الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاتحاد الإفريقي... وسابقة تأنيث الرئاسة!

24 يوليو 2012
في قمة الاتحاد الإفريقي التي انعقدت خلال الأسبوع الماضي اتخذ القادة الأفارقة خطوة جريئة باختيارهم امرأة من أحد البلدان الكبرى في إفريقيا لترأس لجنتها، وقد جاء هذا الاختيار بعد مأزق دام ستة أشهر اعترض عملية انتخاب من يرأس الاتحاد الإفريقي الذي يضم 54 دولة، كما تزامن اختيار رئيس جديد مع بعض الأحداث الجسيمة التي تشهدها القارة شملت وقوع انقلابين عسكريين، بالإضافة إلى صراعات مزمنة متواصلة منذ أمد طويل، ولهذه الأسباب جميعاً أثار انتصار وزيرة الشؤون الداخلية بجنوب إفريقيا، "نكوسازانا دلاميني- زوما"، على منافسها "جان بينج" من الغابون، ارتياح الجميع في إفريقيا، مبدداً المخاوف من استمرار الاتحاد الإفريقي لستة أشهر أخرى من دون قيادة. كما عزز هذا الاختيار الآمال بأن يقف الاقتصاد الأكبر في إفريقيا وراء الاتحاد لدعمه وتحويله إلى صرح أكثر تأثيراً في محيطه وعلى الساحة الدولية. وقبل اختيار "دلاميني- زوما" جرت انتخابات سابقة في شهر يناير الماضي أفضت إلى طريق مسدود بعدما فشل المرشحان في جمع أغلبية الثلثين التي يفرضها نظام الاتحاد الإفريقي لتولي رئاسته، وهو ما أدى في النهاية إلى التمديد لوزير الخارجية السابق، "بينج"، على رأس الاتحاد حتى موعد انعقاد القمة المقبلة. وعن هذا الموضوع يقول "جاكي سيلييرز"، مدير معهد الدراسات الأمنية بجنوب إفريقيا: "لم يكن عدم اختيار رئيس جديد للاتحاد الإفريقي في الانتخابات الماضية أمراً مدمراً، ولكنه أعاق التركيز على القضايا المحورية التي تعرفها القارة وتحتاج إلى تدخل عاجل"، فعلى الجانب الأمني تستمر الأمور كما هي مثل تجدد الصراع بين رواندا وجمهورية الكونجو الديمقراطية، واندلاع الاشتباكات والهجمات المتبادلة بين الخصمين اللدودين، السودان وجنوب السودان، بالإضافة إلى الاضطرابات التي تعصف بجمهورية مالي والتطورات الأخيرة الجارية هناك من إعلان الانفصال في الشمال وصعود نفوذ الحركات الإسلامية المتشددة. ولكن الردود معروفة أيضاً للجميع، فقد أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في شهر مايو الماضي نيتها إرسال قوة لحفظ السلام إلى مالي، إلا أنه بالنظر إلى حاجة تلك الدولة إلى التمويل والترخيص رُفع الموضوع إلى مجلس الأمن الدولي الذي طالب بدوره بتقديم إيضاحات أكبر ليعكس بذلك فتور المجتمع الدولي إزاء التدخل العسكري في مالي. وبعد تأجيل عملية التدخل العسكري لجأ الاتحاد الإفريقي إلى الخيار الدبلوماسي علَّه يقود إلى الحل، مطالباً بتشكيل حكومة وحدة وطنية في باماكو، هذا في الوقت الذي تواصل فيه الجماعات المتشددة تدمير الأضرحة الإسلامية في تومبوكتو، ويبقى الفراغ السياسي سيد الموقف في العاصمة باماكو. وعلى رغم التقدم المتحقق في اتجاه خلق قوة دائمة لحفظ السلام تحت إمرة الاتحاد الإفريقي ما زالت القارة في حاجة إلى الأموال الخارجية لتمويل عملياتها، فاللجنة الإفريقية التي سترأسها "دلاميني- زوما" تعتمد بشكل كبير على الدول المانحة للحصول على نصف موازنتها، كما أن مقر الاتحاد الإفريقي الجديد والفخم الذي كلف تقريباً 200 مليون دولار بالعاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، كان هبة مقدمة من الصين، هذا ولم تسفر النقاشات التي جرت خلال الأسبوع الماضي على هامش القمة الإفريقية عن إيجاد آليات بديلة للتمويل عن أية أفكار مهمة. وفيما يتعلق بالمشاكل التي قد تعترض سبيل الاتحاد الإفريقي تحت قيادة جنوب إفريقيا يقول "سيلييرز" إن الأمر لن يقتصر على البعد الجغرافي الذي يؤثر على سرعة التدخل لحل الأزمات، بل أيضاً "على ما قد تأتي به الرئيسة الجديدة من عداء تقليدي تكنه جنوب إفريقيا للغرب وتكريس أجندتها القائمة على مبادئ: لا للتدخل، ولا للتركيز على حقوق الإنسان، ونعم لاهتمام أكبر باستقرار الأنظمة". ولعل ما يعزز هذا الاعتقاد موقف جنوب إفريقيا من الأزمة المشتعلة في سوريا، حيث صرح نائب وزير العلاقات الدولية والتعاون، "إبراهيم إبراهي"، قائلاً: "لا يوجد حل عسكري للصراع"، مضيفاً أن التفجيرات الأخيرة في دمشق "تشير بوضوح إلى وجود طرفين في الصراع". أما في ساحل العاج فقد ظلت جنوب إفريقيا إحدى الدول القليلة في العالم المساندة للرئيس السابق "لوران جباجبو" حتى بعدما تخلى عنه العالم وتبين تمسكه غير الشرعي بالسلطة بعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية، بل خالفت جنوب إفريقيا موقف الاتحاد الإفريقي نفسه الذي دعا "جباجبو" للتنحي عن السلطة، وفي هذا السياق يقول "سيلييرز" إن الموقف الجنوب إفريقي "يقترب عموماً من الموقف الروسي والصيني حيال الأزمات الدولية، فحزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم ما زال أسير عقلية حركات التحرر الوطني، ولذا يميل إلى تقسيم العالم إلى غرب وشرق"؛ وبدلاً من الانخراط الفعال في أزمات القارة فإن الرئيسة الجديدة ستلجأ إلى التركيز على قضايا الاندماج الاقتصادي وتطوير التجارة بين الدول الإفريقية، وهي الأجندة التي طغت على أعمال الاتحاد الإفريقي خلال القمتين الماضيتين. وفي خطاب النصر الذي ألقته "دلاميني- زوما" خلال القمة تجنبت إعطاء الدروس وطرح السياسات، مفضلة التركيز على وحدة الاتحاد الإفريقي بعد انتخابات صعبة قسمت القارة الإفريقية، حيث قالت في الخطاب "علينا أن نتذكر أن أبطال هذه القارة الذين كانوا حريصين على مصلحتها تبنوا رؤية لإفريقيا موحدة اقتصادياً ومتحررة سياسياً.. قارة تكون في سلام مع نفسها ومع العالم"، وأضافت "دلاميني- زوما" بعد إعلان فوزها أن "التحدي الذي نواجهه هو كيف نترجم ذلك الحلم وتلك الرؤية إلى واقع نضمن فيه تحقيق المطالب الأساسية لشعوبنا". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©