الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

إيران والعرب الملف النووي ومستقبل المنطقة

7 سبتمبر 2006 01:48
خالد عمر بن ققه: في ظل تساؤلات الغرب ومخاوفه ومحاذيره حول البرنامج النووي الإيراني، يقف العرب على الجانب الآخر منتظرين كالعادة لما يمكن أن تسفر عنه الجولات المختلفة من المماطلة والممانعة تحضيراً لما هو قادم، وهم في ذلك بعيدون عن حسابات الغرب وأيضاً عن حسابات إيران، ويبدو أن السبب في ذلك واحد، ويتمثل في تفجير الوطن العربي من الداخل على أساس أن الدول العربية لم تتمكن من التحكم في الجماعات الأصولية، بل إنها اعتبرت المنتج لها إما نتيجة لاتساع رقعة المظالم، وإما لفشلها في تحقيق مشروع الدولة الوطنية ، الذي تركز بالأساس على مفاهيم الحداثة والتطور طبقاً للفكر الوضعي- المدني· لكن هل جمهورية إيران الإسلامية معادية حقاً للأصولية الإسلامية في بعدها المذهبي، ومؤيدة لها في الشق الخاص بها، أم أنها معها إذا كانت تخدم أهدافها المستقبلية حتى لو اختلفت معها مذهبيا ؟ لا شك في أن تصنيفاً للمواقف الإسلامية على أساس مذهبي يجعلنا نتحرك في سياق المشروع الغربي، الذي يركز على أصولية المسلمين ويتناسى أصوليته اليهودية والمسيحية، وهو ما يتخوف منه بعض المفكرين والكتاب أمثال ''روجيه جارودي '' و''كارين أمسترونغ''، ومع هذا فإن كل المعطيات والمواقف تشير إلى أن الغرب يميز بين الحكومات العربية من حيث هي موالية له وبين الشعوب التي تفرز جماعات معادية له، من دون أن يهتم بخلفية المواقف التي تأتي في الغالب كرد فعل، ما يعني أنه هو صانع الحدث، ونحن مجرد جماعات متأثرة به وتفسر قراراته ومواقفه بناء على درجة التأثر قبولاً أو رفضاً· دولة علمانية··ومذهبية على العموم فإن التصنيف السابق الذكر لن يلهينا عن الموقف الإيراني الذي يركز على بعدين، الأول: البعد الوطني حيث يتقدم الوطن على الدين، وهي في ذلك مجرد نظام علماني، مثل بقية حكومات العالم ودوله، الأمر الذي ينزع صفة القداسة عن مواقفها التي تصدّرها إلينا أو يروّج لها البعض حتى عندما تغلّف مواقفها بخطاب ديني، الدليل في ذلك علاقتها بالعرب على أساس جغرافي · ومن الناحية الواقعية فإن البعد الوطني إذا نظر إليه من زاوية الحقوق على أن تكون مطالب عادلة ويعلن عنها صراحة، يجعل إيران - ضمن طبيعة العصر- مطالبة ليس بالاعتراف بحقوق الدول الأخرى فقط، وإنما بالدفاع عنها، وبالتأكيد لو سألنا أي قيادي في إيراني لأجابنا: نحن نقوم بذلك ونعبّر عنه في مواقفنا الظاهرة والعلنية، ولكن حقيقة العلاقة مع الدول العربية تحديداً يثبت عكس هذا · البعد الثاني الذي تستند عليه إيران في مواقفها هو البعد المذهبي، وهو ما يجعلها دولة دينية بالأساس وهي لا تخفي هذا، بل إن كل مواقفها، خصوصاً في السنوات الأخيرة، التي تحالفت فيها مع الغرب، تحديداً مع أمريكا، انطلقت من المذهبية، ما يؤكد ذلك مواقفها من الحرب على أفغانستان والعراق، حيث رجّحت كفة المذهبية عن شمولية الإسلام، وإن كان عملها لا ينفي ما قامت به حركة طالبان تجاه الشيعة وإيران، وكذلك الحل بالنسبة لنظام الرئيس صدام حسين· نجاد··وخطاب الستينات إيران ليست مسؤولة وحدها عما حدث للمنطقة، لكنها تتحمل الوزر الأكبر، انطلاقاً من خطابها السياسي الذي يركز على الصراع مع كل دول العالم من أجل الإسلام، وحين جاءت الهجمة الكبرى على ديار المسلمين ـ بغض النظر عن الأهداف والأسباب ـ اختارت الدولة عن الدين، لذلك لا يحق لها مطلقاً التصرف بمصير المنطقة ما دام المذهبية قد تقدّمت لديها عن الدين في شموليته· لذلك كلّه ولغيره من الأسباب الأخرى التاريخية منها والجغرافية تتخوف دول المنطقة من احتمالات المستقبل سواء تلك المتعلقة بنتائج القوة النووية على الأرض وما سيتبعها من سباق نووي بين إيران والدول الكبرى في المنطقة، بل ربما سيشمل كل الدول العربية الأخرى، أو استعمال الدول الغربية للقوة ضدها في حال إصرارها على الاستمرار في برنامجها النووي الأمر الذي يعيد إلى الأذهان ما عانته المنطقة خلال الحروب الماضية، لكن ما الحل إذا كانت إيران ترى في تعامل الغرب معها محاولة لمصادرة المستقبل ؟ الزعيم عرفات بعض السياسيين العرب يرى أن القوة الإيرانية الحالية والمستقبلية لصالح العرب على اعتبار أنها الحليف الإستراتيجي للدول العربية، ناهيك عن الأخوة المشتركة في الدّين، وتبعات الانتماء إليه من منطلق أن الغرب في حروبه لم يفرق بين المسلمين على أساس مذهبي ، مثلما لم يفرق بين العرب على أساس ديني، الشاهد عنه هو دعم الفلسطينيين والمقاومة اللبنانية والدولة السورية، وهذه الجهات الثلاث تمثل أطرافاً أساسية في الصراع العربي - الإسرائيلي، ناهيك عن وقوفها إلى جانب العرب لجهة تحرير لفلسطين، وتبنى رئيسها''أحمدي نجاد'' لخطاب معادٍ لإسرائيل وهو خطاب القادة العرب نفسه في ستينات القرن الماضي، ناهيك عن دفاعها المتواصل عن الإسلام في كل المحافل الدولية، مع رفض اتهام المسلمين بالإرهاب· لا أحد ينكر الموقف العدائي للجمهورية الإسلامية منذ قيامها بعد إطاحة الشاه ''رضا بهلوي'' تجاه إسرائيل، إذ منذ الأشهر الأولى للانتصار الثورة اعترفت بمنظمة التحرير ومنحتها مقر سفارة إسرائيل السابق في طهران واستقبل'' ياسر عرفات'' استقبال الزعماء والأبطال، حتى أن الشعب الإيراني خرج عن بكرة أبيه لاستقباله واستضافته، وعرضت عليه الجمهورية الإسلامية دعم الثورة الفلسطينية، وكان الشرط الوحيد هو أن يكون جهاد الفلسطينيين تحت شعار '' ثورة إسلامية ''· مخاوف متبادلة إذا نظرنا إلى الأمر من هذه الزاوية وتجاهلنا الجوانب الأخرى للمشاهد فإننا نصل إلى تأكيد وجهة النظر القائلة: ''إيران حليف استراتيجي للعرب'' وبالتالي يصبح من غير المبرر الخوف والقلق على مصير المنطقة، لكن المسألة في جوانبها السياسية والعلائقية والجغرافية أبعد من ذلك، فكونها صديقة أو جارة للعرب أوحليفة لبعضهم وصديقة البعض الآخر، لا يعني عدم وجود مخاوف ليس من العرب تجاه إيران فحسب، لكن أيضا من إيران تجاه العرب، فالحاضر مثل الماضي تماماً مشبعاً بمواقف تدعو للحذر مرة أخرى، ربما أكثرها وضوحاً هو ذلك الإصرار الغريب من طرف إيران على رفض الحوار حول جزر الإمارات العربية المتحدة المحتلة· ولأن هناك جملة من المواقف تحكم العلاقة الحذرة بين العرب وإيران، تحدد مستقبلها أيضاً وفقد أصبح لزاماً على الطرفين الدخول في حوار حول مجمل القضايا المشتركة، بما في ذلك ملف المقاومة ومستقبلها، صحيح أن هناك جملة من المحاذير تحول من دون ذلك، لكن العالم لم يعد يتسع لوجود العرب ولا حتى لوجود الإيرانيين ما لم يحددا أهدافهما، ويسعيان إلى علاقة تدفعهما في حركة إلى الأمام··علاقة تبنى على أسس سليمة، مراعية النماذج الأخرى للتكتل في العالم على أساس جغرافي أو تاريخي أو اقتصادي أو جغرافي أو هوية وانتماء، وهذه جميعها متوافرة بين العرب وإيران، فقط تحتاج لمن يثوّرها· مصير المنطقة في هذه الظروف الصعبة يتحدد من خلال القراء ة الواعية واستشراف المستقبل، فدروس الماضي البعيد والقريب عبر تاريخ مشترك كشفت لنا أن التدخلات الخارجية تأتي نتيجة لاضطراب العلاقة بين العرب والإيرانيين، لهذا فالملف النووي الإيراني ـ حرباً أو سلماً ـ يمثل أولوية للجيران وللذين يشتركون مع الإيرانيين في المصير الواحد، والمشاركة في مناقشتها لجهة العلاقة مع دول العالم ونتائج ذلك أولوية للعرب ـ خاصة دول الخليج - أكثرمن غيرهم ·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©