السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«مير رمضان» مؤونة تصب في نهر الخير

«مير رمضان» مؤونة تصب في نهر الخير
2 أغسطس 2011 22:35
لكل دولة منذ قديم الزمان وجباتها المفضلة في رمضان، وأطباقها الشعبية التي لا غنى عنها، وبمرور الوقت أصبح لكل دولة عربية وإسلامية وجباتها الشعبية الرمضانية الشهيرة، وقد دخلت إلى الدولة الأطباق الحديثة منذ القرن الماضي، ولقدوم رمضان لدي المسلمين فرحة خاصة، وأهل دولة الامارات يستبشرون بهذا الشهر قبل قدومه بعدة أشهر، ومير رمضان في الامارات هو مؤونة الشهر الفضيل ولا بد أن يكون مميزا، لأن الأسر تطعم منه الجيران والغرباء، الذين يؤدون الصلاة بعد الإفطار في المساجد القريبة التي تتوسط الأحياء السكنية، ويهدون للفقراء الذين لا يسألون الناس من التعفف. كان أهل الإمارات قديما يعملون طوال النهار في صيدهم البري والبحري والرعي والزراعة، ولم يكن الطعام أكبر همهم، حيث كانت وجبة رئيسية واحدة تكفيهم، وحين يستعدون لرمضان كانوا يكتفون بالقليل، ولكن لا تزال الأسرة الإماراتية منذ ذلك الزمن قبل فترة الأربعينيات والخمسينيات، تستعد لرمضان منذ شهر شعبان بالحرص على توفير القمح والقهوة والأرز والزيت والسكر كمواد رئيسية. قمح وقهوة ويقول سالم بن مطر - ينتمي إلى جيل الثلاثينيات، عن مؤونة شهر رمضان وأهمية القمح لدي موطني الخليج: من القمح يتم صنع كافة الأطباق الشعبية، وكذلك نصنع الدقيق، وأيضا لا بد من توافر الأرز الذي كان يستورد عن طريق البحارة القادمين من رحلاتهم التجارية من الهند وباكستان، كما تعتبر القهوة من أول المواد التي كنا نحرص على شرائها، وأن معظم الأسر تركز على شراء منتجات الألبان مثل الزبادي واللبن الحامض عند الإفطار أو السحور، ليتم تناوله مع الخبز أو الأرز، وبجانب ذلك التمر، كما تفضل الكثير من الأسر تناول البيض مع الطماطم المطبوخين معا عن السحور. وتقول أم سيف، من الشارقة، أن مؤونة رمضان في الأربعينيات والخمسينيات كانت أكثر وفرة وتنوعا ورخيصة، وربما تكون من إنتاج البيت، ولا بد لرب الأسرة من توفير حب البر وهو القمح من أجل صنع الطبق الشهير “الهريس”، وكان القمح يزرع في أعالي جبال الإمارات بواسطة الشحوح والحبوس، ويستورد أيضا من الخارج، ومن ذلك القمح يتم أيضا صنع المجروش، ويأتي هذا الاسم من لفظة جرش الحبوب أي سحقها لتتكسر لا لتكون دقيق، وكان طبق الجريش ولا يزال من الأطباق المفضلة التي تصنع في رمضان، إما مع الدجاج أو اللحم. الثريد والمكبوس وتضيف أم سيف: يحرص البيت الإماراتي على توفير الدقيق، الذي يوفر وجبات مرغوبة يوميا في رمضان، لذلك فإن ما بين 30 إلى 50 كيلوجراما من الدقيق تعتبر كمية بسيطة لعائلة بسيطة، ولكن أفراد الأسرة البسيطة في الغالب تكون كبيرة العدد، وذلك لصنع كمية إضافية لتوزيعها على الجيران، ويوفر الدقيق صنع خبز الرقاق بشكل يومي، إما لعمل الثريد وهو لإعداد كمية من مرق اللحم أو الدجاج بالخضراوات الكثيرة والمنوعة، مثل الجزر والفلفل الأخضر البارد والبطاطس وأيضا والباذنجان وقرون الفاصوليا، ولا بد من القرع أو اليقطين، كما يتم إضافة الكزبرة والكثير من البهارات العربية والطماطم والبصل والثوم، ولا غنى عن اللومي اليابس، وهو الليمون المجفف لكل أنواع المرق والمكبوس أيضا. وتكمل أم سيف قائلة إن طريقة الثريد تعتمد على طهي الصالونة ثم يضاف خبز الرقاق المقطع بكميات كبيرة في طبق عميق وواسع، ويسكب عليه المرق ويقلب كي يتشرب الخبز المرق، ثم يزين بعد ذلك بقطع اللحم والخضار، كما يصنع من الدقيق أقراص اللقيمات الحلوة والتي يسكب عليها الدبس، وهي من أنواع الحلوى الشعبية. التمر المدبّس وتتحدث الجدة مريم بنت علي النومان وتقول: لا بد أن يبقى هناك الكثير من خبز الرقاق لما بعد الإفطار، لأن معظم الأسر المواطنة اعتادت على السحور بعمل ثريد من الرقاق واللبن الحامض، اقتداء بالسنة النبوية المطهرة، أو الرقاق مع اللبن الزبادي، وطبعا يصاحب السحور تناول التمر الذي لا بد من أن يتم توفيره قبل رمضان، كما أن هناك أسراً تشتري لتطعم المساكين والغرباء الذين يعملون في الدولة بعيدا عن أهلهم. وفي الشهر الكريم، يتشارك الزوجان أو رب الأسرة للبحث عن أفضل أنواع التمور، مثل الخلاص أو التمر المدبّس، وهو الذي يكون غالبا عليه دبس التمر، وفي الغالب يتوافر التمر بصفة دائمة في كل بيت إماراتي، حيث لا يعرف الغالبية تناول وجبة الغداء دون وجود طبق التمر، أما في رمضان فإن خير إفطار قبل صلاة المغرب هو تناول بضع حبات من التمر وكأس من اللبن الحامض، وربما يتم تناول طبق من شوربة الشعير. ساقو وعراروت أما عفراء أم سالم عبيد، فتقول إن من ضمن المير الرمضاني توافر أنواع مختلفة من الحساء وتصنع في المنزل مثل شوربة العدس، والفريك والجريش، كما أصبحت النساء يصنعن أطباقا شهيرة من الصين أو الدول العربية، لذا يتم شراء مواد جديدة ضمن المير ومنها الشبت الذي دخل في صنع المحاشي وهي وجبات عربية، إلى جانب الأرز على الطريقة الصينية، ومن المواد الغذائية التي دخلت البيت الإماراتي منذ الخمسينيات وما تزال تتصدر قائمة مشتريات شهر رمضان، علب شوربة الشعير التي يعرفها الناس هنا باسم كويكر، حيث تصنع منها أنوع من الحساء ربما مع البصل والكزبرة والفلفل. وتضيف عفراء: كما تستعد الأسرة الإماراتية لرمضان بشراء الساقو وهو عبارة عن حبيبات من “النشا” الخالص، يصنع منها نوع من الحلويات تحمل ذات الاسم ساقو، وهو من الأطباق التي تطبخ بكميات وافرة لتوزيعها على بيوت الحي، ومنها الأكثر شعبية في نفوس الصائمين وهو الكاسترد، وهو في الأصل يصنع من بودرة الآراروت، ولكن تعرفه العائلات الإماراتية منذ قديم الزمان باسم عراروت، وبجانب هذه المواد الغذائية دخلت إلى الإمارات، ومع دخول الكثير من الجنسيات العربية، الكثير من المواد والأطباق التي أصبحت تستخدم فيما بعد، مثل القطايف والمحاشي والفول المدمس للسحور، والبرجر إلى جانب الأطباق التي تصنع من المكرونة. أرز وأسماك ويوضح سالم حميد أن الموائد الرمضانية في البيوت الإماراتية أو العربية أو بيوت المسلمين من جنسيات أخرى، أصبحت تضم أطباقا جديدة نتيجة الاختلاط بين الجنسيات وتبادل الأطباق الرمضانية، وفي النهاية يبقى للأسماك، وهي من الأطباق المفضلة الرئيسية في الإمارات نصيب قليل في بعض الأيام من رمضان، حيث تفضل كثير من الأسر الابتعاد عن أطباق السمك، التي اعتادوا عليها بشكل يومي، حيث تقلى أو يعد منها قدر بسيط من الفوقه المجبوس. ويكمل حميد قائلا إن الأهالي لا يشترون الأسماك في رمضان مثل بقية الشهور، ولكنهم ربما في بعض أيام رمضان يحضرون برياني السمك، وقد أضاف له المطبخ الاماراتي النكهات والمطيبات الغنية مثل وضع الزبيب والحمص المفلوق، لصنع حشوة تطهى مع الكثير من البصل، ويضاف لها الزعفران والليمون المجفف والهيل، ولكن يبقى الهريس والثريد من أهم الأطباق التي يجب أن تكون موادها من ضمن قائمة مؤونة رمضان. ويضيف سالم أن الأرز يتصدر الموائد إلى جانب الهريس أو الثريد ولا غنى عنه في رمضان، وقد كان كيلو الأرز قبل 20 عاما بدرهم، ولذلك فإن كيس الأرز الذي يحتوي على 50 كيلوجراما كان سعره 50 درهما فقط. ملح البحر الحجري أحمد علي، صاحب محل يطل على رصيف خور الشارقة، وهو من أشهر بائعي السلع والمواد التموينية منذ الخمسينيات من القرن الماضي، يقول عن مير رمضان، إن أهم المواد الغذائية التي يجب أن تتوفر بصفة دائمة، الأرز، والسكر والسمن ودخل فيما بعد الزيت النباتي، حيث كان السمن ينتج منزليا ويباع ضمن الحارة والسوق، وتحرص كل أسرة على إعداد البزار أو البهار من التوابل، وتشتري الأسر الحبوب التي يتم صنع البهار منها، مثل الكركم والكمون والينسون والقرفة والقرنفل. أيضا يقبل الأهالي والمقيمون على شراء الزنجبيل وجوزة الطيب، والبعض يضيف شيئا من الفلفل الأسود والأحمر بينما يستغني البعض عنهما، وتضاف الكزبرة والهيل، والأهليلج أو الأهليلي، وتحب بعض الأسر إضافة مقدار صغير من مسحوق الحلبة، وكانت تقوم سيدة المنزل قديما وبعض الأسر حاليا بتحميص تلك البهارات، ومن ثم طحنها وحين توضع في العلب تضاف لها قطعة من ملح البحر الحجري الذي يتوافر لديه، لأنه يمنع تكون أي حشرات فيما بعد نتيجة حرارة المطبخ.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©