من باب تكديس السلع في البيت وكأنه داخل في ماراثون شراء، اعتقادا بأن رمضان شهر الطعام والشراب. تميل أسر إلى مضاعفة استهلاكها من المواد الغذائية في شهر رمضان ما يخلق إشكالية نقص في بعضها واكتظاظ في أماكن بيعها، وكأن رمضان تحول إلى شهر استهلاك وشراء بدلا من أن يكون شهر صيام وعبادة. مواد أساسية البعض من الأسر سارعت إلى شراء المواد الأساسية لرمضان قبل الزحمة، وآخرون أخروا شراء متطلبات رمضان قبل حلوله بساعات. إلى ذلك، يقول خليل جابر، رب أسرة مكونة من 5 أبناء، وبيده ورقة طويلة من الطلبات “كالعادة زوجتي تحب شراء متطلبات رمضان في هذه اللحظة. رغم زحمة المكان إلا أنها تريد أن تعيش أجواء هذه الشهر الفضيل”. يدفع بعربته، التي امتلأت بجميع الأصناف الغذائية والاستهلاكية من لحوم ودجاج. ويضيف “الأسعار نار، ولا يوجد موضع قدم في الجمعية، العربات نفذت، الأرفف فارغة، الكاشير مزدحم، بعض السلع الغذائية غير متوفرة ورغم ذلك أحاول قدر الإمكان توفير طلبات زوجتي لتنوع سفرتنا الرمضانية بكل مالذ وطاب”. ويؤكد “أصبحنا نعاني من جهل وثقافة ضحلة، معتقدين أن رمضان هو للأكل وليس للعبادة”. من جهتها، تبرر أم نهيان زيادة شرائهم للطعام في رمضان، قائلة “لا يخفى على أحد ما تشهده العائلات من دعوات إفطار و”غبقات”، وهذا ما يستدعي منا تأمين أكبر قدر ممكن من المواد الغذائية اللازمة لتبييض الوجه أمام المدعوين”. وتضيف “نحن ربات البيوت لا نرتاح إلا حين نرى العربات مليئة بكافة أنواع وأصناف الطعام لرمضان، فالعزائم والدعوات العائلية تكثر في رمضان، وكل يوم دعوة على الفطور أو السحور وهذا بالطبع يتطلب عمل الكثير من الأطباق اللذيذة والحلويات المختلفة المذاق لترضي كل الأذواق صغارا كانوا أو كبارا”. وتوضح “ندرك الخطأ الذي نرتكبه في كل سنة في رمضان فالاستهلاك الذي يحدث هو تصرف غلط حيث إن معظم مصير الأكلات القمامة ولكن بالنسبة لي أحاول قدر الإمكان الفائض من الطعام أعطيه لعائلات محتاجة بالقرب من بيتي”. زحف غير منطقي تقول، فاطمة حمدان (موظفة)، بينما تقف أمام الكاشير لتدفع الحساب وهي تلتفت يمينا ويساراً للبحث عن كاشير آخر فارغ، إن “رمضان شهر كله بركة وخير، والأولاد ينتظرون رمضان وحلوياته بفارغ الصبر، وهم لا يستطيعون تمضية الشهر الفضيل دون أكل الأكلات الرمضانية التي نقوم بإعدادها فقط في هذا الشهر التي يكون لها نكهة وطعم مختلف عن بقية شهور السنة”. وتضيف “الناس رابطة الحزام على بطونها طول السنة، وهذا شهر واحد من حقهم أن يشعروا فيه بلذة كل أصناف الطعام المتنوعة التي لا تتكرر إلا في السنة مرة فقط في شهر الخير والبركة شهر رمضان”. من جهته، استغرب عبد العظيم حسن (رب أسرة) من هذا الزحف غير المنطقي من قبل الناس على الجمعيات والأسواق لشراء احتياجات رمضان، معتبرا أنه إسراف. ويقول “رمضان هو شهر الصيام والعبادة والسعادة الروحية، وليس شهر طعام، ومن الجميل أن يستشعر الإنسان الأجواء الرمضانية من خلال التنويع في بعض الأطعمة، ومن جهة أخرى فإن الإفراط والمبالغة في المشتريات وصنع الأطعمة، ينعكس سلبا على الإنسان من الناحية الاقتصادية وكذلك الصحية”. ويلفت إلى أن هذه المظاهر العجيبة قبيل الساعات الأولى من رمضان قد تكون سببا في ارتفاع أسعار بعض السلع الاستهلاكية الرمضانية، فالتاجر عندما يرى هذا التزاحم غير المبرر لشراء السلعة يستغل فرصته برفع الأسعار إلى حد مضاعف مستغلا حاجة الناس إلى تلك المواد الأساسية الضرورية. ويوضح “بات من الضروري نشر الوعي الاستهلاكي في المجتمع فما نراه هو إهدار أموال وتسوق شره، وعلينا أن نستبدل هذه الثقافة بأن نفكر في الأسر المحتاجة وأن نبذل لهم العون قدر المستطاع”. تخمة الطعام لا يقتصر الإسراف على الإنفاق على الطعام وإنما تناوله. ويتفق عمر زكي (44 سنة) مع عبدالعظيم، ويقول “ما أن يؤذن لصلاة المغرب ويضرب مدفع الإفطار، حتى يبدأ ماراثون تناول الطعام، والانتقال من طبق إلى آخر حتى الوصول إلى الحلويات. ويرجع هذا النهم في الأكل، كما يؤكد زكي، إلى تصور خاطئ هو أن الصائم لا يأكل طوال النهار، ومن حقه أن يعوض ذلك الحرمان بأكل كميات إضافية عند الإفطار، ولكن لا يدرك أن كثرة تناوله للطعام قد تؤثر على صحته ما يسبب له التخمة والسمنة في نهاية شهر رمضان. ويقول شاهين الطيب، الذي يمسك بورقة كتبت فيها بعض الأصناف المطلوبة للمائدة الرمضانية، إن “الخروج للتسوق بشكل عام له متعة وطعم خاص، فما بالك إذا كان ذلك قبيل بدء الشهر الفضيل”. ويضيف “ميزانيتي في شهر الخير تتضاعف بشكل جنوني. فكل يوم السفرة الرمضانية لابد أن تكون متنوعة من حيث الحلويات والمقبلات والأطباق الرئيسية، وأنا من النوع الذي أحب هذا التنوع، كما لا أحب أن يتكرر الصنف ذاته في اليوم التالي، وعن استعداده لشهر رمضان”. ويتابع “لقد قمت بشراء سلع وبضائع منوعة من المواد الأساسية لرمضان. ولكن بالنسبة للحوم والدجاج وبعض الخضراوات فأفضلها أن تكون نفس يوم الإعلان عن رمضان لتكون طازجة”. ويؤكد “صحيح ما نقوم به هو إسراف واستهلاك غير طبيعي ولكن ما العمل طبيعة شهر رمضان هو أنه يلم الشمل ويجمع الأحبة على مائدة واحدة ناثرة عليها المودة والرحمة في الشهر الفضيل”. زيادة الاستهلاك من ناحيته، يؤكد البائع شرف محمد (صاحب سوبر ماركت) أن حجم المبيعات والإقبال على الأطعمة خلال شهر رمضان يقترب أو يعادل ما يتم بيعه خلال رمضان. ويضيف أن “الإقبال الشديد من الزبائن هو الذي يدفع إلى ظاهرة ارتفاع الأسعار، حيث ترتفع نسبة الاستهلاك خلال شهر رمضان لمعدلات تصل إلى 150% زيادة عن معدلات الاستهلاك خلال الشهور العادية، فالاستهلاك في الشهور العادية يصل إلى ألفي طن من مختلف أصناف الأغذية والمأكولات وترتفع إلى 4 آلاف طن خلال شهر رمضان المبارك وذلك لأن معظم الأسر تشترى أكثر من اللازم مؤكدين بذلك شعار رمضان كريم”. ويشدد محمد حسن، مدير مدرسة محمد بن راشد النموذجية بدبي، على ضرورة مراقبة أداء بعض الجمعيات التي تعلن في الصحف والمجلات عن وجود تنزيلات قد تصل إلى 50%. ويضيف “هذا يتنافى مع الواقع حيث يجعل الإقبال كثيفا جدا من قبل المواطنين والمقيمين على الجمعيات والسوبر ماركت، لشراء احتياجات 30 يوما من شهر رمضان”. ويتابع “يرجع سبب التبذير في شهر رمضان إلى الاعتقاد الخاطئ بين الناس بأن رمضان شهر الجود والخيرات والكرم هو شهر التلذذ بأصناف الطعام المختلفة وغير المعتادة في الأيام العادية؛ فينكب أرباب البيوت إلى الجمعيات يأتون بحاجيات الشهر من مواد غذائية بكميات كبيرة قد لا يستخدمونها طوال الشهر لزحمة المائدة بأصناف الطعام والشراب”. بذخ وإسراف عندما يقترب موعد حلول شهر رمضان يلاحظ التدافع والتسابق على شراء ما يسمى بحاجيات واحتياجات الشهر الكريم. في هذا الإطار، يقول الدكتور عمر الخطيب، مساعد المدير العام بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي “تحول هذا الشهر الكريم أو الاستعداد له إلى موسم للتبذير والبذخ والإسراف لدى السواد الأعظم من الأسر، وينطبق ذلك حتى على الأسر التي لا يتجاوز عدد أفرادها الشخصين أو الثلاثة، وهذه الظاهرة تجعلنا نتساءل هل هناك من يقوم بالتفتيش على البيوت، وهل هناك سيسألكم ماذا اشتريت في رمضان؟” ويتابع الخطيب “هذا هو الشيء الغريب فهذه الظاهرة قد يكون لها مسببات إما أنها تأتي من التقليد أو تأتي من الهلاك والاعتقاد السيئ بأن شهر الخيرات هو شهر الأكل والتلذذ بكل ما طاب والشيء المؤسف، الذي يدمي القلب أن تلك النعم وتلك الخيرات التي تكدس في المنازل يأتي الشهر وينتهي وهي لم تستخدم بل وقد تكون حتى في مراحلها الأخيرة من نهاية الصلاحية، ليكون مصيرها براميل النفايات”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©