الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

اضطراب في الأسواق العالمية للنفط

اضطراب في الأسواق العالمية للنفط
10 سبتمبر 2006 01:36
إعداد - عدنان عضيمة: خلال العام الماضي، توقع تقرير صادر عن مراجع عالمية خبيرة أن يرتفع سعر برميل النفط إلى نحو 100 دولار· ولقد وصف البعض واضعي هذا التقرير بأنهم ليسوا أكثر من أناس يبحثون عن التعامل مع العناوين الطنّانة· وربما يكون الأمر كذلك؛ إلا أن الدلائل على اقتراب أقوالهم من التطابق مع الحقيقة سرعان ما بدأت تظهر للعيان بعد أن اقترب سعر برميل خام برنت كثيراً من حاجز الـ80 دولاراً في مطلع شهر أغسطس الماضي مما عزز الفرضيات التي تشير إلى أن التوقعات الواردة في ذلك التقرير لم تكن بعيدة تماماً عن واقع الأحوال· ويبدو وكأن الأسعار أصبحت تدور في فلك (السبعينيات) منذ بداية الصيف الماضي فيما يعاني التجار من قلق متواصل بسبب التوترات السياسية المتكررة قريباً من مناطق الإنتاج الرئيسية· وتغذي هذه التوترات في بعض الأحيان المخاوف من احتمال حدوث انقطاع تام أو جزئي في الإمداد· وكان لأحداث مفاجئة سجلت في هذا الشأن، مثل التوقف المؤقت لضخ النفط عبر الأنبوب الروسي، والحرائق التي شبّت في خزانات النفط في المملكة المتحدة، والإعلان عن احتمال استمرار إغلاق الحقول الأكثر إنتاجاً للنفط في الولايات المتحدة، أن تعزز هذه المخاوف· وتنقل ''ميد'' في عددها الذي يصدر اليوم عن جيوف باين المحلل في بنك (إيه بي إن أمرو) قوله: ''لا شك أن السوق الراهنة باتت شديدة التأثر بالأخبار السياسية· واصبح افتقاد أوبك لأية طاقة إنتاجية احتياطية، السبب الأساسي لاستمرار الوضع الراهن؛ وهو يفتح الأبواب أمام الكثير من الأخطار الجيوبوليتيكية''· وكما جرت عليه العادة، فإن الأنظار كلها تتجه إلى الشرق الأوسط من أجل تقييم الأوضاع الراهنة· ولقد كان وقوف المجتمع الدولي ضد سعي إيران لبناء منشآت تخصيب اليورانيوم وراء احتمال ارتفاع الأسعار عما كانت عليه خلال الأشهر الماضية· وكتب لهذا الملف الشائك أن يزداد تعقيداً وتشابكا· وكان القرار 1696 أمهل طهران حتى 31 أغسطس الماضي للإعلان عن التزامها بالمطالب الدولية لوقف مشاريع التخصيب وإلا فإنها ستتعرض للعقوبات الدولية، وهو القرار الذي عارضته دولة قطر وحدها· ولقد فات موعد الإنذار النهائي دون أن تعلن إيران عن التزامها بتنفيذ القرار مما زاد من حدة التوتر السياسي العالمي وخلق قلقاً جديداً في أسواق النفط· وكان مما عقّد الأمور أكثر أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أعلن الأسبوع الماضي، عقب انتهاء مدة الإنذار، عن افتتاح مصنع (آراك) الجديد للماء الثقيل· مخاوف المستهلكين وينقل تقرير ''ميد'' عن باين قوله: ''تتركز معظم المخاوف التي تعتري الأسواق من احتمالين يتعلقان بإيران: أن تعمد إلى وقف عمليات تصدير نفطها، أو تغلق مضيق هرمز في وجه السفن الداخلة إلى الخليج العربي والخارجة منه، مما سيؤدي إلى انسداد القناة الرئيسية لتصدير النفط إلى الدول المستهلكة· إلا أن الاحتمال الثاني يبدو ضعيفاً جداً؛ ويعود ذلك لعدة أسباب من أهمها أن طهران ستخسر في هذه الحالة عائداتها النفطية البالغة 4 مليارات دولار كل شهر، وتعد هذه ضربة كبيرة موجهة للرئيس محمود أحمدي نجاد الذي يسعى إلى تعزيز شعبيته من خلال برنامج زيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع الاجتماعية· ومن ناحية أخرى، وطالما أن إيران تستورد الآن أكثر من ثلث استهلاكها من البنزين بسبب ضعف طاقة محطات التكرير فيها، فإنها ستعاني من دون شك من انقطاع الواردات الغربية إليها من هذه المادة الحيوية· ويضاف إلى كل ذلك أن لجوء دول أوبك إلى استخدام الطاقة القصوى من مخزونها النفطي المعد للتصدير والذي يعادل صادرات إيران لمدة سنتين، سوف يضعف من تأثير القرار الإيراني· وكان من أسباب زيادة قلق تجار النفط العالميين خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين، هو الاندلاع المفاجىء للحرب بين إسرائيل وحزب الله وما رافقها من مخاوف من أن تتحول إلى حرب إقليمية شاملة· إلا أن أسعار النفط ما لبثت أن بلغت حالة الاستقرار بمجرد التوصل إلى اتفاق بوقف إطلاق النار· وأما فيما يتعلق بتأثر الأسواق العالمية للنفط بأحداث العراق، الذي يعد البقعة الحارة الثانية في منطقة الخليج العربي، فلقد شهد تحولاً كبيراً· وسجلت الصادرات العراقية رقماً قياسياً خلال شهر يونيو الماضي عندما وصل الإنتاج إلى 2,3 مليون برميل في اليوم· ويعود ذلك بشكل أساسي لاستمرار أنبوب التصدير الشمالي بالضخ لفترة طويلة من دون أن يتعرض لعمليات التفجير المتكررة من معارضي غزو العراق· وتبلغ طاقة التصدير عبر هذا الخط 750 ألف برميل يومياً وهو ينقل النفط إلى ميناء جيهان التركي· ولكن، بدا مؤخراً وكأن هذا الوضع لن يدوم طويلاً حيث تعرض الأنبوب من جديد لعدة هجمات خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين مما أدى إلى توقفه عن الضخ· ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن تجدد دورات العنف في العراق أصبح العائق الكبير الذي يتحدى كل مشاريع إعادة تأهيل قطاع الإنتاج النفطي في العراق· وعلى بعد بضعة آلاف الأميال، نجد أن نيجيريا التي تعد من كبار المنتجين العالميين للنفط، تعاني بدورها من المشاكل السياسية التي تعرقل وصول نفطها إلى الاسواق العالمية· وفي الضفة الأخرى من الأطلسي، يبدو أن المشاكل التي يعاني منها القطاع النفطي كثيرة إلا أنها ذات أسباب تقنية وطبيعية لا سياسية· ومن ذلك مثلاً التصدع الذي شهده أنبوب خليج برودهو في آلاسكا بسبب التآكل والصدأ مما أدى إلى إيقاف الإنتاج لعدة أشهر، والتوقف عن إنتاج وتكرير النفط في خليج المكسيك بسبب إعصار كاترينا· عطش الأسواق ويلخص التقرير الذي نشرته ''ميد'' هذه الأوضاع التي تعاني منها أسواق النفط في الوقت الراهن بالإشارة إلى أن أي انقطاع في الإمداد بشكل كلي أو جزئي ولأي سبب من الأسباب المذكورة آنفاً، يمكن أن يؤدي إلى نتائج خطيرة طالما أن الأسواق النفطية أصبحت الآن على مقربة من الطاقة الإنتاجية الاحتياطية القصوى للدول المصدرة· وفيما يتعلق بسعي كبريات الدول المصدرة للنفط لزيادة إنتاجها، يشير التقرير إلى أن الامارات العربية المتحدة و المملكة العربية السعودية تستثمران أموالاً طائلة لزيادة طاقتهما الإنتاجية· وتستهدف الرياض إنتاج 12,5 مليون برميل في اليوم بين عامي 2009 و2010 فيما تسعى الإمارات لإنتاج 3,5 مليون برميل في هذا الموعد ذاته· وكان من بين أهم العوامل التي زادت من مخاوف الأسواق العالمية هو التوقعات المتعلقة بالتزايد المضطرد في الطلب على النفط خلال عام ·2007 وكثيراً ما تراجعت الوكالة الدولية للطاقة التي يوجد مقرها في باريس عن أرقام سابقة تتعلق بنمو الطلب العالمي لعام 2006 لتعوّضها بأخرى جديدة؛ وأحدث ما توصل إليه خبراؤها في هذا الصدد الشهر الماضي هو 1,2 مليون برميل في اليوم· ومن المتوقع أن تبلغ هذه الزيادة 1,3 مليون برميل في اليوم العام المقبل بسبب الشهية المتزايدة لآلة التنمية الصينية لمصادر الطاقة· وكان صندوق النقد الدولي أشار في تقرير نشر مؤخراً إلى أن كل ارتفاع دائم في أسعار النفط الخام يبلغ 5 دولار للبرميل يمكن أن يخفّض معدل نمو الناتج القومي الإجمالي العالمي بمقدار 0,3 بالمئة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©