الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالله اليماحي يقلب ملف الذكريات ويسرد قصة البدايات

عبدالله اليماحي يقلب ملف الذكريات ويسرد قصة البدايات
1 أغسطس 2011 22:43
ولد عبدالله سيف عبيد اليماحي في أحد الأيام ما بين عامي 1957 و1958، حين كان تحديد الميلاد يرتبط بحدث وليس بوثيقة ميلاد، وهو يتذكر أن الأهل أخبروه أن ميلاده كان في سنة الحريق، حين شب حريق هائل أتى على غالب بيوت مدينة كلباء، وعرف ذلك العام بـ”عام الحريق”، وليس الحريق وحسب ما ميز سنة ميلاد اليماحي حيث وقع إعصار أخرج البحر عن حدوده ليصل إلى مساكن الأهالي ويغرق بعضها، وهو تاريخ ولد خلاله الكثير من رجالات كلباء، الذين احتلوا مناصب عليا. والد اليماحي، رحمه الله، كان إمام مسجد في منطقة السور ولديه ثلاث مزارع، يبدأ يوم الأسرة مع أذان الفجر ولكن في أيام الإجازات، كانت هناك فرصة لقضاء بعض الوقت بعد صلاة الفجر لقراءة القرآن حتى شروق الشمس، وخلال العام الدراسي كان يخرج مباشرة بعد صلاة الفجر للذهاب إلى المدرسة برفقة شقيقة الأكبر، رحمة الله عليه، الذي كان أول طبيب باطنية في الإمارات. اليوم الدراسي ويذكر أنهما كانا يمشيان حوالي أربعة كيلومترات سيرا على الأقدام من أجل الوصول إلى المدرسة، وفي الموسم الذي يصادف فيه بقاء الأسرة في مسكنها في النخيل تصبح المسافة ستة كيلومترات، وبعد انتهاء اليوم الدراسي كانا يتوجهان إلى النخيل، ورغم توفر العمال يحرص الجميع على التعاون من أجل أن يفخر والدهم بهم أمام من يعملون لديه. ويذكر اليماحي أنهم يبقون حتى قرب أذان المغرب وبعد عودتهم من الصلاة في المسجد، يتناولون العشاء ويبدأ كل واحد منهم في مراجعة الدروس وكتابة الواجبات، ثم ينام الجميع عند التاسعة والنصف، وفي أيام الصيف يتحمسون للتلاقي في الفريج الشمالي، الذي أطلق عليه الخالدية، حيث كانت المزارع كثيرة وكثيفة ومساحتها تمتد لتصل إلى قرب البحر. محاسن كلباء ويوضح أن تلك المنطقة كانت تعد مصيفا لقربها من المزارع، وكان الأهالي ينتظرون بحماس وشوق قدوم المصطافين، حيث تمتد الإجازة لمدة ثلاثة أشهر، وأهم ما كان يجذب السياح وفرة المياه العذبة حتى تلك التي تجلب من الآبار القريبة من البحر، فضلا عن أن كلباء تشتهر بألذ ثمار المانجا (الهمبا) والرطب والليمون. ويقول اليماحي إن الإجازة تبدأ ببناء العرش والسبلات، وكل عريش يعد بمثابة غرفة تكفي أسرة كاملة وأمامها تلك السبلة، التي تتيح للأسرة الجلوس تحت ظلها للتبرد بالهواء العليل، وتناول الرطب والقهوة حيث تتجمع تحت كل سبلة مجموعة من النسوة من أهل البيت أو من عدة بيوت، وكذلك للرجال أماكن أيضا إلا أن الترابط والتقارب كان يتيح التقاء مجموعة من النسوة والرجال من عائلات بينها صلة قرابة تحت سبلة واحدة. تلك التجمعات الودية والعائلية، وفق اليماحي، كانت تجمع الأهالي مع ضيوفهم القادمين من إمارات مختلفة خاصة من الشارقة ودبي، وتبدأ اللقاءات في صباح كل يوم حتى يحين الظهر، ثم يتفرق الجميع ولكن ضمن جماعات لتناول الغداء، وكانت الأسر من النوع الممتد حيث يعيش الجدان مع الأبناء والأحفاد. مشاهد من الماضي ويقول اليماحي إن من يعملون في المزارع ومن ذهب إليها في الصباح يبقون لتناول الغداء تحت ظل الأشجار، ويتضمن ذلك تناول الهمبا والرطب، ويطيل الأطفال من البقاء في الأحواض للسباحة بالماء البارد العذب، وخلال كل مرحلة دراسية تمر وتعبر إلى الماضي كان الجميع يكبرون وسط تلك المشاهد والنشاطات، وكبر الجميع وهم يتلاقون صباحا ومساء. وحين تخرج اليماحي من المرحلة الثانوية كان ضمن ثاني دفعة على مستوى كلباء، وكانت كل الاختبارات تصحح في دولة الكويت، وكل الأهالي والطلاب والطالبات ينتظرون سماع النتائج من الراديو حين تبث من الإذاعة. يسرد اليماحي أن الدفعة الأولى من خريجي الثانوية العامة ضمت الدكتور محمود فكري وشقيقه خليفة اليماحي، وقد عمل عبدالله مع شقيقه خليفة وطالبين آخرين على إصدار مجلة للثانوية تحت اسم "الصباح"، نسبة إلى الرجل الذي قدم العلم والعلاج لمواطني الخليج، وهو الشيخ عبدالله السالم الصباح، رحمه الله، وما يزال اليماحي يحتفظ بنسخة من تلك المجلة. التلفاز والكهرباء وعند نهاية الستينيات شاهد اليماحي البرامج التلفزيونية للمرة الأولى، حين اقتنى سعيد عبيد جهاز تلفازا، وكان سعيد أحد جيرانهم المقربين وهو أول من أدخل الكهرباء إلى منزله، ويذكر أنه كان ينوب عن والده كخطيب في صلاة العيد، في المواسم التي يصادف فيها سفر والده لأداء فريضة الحج. ويتذكر أنهم كانوا في أيام الأعياد يركبون سيارة "عريبي" ليذهب الجميع لمشاهدة فيلم "عنتر وعبلة"، ويشير اليماحي إلى أنهم حين اضطروا للتصوير للتسجيل للثانوية، ركب الطلاب مع الدكتور حميد الزري في سيارته الجيب، وأخذهم إلى منزله في الشارقة لأجل التصوير وباتوا في منزله، وكانت بين اليماحي والزري صلة قرابة فهو ابن عمة زوجته. في العام 1974 ابتعث اليماحي في جمهورية مصر العربية لدراسة الهندسة المدنية في القاهرة، لكنه في السنة الثانية لم يكمل لأسباب عائلية طارئة، وفي عام 1979 اختارت له والدته زوجته التي كانت تحثه على إكمال تعليمه، وكان قد سجل لوظيفة في وزارة التربية والتعليم وعمل معلما لمدة عامين، ثم استقال ليتوظف في الداخلية، ومن هناك حصل على بعثة للسفر إلى الكويت، للحصول على البكالوريوس في العلوم الشرطية والقانونية من كلية الشرطة، وحصل على المركز الخامس على الكلية، وبعد العودة نال رتبة ملازم وتأهل للعمل في وحدة مكافحة المخدرات. ويقول اليماحي إنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر اهتزت صورة المسلم في أعين الغرب، خاصة أن وسائل الإعلام لديهم لا تبرز إلا الجانب السيئ لفئات خرجت عن النهج الصحيح، وقد صادف أن سافر اليماحي مع المحامي ناصر الفردان في رحلة إلى سويسرا، وكان مقر السكن في منطقة ريفية بعيدة، وذات يوم رغبا في الذهاب إلى منطقة أخرى فقاما باستئجار سيارة أجرة. وكانت الطريق طويلة ومخيفة وقد أصيبا بالقلق فما كان من أحدهم إلا أن سأل السائق إن كانت هناك دوريات شرطة تجوب هذه الشوارع، فلاحظا أن الرجل ارتبك وتغيرت ملامح وجهه، حيث اعتقد أنه ربما يكون مهددا لكونه يقل عربيين، ولكن عندما وصل بهما إلى الوجهة أخبرهما بما كان يدور في نفسه من خوف، وأنه لم يكن مطمئنا؛ فضحكا معه وقدما له إكرامية، وشرحا له أن الإسلام دين محبة وتسامح وأخلاق كريمة. أكبر اليماحي في زوجته أم خالد وقوفها معه لتربية الأبناء خلال كل الفترات الطويلة التي قضاها خارج المنزل، حين كان ضابطا في وحدة مكافحة المخدرات، وكان عمله يقتضي بقاءه ليالي كثيرة للمراقبة والبحث عمن يحاولون تدمير الشباب، ومن يتسترون خلف المروجين، واليوم من بين أبنائه الضابط والمهندس، ولا يزال هو رئيسا للمجلس البلدي في مدينة كلباء منذ عامين، وهو يعمل كل يوم من أجل أن تبقى مدينته كما هي مدينة خير وكرم وأصالة. من الذاكرة بقي عبدالله اليماحي في العمل الشرطي مدة عشرين عاما وخلال تلك السنوات كان يحرص على السفر من أجل الراحة، وكانت متعته أن يكون برفقة زوجته وأبنائه، وما تزال الوجهة المفضلة تركيا خاصة أنها دولة إسلامية، حيث يجد من خلالها الراحة النفسية والترحاب، ورغم أنهم قضوا إجازات في النمسا وألمانيا ولكن كانت أكثر الرحلات متعة في تركيا. وكان عمل اليماحي يقتضي بقاءه ليالي كثيرة للمراقبة والبحث عن من يحاولون تدمير الشباب, ومن يتسترون خلف المروجين, واليوم من بين أبنائه الضابط والمهندس, ولا يزال عبدالله رئيسا للمجلس البلدي في مدينة كلباء منذ عامين.
المصدر: كلباء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©