الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الضاحية الجنوبية ومعركة التعويضات.. حكايات لا تنتهي

الضاحية الجنوبية ومعركة التعويضات.. حكايات لا تنتهي
8 سبتمبر 2006 01:01
بيروت - أسماء وهبة: يفاجأ الزائر إلى الضاحية الجنوبية لبيروت بالحجم الفعلي للدمار؛ فالمعاينة عن قرب ليست كالمشاهدة على الشاشة الصغيرة مهما تنوعت زوايا التصوير أو كبرت شاشات العرض· تكاد لا تخلو الضاحية من مبنى واحد لم تلحق به الأضرار طفيفة كانت أو غير ذلك ، لكن المفاجأة حولتها إلى خلية عمل ناشطة، فالطرقات أخليت من الركام على نطاق واسع، وثمة لجان متعددة تعمل على إحصاء المباني المدمرة وأخرى تكشف على صلاحية المباني التي لحق بها ضرر كبير، في حين تقوم لجان أخرى بتقييم كلفة الترميم للوحدات السكنية التي لم تتضرر بشكلٍ واسع وهي خطوات سريعة يقوم بها ''حزب الله'' بعد أن أعلن عن بدء صرف تعويضات للمتضررين من جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان؛ مما أثار تساؤلات عدة: حول مدى قدرة حزب الله على دفع مبالغ طائلة للمواطنين وما قيمة تلك التعويضات؟ وكيف توزع ؟ وعلى أي أساس يتم تقديرها؟ وأين الحكومة اللبنانية من هذا الملف المرتبط أيضاً بآليات إعادة الإعمار؟ ''حزب الله والتعويضات'' أحد ملفات الحرب على لبنان التي تروي قصصاً وحكايا للناس· تحدث تقرير مركز الدعم الإقتصادي اللبناني عن نتائج العدوان الإسرائيلي على لبنان، والذي أسفر عن استشهاد أكثر من ألف مدني وإصابة أكثر من 3 آلاف، كما أسفر عن نزوح ما يقارب المليون مواطن عن أماكن إقامتهم؛ مما تسبب بكارثة اجتماعية واسعة تستدعي تقديم مساعدات إنسانية طارئة بما لا يقل عن مليار ونصف مليار دولار لإغاثتهم· وأصيبت البنية التحتية وخصوصاً قطاع النقل بخسارة 404 ملايين دولار بعد أن دمر 94 طريقاً و70 جسراً دون الحديث عن خسائر مطار رفيق الحريري الدولي· أما القطاع الصناعي فدمر فيه 10 مصانع كبرى، وأصيب نحو 700 مؤسسة صناعية وحرفية بأضرار فادحة؛ فبلغت فيه الخسائر 190 مليون دولار على الأقل وتسريح 4000 عامل أضيفوا إلى العاطلين عن العمل· كما تم تدمير 22 محطة توزيع محروقات خسارة أكثر من 10 ملايين دولار· على خط آخر أكد التقريرعلى تحمل الضاحية الجنوبية لبيروت أكثر من نصف خسائر الحرب في مجال الأبنية السكنية والتجارية، إذ قدرت بنحو 638 مليون دولار مع هامش تقديري لكلفة أضرار نسبتها 20 بالمئة، مما يرفع الخسائر فيها إلى 766 مليون دولار دون أن تشمل موجودات المنازل والمكاتب والمؤسسات التجارية التي تقدر بعشرات ملايين الدولارات الإضافية· وكانت الحكومة اللبنانية قد قدرت الخسائر التي لحقت بلبنان بحوالي 3,6 مليار دولار، وأوضحت أن 15 ألف منزل قد دمر، وتحتاج إلى 75 مليون دولار لبناء منازل مؤقتة و30 مليون دولار لإصلاح الطرق الرئيسية والجسور· انطلاقاً من هذه الخسائر الفادحة سارع ''حزب الله'' إلى تقديم المساعدات لكل المتضررين والعمل على إيواء النازحين منهم وتعويضهم عن خسارتهم بمقدار حجمها· لذلك تم افتتاح مراكز في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لاستقبالهم ومعرفة ما أصابهم والكشف عليه خلال 72 ساعة ثم المسارعة إلى دفع التعويض المطلوب· في ثانوية المصطفى وهي إحدى المراكز في حارة حريك بالضاحية الجنوبية جلست أم فاطمة - ورفضت ذكر اسمها- في ثياب سوداء تنتظر بدء إزالة الركام في منطقة بئرالعبد حيث منزلها الذي دمر بالكامل من جراء القصف الإسرائيلي، لعلها تستطيع الحصول على أي شيء منه! أما بيتها في قرية مارون الراس الجنوبية فلم يسلم أيضاً من القصف الإسرائيلي الذي سّواه بالأرض· واليوم تقيم وابنتها الصغيرة مع أسرة أخيها في الحي الأبيض· خسارة كبيرة ألمت بها، لكن سكن قلبها بعض التفاؤل بعد أن حصلت من ''حزب الله'' على تعويض عن منزلها الذي قصف في الضاحية الجنوبية قيمته 12 ألف دولار والذي سيسمح لها باستئجار منزل لمدة عام وشراء أثاث له؛ دون أن تحصل على تعويض عن سيارة زوجها التي دمرت أيضاً، وكذلك عن منزلها في جنوب لبنان الذي علقت فيه مسألة التعويضات · تقول: ''لقد واجهت صعوبات كثيرة حتى نجحت في الحصول على التعويض· فلقد طلب مني مسؤولون في حزب الله سند ملكية المنزل وصورة عن عقد زواجي؛ لأن زوجي متوفى، والشقة مسجلة بإسمه، فحاولت إفهامهم بأنه لم يتسن لي لحظة هروبي من المنزل أخذ أي أوراق ثبوتية لكنهم أصروا على ربط صرف التعويض بتقديم هذه الأوراق· وعلى مدى عشرة أيام خلت بين مكاتب الدوائر العقارية والمدنية لاستصدار نسخة عن الأوراق المطلوبة التي خولتني فيما بعد صرف التعويض· وفي نهاية لقاءنا بها تساءلت: ''عن ماذا التعويض؟! وماذا فائدته بعد أن ضاع كل شيء؟!'' التباس حول مفهوم التعويضات يشير بلال نعيم رئيس جمعية كشافة المهدي إلى حدوث التباس حول مفهوم التعويضات التي يقدمها حزب الله للمتضررين· ''فما نقوم به هو عمل إغاثي اجتماعي مثل أي مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني ولا يمكن تسميته بالتعويض، فهي مساعدة اثرنا الإسراع بها، لأن هناك 15 ألف أسرة في لبنان بلا مسكن منها 6 آلاف أسرة في الضاحية الجنوبية خصوصاً أن العام الدراسي على الأبواب وبداية فصل الشتاء وحلول شهر رمضان المبارك· لذلك لا نستطيع انتظار مبادرات الدولة أو أي مساعدات أجنبية أو تبرعات حتى لا تعلوا أصوات المتضررين ضد المقاومة والدولة اللبنانية إذا استمر وجودهم في منازل النزوح· ولتلافي حدوث حالة من عدم الإستقرار الإجتماعي قدمنا لهم المساعدات المالية حتى تفتح الحكومة اللبنانية ملف التعويضات وتبدأ بدفعها للمتضررين·'' أما عن آلية تقديم ''المساعدات'' فنفى الدكتور بلال أن يكون هناك أي تشدد فيما يتعلق بالأوراق الثبوتية· ''فهناك ما يسمى التوثق وليس التأكد· فوضعنا مجموعة من الإحتمالات: إما أن تكون وثائق عائلة ما خارج الشقة التي هدمت وبالتالي موجودة معها، وإما أن تكون داخل الشقة وبالطبع غير موجودة معها وبإمكانها الحصول عليها من البلدية أو الدوائر العقارية، أما إذا تعذر ذلك فتستطيع تقديم فاتورة ماء أو كهرباء تثبت محل سكنها، وإذا تعذر ذلك تستطيع الإستعانة بشخصين موثوق بهما للإقرار بأنها تسكن في الشقة، وأعتقد أن هذا التوثق يكفينا من المحتالين''· لكن ماذا عن تعويض المؤسسات التجارية والصناعية والمدارس والمستشفيات ودور العبادة المتضررة؟! لم يتدخل حزب الله في هذه الملفات، وتقوم النقابات التجارية والصناعية بمسح الأضرار لتحديد الأرقام النهائية للخسائر· وحسب الدكتور بلال ''إنه ملف كبير ويتطلب إمكانيات مادية ضخمة توازي الخسائر الواسعة التي لا تستطيع تحملها إلا الحكومة اللبنانية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©