جبل الكور..إطلالة على عمق التاريخ وثراء الطبيعة

عند زيارة جبل الكور الشامخ سيرى السائح صوراً عديدة تبهج النظر من قمم الجبل وشلالات المياه الغزيرة والغطاء النباتي المتنوع والقرى الزراعية بأشجار النخيل الوارفة الظلال والوديان التي تشق مجراها وسط الجبال منحدرة إلى أسفل الجبل في صورة ولا أروع منها خاصة أوقات هطول أمطار الخير، إلى جانب منظري شروق وغروب الشمس، إلا أن الصورة التي سترسخ في ذهنه ولفترة طويلة جدا هي صورة سكان هذا الجبل الذين قاموا بتحويل الطبيعة الصعبة والتضاريس القاسية لمصلحة الاستقرار وقيام أنشطة اقتصادية منتجة. دهاليز الجغرافيا يقع جبل الكور في ولاية بهلاء في أقصى شمال غرب الولاية وهو من قمم الجبال التي تقع في سلسلة جبال حجر عمان، وضمن سلسلة الحجر الغربي وقمة جبل الكور تفصل بين محافظتي الداخلية والظاهرة، ويبلغ ارتفاع أعلى قمة في جبل الكور 2713 متراً عن سطح البحر وأعلى في جبل الكور يعرف باسم «حيل سلمان». وتتوزع القرى جغرافيا على قمة جبل الكور وفي السفوح الشرقية والغربية للجبل، وأيضاً تتوزع تلك القرى إدارياً على ولاية بهلاء بمحافظة الداخلية وولاية عبري بمحافظة الظاهرة. ومن الناحية الإدارية تتبع أغلب قرى الجبل في السفح الشرقي والغربي وقمة الجبل ولاية بهلاء بمحافظة الداخلية بينما قرية عملا من السفح الغربي للجبل تتبع إداريا ولاية عبري بمحافظة الظاهرة. وعلى قمة جبل الكور وفي السفوح الشرقية والغربية تجد نفسك في سفر عبر التاريخ، ترى تاريخاً قديماً وعريقاً شاهداً على أحداث تاريخية وحقب زمنية ثرية بالأحداث، وترى أيضاً قرى قديمة بأسوارها وأبراجا وقلاعاً حصينة نقشت في جنبات وأعالي الجبل، هي مضرب المثل في القوة وبالطبع في براعة الأجداد في العمران. وليس ببعيد أيضا هناك البيوت القديمة وأحواض المياه التي تختزن الماء لفترات الجفاف في وجه آخر للإبداع في الفنون والعمارة المدنية، وهناك أيضاً مخازن بدائية لتخزين الغذاء ربما تكون تطبيقا عمليا قديام لمفهوم الأمن الغذائي منذ الأزل. وفي بعض الجبال نقوش وكتابات على الأرجح هي لغات شرقية ونقوش قليلة باللغة العربية تحكي عن الماضي العريق لهذا الجبل الشامخ، وتعبر عنه بطرق قد تكون بدائية ولكنها تحمل الكثير من المعاني والصور الجمالية. وتنوع الجغرافيا في جبل الكور تشبه الدهاليز حيث من قرية إلى أخرى ترى التنوع الكبير في المعالم الجغرافية من الجبال وتضاريسها وارتفاع ووعورة تلك الجبال والمنعرجات. ثروة نباتية يتمتع جبل الكور بتنوع كبير في الغطاء النباتي فهناك الأشجار المعمرة والنباتات البرية والأعشاب في تنوع طبيعي في مختلف قرى الجبل في صورة أشبه ما تكون بالمتحف الطبيعي، وخارج القرى أيضا وفي أنحاء الجبل من قمته إلى سفح الجبل وفي البيئة الطبيعية للجبل ترى تنوعاً نباتياً واسعاً فهناك نباتات الشوع والظفرة والياس والجعدة والعلعلان والضجع والسقل واللبان. وفي جبل الكور يوجد فاكهة التوت البري الذي يعرف محليا باسم (البوت) والذي له فوائد عديدة صحيا وتمتاز بلذتها وهناك أيضا الزيتون البري الذي يعرف محليا باسم (العتم) والصبار وأشجار السمر وأشجار السدر(النبق)، بالإضافة إلى الورد وبعض الزهور البرية بدرجة أقل. أما الحيوانات التي تتواجد في الجبل فهناك الطيور بمختلف أنواعها وأحيانا تعبر أسراب من النسور في أعالي الجبل وبعض الصقور بأنواعها المختلفة تحط على الأشجار بين فترة وأخرى. وكان في فترة زمنية بعيدة سجل وجود لبعض الثعالب والذئاب لكنها قد تكون اختفت من الجبل بسبب قلة الطرائد ولتحول الأهالي في طرق تربيتهم للثروة الحيوانية في حظائر حديثة ما قلل من فرص افتراس الحيوانات كالماعز والغنم، ولامتداد العمران في بعض أنحاء قمـة الجبل دور في تقييد حركة الحيوانات المفترسة كالثعالب والذئاب. أودية الجبل خريطة جبل الكور تقطعها العديد من الأودية والتي تجري بقوة على السفوح الشرقية والغربية للجبل وتندفع بقوة وتصل إلى أماكن بعيدة. وفي السفوح الشرقية نجد أودية سنت والذي يعرف أيضاً باسم الوادي السنتي وأودية صنت وشديت والعمقاني والجبيل والرحبة والغويل والحمية والسقلة والصوير. وفي السفوح الغربية للجبل هناك أودية: دن الغربي ومعول والميس والحويرة ومابص وخريم وشرجة وهوب. وأودية جبل الكور هي المقياس لمعرفة مدى غزارة الأمطار فمتى ما كانت أمطار الخير غزيرة انعكس ذلك على جريان الأودية، فغزارة جريان وادي الغافات الشهير يعني أن الأمطار في قمة ومنحدرات جبل الكور هطلت بقوة والحال نفسه في السفح الغربي للجبل فجريان وادي معول ووادي دن الغربي يعني أن المطر غزير على قمة جبل الكور. إلى جانب الأودية توجد شلالات مياه تدهش الزوار خاصة بعد فترة هطول الأمطار حيث تدفقت تلك الشلالات بقوة بعد الأمطار التي هطلت خلال شهر أبريل من العام الجاري مكونة صور مدهشة ورائعة لانسياب المياه من أعالي الجبل. تمثل الزيارة إلى جبل الكور في ولاية بهلاء بمحافظة الداخلية بسلطنة عمان، سفر في أفق التاريخ العريق وتنوع الجغرافيا واتساع الطبيعة، حيث يقف الجبل شامخاً يحكي قصة إبداع الإنسان في تسخير مقومات وموارد بسيطة لأجل الاستقرار والسكن والقيام بالنشاط الاقتصادي من زراعة وتربية الثروة الحيوانية في صورة تعبر عن عزيمة وإصرار أهالي هذا الجبل الشامخ على مدى الأجيال وصلابة إرادتهم، مشكلة قصة مستمرة من جيل إلى جيل عنوانها إرادة الاستقرار والتعمير. الحجر الرملي عنوان لتمازج الألوان يستخدم الحجر الرملي الأصفر في الأرضيات والحديقة والشلالات والنوافير والبرك وغيره من عناصر الحديقة، فهذا اللون يعطي المكان إيحاءً طبيعيا غير مصطنع، وتمازجاً طبيعياً هادئاً في الحديقة، كما أن هناك عدة تشكيلات من الأحجار نجد الحجر الأملس الناعم، والحجر المنحوت، والحجر المدقوق، وهذه القطع من الأحجار توزع وفقا لطبيعة استخدام المكان ، فعادة ما يكون الأملس الممرات وأرضيات محطة الجلوس في حين يبدأ الحجر المنحوت كعنصر جمالي في المكان، فنجده قد زحف على الجدران والواجهات والأعمدة، والأحواض الزراعية مما يضفي منظراً خارجياً متميزاً أقرب إلى الطبيعة، كما ويحتاج كل حجر إلى إضاءة معينة وفقا للونه فالحجر الأبيض يحتاج إلى إضاءة بيضاء فيما الأصفر يحتاج إلى إضاءة من اللون نفسه. النشاط الاقتصادي يعمل الأهالي في قرى جبل الكور في مهنة الزراعة ورغم تضاريس الجبل الصعبة إلا أن الزراعة قائمة في معظم القرى، والكثير من تلك القرى طبيعتها زراعية لاتساع المساحات في قمة الجبل وعلى السفوح عكس الحال في الجبال الأخرى المجاورة. وأوضح مثال هي قرية سنت وصنت والمحفة والتي يعمل الأهالي في الزراعة، ويوجد فيها أشجار النخيل بكثرة وتزرع فيها محاصيل متنوعة مثل الليمون والسفرجل والرمان. وفي بعض القرى يغلب عليها الطابع الرعوي حيث يقوم الأهالي بتربية الثروة الحيوانية من ماعز وأغنام بسلالتها المحلية الأصيلة، ويبدو ذلك بوضوح في قرية نادان كما يقوم الأهالي بتربية سلالات من النحل لإنتاج العسل مستفيدين من طبيعة الطقس في الجبل، وتوفر الغطاء النباتي المتنوع والنباتات البرية التي تساعد على تربية نحل العسل.