الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتجاجات فيرجسون.. عودة أجواء العنصرية

20 أغسطس 2014 04:00
كشفت الأزمة العنصرية التي اندلعت في مدينة «فيرجسون» بولاية «ميسوري» الأسبوع الماضي عن انقسام داخل مجتمع السود، يستند على الجيل والطبقة والرؤية السياسية الضبابية التي تقدمها سياسة الأميركيين الأفارقة في عصر «أوباما». وعند سؤاله عن زعيم الاحتجاجات الحالية التي اندلعت منذ مقتل «مايكل براون» -وهي الاحتجاجات التي جعلت حاكم ميسوري يعلن حالة الطوارئ وحظر التجوال- أجاب شاب من «سانت لويس» قائلاً: «هل نحن لدينا زعيم؟ لا»، وأشار إلى أن «براون» نفسه الذي قُتل كان يُمثل أفضل مثال للقيادة بالنسبة للشباب الغاضب والمهمش في «فيرجسون». وخلال الأسبوع الماضي، كانت الاحتجاجات التي ملأت شوارع المدينة تعمل على مسارين منفصلين. فقد نظم قادة الحقوق المدنية مسيرات فعالة وغير عنيفة، حتى مع انجراف بعض المحتجين من الشباب والخارجين عن القانون في أعمال عنف وسلب في أجزاء من المدينة. وقد زار بعض القادة أمثال «جيسي جاكسون» و«آل شاربتون» المدينة، غير أن نداءاتهم الداعية إلى التهدئة كانت غير فعالة. والمثير للسخرية، أن الشخص الأسود الذي يمكن القول إنه يمثل القيادة الأكثر وضوحاً خلال أحداث «فيرجسون» كان رئيس دوريات الطرق السريعة بميسوري، الكابتن «رون جونسون»، والذي ساعد حضوره القوي والمتعاطف على نزع فتيل الأزمة المتصاعدة مؤقتا. ولم تكن مفاجأة أن رفض الشباب في فيرجسون الاستجابة لدعوات نبذ العنف. وأظهرت المظاهرات التي اندلعت في ذروة حقبة الحقوق المدنية أحداث عنف متفرقة نتجت عن غضب الأميركيين السود بسبب العنصرية والفقر وعدم رغبتهم أو عدم قدرتهم على الالتزام بالانضباط أو اللاعنف. وقد واجه «مارتن لوثر كينج» هذه الأحداث في «برمنجهام» و«ممفيس» وقوبل بصيحات استهجان عندما زار «واتس»، كاتب وفيلسوف بريطاني، في أعقاب التمرد الذي حدث بالمدينة عام 1965. لكن الوضع يختلف عن الستينات من القرن الماضي، فنحن ليس لدينا «ستوكلي كرامايكل» أو «الفهود السود» الذين يمكنهم الاتصال بشكل صحيح بالشباب داخل وخارج فيرجسون، والذين استخدموا لغة العنف للتعبير عن غصبهم وخيبة أملهم. لا مجال للخطأ، فمقتل «براون» ليس هو السبب الجذري للعنف الدائر في فيرجسون. إنه مجرد الشرارة التي فجرته. لكن الفقر والتمييز العنصري والبطالة ومناخ من العنصرية ضد السود يطارد مدينة فيرجسون الصغيرة ومنطقة العاصمة سانت لويس الأوسع نطاقا. وكان «كينج» يقول إن أعمال الشغب هي «لغة غير المسموعين» والمظلومين. فلا عجب، إذن، أن الشباب السود من الجنسين لا يمكنهم تحديد زعيم أسود واحد للمظاهرات الفوضوية التي شاركوا فيها. وقد حاول القادة السياسيون والوطنيون تمكين السود من عهد الحقوق المدنية، من خلال التواصل التنظيمي، والخطب، ووسائل الإعلام (التقليدية والاجتماعية)، والمسيرات والمظاهرات، الوصول والبقاء على اتصال بالجيل الجديد من الشباب. لكن هذه الجهود تواجه مشاكل في ظل الموارد والتوعية المحدودة. إن طبقة المعدمين العنصريين في الولايات المتحدة، من المزاحمين وأصحاب الأعمال الخارجين عن دائرة المجتمع والذين يتجاهلهم العديد من النخب السود أو يشوهون صورتهم، نادراً ما يرون قادة سياسيين من أي لون يدافعون عنهم. هذه الفجوة، التي تبدو وكأنها فجوة بين الأجيال، تغذيها أيضا الفوارق بين الطبقات، حيث يميل الشباب المتعلم إلى رؤية السياسة كعملية طويلة الأمد – عملية تأتي مع الانتصارات، لكن أيضا مع التنازلات والإخفاقات. وهناك الملايين من الشباب السود لا يستطيعون تمييز الفروق البسيطة بين الديمقراطية الأميركية والنضال العنصري. إن عالمهم واضح وصريح بصورة مؤلمة: فالناس السود يقتلون في الشوارع بلا أي أمل في تحقيق العدالة. والاستجابة الأمثل لهذه المأساة، وهي الاستجابة التي تعززها قصة الحقوق المدنية الوطنية، لكنها في الواقع ليست صحيحة تماما، هي أن يقوم جميع السكان السود في مدينة فيرجسون بارتداء أفضل ملابسهم الكنسية والتوضيح للعالم، وبأسلوب يخلو من العنف، ما حدث لـ «مايكل براون». ولكن في عصر «أوباما»، 8يجد هؤلاء الشباب أن دروس حقبة الحقوق المدنية صعبة الفهم بشكل متزايد. وبالتأكيد، فإن القتل المتكرر للسود من قبل الشرطة، وتواجد الشرطة في فيرجسون على غرار الحرب العراقية واستمرار التفرقة العنصرية والعنف يجعل الحديث عن التقدم العنصري حديثاً واهياً. وهذا من شأنه أن يضع قادة الحقوق المدنية في مأزق. فهم يحترسون من توجيه انتقادات كثيرة لمسار أوباما على أساس العرق والفقر، ويدركون أن النائب العام هو حليفه القوي. كما أنهم تعرضوا لسخرية المحافظين باعتبارهم «المدافعون عن الِعرق»، الذين يحرضون على إثارة الرعاع. ولكن ربما كان الأهم من ذلك، أن الدائرة ذاتها التي يزعمون غالبا أنهم يتحدثون من أجلها تتمثل في الشباب الأسود الذين لا صوت لهم، والذين خرجوا في فيرجسون خلال الأسبوع الماضي. ومن ناحية أخرى، أمر حاكم ولاية ميسوري يوم الإثنين الماضي برفع حظر التجوال المفروض في ضاحية «سان»، ونشر قوات الحرس الوطني لاستعادة النظام في المنطقة. وقال الحاكم «جاي نيكسون» إن الحرس الوطني سيكون له «مسؤوليات محدودة» في حماية مركز قيادة بمدينة فيرجسون في ولاية ميسوري، والتي كانت هدفاً لهجمات المحتجين في الليلة السابقة، مضيفاً أن شرطة الولاية ستواصل نشر دورياتها في المنطقة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©