السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإعلانات وانتخابات الرئاسة الأميركية

21 فبراير 2016 22:55
ربما يجد المراقب الأجنبي أن الإعلان هو أكثر الجوانب صعوبة على الفهم في انتخابات الرئاسة الأميركية. فالإعلانات في كل مكان مكلفة للغاية، لكنها لا تأتي بخير ملموس للمرشحين. فليس من المؤكد أن من أنفقوا أكثر على الإعلان يحصلون على عدد أكبر من الأصوات. ويشير تحليل لمنظمة «كانتار ميديا» للإنفاق على الحملات الانتخابية في «أيوا» و«نيوهامبشير»، إلى أن الصوت الواحد كلف أبرز عشرة مرشحين 107 دولارات في المتوسط. وفي الانتخابات العامة في عام 2015، أنفقت الأحزاب البريطانية 42 سنتاً أميركياً في المتوسط للصوت الواحد. وهذه المعلومات تروق تحديداً فيما يبدو للمرشح «الديمقراطي» «بيرني ساندرز»، وسيناتور ولاية «فيرمونت» الذي يعد ببذل كل ما وسعه ليغير قرار المحكمة الدستورية العليا الذي سمح بإنفاق غير مقيد من لجان العمل السياسي لصالح المرشحين، وحتى حاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش الذي تكلفت الأصوات التي حصل عليها أكبر قدر من المال بين المرشحين حتى الآن، وعد بأنه سيتخلص من القرار ويصف نظام لجان العمل السياسي بأنه سخيف، وذلك رغم أنه انسحب في وقت لاحق من السباق. ولا اعتقد أن إلغاء قرار المحكمة العليا هو الحل. فالمرشحون بحاجة لأن يعرفوا أن الإعلانات في التلفزيون في القرن الحادي والعشرين مثل تمزيق النقود عبثاً. وأظهرت بيانات لمجموعة تحليل إعلام الحملات التابعة لـ «كانتار ميديا»، تباينات كبيرة في ميزانيات الإعلام، خاصة وسط المرشحين «الجمهوريين»، لكن لا تظهر البيانات علاقة ارتباطية عملية بنتائج التصويت. والعلاقة الارتباطية بين إجمالي مع أنفقه المرشحون على الإعلانات في الولايتين وبين عدد الأصوات التي حصلوا عليها بلغت 0,31 وهو ما لا يكفي لإقامة أي علاقة سببية. وحتى بعد إزالة الحالات المتطرفة المتمثلة في بوش ورئيسة شركة «هيوليت باكارد كارلي فيورينا»، ترتفع العلاقة الارتباطية إلى 0,43 لتظل أقل من أن تثبت أي علاقة سببية. ونتيجة لهذا، تفاوتت كلفة الصوت في علاقتها بالإنفاق على الإعلان بشكل كبير وسط المرشحين. والكلفة فلكية في حالة بوش، لكن بعض «الجمهوريين» الآخرين أنفقوا مئات الدولارات للحصول على كل صوت، بل حتى الرقم الذي يزيد على 30 دولاراً لدى المرشحين «الديمقراطيين» لا يستهان به. وهذا يعني أن الإعلانات لا تجدي كثيراً. وقد يكون هذا لرداءتها أو لافتقارها لحس الفكاهة أو لعدم تميزها عن بعضها بعضاً. وأشارت بيانات مجموعة تحليل إعلام الحملات إلى أن أكثر الإعلانات عرضاً في أيوا ونيوهامبشر كان إعلان دونالد ترامب وعنوانه «عظيمة من جديد». فقد عرض الإعلان 3717 مرة، وأعتقد أن كل هذا ذهب سدى. وكرر «ترامب» النقاط الواردة في الإعلان نفسها مرات لا تحصى في المناظرات والمقابلات بصوته، وهذا أفضل تأثيراً لمرشح صاحب حضور شخصي مثل «ترامب» من ذكرها في الإعلان بصوت شخص آخر. وليس بوسعي معرفة كيف ساعد إذاعة أغنية «أميركا» التي تعود إلى عام 1968 في الولايتين 1294 مرة على تصويت آلاف الناخبين الذين غالبيتهم من الشباب لصالح «ساندرز». فأنا لا أعتقد أن كثيرين منهم سمعوا بها من قبل أو ربطوا بينها وأي شيء بطريقة أو بأخرى. الواقع أن الأميركيين متخمون بالإعلانات بصفة عامة. وربما يفسر هذا ضرورة أن يروج المرشحون لأنفسهم مثلما تروج الشركات الكبيرة للوجبات السريعة. فالإعلانات تستهدف بيع شيء يراد به أن يتعلق بالذاكرة. فهي تحتوي على عبارات ظريفة وموسيقى مؤثرة. والسياسيون يأخذون أنفسهم بالجد الزائد فيما يتعلق بأي من هذا. ولا أحد منهم لديه فيما يبدو القابلية لصنع إعلانات خفيفة الظل. فما الذي يحدث عندما يتوقف أحد المرشحين فجأة عن الإعلان كلية، لكن يواصل أنشطة الحملة الأخرى مثل طرق الأبواب وإرسال بريد شخصي وإجراء مقابلات والمشاركة في المناظرات؟ اعتقد أن هذا لن يغير الكثير على الأقل في الولايات التي تجتذب قدراً كبيراً من اهتمام وسائل الإعلام مثل «أيوا» و«نيو هامبشير». وعلى المرشحين أن يدركوا أن نهج الإعلان التقليدي الذي يعتمد بشدة على التلفزيون لم يعد يجدي. وعندما يدركون هذا بأنفسهم، فإن قرار المحكمة العليا لن يكون مهماً. * كاتب روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©