الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التواصل مع الآخرين ضرورة أخلاقية وحياتية

التواصل مع الآخرين ضرورة أخلاقية وحياتية
2 أغسطس 2011 22:38
التواصل مع الآخرين ضرورة فطرية لأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بمعزل عن الآخرين، فقد خلق الله تعالى الإنسان وزوجه، وجعل من مقتضى فطرته السكن والأنس بالآخر، كما قال تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) وقد عبر علماء الاجتماع عن هذه الحقيقة الفطرية بقولهم “الإنسان مدني بطبعه” وفي الأمثال الشعبية ما يشير إلى هذه الحقيقة الفطرية. وكذلك فإن التواصل مع الآخرين ضرورة دينية فالمسلم مأمور بالتواصل مع الآخرين، وتعريفهم بالإسلام بصورته الحضارية اللامعة، مع اتباع الحكمة والموعظة الحسنة قال تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْـمَوْعِظَةِ الْـحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). ويأتي التواصل في إطار مفهوم الاختلاف كونه سنة كونية فقد أكد القرآن الكريم أن الاختلاف بين البشر سنة كونية، ومشيئة ربانية، لا يتمكن أحد من تغييرها قال تعالى (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) بل إن هذا الاختلاف آية دالة على عظمة الله تعالى وتوحيده قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ). التعامل مع الاختلاف وقد أرشدنا القرآن الكريم إلى كيفية التعامل مع الاختلاف، من خلال ما يلي: - التعارف: قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِل لتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَليمٌ خَبِيرٌ). - التكامل: قال تعالى (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمةُُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ). - التكريم والاحترام: قال تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) وبمقتضى هذا التكريم يتم نبذ التفاضل بالأعراق والأنساب والألوان قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). وأضع بين أيديكم عدداً من القواعد الذهبية في التواصل مع الآخر، وهي مفاتيح التأثير في الآخرين تم استقاؤها من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنها: حب الله تعالى والتقرب إليه: فقد صح أن حب الله تعالى هو الباب لقلوب الناس واكتساب محبتهم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَناً فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَناً فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ. ادفع بالتي هي أحسن: قال تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْـمُسْلِمِينَ وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ). الحوار الحوار بالتي هي أحسن: قال تعالى (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْـحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ويتطلب الحوار بالتي هي أحسن ما يلي: نية الوصول للحق، وحسن الاستماع للآخرين، وعدم مقاطعة المتحدثين، وعدم رفع الصوت، وطلب الشورى من أهل الاختصاص، وقبول الآراء الأخرى وسعة الصدر لها، والأخذ بالحق إذا ظهر على يد الآخر. وقولوا للناس حسناً: القول الحسن أمر رباني قال تعالى (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ “الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صدقة” ولاحظوا أن اللغة ثرية بالألفاظ والتعابير فيمكنك أن تقول: هذا كذب!! ويمكنك أن تقول: هذا غير دقيق، وكذلك تصف المتأخر عن موعده بقولك هذا منافق أخلف بالوعد!! أو لعله حصل معه طارئ فتأخر عن الموعد. ادع إلى سبيل ربك بالحكمة: فالحكمة ثلث الإسلام، قال تعالى عن مهام الرسالة (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) وقد عرف العلماء الحكمة فقالوا: “الحكمة فعل ما ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، على الشكل الذي ينبغي” واشترطوا أن يكون الفعل طاعة أو مباح، مع دراسة الزمان والمكان والإمكان ودراسة الكيفية والوسيلة. واصبر وما صبرك إلا بالله: إذا شعرت بالحصار والمضايقة من أشخاص فالتزم التحلي بالصبر حتى تصل إلى نتيجة ترضيك، فالصبر من العزائم، قال تعالى (وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) ومع الصبر تدخل في رعاية الله تعالى، قال تعالى (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ) ويتطلب الصبر منك التحلي بالجمال (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) وينفي الصبر عنك الحزن (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ). نماذج نبوية وإنك لعلى خلق عظيم: وهذه نماذج نبوية للخلق الكريم: عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْـمُؤْمِنِينَ أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ “كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ”. عَنْ عَائِشَةَ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثماً فَإِنْ كَانَ إِثماً كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ بِهَا”. تبسمك صدقة: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ” وعن عمرة قالت سألت عائشة كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت “كان إذا خلا في البيت قالت ألين الناس بساماً ضحاكاً”. د. محمد بسام الزين
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©