الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المجامر والبخور يستلقيان على وسادة النار

المجامر والبخور يستلقيان على وسادة النار
23 فبراير 2009 23:17
تنتشر الرائحة الذكية في البيت الإماراتي، وتعبق أرجاؤه بعطور البخور والدخون والعود، كمظهر من مظاهر اللياقة واللباقة، والترحيب بالضيوف· وبذا يعتبر تربع آنية البخور في ركن البيت مألوفاً، خاصة أن دلالات البخور والمبخرة، على كل صعيد -تحديداً المتصل بالكرم وحسن الضيافة- يعكس مكانتهما الكبيرة في النفوس· لذا لا غرابة في أن تملأ مجسماتها دوّارات تقاطعات الشوارع الرئيسة ومداخل المدن، والفنادق الكبرى والمؤسسات في الدولة والخليج العربي· وتطلق مفردة ''البخور'' على المواد العطرية الجامدة، وتوضع على الجمر، فينتشر العطر بعد ذوبان البخور بفعل الحرارة· فيما تندرج تحت مسمى الدخون مخاليط عطرية وأهمها دهن العود· بخور ودخون يستخدم البخور والدخون بكثرة في الإمارات، وكانت وما تزال أنواع كثيرة منه تستورد من كمبوديا وبعض دول افريقية وآسيوية، وثمنه مرتفع نتيجة ندرته·· لكن في عصرنا الحالي تبرع نساء كثيرات في صناعة أنواع مختلفة من الدخون والخلطات العطرية· وفيما يخص صناعة الدخون المحلي، تقول عيدة رشيد: ''نستخدم عجينة مكونة من العود والمسك والعنبر، وأحياناً نضيف إليها دهن الورد أو مواد عطرية أخرى، تخلط معاً وتعجن، ثم تشكل على شكل أقراص مستديرة، وتستخدم بعد أن تجف، سواء لتعطير الجسم والثياب، أو المنزل ومفروشاته· وإذا كانت المرأة تدخن غرفة النوم، فعليها فتح الدواليب واغلاق باب الغرفة، حتى تعلق رائحة البخور في الثياب والشراشف والستائر، وكي تبقى قطع العود محتفظة برائحتها أطول فترة يجب حفظها في علبة محكمة الاغلاق، فتظل رائحتها قوية''· وتشير إلى طريقة أخرى لصناعة الدخون، تقول: ''نسحق كمية من العود والمسك الأبيض والأسود، ونضيف إليها دهن الورد والعنبر، وأحياناً الموتيا والفل والفيجي والنفل والخزامى· ونخلط هذه المقادير مع بعضها البعض، ثم نضع السكر وماء الورد وحين يذوب السكر نسكب فيه العود بعطوره ومسكه، مع التقليب السريع ثم صبه في صينية، ويترك لينشف ثم يكسر ويتبخر به·· أما صناعة الدخون المرصوص، فتتم بذات الطريقة السابقة، إنما لا يوضع في صينية، بل يعجن جيداً كي يمتزج ثم يكوّر أقراص بأداة صنع الفلافل ويترك أسبوعاً حتى تجف الأقراص''· وتنصح عادة دور العطور في الدولة زبائنها، وتحذرهم من البخور والدهون المغشوش، وتقدم لهم منشورات توضح أفضل الأنواع، وتكشف الرديء منها، خاصة البخور المصبوغ (المطلي) لأنه يغير رائحة البخور· كما يتم التحذير من احتوائها على مادة الرصاص لزيادة الوزن! مع ملاحظة أن البخور الجيد يتميز بكثرة فقاعات الدهن عند احتراقه، مع أهمية تدقيق النظر في قطع البخور لملاحظة وجود أي عروق لونها يميل إلى اللون البني الغامق أو الأسود لأن البخور الفاخر يتميز بكثرتها· مباخر ومجامر تتلازم صناعة البخور والدخون، مع صناعة المباخر والمجامر· إذ تعد صناعة المجامر بدورها من الصناعات التقليدية المتوارثة، والتي مازالت تمارس حتى يومنا هذا في كل دول الخليج العربي· وإذا كانت صناعة الدخون حرفة تقليدية تمارسها النساء وتتفنن في تصنيعها باستخدام أنواع مختلفة من العطور والروائح الزكية التي تخلطها مع حطب العود المستورد، فإن صناعة المباخر التي تحتضن الدخون والبخور، هي اختصاص الرجل، يقوم بصنعها من الطين الصلصال، أو المعادن، بحسب المواد الخام المتوفرة· والمجمر، إناء فخاري أو معدني جميل، كان له في القديم شكله الثابت، أي قاعدة مربعة تسندها أعمدة من أربع جهات في وسط هذه الأعمدة سطح مربع الشكل، وقد تشكلت أعمدته بتدرج كما السلم تقريباً، لوضع الجمرة فيه وفوقها حفنة من البخور، فيتطاير الدخان ناشراً عبقه في أرجاء المكان· أما في عصرنا الحالي ومع تطور الصناعات الخفيفة، باتت هناك مجامر من النحاس يشتهر بها الحرفيون في سوق ''مطرح'' الذي يعد نموذجا للأسواق التراثية، ويتميز بممراته الضيقة والمتعرجة والمسقوفة بالخشب والحجارة، بينما تتوزع الدكاكين على جانبيه، ومنها دكاكين صناع وباعة المجامر المعدنية الذين يبتكرون أشكالا جديدة للمجامر، غاية في الجمال والإبداع، حيث منها ما يشبه القناديل أو العلب الدائرية المثقوبة· وفيما يخص تاريخ ظهور المجامر، فبحسب تنويهات متحف دبي ''تزامن وتاريخ انتاج اللبان والبخور، وشهدت منطقتنا الإتجار بهما خلال فترة النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد، عبر المحيط الهندي في ساحل مالابار· كما أن أول انتاج للفخار المحلي تزامن مع تعدين النحاس واستخدام الخرز المعدني''· تُعتبر المباخر لدى العامة ''مبروكة'' والبخور على أنواعه فأل خير، طارد للنجس والشر· كما تجمع عدة كتب تاريخية على أن ''المصريون القدماء وكذلك اليهود استخدموا المجامر في طقوسهم الدينية، كما استخدمها المسيحيون في كنائسهم خلال القداديس والاحتفالات الدينية''· ويروي المقريزي ''عرفت المبخرة أيام مجد وعز في العصر الفاطمي، فقد اهتم الفاطميون بتبخير المساجد خاصة يوم الجمعة الذي يلقي فيه الخليفة الخطبة''· كما استخدمت المجمرة في مناسبات كثيرة كالزواج، والاحتفال بسبوع المولود، وختان الأطفال، وتبخير الموتى، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ''إذا أجمرتم الميت فجمروه ثلاثا''· وفي الإمارات، فإن تعطير وتبخير الضيوف مؤشر كرم وتقدير، ولها تقاليد خاصة، إذ يقال ''ما بعد العود قعود'' وعادات تتصل بكيفية تقديم العود في المجمرة للضيف لينسم منه إليه بحركة من يده· ويقوم بهذه المهمة شخص مخصص وهو نفسه ساقي القهوة العربية، أما في مجلس النساء فتقوم مدبرة المنزل أو إحدى الفتيات بالمهمة·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©