الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأصمعي.. لسان العرب وحجة الأدب

الأصمعي.. لسان العرب وحجة الأدب
28 أكتوبر 2010 21:02
الإمام الأصمعي هو حجة الأدب ولسان العرب وأشهر النحويين واللغويين، وإمام اللغة والأخبار والنوادر والملح والغرائب. ويقول الدكتور أحمد عبده عوض، أستاذ الدراسات الإسلامية واللغة العربية بجامعة طنطا: ولد أبوسعيد عبدالملك بن قريب بن عبدالملك بن علي في سنة 123هـ، بالبصرة، وينتهي نسبه إلى بني أصمع، ونشأ محباً للعلم، وبدأ تلقى دروسه بحفظ القرآن الكريم، والتردد على حلقات العلماء في البصرة فدرس علوم اللغة والفقه والحديث والقراءات والتفسير وغيرها من علوم الشريعة على مشاهير عصره، وأخذ علوم القران واللغة والأدب عن عيسى بن عمر الثقفي، والخليل بن أحمد الفراهيدي، وسمع مسعر بن كدام، وشعبة بن الحجاج، ولازم أبا عمرو بن العلاء أحد القراء السبعة وأتقن عليه تجويد القرآن، وأخذ عنه سائر علوم اللغة والأدب. وشغف بالشعر وروايته عن فحول الشعراء كرؤبة وابن ميادة والحسين بن مطير الأسدي وابن هرمة وابن الدمينة وغيرهم، لاعتقاده أن العلم لا يصح إلا بالرواية والأخذ عن أفواه الرجال. وانكب على دراسة النحو واللغة، ودفعه حبه لعلوم العربية إلى الرحيل إلى أعماق البوادي يشافه أرباب الفصاحة والبيان من الأعراب الأقحاح ويكتب عنهم شيئاً كثيراً، ويقتبس علومها ويتلقى أخبارها، وظهر ذلك جلياً في مصنفاته التي لا تخلو من أخبار ومرويات عن الأعراب. «صوت صفير البلبل» وكرس الأصمعي وقته لدراسة أسرار اللغة وعلومها والتبحر في أنساب العرب وأيامها، وعرف بالذكاء والورع وجلس للتدريس فذاع صيته وبلغت شهرته الآفاق فاستقدمه هارون الرشيد إلى بغداد واتخذه سميره وجعله مؤدِباً لنجله الأمين. وكان الأصمعي خفيف الروح ظريف النادرة يحرك الرصين ويضحك الحزين ويمتلك رصيداً هائلاً من النوادر، يسعفه في ذلك حافظة وقادة، وعنه أنه قال:»حفظت ستة عشر ألف أرجوزة»، وذكرت كتب التراجم أن الأصمعي سمع أن الشعراء قد ضيق عليهم من قبل الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور فهو يحفظ كل قصيدة يقولونها ويدعي أنه سمعها من قبل وبعد أن ينتهي الشاعر من قول القصيدة يقوم الخليفة بسرد القصيدة، ويقول له لا بل حتى الغلام عندي يحفظها فيأتي بالغلام، وكان يحفظ الشعر بعد تكراره القصيدة مرتين، فيسرد القصيدة مرة أخرى، ويقول الأمير ليس الأمر كذلك فحسب، بل إن عندي جارية أخرى تحفظها أيضاً، وكانت تحفظها بعد المرة الثالثة. ويعمل هذا مع كل الشعراء، فأصيب الشعراء بالخيبة والإحباط، حيث إنه كان يتوجب على الأمير دفع مبلغ من المال لكل قصيدة لم يسمعها، ويكون المقابل ذهباً. فسمع الأصمعي بذلك، فقال إن بالأمر مكراً، فأعد قصيدة منوعة الكلمات وغريبة المعاني. فلبس لبس الأعراب وتنكر حيث إنه كان معروفاً لدى الخليفة، فدخل عليه، وقال إن لدي قصيدة أود أن ألقيها عليك ولا أعتقد أنك سمعتها من قبل. فقال له الخليفة: هات ما عندك، فقال قصيدته المعروفة بـ«صوت صفير البلبل»، حينها أسقط في يد الخليفة فقال يا غلام يا جارية. فقالا: لم نسمع بها من قبل يا مولاي. فقال الخليفة أحضر ما كتبتها عليه فنزنه ونعطيك وزنه ذهباً. قال ورثت عمود رخام من أبي وقد كتبتها عليه، لا يحمله إلا عشرة من الجند، فأحضروه فوزن الصندوق كله. فقال الوزير يا أمير المؤمنين ما أظنه إلا الأصمعي، فقال الأمير أمط لثامك يا أعرابي. فأزال الأعرابي لثامه فإذا به الأصمعي، فقال الخليفة أتفعل ذلك بأمير المؤمنين يا أصمعي؟، قال يا أمير المؤمنين قد قطعت رزق الشعراء بفعلك هذا. قال الخليفة أعد المال يا أصمعي قال لا أعيده. قال الأمير أعده قال الأصمعي بشرط، قال الأمير فما هو؟ قال أن تعطي الشعراء على نقلهم ومقولهم، قال الأمير لك ما تريد. وأشاد به العلماء، قال عنه الشافعي: «ما عبر أحد عن العرب بأحسن من عبارة الأصمعي»، وقال إسحاق الموصلي: «لم أر الأصمعي يدعي شيئاً من العلم فيكون أحد أعلم به منه»، وقال أبو داود: «صدوق وكان يتقي أن يفسر القرآن». 61 مؤلفاً وتتلمذ عليه الكثير من النجباء فروى عنه ابن أخيه عبدالرحمن بن عبدالله، وأبو عبيد القاسم بـن سلام، وأبو حاتم السجستاني، وأبو الفضل الرياشي، واليزيدي وغيرهم. وعرف عنه أنه كان ضابطاً محققاً، يتحرى اللفظ الصحيح ويتلمس أسرار اللغة ودقائقها، ولا يفتي إلا في ما أجمع عليه علماء اللغة ولا يجيز إلا أفصح اللغات، وكان شديد الاحتراز في تفسير القرآن والسنة، فإذا سئل عن شيء منهما يقول: «العرب تقول معنى هذا كذا، ولا أعلم المراد منه في الكتاب والسنة». خلف الأصمعي -رحمه الله- مصنفات في أنواع العلوم خاصة اللغة العربية والأدب والشعر والنوادر، وبلغت مؤلفاته 61 مؤلفاً وأغلبها لم يعرف مكانه، فهي ما بين المفقودة أو مجهولة المكان منها «خلق الإنسان»، و»الأجناس»، و»الأنواء»، و»الخيل»، و»الشاء»، و»الوحوش»، و»اشتقاق الأسماء»، و»الأضداد»، و»اللغات»، و»النوادر»، و»نوادر الأعراب»، و»فحولة الشعراء» وهو من أشهر كتبه ويحتوي على نظرات لطيفة في تقويم الشعر والشعراء. منزلة جليلة ويعد كتابه «الأصمعيات» من أهم مصنفاته، فهو يضم اختيارات شعرية انتخبها من عيون الشعر العربي، تصور الحياة العربية والأدبية خاصة أدق تصوير، في عاداتها وأفكارها وتقاليدها، إذ حفظ لنا تراثاً لغوياً لا تخلو منه كتب اللغة والأدب. وبلغ الأصمعي منزلة جليلة في اللغة والرواية والأدب بسبب ما أسند إليه من أقاصيص وسير تداولها الناس كقصة عنترة وغيرها وامتاز في فصاحته وبيانه، وحسن إنشاد الشعر. وتوفي-رحمه الله- في خلافة المأمون بالبصرة سنة 216هـ، وقيل 215هـ .
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©