الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المتكبرون يستنكفون ولا يقرون بالنصيحة

المتكبرون يستنكفون ولا يقرون بالنصيحة
3 أغسطس 2011 22:49
إن الكبر مرض قلبي شديد الخطورة من سلم منه فقد سلم ومن أصيب به فهو على خطر عظيم في الدنيا والآخرة، وقد يظن بعض الناس أن الكبر هو الظهور بأجمل صورة وأحسن ثياب وليس الكبر، كذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر”، فقال رجل ان الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسناً، فقال صلى الله عليه وسلم “ان الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس” (مسلم). وبطر الحق أي رده وعدم قبوله وغمط الناس، أي احتقارهم، فالمتكبر يفخر بما ليس له فيه كسب على الحقيقة، ويدعي ما ليس له، وعلى هذا فان الكبر هو تغيير لإسناد مصدر الأشياء عن صاحبها، وادعاء ما ليس للإنسان، بنسبة نعمة الغير إلى نفسه، والتعالي بذلك، وإذا نصح أحد المتكبر بألا يدعي لنفسه ما ليس لها، استنكف واستكبر ولم يقبل النصيحة. والكبر خلق في النفس باطني يظن صاحبه أن فيه صفات ذاتية أفضل من غيره فيدعوه ذلك إلى البطر وغمط الناس. وعلى هذا فلا بد للإنسان أن يعرف أقسام الكبر، حتى لا يقع فيه. أنواع الكبر الكبر باطني وظاهري، أما الباطني فهو: خلق في النفس يقوم على اعتقاد الأفضلية، والتعالي بها، سواء في نفسه، أو على غيره، وتسمى هذه الصفة عزة وعظمة. والإحساس بالعظمة يجعل صاحبه ينتفخ نفخة، استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم منها، فقال: أعوذ بك أي بالله تعالى من نفخة الكبرياء. وكذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لرجل يريد أن يعظ الناس بعد صلاة الصبح: أخشى أن تنتفخ حتى تبلغ الثريا. ثم إن هذه العزة، وتلك العظمة، تقتضيان أعمالاً في الظاهر، وتصرفات في الواقع، هي ثمرات لتلك الخصلة، وهو القسم الظاهر من الكبر، ويقصد به تلك الأعمال التي تصدر عن المتكبر من رد الحق، واحتقار الناس وغيرها. والناس في آفة الكبر على ثلاثة أحوال: الأولى: شخص استقر الكبر في قلبه، ولكنه يعمل للتخلص منه، فهو يجاهد في تركه. الثانية: شخص استقر الكبر في قلبه، فهو متلذذ به، ويظهر عليه، إما على أفعاله، بأن يترفع على الناس، ويخاصم من لم يبجله ويقدره تقديراً زائداً. أو يظهر الكبر على أقواله، بأن يحدث به الناس افتخاراً بما يظن أنه فيه من علم أو حسب، أو نسب، وغير ذلك. وهذا بنوعيه قد استشرى المرض في قلبه، فهو على خطر عظيم إن لم يأخذ بأسباب العلاج. الثالثة: يريد أن يتشبه بالمتكبرين، كمن يريد دخول الحمى جاهلاً بالخطر، فأولى له المعرفة والخروج، قبل أن يقع في دائرة المتكبرين. والتكبر على الناس، وهو استعظام النفس على الغير، وهو ممقوت من جهتين. الأولى: إن الكبر والعز والعظمة والعلاء، لا تكون، ولا تليق إلا بالملك القادر الخالق الواهب واجد الوجود سبحانه الذي لا تعتريه الأغيار، ولا ينال منه الليل ولا النهار، بخلاف العبد، فهو مخلوق، يتصف بصفات النقص، وتعتريه الأغيار، فالعبد يستحيل أن يتصف بصفات الرب سبحانه. والجهة الثانية: إن الاستقرار على صفة، والاستمرار عليها، مع عدم ملكيتها صعب عسير، فقد يكون الإنسان عزيزاً اليوم، ذليلاً غداً، فكيف يتكبر بشيء لا يملك استقراره عنده، ولا استمراره عليه، وقد رأينا مصير إبليس، لما استكبر بما لم يملكه، ولم يستطيع ضمان دوامه والاستمرار عليه، فإبليس، أثبت لنفسه الأفضلية لما قال: (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) “الأعراف، 12”. غضب الله ومن تكبر يجازيه الله عز وجل على كبريائه في الدنيا والآخرة أما في الدنيا فمنها أولاً: غضب الله تعالى قال صلى الله عليه وسلم: من تعظم في نفسه واختال في مشيته لقي الله تعالى وهو عليه غضبان. ثانياً: الصرف عن الاتعاظ بآيات الله تعالى قال تعالى: سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق. ثالثاً: لا ينظر الله تعالى إليه فلا يحالفه التوفيق، قال صلى الله عليه وسلم: لا ينظر الله إلى رجل يجر إزاره بطراً أي كبراً. رابعاً: لا يؤمن عليه الخسف، قال صلى الله عليه وسلم: (بينما رجل يتبختر في بردته إذ أعجبته نفسه فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة). وأما في الآخرة، فكثيرة أيضاً وفيها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر) الطبراني والأحاديث في ذلك كثيرة. العلاج وعلى هذا، فان إزالة الكبر من القلب فرض واجب وحتم لازم، وهو لا يزول بمجرد التمني بل بالمعالجة والصبر والمثابرة للخلاص منه ومقامات علاجه تتضح في الأمور التالية: - أن يعرف الإنسان ربه حق المعرفة، فان فعل ذلك علم إن الكبرياء لا يجوز إلا لله والعظمة لا تجوز إلا له سبحانه فلا يجوز له وهو المخلوق أن يأخذ صفة من صفات خالقه وخالق الأشياء كلها ليتكبر بها على الخلق؟ الكبرياء ردائي والعظمة فمن نازعني فيهما قسمته ولا أبالي. - أن يتفكر الإنسان في حقيقة نفسه ووصفاتها وأحوالها ويتدبر في قوله تعالى (قتل الإنسان ما أكفره من أي شيء خلقه) “عبس 17”، حيث بينت الآية الكريمة أن الإنسان لم يكن شيئاً مذكوراً، بالتالي فهو لم يعتمد على نفسه في خلقه ولا وجوده ولا ما عنده وما يتراءى له غير ذلك إلا بفعل الكبرياء والعظمة. التسليم - التسليم بمشيئة الله تعالى وقدرته في ما يجري من أرزاق بين الخلق أياً ما كان نوع هذا الرزق، مثلاً لولا تسخير الله الحديد لبني البشر ما استطاع أحد أن يستفيد منه، ولكن التسخير هو الذي ألانه قال تعالى (والنا له الحديد) “سبأ، 10” فليونة الحديد منه ربانية، وقد يظن الإنسان حين يستعمل الحديد كما شاء أنها قوة بشرية فعدم التسليم بالحقائق يجعل الإنسان ينسب إلى نفسه ما ليس له ويتكبر على الخلق وذلك هو الشقاء. - أن يمنع نفسه عن استعذاب سماع ثناء الناس ومدحهم حتى لا تتعود نفسه على هذا المدح فتتشبع بصفات تكون مناطاً للكبر. - أن يكثر من قراءة القرآن الكريم خصوصاً الآيات التي تتحدث عن جزاء المتكبرين في الدنيا والآخرة. - الدعاء إلى الله تعالى أن يخلصهم من الكبر ويقيهم منه خاصة في وقت السحر. - النظر إلى أصحاب القدرات والعظماء والأخيار الذين لم يتكبروا. سمير عبده مطر
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©