الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثقافة النقل العام العربية تحتاج إلى تشحيم

ثقافة النقل العام العربية تحتاج إلى تشحيم
23 فبراير 2009 23:27
يبتعد العربي عن النقل العام كما لو أنه لوثة وعار عليه، مفضلاً أن يستقل سيارته أو التاكسي في أسوأ الأحوال· فالنقل العام دليل بالنسبة للعرب على ضيق الحال في الوضع الإقتصادي وليس إلا للطبقات الدنيا، الطبقات الفقيرة المحتاجة· هو العربي نفسه حين تلقاه في إحدى المدن الغربية يسارع قبل سواه، ويتدافع من أجل أن يستقل الباص أو الترام مفضلاً التنقل بواسطته لأنه الأنسب والأكثر راحة ومتعة· كما نجد في الدول الأوروبية المدير يحمل حقيبته ويتجه إلى حافلة النقل العام موفراً على نفسه عناء القيادة، وإلى جانبه موظف عادي وامرأة تحمل طفلها وطالبة تتصفح كتابها· لماذا ننظر إلى النقل العام على أنه مهانة في ثقافتنا، ولماذا لا نتطلع إلى الامتيازات التي يمنحنا إياها، من راحة بال وعدم التركيز على القيادة وعدم التأخر عن مواعيدنا ونحن نبحث عن موقف لسيارتنا؟ متى تتعرض ثقافتنا في هذا الجانب إلى التغيير فنخفّف من تلوّث مدننا وندرك الفائدة الاقتصادية من تقليص استخدامنا للسيارات الخاصة؟ صعب على الفتيات استقلال الحافلة يصعب ركوب الحافلات بشكل عام بالنسبة للفتيات في العالم العربي، لأن غالبية مستخدمي الحافلات هم من العمال وهم يقيمون في بلاد غير بلادهم الأم من دون عائلاتهم أو أنهم من العازبين، فيصعب بالتالي على الفتاة أن تستقل حافلة النقل العام لأن الوضع يختلف بين العالم العربي والعالم الغربي· وأنا أتحدى إن كان بوسع أي كان أن يستقل الحافلة ويجلس بشكل مريح ويقرأ كتابه مستفيداً من الوقت الذي يمضيه من دون قيادة السيارة والتركيز على الطريق· فالحافلات في العالم العربي هي بشكل عام غير مريحة، وبالتالي لا نجد ثقافة عامة من أشكالها استقلال الحافلة كما في الغرب· وثمة نقاط متعددة أجدها في غاية الأهمية، وهي تمنعني كفتاة من اللجوء في تنقلاتي إلى استقلال الحافلة، وهي: أولاً، لا ترتاح الفتاة لجلوسها في حافلة تغص بالعمال العازبين· ثانياً، الجلوس في الحافلة غير مريح، هذا إذا وجد الشخص مكاناً ليجلس ولم يبق واقفاً· ثالثاً، عدم الدقة في مواعيد الحافلات في العالم العربي ما يجعل من اعتمادها وسيلة للوصول إلى العمل صعباً للغاية· رابعاً، المناخ والطقس في البلدان العربية الحارة لا يساعد على الوقوف وانتظار الحافلة كي تقلّه إلى المكان المقصود· خامساً، على الرغم من نسبة معينة من الأمان في وسائل التنقل العامة في العالم العربي، لا تشعر الفتاة بالأمان ويرافقها انزعاج تام طيلة الرحلة حيث لا تمييز بين الموظفين والعمال، وهذا لا أقوله من منطلق طبقي بقدر ما أنه شيء واقعي، وتشهد على ذلك آراء أسمعها من زملاء وأصدقاء من الرائحة الكريهة التي ترافقهم في الرحلات لأن العامل وبسبب طبيعة عمله يتسخ ويعرق، فتسبب الروائح الانزعاج لمستقل الحافلة· سادساً، لا تعجبني طريقة القيادة لدى الكثير من السائقين، فالبعض منهم متهوّر· سابعاً، عدم اعتماد خطوط في الطرقات أو مسالك معتمدة للحافلات ما يسبب تأخيراً كبيراً في الوصول إلى المكان المقصود· ثامناً، لا تصل الحافلات إلى الكثير من الأماكن في مساراتها ما يجعل الاعتماد عليها غير عملي· وقد يبدو أنني أبالغ في عرض مشاكل النقل العام في العالم العربي، لكنَّ زميلة لي اضطرت للاستقالة من عملها والتقدم للعمل في مكان قريب من منزلها بسبب الحافلة، فلديها ولد كسرت رجله وأجريت له عملية وكان عليه أن يستفيق في الفجر لينطلق منذ الساعة الخامسة ليصل من الشارقة إلى دبي الساعة الثامنة، ويجلس في مكان غير مريح في ظروف غير مريحة· ففضلت أن تنتقل للتعليم في مدرسة قريبة من منزلها وأن يتعلّم ابنها كذلك في مكان قريب، ولا يضطر لتمضية نحو الست ساعات يومياً على الطرقات· ولو كان للحافلات مسارات محددة لما تأخرت الحافلة ولكانت مساهمة في تخفيف الزحام بدل إعاقة السير كما يحصل· أتمنى لو أن حافلات النقل العام تصبح مريحة ومدروسة خطوطها ومساراتها فنلجأ إليها إن في الإمارات أو في كل بلدان العالم العربي، عندها سأجلس مرتاحة مستفيدة من وقتي فأقرأ كتاب أو أطالع جريدة أو أنجز جزءاً من عملي في الحافلة· وإلى حينه، أفضل أن أستخدم سيارتي الخاصة حيث أمتلك حرية في التنقل وفق مواعيدي، فإذا انتهيت باكراً من عملي لا أجلس منتظرة كي تأتي الحافلة بل أسير مباشرة، ولكن بسبب الزحام تتعبني القيادة وتشعرني بالملل، لذا لوكان بوسعي أن أجمع بين استخدام سيارتي الخاصة وتوفّر من يقودها فسيكون ذلك من دون شك رائعاً ومريحاً··· إلى أن تتوفر حافلات سريعة وغير مخيفة للنقل العام· مهى راجح - مُدرسة للنساء الاحترام والأماكن الخاصة الحافلة أمان وراحة واختصار للوقت وللزحمة· أعمل منذ أمد طويل سائق حافلة وعامل صيانة للحافلات، وأشعر بأنني كيّفت حياتي وفق متطلبات العمل· أصلي الجمعة وحين أتمكن في أيام الأسبوع، وأتناول طعامي بين رحلة وأخرى، وأرى كل أنواع الناس ومن كل الجنسيات وقد ألفت بعض الوجوه· أجد البريطاني والأميركي والهندي والباكستاني والعربي من مختلف الجنسيات والمواطنين، وفي البداية كان الأميركي والبريطاني والأوروبي هو الأكثر استخداماً للنقل العام فيما يجول العربي من أي بلد عربي أتى بسيارته الخاصة أو بالتاكسي· لقد تغيّر الوضع الآن، وصار من الأسهل والأضمن للوصول في الوقت المطلوب أن يستقل الناس الحافلة ويتنقلون فيها· لا شيء يضير حافلات أبوظبي مثلاً، حيث الراحة في المقاعد والتكييف والنظام والشعور بالأمان، وثمة من يعمل دائماً للمحافظة على نظافة الحافلة· لدينا قواعد نتبعها ونسير وفقها في درجة السرعة وطريقة نقل الركاب والتوقف كي يترجلون، وباتت ظاهرة توقيف السيارات الخاصة في أماكن توقف الحافلات لنقل الركاب شبه منعدمة، وإذا توقفت إحدى السيارات مكان الباص، حين يرى سائقها الباص قادماً يتحرك بالسيارة مفسحاً المجال· ومن الأمور التي نقوم بها، عدم الانطلاق بسرعة عندما نرى أحداً يركض ليستقل الباص، فبعض الرأفة ضروري في أيامنا شرط أن لا نغيّر في مواعيد الباص المضبوطة· وطيلة فترة عملي، لم أواجه مشكلة، والحمد لله، فالرجال يسارعون لتوفير الأماكن للنساء وهذا ينبع من ثقافتنا العامة· فالأولوية دائماً للنساء والأطفال والكبار في السن· ولا أذكر يوماً أنني اضطررت للتدخل في شأن جلوس الركاب، فالجو المريح في الباص ينعكس على الناس وليس من داع للاشتكاء أو التذمّر· أتيت من السودان للعمل في أبوظبي، وقد مضى على وجودي هنا نحو عشر سنوات، شهدت فيها تطور النقل العام وأدهشني مدى العناية بكل التفاصيل المتعلقة بالحافلات وبراحة الركاب· ولا شيء أجمل من التنقل الجماعي من المنزل إلى العمل أو إلى الجامعة أو لأي مكان للتنزه، ففيه توفير اقتصادي وتوفير في التلوث ومساهمة في تدني درجة الزحمة· وحيد عبد الرحمن حسين - سائق رفاهية العيش تمنع من تغيير ثقافة النقل الجماعي أبوظبي- كلنا يدرك الجهود الجبارة من قبل الحكومة وخصوصاً حكومة أبوظبي لتطوير البنية التحتية واستحداث ما هو مناسب لمصلحة المواطنين والمقيمين· النقل العام إحدى أولويات الحكومة لتكوين البنية الأساسية لتطوير أي منطقة، ومن هنا نقول ما هي أهم التحديات التي تواجهها الحكومة في هذا المجال ؟ ومن وجهة نظري، إن أهم التحديات هي تغيير ثقافة الناس· كيف يمكن للطفل الذي تعود على السائق أن يركب حافلة عامة؟ كيف يمكن للشاب الذي حصل على رخصة سوق حديثة وسيارة فاخرة أن يركب حافلة عامة؟ كيف يمكن للموظف الذي قدم إلى الدولة لتغيير نمط حياته وللحصول على الخدمات التنموية السريعة والميسّرة أن يركب حافلة عامة؟ كيف يمكن للمسؤول الذي يمتلك السيارات الفاخرة أن يركب الحافلة العامة؟ كيف يمكن لي ولكم ركوب الحافلات العامة ونحن لا نؤمن بمفهوم النقل الجماعي وما له من فوائد بيئية واقتصادية وحتى أمنية؟ فإن للنقل الجماعي فوائد جمة ، منها على سبيل المثال: لا أحد ينكر أزمة المواقف في الدولة والتي تسلبنا وقتا طويلا لكي نحصل على موقف مناسب· ولا يمكننا تجاهل الازدحام المروري الخانق التي بدأت بوادره تغطي السماء· ولا يمكننا تجاهل تلوث البيئة من عوادم السيارات· ولا يمكننا تجاهل حوادث السير التي تفتك بأرواح البشر· فلو أننا زرعنا ثقافة النقل الجماعي من منطلق ما ذكر نرى أننا قد بدأنا في تغيير نمط الحياة المثالية في أرجاء الدولة· من جانب آخر، وبالمقارنة بالدول الغربية، نرى ان الطفل يتربى وفق قاعدة انه لا بديل عن النقل العام، حيث يخرج للمدرسة وهو يستخدم الحافلة، ويرى أن والديه أيضا يستخدمان النقل الجماعي للذهاب إلى العمل، ومن ثم يتم غرس ثقافة استخدام النقل الجماعي في بداية حياته· ومن جانب آخر لماذا نستخدم النقل العام حين نسافر إلى الدول الأوروبية والأجنبية، وحين نرجع إلى بلدنا ننسى ذلك ونعود إلى ما كنا عليه· هل هو ''البرستيج''؟ أو هو عدم الوعي؟ ولكي نصل إلى مبتغانا في التغيير لا بد لنا جميعاً سواء كنا آباء أو موظفين أو مسؤولين أو مراقبين أو إعلاميين أن نساهم في الوصول للهدف وإن كان ذلك يتطلب أشهرا أو سنين ، فالتغيير في أي ثقافة ليس بالأمر السهل ولكنه من الناحية الأخرى ليس بالأمر المستحيل· ولتفعيل ذلك وبمجرد بادرة من مجموعة من المؤسسات أو أفراد تخصيص يوم للنقل الجماعي، بمعنى أن نترك السيارات الخاصة في المنزل ونذهب إلى العمل مستخدمين النقل العام أو استخدام جماهير كرة القدم للذهاب لتشجيع ناديهم في المباريات سوف تكون هذه ظاهرة وبادرة جميلة لتدعيم الحكومة في مسيرة تطوير البنية التحتية· محمد الحمادي- مدير في قطاع رسمي حافلات النقل العام رحمة لكني أحلم بامتلاك سيارة الحافلة رحمة حتى بعد أن بدأنا ندفع تعرفة التنقل، إذ تبقى أقل من كلفة استقلال ''التاكسي''· أتنقل دائما في الحافلة بشكل يومي وأرتاح لنظافتها في أبوظبي، وللأمان فيها· كل شيء منظم فيها ومريح، كما أن السائقين حريصون في أســـلوب قيادتهم ما يريحنا خلال رحلة التنقــــــــــل، لا بل إنهم يقـــودون بطريقة تفوق أســلوب قيادة السيارات العمومية نسبة للسرعة وطرق الالتفاف والتوقف وإقلال الركاب· وهذا ما يدفعني إلى التشـــــبث بوسيلة النقل العام في هذا البلد· ثمة ما يشجع على استقلال الحافلة العامة، ومن مشاهداتي، أجد العمال والموظفين والطلاب والطالبات، ومن اللافت أن بوسع المرء التركيز على دراســـــــــــــته أو قراءته أو أي شيء آخر، خصـــوصاً أنه لا داعي للتركيز على الطريق إذ أن المرء لا يقود السيارة· في عالمنا العربي، يفضل المرء دائماً اقتناء سيارته الخاصة والتنقل بواسطتها، حتى لو كان ذلك على حساب أعصابه ووقته وهو يبحث عن موقف· لكن السيارة الخاصة تمنحنا شيئاً من الحرية في التنقل، وربما حين يطبق نظام الحافلات لمدة 24 ســــــــاعة قد نســــــــتغني عن السيارات الخاصة ونستقل جميعنا الحافلات· اعتقد البعض أنه حين يطبق برنامج دفع البديل المادي للتنقل بالحافلة بأن مستقلي الحافلة ســـــيتركونها، لكن اتضح أن لا شيء تغيّر بل على العكس زاد الإقبال، على الأقل بالنســـــــــــبة للخط الذي اعتدت الركوب في حافلته، الممتد من المرفأ إلى محطة الحافلات الرئيـســـــية في أبوظبي· اعتدت أن أستقل الحافلة مذ كنت في بلدي، السودان، إنما هنا الحافلات أكثر تنظيماً وراحة، ولدينا في السودان زحمة كبيرة· هنا، أصعد الحافلة وكلي ثقة بأنني لن أضطر للوقوف طيلة مشواري، لأن هناك أماكن متعارفا عليها مخصصة للنساء، ومن دون أي جدال سرعان ما يقف الرجال مفسحين المجال أمام النساء للجلوس، ولأن البلد يتمتع بنسبة أمان عالية جداً فلا أذكر أو أنني أجزم بعدم حضور أي مشادة أو مشكلة، وربما لأن البلد كله بشكل عام آمن وهادئ ومريح، الحمد لله· ومن دون شك، أتمنى أن أملك سيارتي الخاصة وأتنقل بها، ولكن طالما أنني أحتاج إلى النقل العام والأخير لا يزعجني بأي شيء ولا شكوى عليه، فإنني سأواظب على استخدامه في تنقلاتي، وأتمنى أن يزيد عدد الحافلات في المدينة ، خصوصاً ضمن مسار تنقلي من وإلى العمل· بين مشـــوار وآخر، أجلس على أحد مقاعد محطـــــــــة الحافلات الرئيسية، وأرتاح وأتناول طعام الغداء· أتمتع بالنظـــــــافة والهدوء وأجد أن كل شيء متاحاً في المحطة بأســـــــــعار مقبولة، وهذا شيء جميل· ندى عبد الرؤوف - راكبة
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©