الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سعيد يقطين: النقاد العرب يختزلون ويبسطون النظرية النقدية الغربية

سعيد يقطين: النقاد العرب يختزلون ويبسطون النظرية النقدية الغربية
14 فبراير 2008 00:03
*إلى أي نظرية أو منهج نقدي ينتمي سعيد يقطين؟ ** الإطار النظري الذي اشتغل في نطاقه منذ 1985 إلى الآن هو السرديات التي تشكلت في أحضان البنيوية غير أن السرديات كما اتمثلها تطورت كثيراً في الدراسات الغربية والأميركية وأنا أعمل منذ كتابي انفتاح النص الروائي 1989 بجعلها منفتحة على قضايا تتصل بالمجتمع وبالدلالة ولا تقف عند حد التحليل الشكلي وعملت بعد ذلك في كتابي ''قال الراوي'' 1997على تقديم تصور متكامل للسرديات يقضي بجعلها تنفتح على حقول معرفية متعددة اجتماعية، نفسية وانثروبولوجية وتهتم بقضايا الأجناس الأدبية وتاريخ السرد وتطور الاشكال الأدبية ومنذ سنة 2000 عندما بدأت اهتم بالنص المترابط جعلت السرديات منفتحة على النص الرقمي باعتباره امتداداً وتطويراً للنص كما اشتغلت به في السابق وأنا الآن أحاول إقامة جسور بين السرديات منذ بداياتها مع مختلف التطورات التي لحقت به· وفي مختلف دراساتي أراوح بين النص السردي العربي والرواية والنص السردي الذي سيكتب مع الزمن· ؟ هذا يعني أنك تتمثل النص السردي المستقبلي؟ ؟؟ النص السردي المستقبلي لا يمكن أن يتأسس إلا على المنجز السردي المتعالي وهو يستثمر مختلف ما يمده بالمستويات التي تجعله يتجلى لاحقاً· مساهمات متواضعة ؟ هل ترى أن هناك نظرية نقدية عربية؟ ؟؟ أنا من الذين لا يؤمنون في مجال العلم بالحديث عن الخصوصية والهوية فالممارسة العلمية ملك للإنسانية جمعاء والكل يساهم فيها بحسب إمكاناته ومؤهلاته· نعم مساهمتنا في المجال النقدي الإنساني متواضعة ولا نزال عبئاً على النظريات التي يتم إنتاجها خارج البلاد العربية· ولذلك أسباب عديدة لا يسمح المجال للخوض فيها لكن بعض الاجتهادات الموجودة حالياً اذا ما تم استثمارها وتطويرها يمكن أن تجعل العرب قادرين على المساهمة في هذه النظرية ذات البعد الإنساني وبالمقابل يمكن لي أن أقول إن هناك نقداً عربياً له ملامحه وخصوصياته التي تبرز لنا من خلال أعمال نقاد عرب من دون أن نعتبر هذه الممارسات النقدية نظرية نقدية متكاملة كالتي أومأنا إليها في بداية هذا الحديث· ؟ هل النظرية النقدية هي نتاج معرفي علمي؟ ؟؟ هكذا أتصور النظرية بأنها وصف علمي للنص الكائن واستشراف للنص الممكن لأنها ترمي الوصول إلى أنساق عامة ومشتركة يمكن أن تتحقق في أي نص أدبي· منجزات غربية ؟ أي من وجهة نظرك أن هناك تطبيقات على النظرية النقدية وليس اجتراحها؟ ؟؟ عندما قلت إن الممارسة النقدية العربية موجودة فإنني أقصد بذلك أنها تتأسس على خلفيات معرفية ونظرية خارجية وأنها لم تتأسس من لدن المشتغلين بالنقد عندنا· إنهم ''النقاد'' يستفيدون من منجزات نظرية غربية ويتفاعلون معها بمختلف الصور والأشكال ويؤسفني أن اقول إن أهم شكل ينهض عليه هذا التفاعل هو الاختزال والتبسيط وعدم الملاءمة· ؟ حسناً وما الاختلاف في المعالجات النقدية العربية المشرقية والمغاربية؟ ؟؟ النقد الأدبي العربي واحد له أصول مشتركة ومقاصد موحدة غير أن العطاء النقدي يختلف باختلاف الزمان فإلى غاية السبعينات من القرن الماضي كانت المشاركة المشرقية هي السائدة لكن منذ الثمانينات انتقل الناقد المغاربي من مستوى يتلقى ما يرد عليه من المشرق إلى مستوى العطاء وكان ذلك بسبب عوامل كثيرة من بينها أن المغاربة اهتموا بالبنيوية التي كانت ''فرنسية'' فعملوا على ترجمة أدبياتها والاشتغال بها فسبقوا بذلك زملاءهم المشارقة الذين كانوا ينتظرون ترجمات البنيوية إلى الإنجليزية فكان المغاربة بذلك يتعاملون مع البنيوية في لغتها الأصلية وقدموها بديلاً عن النقد السوسيولوجي أو الايديولوجي الذي كان مهيمناً في الساحة النقدية العربية· انه تفاؤل المشرق والمغرب وهذا التفاؤل يكشف أن الأصول واحدة والآفاق مشتركة· القيمة الحقيقية ؟ ولكن لماذا سارع المغرب العربي إلى تبني النظرية النقدية الأوروبية؟ ؟؟ أذكر عندما كنا طلبة في السبعينات بدأ يتشكل وعينا الأدبي والثقافي حيث إن النقد العربي في المشرق انتهى إلى طريق مسدود فالنقد الايديولوجي التبسيطي الذي يحاكم النص انطلاقاً من انتماء مؤلفه ايديولوجياً بات يفاضل بين النصوص لا بحسب قيمتها الفنية والجمالية، ولكن تبعاً لانتماء المؤلف إلى هذه الطبقة أو تلك فصار المبدع مبدعاً لأنه اشتراكي وآخر مبدعاً تافهاً لأنه برجوازي هذه التوصيفات التي تغيب البعد الفني للعمل هي التي جعلتنا ننتبه إلى أن القيمة الحقيقية للإبداع الأدبي ـ هذا ما لا يختلف عليه اثنان ـ هو بعده الجمالي فكانت البنيوية الجواب عن هذا الاقتناع الذي انتهى إليه العديد من الشباب المغربي الذي تشكل وعيه النقدي في خضم العوالم الايديولوجية وبات يحس أن الوعي السائد هو وعي غير مطابق لما ينبغي أن تكون عليه الأمور على المستوى الأدبي· ؟ ولكنكم بعد ذلك رجعتم إلى قراءة النص بانتمائه لمؤلفه وأبسط مثال هو توجه الكثيرين نحو جاك لاكان وكولدمان بل حتى نظريات التلقي التي تعنى بما هو خارج النص؟ ؟؟ هذا صحيح إلى حد بعيد لأن رجوعنا إليه واهتمامنا به إلى جانب الاهتمام بقضايا أخرى تتعلق بالمتلقي أيضاً وبالسياق الذي ظهر فيه النص بعد أن اكتمل وعينا وفهمنا النص في حد ذاته وهذا ما كان مغيباً في النقد السابق على الثمانينات لأنه كان يهتم بالمؤلف وليست عنده أدنى معرفة بالنص الذي ينتجه المؤلف· التحول نقدي ؟ في هذا الإطار هل يمكن القول إن هناك تحولاً نقدياً عربياً وفقاً لتحول نقدي أوروبي، إذ بدأنا نقرأ المتلقي في ضوء قراءة التلقي الأوروبي بما يعني أن هناك مفهوماً استقبالياً مستمراً كيف تفسره؟ ؟؟ أجيب عن هذا السؤال من خلال منطلقين مختلفين· المنطلق الأول وهو السائد وأنا أختلف معه اختلافاً جذرياً وهو الذي يمكن نعته بالصفات التي أعطيتك إياه، إنه ينتقل من مجال نظري إلى آخر كلما بدا له مجال جديد مغرٍ بالبحث فيتنقل بين الزهور النظرية متوهماً أن الزهرة الجديدة ما ظهرت إلا بعد ذبول الزهرة التي استنفدها آنفاً وأصحاب هذا الموقف هم الذين يقولون الآن بانتهاء النقد الأدبي وانسداد آفاق النقد الروائي ويبحثون عن شيء جديد تمدهم به النظريات المستحدثة· أما التصور الثاني والمختلف جذرياً عن الأول فهو ما مارسته بشكل متواضع واقتنعت به بعمق وهو أننا نبني تخصصاً معرفياً محدداً هو ما اسميه السرديات وشأنه شأن أي تخصص فهو قابل للتعديل والتطوير كلما ظهر لنا إمكان ذلك· وكما قلت في السؤال الأول فأنا اشتغل دائماً في إطار السرديات وكلما ظهر إطار معرفي جديد وتبدت أهميته في إثراء المجال الذي اشتغل فيه وسد ثغراته ''ما دام أي مشروع علمي جدير بهذا النعت هو بطبيعته منفتح وليس منغلقاً أو مكتملاً'' وكل كتبي التي صدرت بعد تحليل الخطاب الروائي الذي اعتبره بداية هذا المشروع التأسيسي وتطويراً لكتاب القراءة والتجربة جاءت لتصب في المجرى الذي اختطه هذا الكتاب واهتمامي بالنص الرقمي هو محاولة لتطوير السرديات بما يجعلها منفتحة على السرد حيثما وجد· تغيير النوع ؟ تحولك إلى دراسة الوسائط·· هل هو من أجل بلورة مفهوم نقدي جديد أم هي محاولة لتغيير النوع النقدي؟ ؟؟ عندما صدر كتابي من ''النص إلى النص المترابط·· مدخل إلى الأدب التفاعلي'' راه بعض النقاد تحولاً في مساري النقدي غير أنه في الحقيقة ليس تحولاً بل هو امتداد طبيعي في اهتماماتي السردية التي انطلقت من البحث في السرد المكتوب ''الرواية'' ثم إلى السرد الشفوي ''السيرة الشعبية'' وخلال هذا الاهتمام كنت أفكر في الاشتغال بأجناس سردية أخرى للغايات التي أسلفت الإشارة إليها في المشروع الذي أسعى إلى بلورته وتطويره بالانفتاح على سرود أخرى تتحقق من خلال الصورة وما شابه ذلك· وكان اهتمامي بالنص المترابط استشرافاً من جهة للنص السردي العربي الممكن والذي سيوظف وسيطاً جديداً غير الكتابة فجاء اهتمامي بما اسميه بـ''السرديات التفاعلية'' تطويراً للسرديات التي اشتغلت بالنص الأدبي المكتوب أو الشفوي· ؟ مرحلة التأثر النقدي بمفاهيم ''باختين'' هل تجاوزها النقد العربي أم لا يزال يراوح على تخومها؟ ؟؟ النقد العربي في رأيي عندما اكتشف باختين تعامل معه ببساطة وتفاهة نادرتين ويحز في نفسي أن أعمال هذا الناقد العظيم تم تبسيطها إلى حد فظيع فأخذت نتائجه النظرية على أنها فرضيات للبحث وهناك شخص آخر لا يقل في نظري أهمية عن باختين هو لوسيان كولدمان الذي وصف كثيراً ولم يتم التعامل معه بشكل تطويري· لقد أخذت نتائج أعمال هذين الباحثين في الرؤية المأساوية وفي التعدد اللغوي ''بوليفوية'' التي هي وليدة تحليل نصوص لها قيمة خاصة وصارت تعمم على أي نص· ؟ أيهما أقرب لسعيد يقطين النقد النظري أم النقد التطبيقي في معالجاتك المعرفية؟ ؟؟ كمشتغل بالسرديات أرى أن المراوحة بين النظري والتطبيقي جوهرية لأنه حسب تصوري لا نظرية من دون تطبيق ولا تطبيق بلا نظرية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©