الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

قراءات جديدة في الريادة والمنجز والعلامات

قراءات جديدة في الريادة والمنجز والعلامات
20 أغسطس 2014 23:50
في مناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الشاعر بدر شاكر السياب، أقيمت في عمّان مؤخراً ندوة بعنوان «السياب. . قراءات جديدة»، نظّمتها جمعية النقاد الأردنيين بالتعاون مع منتدى الرواد الكبار، وتضمنت قراءات نقدية في تجربة الشاعر الراحل، وكان من أبرز المشاركين في هذه الفعالية الشاعر العراقي الدكتور علي جعفر العلاق، والناقدان العراقيان عواد علي وماجد السامرائي، وعدد من النقاد الأردنيين. كما جرى عرض فيلم وثائقي قصير عن الشاعر اشتمل على شهادات ومقاطع من شعره. واختتمت الندوة بقراءات من شعره، وقصائد لشعراء أردنيين وعراقيين. أكد المشاركون على ريادة السياب في شعر التفعيلة، وقالوا إنه «شاعر يتذوق الجمال»، ووصفه البعض بأنه «أنشودة حرية في أوطان مستباحة، وشاعر الحداثة العربية، ومعمّق مسار التجربة الشعرية. فالسياب بالنسبة إلى البعض «كان رائدا في الشعر العربي بلا منازع، عبر إجراء تغيير جذري في الخطاب الشعري الحديث، أو المزج بين موسيقى البيت الشعري التقليدي ونظام التفعيلة الموسيقية». وذهب رئيس جمعية النقاد الأردنيين الدكتور غسان عبد الخالق إلى «أن السياب عاش ومات دون أن يتمكن من التصالح مع تحولات شبكة العلاقات المعقدة، في عصر الواقعية المتوحشة، وظل فقره المدقع يشده بقوة إلى أسفل النهر، رغم محاولاته الانعتاق من ثقله الطاحن»، وأضاف عبد الخالق «السياب كان ثاني اثنين من رواد قصيدة التفعيلة إذا قرناه مع نازك الملائكة، وقد قام بتثوير وتطوير إيقاع القصيدة العربية، وليس مجرد عابث مجرب يزجي الوقت بضرب من شطرنج العروض الخليلي، كما أنه أثّث قصيدته بمضامين قاسية ومتوحشة، وإن كان أحيانا مال للتلطف وتمجيد الحنين، وخاض جدل المثقف والسلطة والمثقف والمجتمع والمثقف والفن». وختم بالقول «لو قيّض للألم أن يتجسد في إنسان، لما وجد إنسانا غير السياب، ليستوطن بدنه ويسير بقدميه الناحلتين المتعبتين، أضاء الحزن طفلا صغيرا حينما فجع بموت أمه، وأرعبه صخب المدينة، حينما أنتقل من قريته (جيكور) في جنوب العراق إلى بغداد». الناقد العراقي عواد علي رأى أن «السياب سيبقى كتابا مفتوحا للقراءات، وأنه شاعر كان يعرف أنه لا يستطيع تخطي تراث القريض بأكمله، لكنه استطاع تقويض خطاباته التي استوطنت الشعر». وأوضح عواد علي، في دراسته التي حملت عنوان «الصورة وتشكيل الرمز في شعر السياب. . بويب أنموذجا»، أن «بويب يشكل رمزا من رموز السياب الشعرية التي جسد فيها جانبا من رؤاه ومشاعره وهواجسه، كما جسدها في رموز أخرى تحتشد بها قصائده، مثل: جيكور، تموز، المسيح، أيوب، قابيل، سيزيف، وفيقة، الماء، المطر، وغير ذلك». ، وختم بأن «السياب بلور رؤاه في صور شعرية من خلال معانيه وقيمه المعنوية». الشاعر الدكتور علي العلاّق قدم ورقة بعنوان «النص السيابي بين الانشطار والتكامل»، بيّن فيها أن «السياب كان وسيظل اتجاها ومسارا شعريا يمثل انصهار التجربة، ومادتها الخام، في مصهر جبار هو مصهر الموهبة. غير أن المتأمل لبعض قصائده التي كتبها في بداياته أو نهاياته سيلمح انشطارا في الذات السيابية بفعل الوعي الحاد في بداياته، أو بفعل المرض في نهاياته، وبذلك صرنا نرى صراخ الكائن يغطي على موهبة الفنان، بعبارة أخرى نرى الكائن المبتلى بالمرض أو فيض العاطفة كما في (المعول الحجري) وفي (أحبيني)، نرى هذا الكائن أكثر صخبا من مصفاة النص السيابي. وقد كان يتطور بطريقة مدهشة، ينشطر تارة ويلتئم تارة أخرى، حتى نصل إلى قمة المثلث الإبداعي في أنشودة المطر، لكن هذا الانشطار يعود ثانية في مرحلته الأخيرة، مرحلة الضعف والمرض، فكانت قصائده مشوبة بالشيء الكثير من صراخ الكائن الإنساني وشكواه الكارثية المباشرة». الناقدة الدكتورة دلال عنبتاوي رأت أن «المدينة شكلت تجربة عميقة في شعر السياب فجاءت رؤيته سوداوية، فلم يرَ منها سوى الحانات والسجون والمستشفيات، مما دفعه لاتخاذها رمزا للانحراف الاجتماعي والسياسي، منطلقا من مواجهته رموز الشر والطغيان المتمثلة في السلطة الحاكمة». وقالت «إن السياب عاش في غربة سياسية، وصدم عندما اكتشف أن بغداد تحارب الحريات وتمارس الظلم على أهلها، فصورها مدينة كئيبة قبيحة الوجه». الناقد العراقي ماجد السامرائي قدم ورقة بعنوان «السياب وجواد سليم: الرؤيا الإبداعية بين الشعر والفن التشكيلي»، لكنه تعذر حضور السامرائي، فقرئت ورقته ومما وجاء فيها «لعل أهم ما في فلسفة الفن عندهما، بوصفهما مؤسِّسَين وممثلَين لتيارين تجديديين هما الأبرز والأكبر حضوراً وتأثيراً في الحياة الابداعية العربية، هو: حضور الإنسان وجوداً ورؤيا، وتمثُّل الوجود في بُعده الإنساني في فنّيهما. وسيخلق كل منهما، بفنّه، حساساً عميقاً بالقدرة الاستثنائية للجديد في الفن وفي الشعر على تحقيق الحضور الابداعي المتميز، وقد تمثّل هذا أكثر ما تمثّل في ما يمكن أن نُطلق عليه «المتوالية التموزية» في شعر السياب، والحضور الملحمي في «نصب الحرية» لجواد. الناقد والأكاديمي الأردني د. سلطان الزغول قدم ورقة بعنوان «مرجعيات قصيدة السياب»، خلص فيها إلى القول «يتقاطع في عقل السياب وأحاسيسه الجياشة، الخاص بالعام، عجز الجسد الذي أنهكه المرض بتهدم حضارة عريقة شُيدت في بلاده بعد أن بلغت الذرى. ولا يفتأ السياب يقدم لنا تناصّات فعّالة لا تقف عند حدود النصّ الغائب الذي تستقيه من ذاكرة ثقافية غنية ومشبعة، بل تستخدم بذار هذه الذاكرة في صياغة نصّ لا يركن إلى المنجز، ولا يحافظ على بنيته، بل يهدمه ليبني من مفرداته نصّ السياب المبدع، الغنيّ والمختلف». (الاتحاد عمّان)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©