الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النفس الظالمة تعاقب في الدنيا والآخرة وعليها تجنب دعوة المظلوم

النفس الظالمة تعاقب في الدنيا والآخرة وعليها تجنب دعوة المظلوم
3 أغسطس 2011 22:48
من الذنوب العظيمة التي حرمها الله على عباده ورتب عليها العقوبة في الدنيا والآخرة، الظلم، والنفس الظالمة تظلم نفسها أولاً قبل أن تظلم الناس قال الله تعالى: (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار) “سورة إبراهيم، الآية 42”، وقال عز وجل: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون) “سورة النمل، الآية 52. ويقول الدكتور عبد الجواد المحص، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر: من صفات النفس الإنسانية أنها تظلم نفسها وتظلم غيرها، قال الله تعالى: (ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون) “سورة يونس، الآية 54”، والظلم هنا معناه الشرك، فالنفس عندما تظلم نفسها بشركها وكفرها بالله لو استطاعت أن تفتدي بالمال والكنوز من النار ما بخلت على نفسها، ولكنها عندما ترى النار تندم على ما فعلت من ظلم، وهذا دليل واضح على إعجاز القرآن الكريم في تأثيره على النفس الإنسانية بظلمها وعبادتها لغير الله والقرآن الكريم أبرز ندم النفس على ما صنعت من ظلم وكفر بالله حتى يحتاط المؤمن لآخرته وينيب إلى ربه. نهي وعقاب ورد نهي شديد وعقاب ووعيد للنفس الظالمة في السنة النبوية، كما جاء في الأحاديث القدسية والنبوية عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدون أهدكم ...) هذا الحديث يدل على تحريم الظلم ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحذر أصحابه من ظلم الناس؛ لأن المرء يوم القيامة يحاسب عن كل صغيرة وكبيرة، ويجب على الإنسان المؤمن أن يحرص على براءة ذمته من حقوق الآخرين، وأن يتحلل منهم قبل يوم القيامة، حيث لا درهم ولا دينار وإنما الحسنات والسيئات، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: “من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منها بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه”. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: “الظلم ظلمات يوم القيامة”، وفي هذا الحديث تحذير من الظلم والحث على العدل والشريعة الإسلامية قائمة على العدل تأمر به وتنهى عن الظلم، قال تعالى: (إن الله يأمر بالعدل)، وقال تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون)، فالإيمان عدل والشرك بالله ظلم. وأعظم الظلم وأشده الشرك بالله كما قال تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم)، والنفس الظالمة تخل بواجباتها تجاه الله تعالى ولا تقوم بأصول الإيمان ولا بشرائع الإسلام من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت الحرام والجهاد في سبيل الله قولاً وفعلاً. ومن الظلم العظيم أن يخل العبد بشيء من حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأرحم بهم وأرأف بهم من كل أحد من الخلق في محبته وطاعته وتوقيره. النفس الظالمة النفس الظالمة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: ظلم العبد نفسه بالكفر والشرك والنفاق، قال تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) “سورة الأنعام، الآية 82”، وروى عبد الله بن مسعود أنه لما نزلت هذه الآية شق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: “ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه: (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) “سورة لقمان، الآية 13”، وصاحب هذه النفس الظالمة لا يغفر الله له إذا مات عليها بل هو ملعون مطرود من رحمة الله: “ألا لعنة الله على الظالمين”. وهناك ظلم بين العبد والناس ومنه أكل أموال الناس بالباطل ظلما وعدوانا مثل أكل مال اليتيم أو السرقة والغش والربا وقال الله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) “سورة البقرة، الآية 188” وظلم الناس بالقتل والضرب والشتم وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: “صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس”. واتهام الناس ورميهم بما ليس فيهم وقال الله تعالى: (ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا) “سورة النساء، الآية 112”. وظلم المرأة حقها من صداق ونفقة وكسوة أو الاستيلاء على مالها كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: “ما من ذنب أحرى أن يعجل الله تعالى العقوبة لصاحبه في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم”. دعوة المظلوم لذلك يجب على الإنسان صاحب النفس الظالمة أن يتجنب دعوة المظلوم؛ لأنها مستجابة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: “ثلاثة لا ترد دعوتهم الإمام العادل والصائم حتى يفطر ودعوة المظلوم تحمل على الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب عز وجل: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين”. ومن الظلم بين العبد والناس الاعتداء على أراضي المسلمين قالت عائشة - رضي الله عنها - إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: “من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين”، أي يجعل طوقا في عنقه يحمله لا من أرض واحدة بل من الأرضين السبع. ومن الظلم مطل الغني أي عدم سداد ديون الناس عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: “مطل الغني ظلم”، فمن كان مدينا لإنسان واستطاع السداد فلا يجوز المماطلة في السداد؛ لأن هذا من الظلم. ومن النفوس الظالمة أن يظلم الإنسان نفسه بالمعاصي والذنوب التي دون الشرك بالله وصاحب هذه النفس يكون تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وستره وقبل توبته قال الله تعالى: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير) “سورة فاطر، الآية 32”، وقال تعالى عن نبي الله موسى عليه السلام: (قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم) “سورة القصص، الآية 16”. لعنة الله على الظالمين قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: “إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره، فيقول: أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم أي رب حتى إذا أقر بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك قال: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته، وأما الكافر والمنافق، فيقول الأشهاد: (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين) “سورة هود، الآية 18”. ومهما يطول الزمان بالظالم، فإن الله تبارك وتعالى لا بد أن يحاسبه ويشدد في حسابه قال الله تعالى: (فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد) “سورة الحج، الآية 45”، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: “إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته”.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©