الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

العالم امرأة - السعد عمر المنهالي

16 سبتمبر 2006 01:20
ماريا كونسويلو آرجو·· رقصة في حضرة الموتى هناك رأي يقول: ''ان تكون محايدا·· فهذا قمة الانحياز''، ورغم فلسفة الفكرة، إلا انها حقيقة يؤكدها العالم كل يوم، فلا يمكن ان تكون محايدا بالاطلاق، فهذا يعني بشكل او بآخر الانحياز إلى حالة غير حيادية·· وهكذا· وفي قمة عدم الانحياز التي تعقد اليوم السبت قرر أعضاء الحركة الذين بلغوا 116 دولة أن يجعلوها قمة الانحياز، في تأبين لحركة ماتت قبل أن تولد· ورغم ذلك لازالوا يرقصون على رفاتها، في انتظار أن يلفظ آخر صناعها أنفاسه الأخيرة· ففي الوقت الذي أكدت فيه الدولة المضيفة ''كوبا'' على لسان وزير خارجيتها ''فيليبي بيريز روكي'' ان مشروع البيان الختامي لقمة حركة دول عدم الانحياز -الذي سيعلن اليوم- سيركز على ضرورة التفرقة بين الإرهاب والنضال الشرعي للشعوب الخاضعة لهيمنة استعمارية أو أجنبية أو الواقعة تحت احتلال أجنبي من أجل تقرير مصيرها والتحرير الوطني··'' كما أكد أن القمة ''ستندد بالتهديدات والحروب الوقائية والحقوق المعلنة للقوة العظمى الوحيدة في العالم لاحتلال الدول بشكل غير قانوني وتغيير الأنظمة ووجود السجون السرية للتعذيب''- كان رأي وزيرة الخارجية الكولومبية ''ماريا كونسويلو آرجو'' في الرابع عشر من سبتمبر الجاري ،2006 أنها واثقة بأن اجتماع السبت لقادة دول عدم الانحياز لن يصل إلى تعريف للإرهاب· مضيفة قولها: ''نحن مدركون تماما بناء على خبرتنا التاريخية أنه لم نتوصل إلى إجماع لمعنى الإرهاب·· أتمنى أن نفعل هذا، ولكن هذا لم يحدث مسبقا''· ولدت ''ماريا كونسويلو آرجو كاسترو'' في مارس عام 1971 بمحافظة ''سيزار'' بجمهورية كولومبيا، ودرست الاقتصاد في جامعة ''اكسترنادو'' في كولومبيا، وتخصصت في دراسة الحكومة والشأن العام في جامعة ''كولومبيا'' بنيويورك في الولايات المتحدة الأميركية، كما تخصصت في العلاقات الدولية في جامعة ''ميلان'' الإيطالية والسوربون الفرنسية، مما جعلها متمكنة من عدة لغات -بجانب لغتها الأم الاسبانية- هي الفرنسية والإيطالية والإنجليزية· شغلت ''ماريا'' في وقت مبكر من حياتها مهام إدارية مهمة متعلقة بالشأن الصحفي والزراعي، ثم أصبحت مستشارة للشؤون الخارجية في وزارة التنمية الريفية، ورغم عمرها الصغير فقد استطاعت ''ماريا'' أن تصبح وزيرة للثقافة منذ عام 2002 وحتى العام الجاري ،2006 ثم أصبحت وزيرة لخارجية ''كولومبيا'' في عهد الرئيس الكولومبي ''ألفارو أوريبي'' -الذي أعيد انتخابه لولاية ثانية في أغسطس الماضي 2006-، ورغم الخطوط الواضحة في العلاقات الأميركية الكولومبية إلا أن وجود الاخيرة ضمن الحركة التي تمثلها 116 دولة من دول العالم تعطي الولايات المتحدة -كما هي حال دول أخرى من بين المجموعة- طمأنة خاصة· عقدة الهيمنة وعلى الرغم من مضي ما يزيد عن خمسة عقود على نشأة حركة عدم الانحياز التي ظهرت نتيجة لمقاومة القطبية الثنائية بعد الحرب العالمية الثانية بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي، إلا أن الحماس الذي حمله قادة دول العالم الثالث في تلك الفترة وما صبغوه من أفكار على مبادئهم المعلنة في الحركة من احترام حقوق الإنسان واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وعدم الانتماء إلى الأحلاف الجماعية وغيرها من المبادئ التي بدا واضحا من البداية عدم قدرتهم على الالتزام بها، سيما وأنها دول كانت لا تزال تتلمس طريقها في التنمية، مما فرض أحلافا وعلاقات نسفت بمبادئ الحركة التي استمرت رغم موتها القديم في عقد قممها للتخلص من الهيمنة·· أي هيمنة! غير أن الظروف الدولية الراهنة المتزامنة مع القمة الحالية التي تعقد اليوم في ''هافانا'' عاصمة كوبا، تأتي في وقت حساس للغاية، تشهد فيه بعض الدول الأعضاء مرحلة مصيرية مع القوى الدولية الحالية المهيمنة على خريطة التفاعلات الدولية·· فالعلاقات الإيرانية-الأميركية والتي يزيد من توترها ملف إيران النووي إضافة إلى سوريا المعرضة لسخط واشنطن وعلاقة فنزويلا الحساسة بالولايات المتحدة، جعل لهذه القمة نكهة مختلفة إلى حد ما عن باقي القمم التي عقدت في القرن الأخير من العقد الماضي· بالتأكيد لن يترك الرئيس الكوبي ''فيدل كاسترو'' القمة التي تعقد في عاصمته -رغم انه طريح فراش المرض- دون أن يستغل هذا التوتر في خطاب لن يقل التهابا عن خطبه المعهودة في المحافل الدولية التي استطاع حضورها، وبالفعل فمن مقر إقامته ومن غرفته يدير ''كاسترو'' بشكل مباشر كل تفاصيل القمة التي يعتقد أنها الفرصة الأخيرة للزعيم الكوبي ليصب جام غضبه على الولايات المتحدة الأميركية المهيمنة على العالم· وهو ما بدا واضحا من إعلانه مسبقا على سبيل المثال تأييده حق إيران في امتلاك السلاح النووي، رغم عدم إعلان طهران نفسها عن هذه الرغبة· الشريرة المارقة يدرك الأميركيون تماما أن هذه القمة التي بدأت أعمال وزراء خارجيتها في الذكرى الخامسة لأحداث تفجيرات نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر لن تعيد الحياة للحركة التي تعلن رغبتها في الخلاص من هيمنتها، غير أن واشنطن تدرك كذلك أن أعضاء في الحركة سيستغلون هذا التجمع لتحقيق تحركات قد لا تضعف من هيمنة أميركا غير أنها تزعجها، وليس أدل على هذا من حضور وفد رفيع من كوريا الشمالية العدو المعلن للولايات المتحدة الأميركية، وإيران في كوبا وهي الدول التي تنعتها أميركا بدول محور الشر والمارقة بل وعدو الحرية، هذا إضافة إلى المشاركة الصينية -ند أميركا- التي قد تسعى دون توقف إلى تعزيز علاقاتها مع دول أميركا الجنوبية، وهي علاقات لها تداعياتها المضرة بشكل مباشر على مصالح واشنطن في حديقتها الخلفية· ويبدو ان الحديقة الخلفية لأميركا ليست البقعة الوحيدة المتأثرة من غضب العالم الثالث في هافانا، فمع تصاعد التقارير الإعلامية التي تفيد -كما ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية- أن دول الحركة قد تتخذ قرارا يحظر دخول المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية وغزة الى دولها، كقرار يعتقده البعض مؤثرا في الدولة العبرية بسبب دورها في توتر منطقة الشرق الأوسط، ورغم عدم منطق صدور قرارات كهذه إلا أن الولايات المتحدة وحليفتها في الشرق الأوسط إسرائيل لا تحبذ ضجيجا قد يؤثر على الرأي العالم العالمي ويدفع في تزكية الإرهاب ضدها حسب وجهة نظرها سواء في العراق أو الأراضي المحتلة في فلسطين· هذا إضافة إلى ما قد يحصل عليه الجانب الإيراني هناك في هافانا من مكتسبات قد تعزز من قدرته التفاوضية حول ملفه النووي، وهو ما حذر منه الأميركيون الدول المشاركة في القمة أن تتعامل بحذر فيما يتعلق بإيران، مذكرة أن خطر إيران النووي لا يهدد الولايات المتحدة وحدها بل أوروبا والصين والعالم اجمع· وبعيدا عن التأثيرات غير المباشرة لمثل هذا الملتقى، يظل حال القمة الرابعة عشرة لدول عدم الانحياز مهرجانا خطابيا سيستغله ''هوجو شافيز رئيس فنزويلا و''أيفو موراليس'' رئيس بوليفيا واحمد نجادي رئيس ايران وممثلو رؤساء آخرين لدول كسوريا وكوريا الشمالية وكوبا بالتأكيد جيدا، إذ لا مجال لأي آلية لتحقيق أهدافه القديمة بتخليص دول العالم الثالث من القوى المهيمنة على العالم، سيما وان داخل الحركة دولا تعد حليفة للولايات المتحدة الأميركية قد يفوق عددها الدول التي ترفض هيمنتها، وهي الدول التي تعتمد عليها واشنطن في ترجيح كفة مصالحها سيما فيما يتعلق بتحديد المفاهيم التي كانت ولازال المجتمع الدولي يختلف حولها كالإرهاب والمقاومة، وهو ما بدا واضحا من حديث وزيرة الخارجية الكولومبية ''ماريا كونسويلو آرجو'' التي تعد بلادها من أهم حلفاء الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية، بل هي شريكة استراتيجية في محاربة الإرهاب المتمثل في مهربي المخدرات والحركات الثورية فيها، الأمر الذي يجعل التوصل لتعريف مصطلح الإرهاب مهددا مباشرا لمصداقيتها ومصالحها في حربها ضد الجامعات الثورية· بيد ان توقع الوزيرة بعدم حل معضلة تعريف الإرهاب لن تكون المعضلة الوحيدة في القمة اليوم، فمعضلات العالم الثالث بلا نهاية، حتى لو اتفقت بعض دوله على أن أميركا هي المعضلة الوحيدة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©