السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أساس النظرية التربوية الفضيلة والأخلاق

أساس النظرية التربوية الفضيلة والأخلاق
20 أغسطس 2014 23:10
صدر عن مؤسّسة الفكر العربي في بيروت كتاب جديد بعنوان «التعليم الجديد في الصين»، وذلك ضمن سلسلة «حضارة واحدة»، وهي عبارة عن كتب تُصدرها المؤسّسة، وتُعنى بترجمة أمّهات الكتب الفكرية نقلاً عن لغات العالم الحيّة، بهدف انفتاح الفكر العربي على النتاج الفكري العالمي، وانطلاقاً من اهتمام المؤسّسة بمختلف المعارف والعلوم ذات الأهداف والموضوعات المتنوّعة، لإفادة أوسع شريحة من القرّاء في الوطن العربي. يضم الكتاب ثلاثة عشر فصلاً، يعرض فيها المؤلّف «تشو يونغ شين» نظرية تربوية، غايتها الأساس بناء حياة تعليمية جيدة تستند إلى المُثل العليا، انطلاقاً من أن إنجازات الإنسان لا تكون عظيمة، إلا إذا كانت تحفّزها مُثُلٌ سامية. فالتعليم الجديد بحسب المؤلّف هو مشروع لنشر المُثل، ومشروع بناء الإنسان قبل أيّ شيء آخر عبر المُثل، كي لا تكون حياته حائرة وغير فعّالة، وحياة جهل وغباء، إنه مشروع يطمح لأن تكون الحياة التعليمية حياة سعيدة، وإلّا فقَدَ التعليم معناه وضرورته. تعيد التربية الصينية والأساليب التي يعرضها كتاب «التعليم الجديد في الصين»، الاعتبار إلى تلك المُثل المنسيّة لتضعها في المقام الأول، تقلب هرم التربية والتعليم، وتصحّح وضعه على قاعدته، بعدما كان التعليم الغربي يتّجه نحو قلبه رأساً على عقب. إن النظريات التربوية الغربية ليست واحدة، وليست على نهج واحد ولا في اتجاه واحد، بل إن الخلفيات الفلسفية لهذه النظريات تتناقض تماماً، فبعضها يسعى إلى بناء الإنسان بناءً متكاملاً متوازناً يوائم بين أبعاده الروحية والعقلية والمادية كافة، خلافاً للفلسفات التربوية والتعليمية التي ترجّح الجانب المادي الاقتصادي لعملية التعليم، ولا تلتفت إلّا إلى ما يُنمّي المعارف والخبرات التي تستجيب أفضل استجابة لمتطلبات العمل، وفق ما تقتضيه ضرورات السوق الليبرالية الجديدة واحتياجاتها». يُبرز الكتاب تراجع الاهتمام بالمثل العليا الأخلاقية إلى المقام الثاني، إذ أصبح همّ التربية والتعليم السوق الاقتصادية، وربط قطار التعليم بقاطرة الاقتصاد، وتحقيق أكبر قدر من الأرباح بأقلّ مقدار من الوقت. من هنا أصبحت النظريات التربوية الغربية غير متجانسة، بل يذهب بعضها مثل المناهج التعليمية التي أطلقها إيفان إليتش في فرنسا، وانتقلت منها إلى بلدان أوروبية أخرى، في عكس الاتجاه التربوي والتعليمي السائد، ويلتقي مع الاتجاهات التعليمية في الصين. ويستعرض الكتاب نوعاً آخراً من التعليم لا يقلّ أهميّة عن تعليم القراءة والحساب، ويشكّل حلقات متداخلة في تجربة التعليم الجديد في الصين أيضاً، ليس أقلّها الطبيعة والفنون والكتابة، خصوصاً كتابة اليوميات وغيرها الكثير من الأمور، التي تغني الحياة الروحيّة للتلامذة. ففي المدارس الصينية الجديدة مثلاً، مدارس تجربة التعليم الجديد، «تطوع الروح الفنّية في كلّ تلميذ، فبعضهم يعزف على آلة موسيقية، ويبرع آخرون في فنّ الخط، أو في الرقص، أو في الرسم، يوجد بينهم مَن يقترب من كبار الرسامين الصينيّين أو الفنانين الأجانب ويوجد من ينتشي بالألحان الصينية التقليدية ومن يمكنه أن يتمتّع بالأوبرات الصينيّة التقليدية»، لكن ذلك كلّه بحسب المؤلّف لا يكون من أجل أن يصبح كلّ تلميذ فناناً، بل ليصبح شخصاً يعرف كيف يتمتّع بالفنّ ويحب الفنّ ويحترم الفنّ. فمتى ما استطاع الشخص أن يجعل الفنّ يرافقه طوال حياته، أصبح بالتأكيد إنساناً يتمتّع بثراء روحي كبير. «التعليم الجديد في الصين» هو رسالة تربوية في المنهج التعليمي القائم على التوازن الدقيق ما بين العلم والأخلاق، موجّهةً إلى العالم في الشرق والغرب، من أجل الالتفات إلى أن التعليم لا يُخاطب عقل المتعلّم وحده، بل يخاطب أيضاً ضميره وروحه، ويخاطبه في جملته الإنسانية العقلية والنفسية والخلقية. (أبوظبي - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©