السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

سوريا·· الحرب الأخيرة والمفاجأة الأميركية المحتملة

9 سبتمبر 2006 02:33
نيويورك-القدس-بيروت - الاتحاد (خاص): كلام كثير حول آخر الحروب في الشرق الأوسط· هل آن الأوان إذاً، كي يلقي الناس في المنطقة صخرة سيزيف عن ظهورهم بعدما حملوها طويلاً على حدّ تعبير فيلسوف التاريخ البريطاني ''ارنولد توينبي''؟ الذي حدث في لبنان كشف كم أن النتائج كارثية للحرب· ليس المهم هنا مساحة الدمار· مساحة الكراهية أيضاً، حتى أنّ ''مكسيم رودنسون''، المفكر اليهودي الأميركي الشهير ينصح اليهود بألا يدعوا حائط المبكى يستمر في البكاء· لا بد أن يحين الوقت الذي يضحك فيه·· ووراء الستار يحدث شيء ما· همس ديبلوماسي متشعّب، ويصل إلى حدّ الحديث عن مفاجأة أميركية حيال دمشق·· ''الاتحاد'' قرأت التطورات والاحتمالات، وكتبت ما يلي : هل حقاً أنها آخر الحروب في الشرق الأوسط؟ كتب ''توماس فريدمان'': ''كل شيء منهك تماماً، مظلم تماماً''· إذاً، إنه الشرق يبحث عن شروق ما، فالثابت أن مؤتمر يالطا الذي عُقد في فبراير 1945 وحضره كل من الرئيس الأميركي ''فرنكلين روزفلت''، والزعيم السوفييتي ''جوزف ستالين''، ورئيس الوزراء البريطاني ''ونستون تشرشل'' أدى إلى عقد صفقة بين القوى الرئيسية الثلاث في ذلك الحين، ولكي يزرع، في الوقت نفسه، عدداً لا يحصى من القضايا المفخخة في أرجاء العالم· تقريباً، كل المسائل المعقدة، من البلقان، إلى الكاريبي، وصولاً إلى افريقيا التي تتناسل فيها الصراعات، كما لو أن الأمر يتعلق بجدلية البقاء، قد انتهت بصفقة ما· الأزمة الشرق أوسطية لا تزال مفتوحة رغم ملايين الساعات الدبلوماسية التي حملت ''هنري كيسنجر'' على القول، في نهاية المطاف: ''إن أزمة المنطقة ولدت مع الخليقة وتموت مع الخليقة''· هذا على الرغم من أن الدولة العربية الكبرى مصر أبرمت معاهدة سلام مع الدولة العبرية، وقد حذا حذوها الأردن الأكثر تماساً مع الملف الفلسطيني، لا بل انّ الفلسطينيين أنفسهم عقدوا اتفاق اوسلو مع إسرائيل، ودون أن تفضي هذه الخطوات الهائلة التي أعقبت، تباعاً، مؤتمر مدريد في خريف عام ،1991 إلى الإقفال النهائي للأزمة· قرية اقليمية الحرب الأخيرة أظهرت أنه لا العرب ولا الإسرائيليون قادرون على الحرب· المسألة لا تتعلق بمزاجية المقاتلين أو الجنرالات، وإنما باتجاهات الرأي العام· وبعيداً عن الاثارة الايديولوجية التي حلت، وبقوة، محل الرومانسية القومية، فإن غالبية كبيرة من العرب تشعر أنّ الحرب ليست عملية مجرّدة، وذات أبعاد عسكرية وسياسية فقط، بل انها عملية (سوسيولوجية) معقدة، ويفترض الإعداد لها على المستويات كافة، ومع اعتبار المعادلات الاستراتيجية التي تحكم العالم إذا ما أخذنا في الاعتبار حساسية الموقع، إضافة إلى حساسية الناس الذين يتواجدون فيه·· الإسرائيليون يمتلكون تلك الطاقات التكنولوجية الهائلة، كذلك الطاقات الإعلامية والسياسية في عواصم العالم الكبرى· ومع ذلك، بدا كما لو أن القيادات كانت تعاني من الهذيان ليس فقط لأنها بنت خططها على معادلات وقناعات قديمة، بل لقد بدا واضحاً ان الإسرائيليين ''نُفخوا'' بقوة للوقوف إلى جانب الجنرالات، فيما ''الوعي الداخلي''، وعلى حد قول ''عكيف إلدار'' يميل في الاتجاه الآخر: كيف يتحوّل الشرق الأوسط إلى قرية اقليمية؟ لا أحد يستطيع أن يغفل تلك الحقيقة الكبرى، وهي اننا نعيش في منطقة واكبت، على امتداد وجودها، طرازاً آخر من التاريخ، وحيث يتداخل اليومي مع الميتافيزيقي على نحو مثير· هنا مهد الأديان الكبرى، والحضارات الكبرى، وحين نعود إلى ''أرنولد توينبي'' نتوقف عند ملاحظاته هذه: ''هؤلاء الناس -في الشرق- الذين يحملون صخرة سيزيف على ظهورهم''· المؤرخ البريطاني الشهير استخدم هذه الصورة المجازية ليوضح، بعد ذلك، انّ مجتمعات المنطقة توارثت توترات ايديولوجية بعيدة المدى وتترك انعكاساتها على كل أشياء الحياة·· نصيحتي لليهود ولكن ألا يتساءل البعض، وبعد تلك السنوات الدموية الطويلة، ما إذا كان السلام البعيد المدى بين العرب واليهود ممكناً، خصوصاً وأن ''المعطيات الميتافيزيقية'' متعارضة إلى حد كبير؟ ''مكسيم رودنسون'' هو الذي يجيب على ذلك بالقول: ''إن الأبعاد العاطفية والرومانسية، في المنطقة شديدة التأثير، وقد تكون نصيحتي لليهود، وأنا منهم، ألا ندع حائط المبكى يستمر في البكاء'' وهل آن الأوان لكي يضحك؟ السلام ممكن جداً، يضيف ''رودنسون''، إذا قام على التكافؤ، والتفاهم، داعياً إلى ابرام معاهدة تاريخية إذا تخلى الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، فإنها تقيم ''تحالفاً فذاً'' بين العرب واليهود، مشيراً إلى استضافة العرب لليهود في الأندلس، وفي بلدان عربية أخرى، من شأن هذا، في نظره، أن يملأ كل الفراغ الذي ''يسحق'' المنطقة· اذاً، الأحداث الأخيرة أظهرت كم أن العرب سئموا الحرب، خصوصاً وأن من المستحيل، في ضوء الواقع الدولي الراهن، إقامة أي نوع من توازن القوى، فيما الإسرائيليون يقاتلون غرائزياً من أجل بقاء لا يمكن ضمانه بواسطة قاذفات القنابل، فلا مجال البتة لإلغاء الفلسطينيين، ولا مجال البتة لفرض سلام لا يأخذ بالاعتبار ان الذين على الجانب الآخر ليسوا مجرد كمية بشرية، بل انهم مجتمعات لها تاريخها، وثقافتها و··أحلامها· ''ايهود اولمرت'' الذي يترنّح دعا الحكومة اللبنانية إلى إجراء محادثات مباشرة مع حكومته التي لها تفسيرها الخاص لبعض ما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي رقم ··1701 هذا حلم إسرائيلي قديم، ويتجدّد، بأن يكون لبنان الدولة العربية الثالثة التي تعقد معاهدة سلام مع الدولة العبرية· وكان أن ردّ رئيس الحكومة اللبنانية ''فؤاد السنيورة''، رافضاً، بشكل قاطع، ذلك العرض، ومؤكداً أن لبنان سيكون آخر دولة عربية تبرم السلام مع الدولة العبرية· إعادة الجولان لماذا تريد حكومة ''أولمرت'' تحقيق اختراق دبلوماسي على الجبهة اللبنانية، وهي تدرك مدى دقة الساحة اللبنانية وحساسيتها؟ وهل صحيح أنها بذلك الطرح إنما تريد قطع الطريق على اتجاه أميركي (محتمل) لتحقيق اختراق دبلوماسي على الجبهة السورية، إذ أن هناك مَن يعتقد في واشنطن أن سوريا يمكن أن تصبح ''أميركية'' إذا ما أعيدت إليها مرتفعات الجولان·· الفكرة قد لا تكون قد تبلورت في واشنطن، ولكن يتردد أنها انطلقت من لندن أساساً وراحت تنتقل بين العواصم الأوروبية قبل أن تنتقل عبر الأطلسي على إيقاع الغارات الجوّية الإسرائيلية التي كانت تدمّر لبنان بتلك الوحشية الهائلة·· ولقد كان لافتاً في هذا المجال أنّ وزير الخارجية الالماني ''فرانك والتر شتانماير'' الذي كان قد أحجم عن زيارة دمشق عقب الخطاب الأخير للرئيس السوري ''بشار الأسد''، اتصل بنظيره ''وليد المعلم'' للبحث في الأسس التي تؤدي إلى تثبيت وقف النار في لبنان·· مجرد الاتصال، ومن الألمان بالذات، وهم الذين يتحدثون إلى الأميركيين بلهجة الحليف العقلاني، والنزيه، والقوي في آن، له دلالته وسط ذلك الركام من المعلومات التي تقول انّ ثمة مفاجأة أميركية حيال سوريا قد تظهر في الأمد القريب، فالقرار الأميركي هو إبعاد السوريين عن النفوذ الايراني الذي لا ريب أنه لم يعد على تأثيره السابق في ضوء ذلك الوضع الكارثي الذي ظهر في لبنان والذي لا يمكن تكراره ثانية، بعدما استنفد اللبنانيون سيكولوجياً، وإن كانت مقاومة الإسرائيليين قد أخذت أبعاداً خارقة وأحدثت تصدّعاً بنيوياً عميقاً في الحالة الإسرائيلية التي لا شك أنها ستواجه نتائج تلك الحرب لمدة طويلة وعلى كل الأصعدة· في السياق اياه، هل صحيح ما تردد من أنّ السوريين الذين يريدون الخروج من العزلة أو من الحصار (الجيوبوليتيكي بوجه خاص) كانوا يزمعون تحريك جبهة الجولان·· وهذا ما أحدث صدى ما في واشنطن، وفي عواصم غربية أخرى، فكان الاتجاه إلى إعادة إحياء ''الرماد الدبلوماسي'' بين دمشق وتل أبيب· وقيل ان السوريين وُضعوا في الأجواء فتريثوا·· كل الدلائل تؤكد أن مرحلة الحروب العربية- الإسرائيلية قد انتهت· لبنان يدفع الثمن الباهظ دائماً بعدما ظل ما بين عامي 1948 و،1968 بعيداً عن الصراع المباشر مع الدولة العبرية· ولكن قبل أن تدخل المنطقة في السلام الكبير لا بد من ذلك المخاض الدبلوماسي الصعب، إلا إذا حدثت مفاجأة ما في هذه المنطقة التي قد تكون الوحيدة في العالم التي لا تخضع لمنطق معين· دائماً، التاريخ يقرع الطبول·· والطبول يمكن أن تقرع للسلام أيضاً! أورينت برس
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©