الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

فيلبس «سيد الأحواض» يكره المياه!

فيلبس «سيد الأحواض» يكره المياه!
26 يوليو 2012
لندن (ا ف ب) - سيبقى تاريخ 17 أغسطس 2008 محفوراً في ذاكرة الدورات الأولمبية الصيفية، ففي اليوم التاسع من المنافسات وبعد فوزه بسبعة القاب وتحطيمه ستة أرقام عالمية، نحت السباح الأميركي مايكل فيلبس ذهب سباق التتابع 4 في 100 متر متنوعة مع أفضل توقيت، فدخل التاريخ محرزاً ذهبيته الثامنة في غضون أسبوع، وهو لم يتجاوز الثالثة والعشرين. وبفضل ألقابه الثمانية في “بكين 2008” بعد الستة التي جمعها في “أثينا 2004” فضلاً عن ميداليتين فضيتين، حطم فيلبس الرقم السابق لمواطنيه السباح مارك سبتيز والعداء كارل لويس والعداء الفنلندي بافو نورمي ولاعبة الجمباز السوفياتية لاريسا لا تينينا (9 ذهبيات). وكان التحدي الأكبر أطلقه فيلبس بعد إضاءة شعلة الألعاب حين وعد بتخطي رقم سبيتز (7 ذهبيات في دورة ميونيخ 1972)، وكي يحقق وعوده، بدأ فيلبس بسباق 400 متر متنوعة ومحطماً رقمه العالمي الذي سجله في 29 يونيو 2008 خلال التجارب الأميركية المؤهلة للأولمبياد في أوماها (ولاية نبراسكا)، وكانت المرة الثامنة التي ينسخ فيها رقم السباق. وقطف فيلبس الحبة الأولى من عنقود الانتصارات تحت أنظار الرئيس الأميركي جورج بوش الابن، ودمعت عيناه وهو يقف على منصة الفوز، ثم قال: “أحياناً تنسون أن الفوز في الألعاب الأولمبية يبقى لحظة لا تنسى عند أي رياضي”، ولأن هذا السباق الذي أقيم نهار 10 أغسطس يتطلب الكثير من الجهد، قرر فيلبس عدم إدراجه في برنامجه الأولمبي المقبل، لذا خلال ظهوره الأول والأخير في هذا السباق في النهائي الأول له في بكين، أراد تدعيم الرقم القياسي الذي يحمله منذ عام 2002 وهذا ما فعله، علماً أنه كان فاز في أثينا مسجلاً 26: 08: 4 دقيقة، وأحرز فيلبس الذهبية الثانية مع المنتخب الأميركي في سباق التتابع 4 في 100 متر حرة في 11 أغسطس، مسجلاً رقماً عالمياً جديداً مقداره 24: 08: 3 دقيقة (الرقم السابق 23: 12: 3 دقيقة سجله المنتخب الأميركي في نصف النهائي). وشهد السباق تنافساً محموماً بين الأميركيين والفرنسيين، وتابعه حوالى 32 مليون مشاهد، واحتلت صور فيلبس الصفحات الأولى، وفيها يبدو صارخاً، وقد ظهرت قبضاته وعضلات جسمه بعد الثواني التي تلت الوصول، فبعدما كان أطلق منتخب بلاده بتسجيله 51: 47 ثانية، شاهد مواطنه جايسون ليزاك ينطلق نحو الهدف الاخير بفارق نصف ثانية عن الفرنسي الن برنار (بطل 100 حرة في بكين)، ليخطف الذهب عند لمس حافة الحوض. وبالنسبة إلى فيلبس، كانت هذه الذهبية الأكثر شكاً في مسيرته نحو الميداليات الثماني، إذ كان المنتخب الأميركي حل ثالثاً في أثينا، ونال فيلبس الذهبية الثالثة في 200 متر حرة مسجلاً رقماً عالمياً 96: 42: 1 دقيقة (السابق 86: 43: 1 دقيقة سجله في 27 مارس 2007 في ملبورن). نهار الثلاثاء 12 أغسطس، وفي إعادة لمونديال 2007 مع السباح الكوري الجنوبي بارك تاي هوان بدلاً من الهولندي فان دن هوجنباند في دور المنافس، حسم فيلبس السباق لمصلحته مظهراً أمام الملايين قدراته، وحصد بعد 4 سنوات من برونزية أثينا (323: 45: 1 دقيقة) أول ذهبية أولمبية لهذه المسافة، ومضى فيلبس في جمع الميداليات الذهبية وتحطيم الأرقام القياسية بعد فوزه الأربعاء 13 أغسطس في 200 فراشة في حضور مواطنيه لاعبي منتخب كرة السلة للرجال، مسجلاً رقماً عالمياً مقداره 03: 52: 1 دقيقة (السابق 09: 52: 1 دقيقة سجله في 2007). وفي سباق كان شهد وصوله إلى أول نهائي أولمبي وأول رقم قياسي عالمي، وهو في سن الـ15 عاماً، واجه فيلبس مشكلة دخول المياه إلى نظاراته، فاضطر لخوض الأمتار الأخيرة من دون أي يرى الحائط. وعلى رغم ذلك انتزع الذهب وحطم الرقم القياسي، وساهم فيلبس، في اليوم عينه في سباق التتابع 4 في 200 متر حرة، بنسبة كبيرة في إحراز فريقه الذهب بعدما اجتاز الـ200 متر الأولى بـ 31: 43: 1 دقيقة موسعاً الفارق بينه وبين سائر المنافسين، ليترك المهمة إلى رفاقه الذين أنجزوها مع رقم قياسي عالمي بلغ 56: 58: 6 دقيقة، كاسرين حاجز السبع دقائق للمرة الأولى. وانتزع فيلبس ذهبيته السادسة يوم 15 أغسطس في سباق 200 متر متنوعة مع رقم عالمي بلغ 23: 54: 1 دقيقة (السابق 80: 54: 1 دقيقة)، وهو لم يذق طعم الخسارة على هذه المسافة منذ عام 2003 كما حقق ذهبيته السابعة عن طريق 100 متر فراشة، مسجلاً رقماً أولمبياً 58: 50 ثانية، وبالتالي هو السباق الوحيد الذي خاضه من دون أن يتمكن من تحطيم الرقم العالمي (40: 50 ثانية). وشهد السبت 16 أغسطس دراما حقيقة داخل الحوض، إذ كان السباح الأميركي يحتل المركز السابع بعد منتصف السباق، بعيداً جداً من المتصدر الصربي ميلوراد سافيتش، واعتقد الجميع أن فيلبس الذي قلص تخلفه في النصف الثاني خسر في الحركة الأخيرة، لكنه كان الأسرع في لمس الحائط ليفوز بفارق 01: 0 ثانية. المدققون في الأمور وجدوا أن الصربي وصل أولاً إلى الحائط، لكن في السباحة على المتباري أن يضغط بقوة لايقاف ساعة التوقيت من خلال الشريحة الالكترونية الموضوعة في حافة الحوض، وهذا ما فعله فيلبس قبل منافسه. وفرض فيلبس في اليوم التالي نفسه نجما للألعاب بإحرازه الذهبية الثامنة (التتابع 4 في 100متر متنوعة مع رقم قياسي عالمي مقداره 34: 29: 3 دقيقة)، ومن شاهد فيلبس في الحوض بعدما أنجز مهمته، تساءل عما يمكن أن يدور في خاطره، خصوصاً عندما لاحظ الملايين وجهه الفرح والحائر في الوقت ذاته، وكأنه دائخ، وهذا طبيعي فما أنجزه يصيب الجميع بالذهول. ويكشف في سيرته الذاتية التي نشرت عام 2004 بعد دورة أثينا تحت عنوان “تحت سطح المياه”، أنه كان يكره المياه ما أثار جنون مدربه، ولأنه لم يكن قادراً على البقاء ساكناً، ولو لمدة قصيرة، قال أحد اساتذته “لن يحقق شيئاً في حياته”. ويعترف فيلبس أنه تذكر هذه الجملة عندما فاز بالذهبية الثامنة في بكين، توقف فيلبس عن تناول الدواء المهدئ بإرادته وكتب على لوح في مدرسته أنه يريد أن يصبح سباحاً محترفاً، ورد على المشككين معلناً “من يقول إني غير قادر على تحقيق إنجاز ما كمن يشعل النار قرب صهريج غاز”. كان فيلبس، الذي اكتشفه في سن العاشرة بوب باومن عام 1996 في ضاحية بالتيمور أمام فراغ كبير أوجده بتوقه الهائل للفوز والذي رافقه منذ البداية، ولطالما ردد: “لا أريد أن أكون سبيتز الثاني، أريد أن أكون فيلبس الأول”، ولا شك أن من مزايا فيلبس الكثيرة الذكاء والسرعة في الانطلاق والانسياب في المياه والتطور من سباق إلى آخر، لان الكيمياء ممتازة بينه وبين المياه. وسر فيلبس لأن 20 الف شخص تجمعوا في ستاد بالتيمور لمتابعة السباق الأخير الذي خاضه، عبر شاشة عملاقة، وقال: “منذ 4 سنوات لم أكن أتخيل أن يحدث هذا، لكني لا أريد أن يهتم الناس بالسباحة مرة كل 4 سنوات”، لقد حبس الأميركيون أنفاسهم وهم يتابعون تطور إبنهم، ووصل عدد مشاهدي التلفزيون 3: 31 مليون وارتفع العدد في السباق الأخير الى 82 مليون مشاهد، قبل تحوله إلى أفضل سباح في العالم، كان “سيد المياه” فتى مفرط النشاط ومعقد من أذنيه الكبيرتين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©