الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شهر الصبر

3 أغسطس 2011 22:49
الصبر سلاح المؤمن الصادق يتحصن به عند الملمات والمكاره، وتكررت مادة الصبر أكثر من مائة مرة في القرآن الكريم، وفي ذلك دلالة على بالغ عناية القرآن بهذه الصفة، وأثنى على الصابرين غير مرة، ووعدهم فوزاً مبيناً في الدنيا والآخرة، وجعله مفتاح كل باب مغلق ومرقاة لكل مطلب بعيد، وسبيلاً للظفر في الشدة والرخاء. ورمضان مناسبة لتأصيل فضيلة الصبر في المؤمن الصائم، قال صلى الله عليه وسلم: َالصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ (أحمد). أفضل أنواع الصبر الصيام فإنه يجمع الصبر على الأنواع الثلاثة: فالصائم يصبر على طاعة الله عز وجل ويصبر على ترك شهواته، لله، ونفسه قد تنازعه إليها ولهذا جاء في الحديث القدسي: “يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي”، وفيه يصبر على الجوع والعطش، والأرقى من ذلك صبره على أذى الناس وكظم غيظه وعدم رد فعله، يقول صلى الله عليه وسلم: “الصيام جنة فلا يرفث، ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم مرتين، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلى، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها”. حديث صحيح، رواه البخاري في الجامع الصحيح. لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمي شهر الصيام شهر الصبر، وليس دائماً يكون الصبر مرتبطاً بالمصائب، فإن حياتنا اليومية كلها لا تقضى حوائجها إلا بالصبر، صبر الطالب على طلب العلم والمداومة على تحصيل المعرفة، صبر المراجع الذي يريد أن تقضى معاملته بسرعة وعلى حساب المنتظرين، صبر السائق وهو ينتظر دوره في السير وفق قوانين السير وآداب الطريق وأخلاقيات المناوبة دون مجاوزة ممنوعة قد تكون عواقبها مهلكة، أو دون احترام الغير. فالصبر بهذا المفهوم يعد سر الحياة وسبب الاستقرار النفسي والاجتماعي، فالمؤمن عندما يصاب في بدنه أو ماله أو أحد أقاربه لا يجزع، ولا تضيق فسحة الحياة في وجهه، بل يجد في إيمانه قوة تدعم ضعفه وتشده إلى ربه في رحاب فضله الذي يخلف ما فات خيراً منه. وقد يصاب الإنسان في بدنه، ومما يساعده على البرء حالته النفسية، فإن كان صابراً متحملاً قوي الثقة بالله كان ذلك خير ما يساعده على التغلب على المرض الذي ألم به، أما إذا انهارت نفسه واشتد به عامل الخوف فإنه يضاعف بذلك من حدة مرضه ويفقد مع ذلك ما أعده الله للصابرين، يقول صلى الله عليه وسلم: مَا يُصِيبُ الْـمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَة يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ، (البخاري). وقد يصاب الإنسان في ماله، فيخسر في تجارته أو تصيب غلته آفة من الآفات فيصبر، ويجعل من صبره قوة تحفزه على تجديد العمل أكثر إحكاماً، منتفعاً بما حصل له من خيبته الأولى، وكم نجح من الأفراد بعد خيبة، وأثروا بعد فقر، وأخصبوا بعد جدب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©