الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خرائط الأنفاق.. وتحييد تهديد «حماس»

خرائط الأنفاق.. وتحييد تهديد «حماس»
18 أغسطس 2014 22:55
أنهت إسرائيل هجومها البري على قطاع غزة الأسبوع الماضي، وزعمت أنها قد حققت هدفها التكتيكي: وهو تدمير كافة الأنفاق المعروفة التي حفرتها حركة «حماس». ولكن في ضوء الدمار الذي سببه هذا العدوان على غزة، وقتل مئات الفلسطينيين الأبرياء، وإصابة ونزوح الآلاف، وتسوية أحياء كاملة بالأرض، فإن التكلفة التي تتحملها إسرائيل من وراء عدوانها على صعيد الخسائر العسكرية والسمعة الدولية، تستحق التساؤل حتى في صفوف مؤيدي تل أبيب: هل كانت هناك طريقة أخرى عملية لحل مشكلة الأنفاق من دون هذا العدوان الدموي؟ بالطبع، ربما كانت هناك طريقة أخرى. وهذا ما أوضحه «يوسي لانجوتسكي»، الخبير الجيولوجي الذي قاد بحث إسرائيل عن الغاز الطبيعي تحت سطح البحر المتوسط، قائلاً إنه لطالما حضّ جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال أكثر من عقد على الاستفادة من خبرات الجيولوجيين في تحديد مواقع أنفاق «حماس»، ولكن اقتراحه قوبل بالرفض. وكذلك أكد باول باومان، عالم الجيوفيزياء الكندي والخبير في اكتشاف التجويفات الأرضية، أنه قد أخبر الجيش الإسرائيلي كيف يمكنه عمل خريطة للأنفاق، قبل بضعة أعوام، ولكن لم تتم متابعة توصياته. وقد وصف لي «نيجيل نويلز»، مؤسس شركة «جيوتك سيرفيز»، التي تساعد العملاء على تحديد الأنابيب والأنفاق وممرات المناجم وأية تهديدات ممكنة تحت الأرض، كيف يمكن لإسرائيل استخدام نظام «الأسلاك والتشبيك»، المعروف باسم «تصوير خطوط المقاومة» لإنتاج صورة تحت السطح تمكن الخبراء من تحديد الأنفاق المحتملة. ويمكن لهذا النظام الرؤية على عمق 100 قدم تحت سطح الأرض، وهو أقصى عمق لأنفاق «حماس» حسب التقارير. وعلى صعيد التكلفة، ستكون بمثابة نقطة في محيط مقارنة بتكلفة اكتشاف الحدود مع خطوط المقاومة والذهاب في العدوان المسلح للبحث عن أنفاق. ويبدو أن هذا النوع من التكنولوجيا لم يكن سراً بالنسبة للجيش الإسرائيلي. وقد أخبرني ضابط إسرائيلي يُشارك في عملية التخطيط العسكري أن جيش الاحتلال حدد نحو عشر فتحات أنفاق على جانب الحدود الإسرائيلية، ودمرها بعد أن استخدمت «حماس» أحد الأنفاق في اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في عام 2006. ولكن صناع القرار في إسرائيل اعتبروا أيضاً أن تكنولوجيا اكتشاف الأنفاق لا تزال في مراحلها الأولى، ولا تستدعي استثمارات مكثفة. واعتبر الجيش أنها ليست سوى جزء من الحل، وليست عامل تغيير للمعادلة مثل نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ. وعلاوة على ذلك، لا يصل نظام رسم الخرائط الحدودية إلى الأنفاق التي تمكن المسلحين من التنقل تحت الأرض، بعيداً عن المراقبة الإسرائيلية، ولا تنتهي داخل إسرائيل. وقد أخبرني أحد المصادر أن جيش الاحتلال على دراية بمواقع بداية الأنفاق في غزة أفضل من درايته بمواقعها في الجانب الإسرائيلي، وهو ما يجعل الاجتياح والعدوان أكثر جاذبية للمخططين الإسرائيليين المسؤولين عن تحديد الأنفاق وتدميرها. وعلى رغم ذلك، ربما تكون قرارات القيادة السياسية اليمينية في إسرائيل مقدمة على شكوك جيش الاحتلال. ففي حين أن تهديد الأنفاق تم وصفه مؤخراً بأنه يمثل خطراً وجودياً وكارثياً بهدف حشد التأييد الشعبي للعدوان والهجوم البري، إلا أنه بدا خلال الأعوام الأخيرة أولوية أقل أهمية على الصعيد الاستراتيجي مقارنة ببرنامج الأسلحة النووية الإيراني وترسانة صواريخ «حزب الله». وقد قام مسلحو «حماس» بعدد من محاولات التسلل عبر الحدود في يوليو الماضي، بينما شنّت إسرائيل عدوانها الجوي بدعوى وقف الهجمات الصاروخية، وهو ما بث الرعب في نفوس الإسرائيليين وعزز التأييد لعملية هدم الأنفاق. بيد أنه يجدر بنا تذكر أن القبة الحديدية لم تعمل جيداً في البداية. وبلغت تكلفة التكنولوجيا ما لا يقل عن مليار دولار لتطويرها واستخدامها، وكانت هناك معارضة سياسية داخل إسرائيل، خصوصاً من جيش الاحتلال، للاستثمار بشكل كبير في هذا النظام الدفاعي، علماً بأن بعض التمويل حصلت عليه إسرائيل من الولايات المتحدة. ولكن بعد حرب عام 2006 مع «حزب الله»، التي لم تجد فيها تل أبيب حلاً لوابل الصواريخ التي أطلقتها الميلشيا الشيعية، أصبحت منظومة القبة الصاروخية أولوية قصوى. وأصبحت لدى إسرائيل الآن تكنولوجيا متطورة يمكنها تدمير الصواريخ في الجو. ولو أن إسرائيل استثمرت الطاقة نفسها في التكنولوجيا الأقل تعقيداً المطلوبة لرسم خرائط الأنفاق على طول الحدود القصيرة البالغ طولها 32 ميلاً، لربما أمكنها تحييد هذا التهديد بطريقة أقل فتكاً، بحسب رأي خبراء إسرائيليين. ولم تكن تنقص إسرائيل التكنولوجيا، كما أن الأنفاق، على عكس الصواريخ، ليست أيضاً أهدافاً متحركة. وبالطبع كانت الدبلوماسية خياراً آخر، وبدلاً من الاجتياح والعدوان، كان يمكن لنتنياهو السعي لحشد المجتمع الدولي لإيجاد حل لمشكلة الأنفاق مثلما يحشد الآن من أجل «نزع سلاح المقاومة في مقابل تنمية قطاع غزة»، بحسب زعمه. وقد أقرّ نتنياهو بوضوح بأنه كان من الممكن التوصل إلى حل سياسي للمشكلة عن طريق الاتفاق على وقف إطلاق النار مع «حماس» قبل بدء الاجتياح البري. ولو أنه تم وقف إطلاق النار حينئذ، لما ذهبت إسرائيل إلى غزة لتدمير الأنفاق. وعندما لم ينجح وقف إطلاق النار، حشد نتنياهو الدعم الإسرائيلي للحرب ضد «حماس» من أجل توسيع هدف العملية العسكرية من وقف الصواريخ إلى تدمير الأنفاق. وقد كانت هذه خطوة انتهازية حاول بها تبرير العدوان. وستضطر إسرائيل الآن إلى استثمار الوقت والأموال في إنجاز تكنولوجيا اكتشاف الأنفاق على أية حال، بحسب ما يرى خبراء إسرائيليون؛ ذلك أن التهديد لا يكمن فقط في أنفاق غزة، ولكن يمكن أن يأتي أيضاً من الضفة الغربية ولبنان. وحسبما أخبرني ضابط إسرائيلي فإن «هناك جهوداً جادة بشكل كبير لرسم خريطة جيولوجية للضفة الغربية ولبنان وسيناء وبالطبع غزة»! يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©