الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سجل الوجدان

سجل الوجدان
20 أغسطس 2014 20:00
«الثورة الشعبية في فلسطين زلزلت إسرائيل، وأقلقت أمريكا. . لكن شرط انتصارها عربي، فساعدها على الانتصار». كان هذا أحد الشعارات الأساسية المعبرة التي رفعها شعب دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة في لجنة الإمارات الأهلية للتكافل العربي عند انطلاقة الانتفاضة الشعبية الباسلة لأطفال الحجارة وآبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وأخواتهم في الأرض المحتلة ضد الممارسات الوحشية الصهيونية هناك. إذاً كانت اللجنة الأهلية التي قامت ملبية نداء الواجب القومي العربي بمبادرة من عشرات الشخصيات والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من أبناء جميع إمارات الدولة لهدفين أساسيين كما يشير إليهما الأستاذ محمد بن حاضر، وهما: الهدف الإعلامي المعنوي لشرح أبعاد الانتفاضة والممارسات التعسفية للعدو الصهيوني، ولتذكير الجيل الحالي بوجه خاص بالقضية الأم وهي قضة فلسطين، معتمدة في تحقيق ذلك على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وعلى عقد المؤتمرات الصحفية، والتعاون مع الجمعيات ذات النفع العام لتقوم هي بدورها أيضاً بشرح أبعاد أهداف اللجنة. . وبهدف آخر هو جمع ما يمكن جمعه من التبرعات المالية والعينية. . وبكثير من الارتياح النفسي يؤكد ابن حاضر أن التجاوب الرسمي والشعبي كان محموداً يستحق الشكر والثناء بشقيه المادي والمعنوي. ولقد كان للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله وأخيه الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم رحمه الله وإخوانهما أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات الفضل الكبير في دعم أعمال اللجنة، وتوفير الأجواء أو التسهيلات لتحقيق أهدافها، وتمكنت اللجنة بفضل التعاون الكبير بينها وبين الأخوة الفلسطينيين من مد يد العون والمساعدة للأخوة الفلسطينيين في الأرض المحتلة. جذور الوعي ولعله من الجدير بنا أن نشير هنا إلى جذور هذا الوعي لشعب الإمارات خاصة، وأبناء الخليج عامة، بأن نتذكر "أن الخليج العربي كان قد تعرض منذ بداية القرن السادس عشر لخطر التغلغل الاستعماري، ولكن حركة التوسع الأوروبي لقيت مقاومة شديدة من قبل إمارات شرق الجزيرة العربية وقبائل الخليج العربي، بل يمكن القول إن المستعمرين الأوروبيين قلما لقوا من المقاومة والتصدي في أي بقعة من بقاع الأرض ما لاقوه في منطقة الخليج. وقد نجح السكان هنا حتى مطلع القرن التاسع عشر في الحؤول دون ترسيخ الأوروبيين لأقدامهم. . وكان لقوة القبائل العربية وحيويتها وتقاليدها البحرية العريقة ومهارتها الملاحية الفائقة الأثر الأكبر في ذلك النجاح" (د. عبد الأمير محمد أمين - جامعة بغداد). ومثل إيمان الإنسان العربي في الإمارات وثقته بالثورة الشعبية والمقاومة الصامدة في وجه العدو الصهيوني وبحتمية الانتصار التاريخية، كذلك أيضاً تعبر شعاراته عن قناعته الراسخة بضرورة التضامن والتكافل والوحدة العربية كشرط أساسي للانتصار، ولهذه القناعة نبع تاريخي بعيد، فمثلاً تفيدنا بعض المراجع «أنه في منتصف الثلاثينيات بدأ العرب يطالبون بتحرير الخليج العربي ويدعون إلى ضرورة المحافظة على عروبة الخليج، وأخذت الأفكار العربية في العراق حول مستقبل الخليج العربي طريقها إلى الكويت والبحرين ودبي وعمان وعدن واليمن. وتشير مراجع أخرى إلى أن بقية أنحاء الوطن العربي أصبحت مهتمة بأمور السياسة في الخليج فعلت منطقة الخليج الشيء نفسه، فأصبحت مهتمة بالأحداث التي تجري بعيداً عن شواطئها. . وكان أبرز استجابة في هذا المجال هو وقع أحداث سنة 1936 - 1939 في فلسطين على أهل الخليج، بما في ذلك سكان «الساحل المتصالح»، الأمر الذي سجل علامة بارزة في تاريخ المنطقة، حيث أرسلت تبرعات سخية إلى فلسطين بعث بها قوم كانوا يعيشون أو بالأحرى يعانون ظروفاً مادية غاية في القسوة. وهنا إشارة إلى دعوة شعار لجنة الإمارات الأهلية للتكافل العربي للالتزام بهذا الشرط العربي للانتصار، وذلك بمساندة الثورة الشعبية في فلسطين، وقبل أن نأتي على تفاصيل هذا الجانب من الوعي والالتزام لشعب الإمارات منذ البعيد وحتى الآن تجاه قضاياه القومية والإسلامية ومساندتها مادياً ومعنوياً، بل وحتى المشاركة المباشرة التطوعية التضامنية، وغير ذلك، نشير إلى ما ينقله لنا الدكتور محمد المطوع على لسان واحد من شخصيات الأرض المحتلة الذي كان في زيارة للإمارات عام 1988م مشاركاً في فعاليات اللجنة الأهلية للتكافل العربي، إذ قال «إنني تفاجأت بالتفاعلات الشعبية الكبيرة التي رأيتها في الإمارات مع الانتفاضة، وبالرغم من أن بعض المعلومات عنها كانت تصلنا في الأرض المحتلة، إلا أن زيارتي القصيرة هذه كشفت لي كم من هامش للتحرك متاح للناس هنا، وكم هو كبير حجم التفاعل القائم مع شعبنا، الأمر الذي مثل وقوداً معنوياً للمنتفضين في الداخل، وكان بمثابة دافع قوي لهم للاستمرار؛ لأنهم تأكدوا أنهم ليسوا وحيدين. . لذلك فكل هذه المظاهر التضامنية القائمة ذات قيمة معنوية هامة، لا شك أن وكالات الأنباء العالمية نقلت صوراً لها إلى الرأي العام العالمي والأوروبي والأمريكي بصفة خاصة، وبالتالي فإنهم سيدركون بشكل أو بآخر أن القضية لها انعكاسات في الوطن العربي ككل، تلك التي ترتبط بها مصالحهم، وأنه فيما لو تمادى الكيان الصهيوني في ممارساته التعسفية أكثر من ذلك فإن الموقف سيتصاعد داخلياً وعربياً". صحيفة ونشرة في هذا الصدد يتذكر عيسى بن محمد المدفع أنه في الثلاثينيات كان تصل إلى الإمارات صحيفة فلسطين، وكان المشتركون فيها الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة آنذاك، والمؤرخ عبد الله بن صالح المطوع وآخرون، وكان رئيس تحريرها محمد علي الطاهر، وكانت تصل عن طريق الهند أو البحرين. . ومحلياً أصدر إبراهيم المدفع صحيفة «عمان» عام 1928، وكانت تتناول القضايا والشؤون المحلية، كما أنه كان يختار أخباراً ومقالات متنوعة من صحيفة فلسطين وينشرها في «عمان» التي كان يحررها بخط اليد ويوزع نسخاً عديدة منها على المهتمين والقراء. أما الدكتور المدني فيذكر «أن فريقاً من الشباب حاول في الثلاثينيات إصدار نشرة كانت تكتب باليد وسموها (صوت العصافير). وكانت تحفل بنتاجات أدبية لشباب ذلك العهد، وتنتقد الأوضاع المحلية بأسلوب لاذع، وتهاجم التدخل الخارجي الذي بدأ يثبت أقدامه في الإمارات. وفي الثلاثينيات افتتحت في الشارقة المكتبة التيمية التي أصبحت مقراً لتجمع عبد الله بن محمود والشيخ سلطان وعبد الله المطوع وآخرين من التجار والمثقفين الذين كانوا يتواصلون من خلال الصحف التي كانت تصل المكتبة مع الأحداث العربية والإسلامية، وعبر الحلقات الدراسية في مسجد السوق، والخطب كانوا ينقلون متابعاتهم واطلاعاتهم إلى غيرهم من أبناء الإمارات، ويتذكر عيسى المدفع بالمناسبة أنه في عام 1936 زار الإمارات أديب وفقيه يسمى عبد الله بن هاشم من مكة المكرمة، ونزل ضيفاً على إبراهيم المدفع، وكان يسافر معهم إلى الهند، وحينما كانت ثورة «القاوقجي مصطفى» مشتعلة في فلسطين كان يعتلي منبر الجامع الكبير في سوق المريجة بالشارقة، ويخطب عن فلسطين والثوار، وقد ألقى في إحدى خطبه قصيدة تداولتها الألسنة آنذاك وهي: يذكرني ليلي أموراً أهمها مصاب وخطب في فلسطين واقع بلاد أناخ الجور فيها بكلكلٍ وقد خربت فيها القرى والمزارع فصار يباباً وهو بالأمس عامر مصائب في تلك الربا ومرابع رمتها يد البغي التي تعرفونها وضاق بأهليها الفضا وهو واسع أصيخوا لصوت الحق أبناء لندنٍ إذا كان فيكم حاضر الذهن سامع وبحكم المتابعة والتفاعل الشعبي في الإمارات مع أحداث الثلاثينيات في فلسطين، وتضامناً مع الثوار هناك فإنه إلى جانب تلك الاهتمامات المعنوية جمع الأهالي فيما بينهم تبرعات مالية وضموها إلى ما تبرع بها الشيخ سلطان، وأرسلت تلك المبالغ إلى القاهرة، ومن هناك إلى الثوار في فلسطين. وحول هذا الجانب من الدعم المادي والمعنوي من شعب الإمارات للثوار الفلسطينيين في الثلاثينيات يشير كل من الدكتور محمد المطوع والأستاذ محمد بن حاضر إلى أن هناك وثائق في مركز الدراسات الفلسطينية تؤكد أنه في عام 1936 قامت مجموعة من أبناء الإمارات بحملة تبرعات لدعم الانتفاضة هناك، ولقد أكد هذه المعلومة المرحوم ماجد أبو شرارة الذي اغتيل في روما، وذلك في المؤتمر الذي عقد في بيروت عام 1981 حول التجربة الوحدوية للإمارات. . فذكر أنه تأكد من ذلك خلال لقاءاته الحية مع الذين عاصروا تلك الفترة من التضامن الشعبي العربي في الإمارات مع الانتفاضة الفلسطينية. وتفيدنا بعض المراجع «أن التأثير الأساسي لأحداث فلسطين عام 1936 عكس نفسه على الأحداث التي وقعت في الحركات الإصلاحية التي قامت في الكويت والبحرين ودبي في نهاية الثلاثينيات، وأن الوعي السياسي الذي تولد في المنطقة نتيجة لتلك الأحداث هو الأهم في هذه الأحداث وانعكاساتها (د. عبد الملك التيمي - جامعة الكويت). وعن الوعي القومي لأبناء الإمارات في الثلاثينيات يعبر الشاعر المرحوم مبارك بن حمد العقيلي في هذه القصيدة التي نستخرجها من ملفات عيسى بن محمد المدفع حيث يقول عام 1938: قف بالقبور وناد الساكنين بها فقد يكون لدى الأموات إحساس لا تبك تونس يا ياسين أو قدسا ولا طرابلس إذ حل بها الباس النار شبت وذي أوطاننا احترقت والرعب أقعدنا والوهن واليأس متى اتحدنا وكنا أمة عرباً ما يقضه زيدنا يمضيه جساس الحق ما كُتبت بالسيف أحرفه مداده الدم والأعناق قرطاس دع الكلام وجرد للحسام إذا شئت البقاء ولا يغريك وسواس لا يهجم الذئب إلا والرعاة همل ومن لها يابن ودي اليوم حراس ضلت بنو العرب منهاج الهدى وغدت يسومها الخسف أنجاس وأرجاس الإذاعات العربية والعالمية وفي الثلاثينيات أيضاً يتذكر محمد بن حاضر ما كان قد أكده عبد الغفار حسين في إحدى دراساته عن أن الشيخ مانع بن راشد آل مكتوم كان عضواً في جمعية إسلامية في الهند كانت تعنى بتحرير المسلمين، وأن هناك خطباً وصوراً موثقة للشيخ مانع في الثلاثينيات حول نشاطاته ضمن تلك الجمعية. وعودة لوسائل الإعلام وخاصة الراديو والإذاعات التي كانت تربط أبناء الإمارات بالأحداث العربية والعالمية، فإن ناصر بن عبد اللطيف السركال يذكر أن أول «راديو» عرفناه في الإمارات هو ذلك الذي جلبه «المستر جيمس» مدير مطار الشارقة عام 1934، وفي يوم وصول الجهاز دعاني أخي عيسى بن عبد اللطيف وخان صاحب حسين عماد للاستماع إليه في الاستراحة التابعة للمطار، وأذكر أن الوقت كان مساء، وكان الراديو ينقل مباراة لكرة القدم باللغة الإنجليزية من بريطانيا، وأذكر أيضاً أن وكيل البواخر بشركة كرى مكنزي واسمه المستر «منديت» هندي الجنسية جلب ثاني راديو، وقد وضعه في منزله ببر دبي، إلا أن سعيد بن بطي بن سهيل لم يعجبه ذلك، فأنذره بإزالته. أما الشيخ عمر عبيد الماجد فيقول: إن أول من جاء بالراديو إلى دبي من المواطنين كان السيد إبراهيم بن خليفة والد عبد الغفور السيد مدير تلفزيون دبي سابقاً، ثم بعد ذلك الرزوقي قنصل بريطانيا في الخليج، وكذلك شخص آخر يسمى مرشد العصيمي، وعند هؤلاء كان الناس يجتمعون للاستماع إلى الأخبار وذلك في سنوات الحرب العالمية الثانية. ويروي الوالد عيسى بن محمد المدفع أن أجهزة الراديو في الشارقة وصلت في أوائل الأربعينيات ولقيت حماسةً كبيرةً للاستماع إليها، فكنا نستمع إلى إذاعة برلين ولندن وإذاعة قصر الزهور العراقية وإذاعة حلب وإذاعة باري الإيطالية. وفي البدايات قلما كان الناس يتظاهرون بالاستماع إلى الراديو خشية الرقابة البريطانية التي كانت مفروضة على المنطقة، فإننا كنا نجتمع في المجالس ونسد النوافذ والأبواب والفتحات، ونتابع أخبار الحرب العالمية وانتصارات ألمانيا، ولقد كانت إذاعة برلين تحظى بالاهتمام الأكبر للمستمعين، وكان المذيع العراقي المعروف يونس البحري يفتح الإذاعة بقوله «حي العرب هنا برلين». وبالمناسبة فلقد زارنا هذا المذيع ذات سنة في الإمارات وكان معمَّراً، أما المذيع الذي عرفناه وكنا نتابعه في إذاعة لندن فهو منير شما، وأكثر ما كانت تشدنا من الأخبار هي ثورة الجيلاني وحرب آل سعود وانتصارات ألمانيا، ويؤكد ذلك محمد عبد الله الشيبه، فيروي أنه في سنوات الحرب العالمية الثانية كان جمع من المواطنين يلتقون عند الشيخ راشد بن حميد النعيمي في الحصن بعجمان للاستماع لأخبار الحرب، ويومها كان الناس يحملون ضغينة على بريطانيا. شعر ومشاعر 1948 باسم الأمة العربية المجيدة، وبعزها وإرادتها ووحدتها وقوتها، نظمت هذه القصيدة في فلسطين، وأملي أن تقوم الأمة العربية بواجباتها في تلبية النداء: (مبارك بن حمد العقيلي - دبي 1937) أقومي وأنتم للمهمات عدة فلسطين تهويدها قرر الخصم لئن نزعت منا فلسطين للعدا وأصبح فيها للصهاينة الحكم ألا لإسلام الآن قوم فاحذروا فقد تكشف الأيام ما ستر الكتم وما يغني عن حمل السلاح صراخكم وأعداؤكم عن غير صوت الظبا صمّ ومن همه في نفسه دون قومه سيصرع صرعاً ما له أبداً لؤم وإن علة أعيا الطبيب علاجها بعضو فأولى البتر كي يسلم الجسم تلك بضعة أبيات من قصيدة مطولة للشاعر المعروف مبارك العقيلي الذي وفد إلى الإمارات من الإحساء وعمره 14 سنة وسكن دبي، فوجد فيها مستقراً حتى توفي عام 1374، وقد تجاوب الشاعر مع عروبته، فحث على النهضة، ودعا للعمل، وكان لفلسطين قصائد متعددة في إنتاجه، حمل فيها على العصابة الصهيونية، ودعا أمته العربية إلى الانتباه لخطرها قبل أن تسمى «العصابة» بإسرائيل. وإذا كانت تلك الأبيات نموذجاً واحداً من قصائد الشاعر واهتمامه بقضية فلسطين فإن هناك الكثير غيرها مما نظمها في الثلاثينيات، ولقد عرضنا إحداها ضمن السياق السابق لهذا البحث من ذاكرة الوالد عيسى بن محمد المدفع «أحد معاصريه»، بينما يفيدنا الأديب العماني المرحوم عبد الله بن محمد الطائي في كتابه دراسات عن الخليج العربي «أن الشاعر العقيلي عالج الدعوة لإنقاذ فلسطين بمختلف الوسائل الأدبية في شعره، وهو في إحدى مقطوعاته يلجأ إلى الإنشاد، فيصوغ نشيداً قومياً في فلسطين، نرجو أن يجد لحناً عربياً يدخل به إلى الأناشيد القومية، نظمه عام 1936م من وهج ثورة القسام المشهورة في ربوع الوطن السليب. وتشير إحدى الدراسات التاريخية إلى «أن الشعور القومي بلغ أوجه في منطقة الخليج بعد القرار الذي اتخذته حكومة الدفاع الوطني في العراق في أيار/ مايو 1941 ببدء الصراع المسلح ضد جيوش الاحتلال»، (الدكتور محمد الداود اختصاصي بدراسات الخليج العربي - بغداد). ولكن رغم كل ذلك نجد في مأثورات كثير من شعراء الإمارات تجسيداً حياً للمشاعر والاهتمامات والوعي والتفاعل الشعبي في الإمارات مع الأحداث والقضايا والهموم العربية والإسلامية، وخاصة مع القضية الفلسطينية وأحداث عام 1948. فها هو الشيخ محمد نور بن سيف يقف منادياً المسلمين للاتحاد بقصيدة مطولة حول فلسطين وتقسيمها: يا مسلمون للاتحاد جدوا بعزم واجتهاد ولتنشروا علم الجهاد فالقدس. . أضحى في اكتراب فيه اليهود لقد بغت والهيئة العوجاء طغت انتكبت إذ قُسِّمت أرض البراق بما يعاق لم تحترم شرف الوعود لم توفِ حقاً بالعهود ويفيدنا الدكتور محمد المطوع - جامعة الإمارات - بأنه استناداً إلى تقارير الحكومة البريطانية عن المنطقة فإن الشيخ محمد نور بن سيف كان في كل خطب الجمعة وخاصة عام 1948 يهاجم السياسة البريطانية في فلسطين ومخطط الصهيونية في الاستيلاء على فلسطين، ونتيجة لمواقفه تلك كانت وزارة الخارجية البريطانية قد بعثت بتعليمات إلى المعتمد السياسي في المنطقة تأمره بمنع هذا الصوت الوطني العربي الإسلامي في الإمارات. قصيدة "النهضة" وها هو أحمد بن سليم، عام 1348هـ/ 1928 يعبر في قصيدة بعنوان «صقر الجزيرة» عن تعصب الإنجليز لليهود على العرب في فلسطين، فيقول: قالوا: خرجت عن الموضوع، قلت لهم: ما موضع القوم إلا نكبة القدس فما فلسطين إلا سوريا وهما إلا العراق بلا لبسٍ ولا دلس هم الأحبة في نجدٍ وفي يمنٍ وفي عمان وفي أقصى طرابلس والله مكة سمّاها بحكمته أم القرى ليعيد القوم للجرس نعم فهمناه منها فهي عاصمة وموقف الحج مجلى كل مقتبس نبه لديك أمير المؤمنين وقل لا تسهَ واغتنم الساعات واحترس لا بد للدين من يومٍ يدل به على الخليقة مرفوعاً عن الدنس في الهند نارٌ وفي جاوا مؤامرة ومصر تمرح مثل اللاعب السّلس وأنت تعلم أن الملك أوله في رونق السيف لا في حكمة الطرس هذا زمانك والإسلام مفتخر بما يخطط من رأي ومن أسس وفي جولة بين «نداء الخليج» تستوقفنا قصيدة «بلفور لم تمخص به عربية»، والتي تقول بعض أبياتها: «بلفور» من هز العروبة فاستوت بعد التربع في الحضيض الأسفل «بلفور» لم تمخص به عربية وبنات يعرب لم يلدن «بمشعل» ثم قصيدة بعنوان «لا تسكنوا غير السلاح» ومن أبياتها: وهم اليهود المعتدون، ونحن من عرفت لهم دون الشعوب صفات نعود إلى التفاعلات القومية لسالم العويس في الأربعينيات وما قبلها، لنقرأ له ثناءه على الجامعة العربية ورجالات مصر في قصيدته «الليل ضجّ للمجد»، وقصيدته المطولة الأخرى بعنوان «الجامعة العربية». ويكتب الشاعر بعد القضاء على ثورة فيصل الدويش وإلقاء القبض عليه سنة 1348هـ قصيدته المطولة بعنوان «وقى اللَّه الحنيفة». وبعد انخذال فيصل الدويش وركوبه الطائرة ملتجئاً إلى العراق سنة 1348هـ يكتب قصيدة بعنوان «رويداً بني نجد». وفي شأن المؤتمر المنعقد في مكة المكرمة سنة 1344هـ/ 1924م يعبر الشاعر عن تفاعله معه بقصيدة مطولة بعنوان «وبعد العسر يسر»، يقول فيها: أوحى سريعاً إلى أرواحنا الفرحا عزم أراه ولمّا يبتدي نجحا بأن يضم رجالَ الشرق مؤتمر ببطن مكة يحوي السادة النصحا وعندما دخل المرحوم الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مكة المكرمة نظم الشاعر قصيدة بعنوان «فتح مكة»، كما نظم قصائد عديدة تدعو القادة العرب إلى التضامن ونبذ الخلافات. وإذا كتفينا بهذه النماذج المختارة من عناوين قصائد شاعر الإمارات سالم بن علي العويس معبرة بصدق ووضوح وشمولية عن المتابعة والرصد والوعي والتفاعل العميق مع القضايا والأحداث العربية والعالمية والإقليمية وآثارها، وإذا اقتصرت جولتنا بين ديوان «نداء الخليج» بتلك المختارات، فإن لنا عودة إلى ظاهرة سالم العويس القومية النموذجية مع أحداث الخمسينيات. الخمسينيات والستينيات وعند تتبع التسلسل الزمني لكبرى الوقائع والأحداث التي شهدتها القضايا العربيـة عامة وقضية فلسطين خاصة، فإننا نكون بعد السرد السابق قد بلغنا أعتاب الخمسينيات من هذا القرن وما يليها من السنوات، حيث نتوقف بهذا البحث عند نهاية الستينيات. والأمر كذلك، فإن ما يستوقفنا عن ظروف تلك الفترة المعنية هي توضيحات الدكتور محمد المطوع من جامعة الإمارات في إحدى دراساته، حيث يقول: «كان ما يميز الوطن العربي خلال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين هو تنامي الوعي القومي العربي في جميع أرجائه، وجاءت القضية الفلسطينية لتعزز إيمان أبناء المنطقة بحتمية الوحدة العربية في مواجهة التشتت العربي. وعمت الوطن العربي حركات الجماهير العفوية ضد الوجود الصهيوني، مما دفع القوى الكبرى إلى اتخاذ سياسات مغايرة للمنطقة. وفي تلك الفترة كانت بريطانيا هي الدولة المستعمرة لأجزاء كبيرة من الوطن العربي، وجاءت الثورة المصرية في 1952 لتدق المسمار الأول في نعش الاستعمار القديم، وأثبتت الحوادث التي عمت الوطن العربي بعد العدوان الثلاثي مدى تنامي الوعي القومي (المطوع - التطورات الإقليمية والعربية والدولية المؤدية لقيام الاتحاد - ص 157 - كتاب ندوة تجربة دولة الإمارات). قصائد من الخمسينيات بعد تلك الصورة العامة عن ظروف الوعي القومي ومداه وعوامله وبواعظه والتي رسمتها لنا مختارات من المراجع المتخصصة، نحاول الآن التعرف إلى مقاييس ومظاهر ذلك الوعي والتفاعل القومي العربي في الإمارات خلال الخمسينيات أولاً. . فهيا بنا نبدأ بما خلده لنا الأجداد والآباء من المأثورات الأدبية المعبرة عن درجة الاهتمام وحجم التفاعل الشعبي المحلي مع القضية الفلسطينية الأم الخاصة، ولا شك أن المأثورات الشعرية في هذا الشأن كثيرة وحافلة، وحسبنا أن نقف هنا على مختارات نموذجية منها. . كمثل هذه الأبيات التي يصف بها الشيخ صقر بن سلطان القاسمي حاكم الشارقة من (1951 - 1965) حال الأمة العربية قائلاً: ونحن - كما يهوى أخو البغي - أمة مفككة حيرى وإن حازها شرق فأهواؤنا شتى، وأفكارنا سدى إذا لم يكن رأي الدخيل لها أفق ومن عجبٍ نشكو من الجوع والظما وأقطارنا خيراتها للعدى دفق تباع وتُعطَى كالرقيق بلادنا فلا قوة منا ولا منهم رفق وجولة بين الإنتاج الشعري للشيخ صقر بن سلطان خلال المرحلة التي نحن بصددها نجد أن لشاعرنا الكثير من القصائد في فلسطين قضية أمتنا الساخنة أبداً، وأنه قد أفرد لها باباً خاصاً في ديوانه (وحي الحق - القاهرة عام 1954) وفي هذا الصدد ينطلق صوت الشاعر مستنهضاً همم العرب من أجل فلسطين، ويدعوهم لبذل دمائهم؛ ذلك لأن فلسطين جزء من الوطن العربي والإسلامي، روتها دماء الأجداد، ورقد في ثراها ساداتهم وأشرافهم وأهل النجدة منهم: فلسطين يا قومي هلموا فإنها لكم ويمين الله قلبٌ وساعد فلسطين يا فخر العروبة هوني عليك وإن كرّت عليك أساود فلا شبر ما لم يجر فيه لنا دمٌ ولا بقعةً إلا بها نام ماجد ولقد كان الشاعر من أوائل من شعر بحظر الدعوات التي بدأت همساً إلى الصلح مع العدو، وكان دعاتها يذكرونها ماضياً على استحياء قبل أن يتبجحوا بها، فقام مع أمثاله يقاوم تلك الدعوات، ويعلن أن هذا لغو لا تنفع مع إلا معه الحزم والقوة والجهاد. وإنا إذا ما نال خصم حقوقنا تلقاه في يوم الغزاة عصيب فلا صلح حتى يحكم السيف بيننا وتنشق في تلك الجيوب جيوب وتفيدنا بعض المراجع التوثيقية عن أحداث تلك المرحلة من التفاعلات القومية في الإمارات خلال الخمسينيات عن قصة ذلك الناظر الوطني الفلسطيني الذي كان قد اعتاد الحديث إلى طلبته في مدرسة الأحمدية في دبي صباح كل يوم لساعات حول قضاياهم الوطنية والقومية، ثم لم تمض على إقامته 6 شهور في البلاد حتى اقتاده الإنجليز مكبلاً وسفروه إلى الكويت. . وفي ذلك اليوم المشهود من عام 56 خرجت تظاهرات عامة تهتف بسقوط الاستعمار وأعوانه، وبحياة جمال عبد الناصر، وتطالب بإعادة الناظر (الحربي - تطور التعليم في الإمارات ص 47). بوكس === 40 صحفياً على نفقة زايد في جبهات القتال في حرب رمضان (أكتوبر) 1973 طلب المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه، التسهيلات لرجال الإعلام الذين يريدون زيارة جبهات القتال العربية في سوريا ومصر، وأن تكون جميع نفقاتهم على حسابه الشخصي. وسافر بالفعل أربعون صحفياً يمثلون أكبر دور الصحافة في بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا متجهين إلى دمشق والقاهرة لتغطية أخبار المعارك هناك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©