الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الغضب جمرة توقد في القلب بأصابع الشيطان

الغضب جمرة توقد في القلب بأصابع الشيطان
3 أغسطس 2011 22:46
من المعلوم لديك أخي الصائم، أن تصرفات الناس في الدنيا تختلف، فمنهم من هو، رزين العقل، حليم الصفات، ومنهم من هو، حاد الطبع، سريع الغضب، وقد روي أن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه قال عن الغضب: “إن الغضب جمرة توقد في القلب، ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه، وحمرة عينيه، فإذا وجد أحدكم شيئاً من ذلك، فان كان قائماً فليجلس، وإن كان جالساً فلينم”. فالغضب إذن شعلة من النار، مقرها القلب، تهيج حينما يشعر الإنسان بضر يصيبه، أو خطر يتربص به، والغضب ليس داء، مثل الكبر والرياء والحسد وغيرها إنما الداء هو سرعة الغضب، فالسرعة فيه هي الداء، وإنما الغضب انفعال داخلي، جعله الله تعالى في نفوس الأحياء، لدفع المخاطر، وحماية النفس، وحفظ مقومات الحياة، وهي الضرورات الخمس، التي حفظتها الشريعة، وتشمل الدين، والبدن، والعقل، والعرض، والمال، لأن الإنسان لا بد له من حمايتين: - حماية داخليه من نفسه ضد نفسه وهواه، وهذا يتطلب مقاومة فعل النفس والهوى، بما يضاد هذا الفعل. - حماية خارجية، تحميه من الأضرار والمخاطر الخارجية، وقد أجاز الشرع للإنسان متى انتهكت إحدى هذه الحرمات أن يغضب، شريطة أن يكون الغضب في حدود رد العدوان، بغير تجاوز، ولا ظلم، ولا اعتداء. الاستعاذة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب حتى تحمر وجنتاه إذا انتهكت حرمة من حرمات الله تعالى، فكان غضبه صلى الله عليه وسلم لله تعالى، والغضب ليس مرضاً، ولو كان مرضاً، ما غضب النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى الرغم من ذلك فإننا نسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتعوذ من الغضب، ومن أثاره، ففي الحديث الذي رواه مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يغضب حتى تحمر وجنتاه، فيقول: “اللهم أنا بشر، أغضب كما يغضب البشر، فأيما مسلم سببته، أو لعنته، أو ضربته، فاجعلها مني صلاة عليه، وزكاة، وقربة تقربه إليك يوم القيامة، يريد صلوات الله وسلامه، أن يستحل ذمته، سواء فعل ذلك، أم لم يفعله”. وتنقسم أحوال الناس مع الغضب إلى ثلاثة أقسام: فهم بين أفراط وبرودة واعتدال، فهناك شخص مفرط في غضبه، سريع الاستفزاز شديد الغضب بطيء الاسترضاء. وهناك شخص بارد الطبع، لا يغضب حتى وإن انتهكت أشد الحرمات. وأما الاعتدال في الغضب فهي الصفة التي ينبغي للمسلم أن يكون عليها وهذا هو المطلوب شرعاً. للغضب دواع وأسباب يلزم بيانها والاحتراز عنها منها: - الحرص على الدنيا، ويأتي في مقدمة أسباب الغضب، فالإنسان إذا فاته شيء، أو سُلب منه شيء من عرض الدنيا، يتأجج الغضب في صدره، وقد تظهر من آثاره ما لا تحمد عقباه. - الشيطان يوقع بين الناس، يقول الله تعالى (قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن أن الشيطان ينزغ بينهم) “الإسراء، 53”، فالشيطان يوسوس بين الناس بالبغضاء، يريد أن يوقع بينهم العداوة، والبغضاء، فيغضبوا، ومتى غضبوا ظفر هو بهم. - الزهو والعجب، فالإنسان الذي لديه زهو، أوعجب بفكره، أو منصبه، أو ماله، أو نسبه، أو جماله، أو غير ذلك، يحب أن يمدحه الناس، فان لم يجد هذا المديح، أو صادف شيئاً يضاد ما يجد في نفسه، من زهو، وعجب، فانه يجد في ذلك، مدعاة للغضب، ومثال ذلك، قريش التي غضبت على النبي صلى الله عليه وسلم، حسباناً منها أنه يسفه أحلامها بالزعامة والرئاسة. لا تغضب ليس المطلوب استئصال الغضب، وقطع شجرته، بل المطلوب توجيهه وترشيده، بحيث يكون متوافقاً مع منهاج الله وشرعه، وهذا هو ما قصده النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني قال: لا تغضب، فردد الرجل مراراً، فقال له النبي في كل مرة: (لا تغضب) وعلى هذا فتنقسم أساليب تسكين وترشيد الغضب إلى حسية، وأخرى نفسيه. أما الحسية فمنها: الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، ففي الحديث استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل أحدهما يغضب، ويحمر وجهه وتنتفخ أوداجه، فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأعلم كلمات، لو قالها لذهب عنه ذا، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقام إلى الرجل رجل سمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل تدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: لا قال: إني لأعلم كلمات لو قالها لذهب عنه ذا، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقال الرجل: أمجنونا تراني. ومنها الوضوء. فعن عطية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن الغضب من الشيطان، وأن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ. رواه أحمد وأبو داوود ومنها تغيير الوضع أو الحال. فعن أبي الأسود عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا غضب أحدكم وهو قائم، فليجلس، فان ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع. سمير عبده مطر كيف يعالج الإنسان نفسه؟ الأساليب النفسية التي تخفف من الأسباب المهيجة للغضب، منها: أن يعالج الإنسان نفسه من داء الحرص على الدنيا، وذلك بأن يؤمن يقيناً بأن الله تعالى هو مقسم الأرزاق من جاه ومنصب ومال وبنين وغيرها وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما فاته لم يكن ليصيبه، قال تعالى: “أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات”. ومنها إخماد الرغبة في الانتقام والتشفي وهي أخطر ما في الغضب، إذ ان هذه الرغبة متى ما تمكنت من صاحبها حجبت عقله وفكره، وإخمادها يكون بالتسامح والتراحم والعفو والتعود على ذلك مصداقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إنما الحلم بالتحلم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©