الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوله رحمة

1 أغسطس 2011 22:59
ذكرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأهمية شهر رمضان على الصائم، فهو كل الخير والبركة والنجاة، جمع بين خيري الدنيا والآخرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ”. هو شهر الرحمة لأن الصائم يستشعر فيه إنسانيته ويدرك قيمته وأهميته، فهو عبد لله يتحرر من كل مظاهر العبودية لغير الله تعالى، ويتجرد من كل ألوان الاسترقاق للشهوات ومطالب النفس، ويخلص الولاء لله تعالى بقوة عزيمته وراسخ إرادته، يقول تعالى في الحديث القدسي: “يترك الطعام وشهوته من أجلي ويترك الشراب وشهوته من أجلي”، شهر يحقق المسلم فيه نصراً على أقرب عدو له، نفسه الأمارة بالسوء، ليس ينتصر عليها بترك الممنوعات بل بترك المباحات من أجل مرضاة ربه، وهي أولى رحمات رمضان بالإنسان. وهو شهر الرحمة، رحمة الإنسان بنفسه، يراجع فيه نظامه الغذائي، فيقتنع بأن الصيام أفضل وسيلة للحفاظ على اللياقة البدنية والسلامة من الأمراض بسبب الأكل غير المنتظم. ومن مقاصد الصيام في شهر رمضان تعويد المسلم على الاقتصاد في الاستهلاك بترك الإسراف والتبذير وسلوك مسلك الاعتدال والتوسط في الإنفاق، وعدم تتبع شهوات البطن إلى حد التخمة في ليل الصيام، فيتدارك في طعام إفطاره وسحوره أضعاف ما فاته في يومه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍه بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ” (سنن الترمذي، 200/9). وهو شهر الرحمة، رحمة الإنسان بأخيه الإنسان، يشاركه آلامه وأحزانه، فيحاول التخفيف منها ويقضي حوائجه فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان معتكفاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فآتاه رجل فسلم عليه ثم جلس، فقال له ابن عباس: يا فلان أراك مكتئباً حزيناً قال نعم يا ابن عم رسول الله لفلان علي حق لا ولحرمة صاحب هذا القبر ما أقدر عليه. قال ابن عباس: أفلا أكلمه فيك؟ قال إن أحببت. قال: فانتعل ابن عباس ثم خرج من المسجد، فقال له الرجل: أنسيت ما كنت فيه؟ قال لا ولكني سمعت صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم والعهد به قريب، فدمعت عيناه وهو يقول: من مشى في حاجة أخيه وبلغ فيها كان خيراً من اعتكاف عشر سنين، ومن اعتكف يوماً ابتغاء وجه الله تعالى جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق أبعد ما بين الخافقين (شعب الإيمان). وهو شهر الرحمة، رحمة الله بعباده الصائمين بالعفو والتجاوز والتسامح، فرحمة الله ليست كرحمة البشر، إذ هي رحمة عامة شاملة لكل من أراد أن ينعم بآثارها، فكل ذنب ارتكبه الإنسان، لا يقضي عليها بقتل اليأس، ولكن يفتح لها أبواب الرجوع ومسالك الأوبة إلى الله، يوجه المذنب إلى السلوك الراشد والمنهج القويم، بأن ما ينشده من رحمة هو تابع لتحول في سلوكه وانصراف عما كان عليه، فالإسلام يفتح بالرحمة باب الأمل والرجاء، قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) “الزمر، 53”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©