الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

عمال محطات الوقود في لبنان يرزحون تحت خط الفقر

عمال محطات الوقود في لبنان يرزحون تحت خط الفقر
31 أكتوبر 2010 21:29
عمال محطات الوقود في لبنان يعملون في ظروف صعبة، يقول بعضهم إنها “بهدلة”، يتقاضى العامل في المحطة أجراً لا يتجاوز 300 دولار في الشهر مقابل 15 ساعة عمل في اليوم الواحد، في بلد ترتفع فيه أسعار كل شيء بطريقة جنونية. ويستخدم أصحاب محطات الوقود في لبنان عمالاً أجانب قادمين من بلدان ينخفض فيها الحد الأدنى للأجور؛ لأن العمال اللبنانيين لا يوافقون على شروط العمل المعروضة، بينما يحرم العمال الأجانب أنفسهم من ملذات الطعام أحياناً، ويعتمدون في مصروفهم على “البقشيش” لتوفير أجرهم وإرساله إلى بلدانهم. ويتعرض عمال محطات الوقود أحياناً لأنواع من المعاملة السيئة، لكنهم يتابعون عملهم؛ لأن أية مواجهة سوف تفقدهم عملهم، وإن كانوا على حق. وقال خليل الملاح صاحب محطة مترو للوقود في منطقة جبل لبنان: “ما يهمني من الموظف هو أن يكون شديد الأمانة والتهذيب مع الزبائن خاصة النساء”. وأضاف الملاح: “هناك صعوبة كبيرة في العثور على موظف لبناني، فاللبناني لا يرضى بالحد الأدنى للأجور؛ لأنه يعتبره غير كاف، وهو فعلاً غير كاف، ثم إن اللبناني مطالبه كثيرة، ولكن الموظف الأجنبي يرضى بهذا الأجر؛ لأنه يستفيد من فرق العملة”. وتابع الملاح: “أقوم بتأمين السكن داخل المحطة والضمان الاجتماعي و300 دولار في الشهر للعامل، كما أني أفضل العامل البنجلاديشي على العربي؛ لأنه مهذب جداً خاصة مع السيدات، وأمين جداً أيضاً”. وقال شفعت وللو العامل في محطة مترو “بنجلاديشي الجنسية”: “رب العمل يعاملنا بالحسنى، وقبل مجيئي كنت قد تعرضت للضرب من قبل رب العمل السابق، فقررت الانتقال بعد أن نصحني أصدقائي”. وأضاف وللو: “عندما أنهي عملي، التاسعة ليلاً، أتناول الطعام، ثم أصلي وأشاهد التلفاز ومن ثم أنام، أنا سعيد في عملي”. وتابع وللو: “أحصل على إجازة كل 15 يوماً هي عبارة عن يوم واحد، أستطيع خلاله مغادرة المحطة والذهاب للقاء رفاقي وأصحابي ومعظمهم من أبناء بلدي”. ويتعرض عمال محطات الوقود لسوء المعاملة أحياناً من قبل الزبائن أو من قبل أرباب العمل، لكنهم يتحملون، من أجل تحصيل لقمة العيش. وقال شربل صاحب محطة وقود في منطقة المتن الشمالي: “يتعرض عمال المحطة للمعاملة السيئة أحياناً التي تنطوي على شيء من العنصرية من قبل بعض الزبائن كأن تقوم إحدى السيدات مثلاً بمسح مفتاح السيارة الذي سلمته للعامل من أجل ملء خزان الوقود، قبل أن تستخدمه من جديد، أو تصرخ أحداهن باشمئزاز لا تلمس السيارة، ولكني أنصحهم بضرورة الصبر والمحافظة على مورد رزقهم”. وتقوم بعض مؤسسات المجتمع المدني بتوعية اللبنانيين بضرورة حماية حقوق العمال الأجانب، من خلال حملات تهدف إلى نشر الوعي على المستوى الوطني لإيقاف الانتهاكات التي تطال حقوق العمال المهاجرين. وقال عامل مصري يعمل في إحدى محطات الوقود في جبل لبنان: “أتيت إلى لبنان بواسطة التهريب عن طريق مجموعة مصرية أوصلتني إلى مطار دمشق، وهناك تسلمتني مجموعة أخرى أوصلتني إلى دمشق، وسلموني لمجموعة ثالثة أوصلتني إلى الحدود اللبنانية - السورية، بعد رحلة استمرت ساعات من المشي والتعب والشقاء، حيث كانت مجموعة رابعة تنتظر لتوصيلي إلى مكان العمل”. وينص قانون العمل اللبناني الخاص بالأجانب على ضرورة أن يحصل كل أجنبي يرغب في الدخول إلى لبنان لتعاطي مهنة أو عمل، بأجر أو من دون أجر، على موافقة مسبقة من وزارة العمل قبل مجيئه إليه. وأضاف العامل المصري: “أمضيت في لبنان سنة وأربعة أشهر ومازلت أسدد تكاليف الرحلة من مصر إلى لبنان، التي بلغت 4500 دولار”. وقال: “أنا هنا لأني لم أجد في بلدي عملاً أستطيع من خلاله تأمين مستقبلي”. ووصف سيد عمله في المحطة بأنه “بهدلة”. وتابع: “الراتب الذي أتقاضاه قليل جداً بالنسبة لساعات العمل، نحن نعمل 15 ساعة يومياً من الساعة السادسة صباحاً حتى الساعة التاسعة مساء، دون أن تكون لنا ساعة راحة خلال النهار لنأكل فيها أو نرتاح”، مضيفاً “هذه بهدلة”. وقال “ليتني ما تركت بلدي”. وحدد قانون العمل اللبناني في المادة 31 منه الحد الأعلى لساعات العمل بـ48 ساعة في الأسبوع، ولم يتطرق إلى تحديدها في اليوم. وقال العامل المصري: “يلاحقنا صاحب العمل طيلة النهار، لا يسمح لنا بالتأخر ربع ساعة عن دوام العمل الطويل، الذي يبدأ في السادسة صباحاً، وهو يراقب أداءنا بواسطة كاميرات زرعها في المحطة وفي الغرف التي نقيم فيها، وحينما يجد أحدنا دون عمل يكلفه بالقيام بأي شيء، المهم أن يرانا نعمل، وإذا تأخر أحدنا أو قصر بعمله انهال عليه بالسباب والكلام البذيء”. وتشير الإحصاءات إلى وجود حوالي 40 ألف عامل مصري في لبنان، الأغلبية الساحقة منهم تعمل في محطات الوقود. وأوضح العامل المصري: “يكفل رب العمل العمال، طالما يعملون لديه وعند انتهاء العمل لسبب أو لآخر، يبلغ رب العمل الأمن العام أنه لم يعد يكفل هذا العامل أو ذاك، ويصبح العامل عرضة للملاحقة من قبل الأمن العام”. ويخضع عمال محطات الوقود في لبنان لنظام الكفيل كغيرهم من الفئات العمالية المهمشة، بعضهم يعمل بالفعل عند كفيله في محطات الوقود أو غيرها، وبعضهم الآخر “يستأجر” كفيلاً لبنانياً. وقال إبراهيم إبراهيم محمد “مصري الجنسية” ويعمل في محطة وقود: “طبيعة العمل تسمح لنا بنسج العديد من العلاقات الاجتماعية، وقد تعلمت من خلاله احترام الناس”. وأضاف محمد “الشعب اللبناني شعب محترم ويعاملنا بشكل جيد وإذا حصل أن ضايقنا أحد الزبائن، فذلك بسبب علة فينا”. وشكا محمد الذي دخل إلى لبنان بطريقة “التهريب” من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة في لبنان، “ولكننا نعتمد على البقشيش”. وتسعى وزارة العمل اللبنانية لحل المشكلات العالقة بالنسبة للمصريين الذين يدخلون خلسة إلى لبنان وتسوية أوضاعهم. وإذا كان استخدام الأجانب في لبنان لا يزال بعيداً عن الالتزام بالمواثيق الدولية الخاصة بقوانين العمل، بطريقة تشوه صورة “سويسرا الشرق”، ولكن الأمل يبقى كبيراً في أن تتوصل الجهود التي يبذلها المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية لتغيير هذا الواقع.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©