هل خطر على بالك ان تتساءل لماذا كلما غضب احدنا او ارتعب،يحضر كوب الليمون المحلى على الفور؟ ولماذا كلما ارتفع الضغط، حضر كوب الكاركاديه الأحمر؟ ولماذا تشعر المرأة عند اقتراب العادة الشهرية انها بحاجة الى الشوكولاته؟ الطعام له علاقة مباشرة بالمزاج···هذه حقيقة مثبتة· بعض أنواع الطعام والشراب تحسن المزاج بالتأكيد وبعضها يعكره· كيف؟
إعداد- مريم أحمد:
في الدماغ البشري إفرازات هرمونية، تُعْرَف بالإندورفين، وظيفتها نقل الرسائل من الخلايا العصبية إلى جميع أجزاء الجسم· هناك نوعان من تلك المواد، التي ثبت أنها المسؤولة عن تقلبات المزاج البشري· هاتان المادتان تعرفان علميا وطبيا باسم ''السيروتونين''، و''النوربينفرين''· والجدير بالذكر أن الجسم يعمل على إنتاج وإفراز تلك المادتين اعتمادا على الغذاء المُتَناوَل، مما يعني أن بإمكاننا التحكم وبطريقة مباشرة بمستويات تلك المواد في الجسم، وذلك من خلال تناول أطعمة معينة دونًا عن غيرها· وبالتالي السيطرة على تقلبات المزاج العَكِر·
تحسين المزاج
تم التوصل من خلال الدراسات والبحوث العلمية إلى أن لنوع الغذاء الذي يتناوله الإنسان تأثيرا واضحا وهامًّا على تحسين المزاج، ويتم ذلك عندما يكون مستوى السيروتونين والنوربينفرين منخفضا قبل تناول الطعام· وليست لكمية الطعام المتناول صلة من بعيد أو قريب بشعور الإنسان بالسعادة، لكن للأمر صلة بمسألة تجنب تقلبات المزاج، وتعكره بفعل انخفاض نسبة تلك المواد في الجسم·
ارتفاع نسبة السكر
يُذكر أن المصدر الرئيسي للأنْدورْفين المسؤول عن تحسين حالة المزاج هو المواد الغذائية الكربوهيدراتية الغنية بالسكر· ولذلك تشعر بعض النساء بالسعادة بعد تناول الحلويات والشوكولاته· ومن الأطعمة الأخرى التي تمنحنا شعورا بالسعادة العسل، والمربات، الخبز الأبيض، المعكرونة، حبوب الإفطار المُحَلاّة، والأرز الأبيض·
المشكلة هي أن الجسم يمتص المواد السكرية بسرعة فائقة، ومن ثم يتسبب هذا التدفق المفاجئ للسكر في الدم في ارتفاع سريع في معدل إفراز السيروتونين، ومن ثم تعديل المزاج وتحسنه· لكن ولسوء الحظ، يظهر تأثير ثانوي جانبي سلبي لزيادة نسبة السكر في الدم، ألا وهي زيادة إفراز هرمون الأنسولين، وهو الهرمون الذي يفكك جزيئات السكر ليتمكن الجسم من امتصاصه· وفي حال كان هناك ارتفاع مفاجئ في مستوى سكر الدم، يقوم الأنسولين بتفكيكه مباشرة، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى انخفاض في مستوى الإندورفين، وبالتالي يتعكر المزاج مجدداً·
والجدير ذكره أن بعض النساء يتأثرن سلبا بتلك التفاعلات الحيوية التي تحدث في الجسم، فعدم توازن مستويات الإندورفين يجعلهن سريعات الانفعال والتأثر، كما يجعلهن مزاجيّات، وعِدائيات أحيانا· وهذه الفئة من النساء يجب ان تتجنب تناول جميع الأطعمة الغنية بالسكر، لكن قد يبدو ذلك تدبيرا وقائيا مبالغاً فيه·
من ناحية أخرى، يذكر أن مادتي السيروتونين والنوربنيفرين لا يصنعهما الجسم من المواد الكربوهيدراتية والسكرية فحسب، بل يتم انتاجهما كذلك من عدد من الأحماض الأمينية التي تُعَدّ الأطعمة البروتينية من المصادر الغنية بها· وتشير نتائج الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يعانون من نقص في مستوى تلك الأحماض، هم أكثر عرضة للمزاج العَكِر، والمتقلّب، وللاكتئاب المزمن في بعض الأحيان· وبناءً على ذلك، يجب الحرص على اتباع نظام غذائي متوازن، متنوع، وصحي بهدف تجنب تعريض الجسم لنقص مستويات السيروتونين والنوربنيفرين·
وجبات صحية
يجب النظر للطعام على أنه وسيلة لتقوية الجسم وإمداده بالطاقة والحيوية· وبالتالي يجب اختيار النظام الغذائي المتوازن الغني بمجموعة متنوعة من الخضراوات والفواكه، والحبوب الكاملة، وبعضا من اللحم، الأسماك، والدجاج، ولا ننسى منتجات الألبان· ولن يَضُرّنا لو تناولنا قطعة من الشوكولاته، والكعك، ففي النهاية هي مواد تمنحنا شعورا بالسعادة· لكن يجب تناولها مع مواد غذائية أخرى غنية بالألياف لمنع مشكلة ارتفاع نسبة الأنسولين في الدم· أو يمكن تناول مواد غذائية سكرية وغنية بالألياف في آنٍ واحد، كالفواكه· ومن الأطعمة التي تحسّن المزاج نذكر الخضراوات والفواكه، الأسماك، المكسرات، ومنتجات الألبان قليلة الدسم، بياض البيض، والحبوب الكاملة· أما الأطعمة التي تسبب تعكرا في المزاج، فمنها المشروبات الغنية بالكافيين كالقهوة والشاي، والمشروبات الغازية·
الجدير بالذكر أن المنبهات والمشروبات الغنية بالكافيين تسبب تقلبا كبيرا في المزاج، كما أن الكافيين يكون سبباً للإصابة بالصداع· علاوة على ذلك، يذكر أن الكافيين يتسبب في فقدان الفيتامينات والأملاح المعدنية من الجسم·
ولا شك في أن لممارسة التمارين الرياضية المنتظمة فوائد صحية جمة على الجسم، كما أنها في الوقت نفسه تمنح الفرد إحساسا بالرضا والفرح· ليس هذا فحسب، بل تساعد الجسم أيضا على إفراز مادة الإندورفين المسؤولة عن تحسين المزاج·
عدد اليوم
