السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحمد الدرمكي يتمسك بمهنة أجداده ويواصل التجارة

أحمد الدرمكي يتمسك بمهنة أجداده ويواصل التجارة
3 أغسطس 2011 22:42
في الفترة التي شهد فيها العالم نقصا في المؤن والمواد الغذائية، وساء حال الكثير من دول العالم اقتصاديا بسبب الحرب العالمية الثانية وتداعياتها، لم تكن كل الأسر في الإمارات تعاني من العوز أو قلة في الموارد المالية أو الغذاء، خاصة تلك الأسر التي يعمل رجالها في البحر، لأن الرزق في البحر بيد رب العباد وينتظر من يذهب إليه ليقتنصه، وأيضا الفئة التي عمل رجالها في الغوص بحثا عن اللؤلؤ، حيث كانوا يدخرون بعد كل رحلة ويشترون التمور والغلة من القمح أو الذرة، ولذلك عاشت تلك الأسر في خير. كانت المدن قديماً في معظمها عبارة عن قرى صغيرة نائية بسبب عدم توفر الوسائل الحديثة الخاصة بالنقل، وأسهل وسيلة كانت للنقل هي الإبل، وكذلك المراكب والسفن الشراعية. وتعد مدينة دبا الحصن معقل رجال البحر وأسودها الذين برعوا في مواجهة مخاطر البحر، والذين كانوا فرسانا يدافعون عن الوطن ضد المحتل، ومن رجال دبا الحصن الكثير ممن أصبحوا أثرياء بعد ما تخصصوا في الصيد أو في تجارة الأسماك، ومنهم الجد الأكبر لشخصية اليوم وهو أحمد بغداد الدرمكي، الذي سمي على اسمه أحمد بن عبدالله، حيث التقيناه في منزله بمدينة دبا الحصن مع أسرته وقص علينا ذكرياته. ولادته ونشأته ولد أحمد بن عبدالله الدرمكي في عام 1956، وهو يتذكر بعض ما كان يحدث في مراحل بعيدة تعود إلى الستينيات، وكان والده قد أخبره وقص عليه بعض الأحداث التي مرت عليهم، ومنها أن والده لم يغادر الوطن للبحث عن عمل من أجل الرزق، لأن مهنة الصيد كانت تدر عليه الكثير، إلى جانب أن الجد أحمد الذي لقب بأحمد بغداد كان يتاجر بالأسماك ويكثر من السفر إلى بغداد حاملا الأسماك البحرية المجففة والمملحة، ولكثرة سفره وبقائه طويلا في العراق لقب بأحمد بغداد. كبــر أحمد في منطقــة الطرف الشمالي من المدينة التي كانــت قرية صغيــرة، وكــان منـــزل الأسرة على البحر مباشرة، وعمــل أبنــاء الجد أحمد، ومنهم عبدالله والد ضيف اليوم مع إخوته، في ذات المهنة التي وجدوا عليها أباءهم، وقد رأى أحمد والده عبدالله يذهب إلى البحــر في الصباح وفي المساء، ولذلك كان الخير وفيــرا لدى الأســرة، لأن رزق الله في البحر وعداً منه لعباده، ولا يتحكم فيه بشر ولذا كان يدر عليهم ربحاً، يستطيعون أن يعيشوا منه برفاهية ويدخرون جزءا آخر منه. شغفه بالبحر بدأ أحمد مرافقة والده إلى البحر للصيد وهو في عمر العاشرة، ولذلك لم يدخل إلى المدارس النظامية الصباحية، وقام والده بتسجيله في الفترة المسائية، وشغف أحمد بالبحر وبات لديه حافزا يدفعه نحو الصيد، والحوافز كانت مغرية لدرجة أنه وجد أن نجاحه كصياد شهادة مثمرة، ولكن ذلك لم يثنه عن التعليم، وفي ذات الوقت كان يثقف نفسه، فهو لا يريد أن يكون تاجراً فحسب، وإنما كان يتطلع ليكون له شأن في بلدته. تعلم أحمد الدرمكي قبل المدرسة عند المطوع سعيد بن زايد وعند مريم بنت زايد، حيث حفظ القرآن وختمه تلاوة، في نفس الوقت تعلم من والديه حرفة الرعي للاهتمام بحلال الأســـرة، وهو يقضي بعضــا من الوقت عند شاطئ البحـــر يلعب “التبة والقبة” الــتي تعد من الألعاب الشعبية، ويتذكر أن كل أسرة كانت تحــرص على أن لا يخرج الأبــناء بعــد الغداء للعب خــارج البيت، لأن الجميع يهتمون بالمقيل ظهرا وأن الطائر لا يطير في الظهر، ولذلك يعد شيئا مكروها أن يترك الأطفال للعــب ظهــرا خارج البيت، ولكن إن كانت هناك حاجة ملحة أو عمل طارئ فلا بأس أن يرسل أكبر الإخــوة لذلك الأمر، ليعـود سريعا بناء على وصية وتحذير من الأسرة. اعتاد أحمد الذهاب للبحر في الصباح الباكر وحتى وقت الظهيرة، وبعد صلاة العصر يذهب إلى المدرسة، وكانت مدرسة الخالدية تعد الأولى في المنطقة، وبعد انتهاء اليوم الدراسي، يعود للبحر ليأتي بالصيد، وكان يطلق على وقت الذهاب إلى البحر في الظهيرة والبقاء حتى الفجر “البايت”، ويذكر أنه لم يكن ينام كفاية حيث كان يقضي جل وقته في الصيد أو الدراسة، وعندما يجد وقتا لنفسه فإنه يحب أن يذهب للعب كرة القدم ضمن الفرق التي تتكون في الحارات أو الفرجان، ولذا كان من أوائل من انضموا لنادي دبا الحصن، وكانوا يتبارون مع فريق دبا البيعة وديا، وربما ذهب الجميع إلى كلباء أو خورفكان للعب هناك. يذكر الدرمكي أن والده كان لا يحب أن يراه إلا في البحر، ولذلك عندما وجده يذهب إلى النادي ويقضي فيه وقتا طويلا، عمد إلى حرق حذائه الرياضي، تعبيرا عن استيائه ولكي يمنعه من الخروج للنادي، وقد أثار ذلك سخط أحمد إلا أنه لم يكن يتذمر أمام والده وكان يحب أن يطيعه، خاصة أن والده كان قد تعلم القرآن قراءة وحفظاً، ولذلك كان ينصحه بما جاء في الكتاب الكريم، وأحمد يجد أن غالب ما يقوله والده له، كان يصب في مصلحته. مسؤول عن المستودعات تقدم أحمد للعمل في وظيفة عام 1978 في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وقد سبق له العمل في جمعية الأغذية التي كانت مكلفة بتقديم المؤن الغذائية المدعومة لمدة ثلاث سنوات، وكانت وظيفته مسؤولا عن المستودعات، وعندما انتهت مهمة تلك الجمعية، تم تحويل جميع موظفي تلك الجمعية إلى وظائف في الوزارات، بحيث يترك للموظف أمر اختيار الجهة التي يرغب في العمل فيها. يتذكر أحمد أن الدولة قد خصصت لجانا تتحرى وتسأل عن سلوكيات الموظفين، والبحث حول ما إذا كانوا أكفاء ويستحقون العمل في الأماكن الجديدة، وعندما سجل أحمد طلب وظيفة في وزارة العمل ذهب إلى إمارة أبوظبي ومن هناك تم تحويله من قبل الوزير إلى إمارة الشارقة، حيث بقي فيها لمدة شهر ثم تم تحويله من هناك ليعمل في نيابة خورفكان في وظيفة كاتب، ومن تلك الوظيفة انتقل إلى قسم الحقوق بمحكمة مدينة خورفكان. زواج وذكريات في عام 1980 تم فتح فرع محكمة في مدينة دبا الحصن فوجد أن تلك فرصة رائعة لينتقل إلى مدينته ليستقر فيها، وقد سألنا أحمد عن زواجه، فأخبرنا أن والده قد فاتحه في أمر زواجه عام 1974، وكان حفل الزفاف في فصل الصيف. وكانت زوجة أحمد وأفراد الأسرة يحضرون مقابلتنا التي أجريناها معه، ولذلك كان أحمد يتذكر مع زوجته تلك الفترة من عمرهما الصغير، وكيف كان العرس يستمر لمدة أسبوع، والتحضير له يبدأ قبل ثلاثة أشهر من ليلة الزفاف، خاصة أن زهبة العروس وهي حليها الذهبية والملابس والعطور وبقية المستلزمات، كانت تملأ ما يقارب ثلاثين حقيبة سفر بالنسبة للموسر. من عادات الزفاف أن يتم عرض تلك الزهبة أو الجهاز على كل بيت، وإن نسي أهل العروسين أحد البيوت وقام أحدهم بتذكيرهم بأن بيت فلان مثلا لم تعرض عليهم زهبة العروس، فإنهم يحملونها لذلك البيت كي يفرحوا معهم ويشعروا أنهم مقدرون، وعبر أحمد عن سعادته بأنه ناسب أحمد بن محمد بن يعروف الذي يعد من أشهر الغواصين الباحثين عن اللؤلؤ. تاجر أسماك استمر أحمد في وظيفته حتى كتابة هذه السطور، كما أنه بقي لديه ولاء تجاه النادي الذي قدم له الوقت والجهد لمدة 25 عاما، أشرف خلالها على نشاطات الفرق وشارك في الكثير من المخيمات الرياضية داخل وخارج الدولة، ويعتبر من أشهر العاملين في المجال التطوعي، فهو أول من قدم جهاز حاسوب لمدرسة البنات، كما أنه يشارك ويساهم في جميع الفعاليات التي تقام في دبا الحصن، وعندما توفي والده عام 1993 اشترى من الورثة المحل التجاري الذي كان يملكه، والمتخصص في تجارة الأسماك وهو يدير مصنعا للأسماك الطازجة والمملحة، والتي اشتهر بها والده من قبله وهو يجد فيها الرزق الوفير.
المصدر: دبا الحصن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©