الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

علماء: حب الأوطان.. من الإيمان

علماء: حب الأوطان.. من الإيمان
1 ديسمبر 2017 14:54
حسام محمد (القاهرة) ينشأ الإنسان على حب وطنه وشعوره بالانتماء له، ويشترك في هذا جميع الناس علي تنوع أعراقهم واختلاف مشاربهم، وعندما جاء الإسلام دين الفطرة والإنسانية لم يقف في وجه هذا الميل الطبيعي، بل أقر ذلك ودعا إليه&rlm، وجعله سبيلاً للعمل الصالح وفعل الخيرات وزيادة التماسك بين أبناء الوطن الواحد، وضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الأمثلة حين خرج من مكة، حيث جاءت كلماته المفعمة بالانتماء تعبيراً صادقاً عن حبه لوطنه الذي نشأ وترعرع في أكنافه وأمضى فيه سنوات شبابه، لكن على الجانب الآخر فوجئنا في الفترة الأخيرة بالإرهابيين ينتقدون مفهوم الوطنية، ويقولون إنه مفهوم غير إسلامي، وإنه لا يمت للإسلام بصلة. الدين وحب الوطن يقول الدكتور حامد أبو طالب، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: «أكدت الشريعة الإسلامية أهمية حب الإنسان المسلم لوطنه، وتعزيز الانتماء له، وانعكاس هذا الحب على كل تصرفاته بحيث تكون معبرة عن حبه وإخلاصه للوطن الذي ينتمي إليه، ولنا أن نتذكر كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب مكة المكرمة وكيف خاطبها وهو يهاجر إلى المدينة المنورة، حيث وقف صلى الله عليه وسلم يخاطب مكة المكرمة في صيغة وداع مؤثرة، خاصة أنه تم إجباره على الخروج منها، فقال النبي: (ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ)، وهكذا يتضح جلياً أن حب الوطن أمر يحث عليه الإسلام، فلا بد أن تتم تربية النشء والأطفال على حب أوطانهم التي تربوا وترعرعوا فيها، ويضع نصب عينيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم بحيث يرتبط الإنسان المسلم وجدانياً، ويؤكد ذلك الارتباط ويعظمه، حنين الرسول لمكة المكرمة عندما خرج منها مكرهاً». يضيف الدكتور أبو طالب أن الإسلام غرس في نفس كل مسلم من خلال تعاليمه وأحكامه حب الوطن والانتماء له والدفاع عنه بالغالي والنفيس، طالما لا يتعارض هذا الأمر مع الشريعة الإسلامية، والحمد لله، فإن أوطاننا العربية والإسلامية تجلّ الشريعة وتحترمها، ولهذا وجب أن ينشغل كل مواطن برفعة وطنه والعمل على تنميته وزيادة إنجازاته، بل والدفاع عنه في حال احتاج الوطن. الإيمان والوطنية من جانبه، يقول الشيخ محمود عاشور، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة: «بلا شك، فإن حب الوطن أمر حثت عليه الشريعة الإسلامية، لأن إخلاص الإنسان كل لا يتجزأ، فحب المسلم لوطنه أمر مفروغ منه وهو مطالب بترجمة هذا الحب إلى الالتزام بحقوق وطنه عليه، فلا بد أن يعمل على دعم وتقوية وطنه، والمساهمة في كل الجهود الرامية لرفعته، لأن الأوطان عندما تنهض، فبالتالي تنهض معها كل قيم وتعاليم الشريعة الإسلامية، ولعل أبرز دليل على ذلك قوله سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ...)، «سورة الحجرات: الآية 10»، فالوطنية الحقة في الإسلام تعني محبة الفرد لوطنه وبلده، وقيامه بحقوق وطنه المشروعة في الإسلام ووفاؤه بها، وتقوية الرابطة بين أبناء الوطن الواحد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «وكونوا عباد الله إخوانا». وعن كيفية ترجمة حب الوطن إلى أفعال على أرض الواقع، يقول الشيخ عاشور: «لا بد أن ينشأ الإنسان المسلم وهو يجد ويجتهد لتحصيل العلوم حتى يكتسب المهارات والخبرات اللازمة لخدمة وطنه في شتى مجالات الحياة، وبهذا تتاح لدى الوطن فرصة للتقدم والنمو وتقديم الأفضل للأجيال القادمة، ومطلوب أيضاً ترجمة حب الوطن في إطار التلاحم والتكاتف مع إخوانه المواطنين حتى يكونوا صفاً واحداً في مواجهة التحديات كافة التي تواجه الأمة ويصنعوا العزة والفخر والمناعة وصد الأخطار عنها، كما لا يغيب عن بالنا ما للأخلاق من أهمية بغرس الإيمان في النفوس والالتزام بالخير والحق والعدل والإخلاص في العمل وإتقانه، لأن إتقان العمل جزء أصيل من الدليل الذي يقدمه المسلم ليؤكد حبه لوطنه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ اللهَ يحبُّ إذا عمِل أحدُكم عملاً أن يُتقِنَه». إشارات واضحة يقول الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق، عضو هيئة كبار العلماء: «الشريعة الإسلامية عندما رسخت مفهوم المواطنة، وأكدته، كانت إشارة واضحة لأهمية المواطنة كمبدأ من المبادئ التي رسخ لها الإسلام، بل ودعا إليها للتعايش بين الناس، وغرس قيم المحبة والود فيما بينهم، ولهذا فإن الوطنية لا تضاد بينها وبين التدين كما قد يتخيل المتشددون، فالوفاء للوطن هو في حد ذاته وفاء للدين وللشريعة، ولهذا فعلى كل مسلم أن يسعى لترسيخ حب الوطن في نفسه وفي نفس كل المحيطين به في كل مكان ولا بد أن يتبنى بناء الوطن وعمرانه وحمايته كتعبير وتجسيد حي عن حب وطنه، فلا بد على اعتبار أنها من مقتضيات الاستخلاف في الأرض وإعمارها، حيث يقول الله تعالى: (... هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا...)، «سورة هود: الآية 61»، وهكذا فعلى كل مسلم أن يعي جيداً تفسير مفهوم الاستخلاف ويترجمه لأفعال في وطنه، فهو مطالب بالبناء على قدر ما حباه الله من سعة وقدرة وعلم. الحفاظ على المرافق يقول الدكتور حامد أبو طالب: «حتى يكون حب الوطن من الإيمان لا بد أن تكون تصرفات المسلم معبرة عن ذلك بوضوح، ولا بد أن تجسد تصرفات المسلم ذلك الأمر بداية من المحافظة على مقدرات وطنه، ومروراً بعدم الإساءة لبلاده بأي وجه من الوجوه، والعمل على الحفاظ على المرافق مثل المساجد والمدارس والحدائق والطرق والجسور وأسلاك الكهرباء ومواسير المياه ووسائل الاتصالات وجميع المباني العامة والخاصة، بل كما يشمل ذلك قيام المسلم بالحفاظ على النظام والقانون المتبع في البلاد، والحفاظ على عادات وتقاليد أهله وأهل بلاده طالما لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، لأن إهمال أي من هذه الأمور يعني ببساطة أن الإنسان ليس لديه شعور بالوطنية».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©