الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فريج» كرتون يحاور الواقع ويعيد صياغته

«فريج» كرتون يحاور الواقع ويعيد صياغته
1 أغسطس 2011 23:03
على لائحة البرامج التلفزيونية التي يرجح أن يكون لها نصيب مميز من اهتمام المشاهد في الموسم الرمضاني الحالي، ثمة خانة يشغلها البرنامج الكرتوني المميز “فريج”، المتوقع عرضه على قناة “سما دبي”، لا سيما أنه قد تخطى كونه عملاً تلفزيونياً تقليدياً، ليصبح جزءاً مساهماً في تكوين الشخصية الإبداعية الإماراتية خاصة، والخليجية عامة. ثمة الكثير من عوامل التمايز التي أمكن العمل أن يجسدها على امتداد أجزائه الثلاثة السابقة، بدءاً من طبيعته التقنية الرائدة، والمتشكلة من مشهدية كرتونية ثلاثية الأبعاد، هي باكورة النتاج الشرق أوسطي على هذا الصعيد، وصولاً إلى تكريس نماذج لشخصيات مبتكرة، بقدر ما هي مستخلصة من صميم الواقع المعاش، مروراً ببناء سردي وحدثي متوائم مع الواقع، في الوقت الذي ينحو العمل بإصرار نحو تجاوز إطاره المرسوم والمحدد، سعياً وراء صياغة مشهد متكامل ينطوي على كل ما تزخر به الحياة اليومية، ويستدعي ما ينقصها أيضاً لتقفل الدائرة على تكامل منشود، هو الهدف الحقيقي من أي مقاربة إبداعية للواقع المعاش. مقاربة يقاس نجاحها بمدى قدرتها على الاقتراب من التكامل المشار إليه، أو السير بمحاذاته. حوار مع الظروف يحضر الجزء الرابع من “فريج” بعد توقف لموسمين كاملين أملته دواع اقتصادية، وهو سيتابع مساره المألوف في طرح الإشكاليات المتأتية من الاصطدام البديهي بين الواقع القائم والآخر المنشود، يجري كل ذلك في قالب من التبسيط غير المخل، ويتشكل على ألسنة أربع سيدات يعشن في حي منعزل في مدينة دبي بكل ما تحمله من تواصل بين المعاصرة والتقليد، يختلفن في الكثير من السلوكيات والأداء، لكنهن يتوافقن في إقامة حوار مع الظروف المحيطة بهن، والتي هي صاحبة الدور الأساس في تشكيل مواقفهن حيال التطورات المستجدة. “أم سعيد”، “أم سلّوم”، “أم علاوي”، و”أم خمّاس”، أربع عجائز يطمحن لأن يعشن حيواتهن بالقدر المتاح من الرغد والطمأنينة، لكنهن يصدمن بتداعيات التطور السريع، وبما ينتج عنه من مفارقات اجتماعية، يجدن صعوبة في التمفصل معها، بقدر ما يواجهن مشكلة في التغاضي عن حقيقة وجودها، ينتهي بهن الأمر إلى محاولة ابتكار الحلول اعتماداً على قدراتهن الخاصة، وما يتيحه سجل تجاربهن المؤصلة في مكان، والمهجنة في آخر، طبعاً لا يمكن لحراك بهذا القدر من التناقض إلا أن يكشف عن نتائج طريفة في مفارقاتها، بقدر ما هي بليغة في استنتاجاتها. بطلات عجائز “أم سعيد” هي العجوز الأكبر سنّاً بين صديقاتها الثلاث، وهو ما يجعلها الأكثر حكمة ورزانة، تميل إلى إلقاء الشعر، وإلى ترصيع أحاديثها مع صديقاتها بالأمثال الشعبية القديمة التي استمدتها من تجاربها المتعددة، هي امرأة قصيرة القامة، لكنها تتمتّع، منذ الصغر، بروح الفكاهة حتى صارت مضرب المثل في استدرار الضحك، كذلك هي مدمنة على القهوة التي ترى فيها رفيقة أيامها الطوال، خاصة انها تساعدها على البقاء يقظة متنبهة إلى ما يدور حولها من أحداث. وبالنسبة لـ”أم خمّاس” فيصعب مخاصمة هذه المرأة التي تتمتع، برغم السنين، بحيوية فائقة، وهي أمكنها أن تظل على قيد الفعالية الاقتصادية بعد ترملها للمرة الثالثة، حيث استغلت خبرتها الطويلة لتقيم مطبخاً شعبياً يلقى نتاجه رواجاً وقبولاً من الذواقة الذين يحفظون للقديم قيمته. كذلك هي أنشأت فرقتها الموسيقية الشعبية لتحفظ عبرها التراث الفلكلوري. أما “أم علاوي” فهي تتميز بطول قامتها، وأيضاً بوفرة مخزونها الثقافي، لذلك هي تحمل معها إلى صبحيات التسلية مع رفيقاتها جهازها المحمول وهاتفها المتحرك، والأمر أكثر من مجرد استعراض. فأم علاوي تتعامل مع البورصة، وعليها متابعة أوضاع الأسهم التي لا تستقر على حال. كذلك هي تعمد إلى قراءة الكتب المتخصصة التي تساعدها على استقراء أحوال السوق، والتحضر لتقلباته المباغتة. تبقى “أم سلوم” المتميزة بطيبة قلبها، وبكونها معرضة لحالة متفاقمة من النسيان، ما يدخلها في حالة تشبه الهذيان الكلامي التي تدفع باقي العجائز للشعور بالضيق حيالها. جدل واقعي هكذا على هذا النسق من الأداء تسير حلقات “فريج” التي تمتد الواحدة منها على مساحة زمنية لا تتجاوز الخمس عشرة دقيقة، لكنها تكفي لمواكبة الوقائع المستجدة بجرعة مكافئة من السخرية والمتعة، حيث يتفاعل العمل مع الواقع تأثراً وتأثيراً، أي أنه لا يكتفي بأن يأخذ من هذا الواقع بعض مفارقاته فقط، بل هو يمنحه أيضاً ما يجعله أكثر قابلية للاحتمال. عودة واثقة من جانبه يقول محمد سعيد حارب، مخرج العمل، إن “فريج” اعتاد أن يستقطب نسبة عالية من المشاهدة في المواسم الرمضانية السابقة، وهو يأمل أن يستمر على نهجه في الموسم الحالي، معرباً عن أمله في أن تكون عودته بعد عامين من الغياب تحمل الجديد الذي يرضي مشاهدين افتقدوه بغيابه، ولم يفوتوا فرصة دون المطالبة باستعادته مجدداً. عن الشخصيات الجديدة التي تمت إضافتها للعمل يوضح محارب: هناك شخصية شمة، التي تجسدها الفنانة المتألقة هدى الخطيب، وهي عبارة عن سيدة مجتمع من الطراز الرفيع، امرأة فقيرة المنشأ، أرادت لها الظروف أن تتزوج من رجل أعمال ثري، وقد آثرت، بعد تغير ظروفها المادية، أن تسكن الحي نفسه الذي ولدت فيه، وأن تنضم للعجائز الأربع اللواتي يشكلن البنية الرئيسية للمسلسل، ومن البديهي أن تجسد شمة دور المرأة حديثة النعمة التي تشي تصرفاتها بحقيقة وضعها، ما يجعل سلوكها مصدراً لمفارقات شتى. ويؤكد محارب أن الفرصة متاحة دوماً لإضافة نماذج إنسانية مختلفة إلى فريق العمل، ذلك أن المجتمع هو آلة إنتاج لا تنضب للشخصيات الإنسانية المثيرة للجدل، والتي تحتمل أن يبنى على سلوكها الغرائبي الكثير من الاحتمالات المدهشة. في ثوب جديد لا ينفي المخرج محمد سعيد حارب أن فترة التوقف التي خضع لها العمل قد أثارت في نفوس القيمين عليه خشية من أن يكون جمهور المشاهدين قد حذفه من الذاكرة، لكن الواقع أتى مخيباً للمخاوف، إذ شهدت مرحلة التوقف إلحاحاً جماهيرياً لافتاً، تمثل عبر طلبات متواصلة في استعادة العمل التلفزيوني، كذلك يؤكد محارب أن الفترة المشار إليها كانت ضرورية بالنسبة لفريق الإعداد كي يعيد صياغة أفكاره وتوجهاته بحثاً عن فرص ارتقاء بالعمل نحو مكانة أفضل وثوب جديد، وهذا ما يجزم بأنه متحقق في الجزء الرابع من “فريج”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©