الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النرويج... عام على هجمات يوليو

25 يوليو 2012
بالموازاة مع تخليد النرويجيين للذكرى الأولى للهجوم الإرهابي الثنائي الذي هز البلاد الصيف الماضي وأسقط عشرات الأبرياء، يجري حالياً سن قوانين جديدة تروم مكافحة العنف دون المساس بالحريات الأساسية للنرويجيين. ومن بين التعديلات المقترحة في الأسابيع القليلة الماضية إصدار قوانين خاصة بالإرهاب ستجرم عملية التخطيط لتنفيذ هجوم والمشاركة في إقامة معسكرات للتدريب، وهناك أيضاً دعوات متصاعدة لاتخاذ إجراءات مراقبة إضافية مثل التنصت على الهواتف لمنع تنفيذ هجمات تستهدف المسؤولين الحكوميين. هذه القوانين الجديدة كانت ستجرم "أندريه بريفيك"، منفذ هجوم الصيف الماضي الذي أوقع 77 قتيلاً، بحيث كانت سترصد تحركاته في طور التخطيط ما كان سيمهد لإلقاء القبض عليه ومعه القنابل التي كان يعدها للتفجير، بالإضافة إلى الترسانة الكبيرة التي كان يمتلكها واستخدمها في استهداف حزب "العمل". وفي حوار صحفي قال رئيس الحكومة النرويجي، "جينز ستولتينبورج"، إن الرسالة الأساسية التي "نحرص على إيصالها للناس أن النرويج ما زالت هي نفسها هذا البلد المنفتح والديمقراطي". وكان رئيس الحكومة قد شارك في مراسم تخليد الذكرى الأليمة بوضع إكليل من الزهور على مقر الوزارة التي استهدفت العام الماضي، ورغم مرور سنة على الهجوم ما زال المقر مغطى برداء بلاستيكي، وما زالت النوافذ المهشمة تطل على المارة، ويتابع رئيس الحكومة قائلاً "لكن لا يعني ذلك أننا لم نتغير، لقد تأثرنا بما جرى وانعكس ذلك في طبيعة الإجراءات المتبعة، لا سيما لجهة دعم قدرات الشرطة والأجهزة الأمنية والتأسيس لتعاون وثيق بين الجيش والشرطة، وأعتقد أننا سنطرح المزيد من التدابير بعد صدور تقرير اللجنة المكلفة بدراسة الموضوع". ويشار إلى أن الحكومة النرويجية نصبت في السنة الماضية لجنة لإجراء تقييم شامل لردة فعل السلطات الرسمية تجاه الهجمات، وذلك لاستخلاص الدروس وضمان استعداد النرويج لمواجهة الهجمات المستقبلية وحسن التعامل معها. وكانت النرويج، البلد الواقع في الشمال الأوروبي، والمعروف بوداعته وابتعاده عن العنف، قد تغير تماماً عقب 1 يوليو من السنة الماضية عندما فجر "بريفيك" سيارة مفخخة بالقرب من مقار حكومية وسط العاصمة أوسلو، متسبباً في مقتل ثمانية أشخاص، كما أن الشخص ذاته وفي وقت لاحق من اليوم نفسه أقدم على إطلاق نار كثيف على مخيم صيفي لشبيبة "حزب العمل" بجزيرة أوتويا، مخلفاً 69 قتيلاً. وفيما تخلد البلاد الذكرى الأولى للهجمات تجد النرويج نفسها مجبرة على الإجابة عن سؤال مهم: كيف يمكن لمنفذ العمليات، النرويجي البالغ من العمر 33 عاماً والمنحدر من حي تقطنه الطبقات الوسطى في أوسلو التحول إلى ناشط في صفوف "اليمين المتطرف" مستهدفاً مواقف حزب "العمل" تجاه الهجرة، وكيف يمكنه التخطيط بمفرده لجريمته وانصرام سنوات دون أن ترصده أجهزة الأمن لينفذ في الأخير هجماته المأسوية. وخلال العملية استطاع النرويجي قتل معظم ضحاياه الذين كانوا في أغلبهم من المراهقين بعدما أطلق الرصاص عليهم بدم بارد. وخلد البلد الذكرى الأليمة التي تعتبر الأسوأ في تاريخ النرويج خلال وقت السلام بتنظيم مراسم دينية في الكنائس وزيارة جزيرة أوتويا من قبل أعضاء حزب "العمل"، وذوي الضحايا، بالإضافة إلى المئات من أعضاء الحزب الذي استهدفت شبيبته على الجزيرة، ومن بين الذين حضروا "هارليم برونتلاند"، وزير سابق من حزب العمل غادر الجزيرة قبل ساعات فقط من الهجوم. وكان أحد الأهداف الأساسية للتصفية على حد قول "بريفيك" نفسه، وفي خطاب ألقاه أمام مئات الشباب قال "إسكيل بدرسون"، قائد منظمة الحزب الشبابية، "مثل هذا اليوم وقبل عام من الآن كل شيء تغير في النرويج، والمشكلة أنه لم يكن كابوساً، بل كان حقيقة". وفي مساء اليوم نفسه اجتمع آلاف النرويجيين في ساحة بلدية أوسلو للمشاركة في الحفل، الذي أقيم خصيصاً لهذه المناسبة، وهي نفس الساحة التي اجتمع فيها آلاف النرويجيين في العام الماضي لتوديع قتلاهم، وفي المرحلة المقبلة ستركز البلاد على الحكم القضائي المتوقع صدوره ضد منفذ العمليات الإرهابية، وذلك بعد انقضاء عشرة أسابيع على المحاكمة، بحيث من المتوقع أن ينطق القضاء بالحكم في 24 أغسطس المقبل. وفيما يطالب الادعاء بإخضاع "بريفيك" لرعاية الطب النفسي بسبب شكوك حول سلامته العقلية، يرى الدفاع أن قواه العقلية سليمة، وهو نفس ما يطالب به المتهم ذاته الذي يريد أن تثبت المحكمة سلامة قواه العقلية حتى تتعزز أيديولوجيته السياسية على حد قوله، وفي حال الإدانة سيواجه "بريفيك" عقوبة السجن لمدة أقصاها 21 عاماً مع احتمال كبير لتمديد المدة مرات عدة لتصل في النهاية إلى السجن المؤبد، لا سيما إذا اعتُبر خطراً على المجتمع. وفي استطلاع للرأي أجرته محطة "نورستات" النرويجية يرى ثلاثة أشخاص من بين كل أربعة أن المتهم سليم عقلياً، ويستحق السجن، كما أن العديد من المستجوبة آراؤهم قالوا إن الأمر سيكون أكثر عدلاً، لو أُرسل "بريفيك" إلى السجن بدل مستشفى الأمراض العقلية. ومهما يكن الحكم، فإن المرجح أن يظل "بريفيك" في سجن "إيلا" الذي ينتظر فيه الحكم لمدة طويلة. فاليريا كريسيون أوسلو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©