الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوفاء لأصحاب الفضل ورموز المجتمع واجب أخلاقي وسلوك حضاري

3 أغسطس 2011 22:47
الوفاء خلق من الأخلاق التي تفسر معدن الأصالة في نفس المسلم، كما أنه خلق قرآني قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) “النور، 25”، فقد ذكرت الآية كيف أن الله تعالى يفي لعباده ما وعدهم به في الدنيا والآخرة. وأهل الفضل هم من تميزوا في الناس بالعلم والحكمة أو الصلاح أو كبر والسن، أو من تولى أمور الناس ورعايتهم، وقد أشار إلى قسم منهم النبي صلى الله عليه وسلم فعن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ من إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فيه وَالْـجَافِي عنه، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ) “سنن ابي داود”. والوفاء لهذه الصفوة من الناس واجب أخلاقي وسلوك حضاري يعالج البنية السلوكية لقيم المجتمع الراقي، فلكل مجتمع رموز يجب احترامها والتعامل معها لما حباهم الله تعالى به من فضل أو لما يمثلونه من خصوصيات في مجتمعاتهم، وقد أشار القرآن إلى خلق يجسد معنى الوفاء لرجل صالح في أيتام له لم يرشدوا إكراماً لصلاح أبيهم قال تعالى (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْـمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً...) “الكهف، 82”. الإحسان بالإحسان وفي إطار التربية السلوكية للوفاء بالشكر والذكر فقد حث القرآن على الوفاء لهم سواء كان بمقابلة إحسانهم بالإحسان قال تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَا الإِحْسَانُ) “الرحمن، 60” أو ذكر أفضالهم وشكرهم والدعاء لهم وفي الحديث عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (... وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لم تَجِدُوا ما تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا له حتى تَرَوْا أَنَّكُمْ قد كَافَأْتُمُوهُ) “أبو داود”. وطرق الوفاء لأهل الفضل كثيرة منها توقيرهم وإجلالهم، كما مر في الحديث أعلاه والذي ذكر أصنافا ثلاثة من رموز المجتمع وهم: ذو الشيبة المسلم، وهو من شاب وكبر في الإسلام، وهي دعوة أكدها النبي صلى الله عليه وسلم لأنها تعلم الوفاء ففي الحديث قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (ليس مِنَّا من لم يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا) “الترمذي”، أي ليس من مجتمعنا في طباعه وتقاليده. من لم يف للكبير حق الاحترام، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم عد إكرام الكبار دَيْنٌ يتقاضاه الشاب إذا كبر ففي الحديث عن أَنَسِ بن مَالِكٍ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (ما أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخاً لِسِنِّهِ إلا قَيَّضَ الله له من يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ)، “الترمذي” أي عند شيخوخته. أهل العلم ثم خص الحديث بالإجلال أهل العلم وحفظة القرآن، بشرطين الأول عدم المغالاة والتطرف في فهمه والثاني عدم هجرانه وتركه فمن كان من أهل القرآن والعلم منتهجا وسطية في التصور والفهم فقد وجب الوفاء له باحترامه وتوقيره، فهم حملة الوحي وورثة الأنبياء، لأنه من إكرام الله تعالى، كما أنه تعزيز للقيم الأخلاقية التي دأب عليها مجتمعنا من تقدير أهل العلم والقرآن والوفاء لهم، وقد روى عن ابن عباس: أنه أخذ بركاب زيد بن ثابت قال له: لا تفعل يا ابن عم رسول الله فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا. فأخذ زيد يد ابن عباس فقبلها فقال له: لا تفعل فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بآل رسول الله، “ابن بطال”. ومن طرق الوفاء لأهل الفضل، ذكر صنيعهم وشكر محامدهم، وقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى تأصيل خلق الوفاء عموماً ومنها فيما بين العبد وربه وما بين العبد وعموم الناس فمن الوفاء لله تعالى بيان فضله بإظهار نعمه تأصيلاً لمعنى الوفاء من خلال الشكر للمنعم قال صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللهَ يحب أن يرى أثر نعمته على عبده”، (الترمذي)، وقد نعى القرآن أقواماً يستترون عن ذكر فضل الله عليهم فقال تعالى” ( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً) “النساء، 37”، بل إن الله ذم انعدام الوفاء له بذكر فضله فقال تعالى: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ، بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) “آل عمران، 180”. وكذلك هو أمر الوفاء فيما بين الناس خصوصاً لأهل الفضل فإذا كان الوفاء في العهود من صفات المسلم فإن الوفاء بالشكر لمن أحسن إلينا حق يذكره الأوفياء لأهل الفضل، وقد أوعز النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذكر الفضل لأهل الفضل والمبادرة إلى شكر صنيعهم والدعاء لهم. د. عمر شاكر
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©