الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لعبة سهر الليالي فشلت في العشق

17 سبتمبر 2006 01:01
هناك تعبيران يستخدمهما أهل الفن كثيرا هذه الايام، أولهما الأفلام الرومانسية، وثانيهما السينما النظيفة· فهم يرون ان الرومانسية تعني قصص الحب الملتهبة والساخنة حتى ولو كان أساسها خيانة زوج لزوجته او زوجة لزوجها، قصص مليئة بالقبلات والاحضان والعلاقات المحرمة، رغم ان للرومانسية تعريفا مناقضا تماما ليس هنا مجال الاسهاب فيه· اما السينما النظيفة فهي في رأيهم تلك الخالية من القبلات الملتهبة حتى وان كانت مليئة بالغدر والخيانة والادمان وبنات الليل· وخلوها من القبلات عندهم هو الذي يجعلها نظيفة· القاهرة- محمد أبوكريشة: شعار الرومانسية والسينما النظيفة رفعه فيلم ''عن العشق والهوى'' بطولة احمد السقا ومنى زكي وغادة عبدالرازق ومنة شلبي وبشرى وخالد صالح وطارق لطفي ومجدي كامل وهو من تأليف السيناريست تامر حبيب صاحب الفيلمين الشهيرين ''سهر الليالي'' و''حب البنات'' واخراج كاملة ابوذكرى وهو تجربتها السينمائية الطويلة الثالثة بعد فيلمي ''سنة اولى نصب'' و''ملك وكتابة''· وهناك عدة ملاحظات خارج الفيلم جديرة بالرصد منها ان اغلب رواد دور العرض التي عرضت الفيلم من الفتيات اللاتي حلمن بالتأكيد بوجبة عشق دسمة مناهم بها عنوان الفيلم ''عن العشق والهوى''· وقبل الدخول في التفاصيل ينبغي الاعتراف بأن ابطال الفيلم تباروا في الاداء الجيد وحاول كل منهم ان يتمكن من ادواته وان يمسك بخيوط دوره رغم ان حظوظهم من النجاح لم تكن متساوية في هذه الجزئية، اما لأن السيناريو لم يسعفهم او لأن الدور افلت منهم في بعض الأحيان· وحاول السيناريست تامر حبيب ان يمارس نفس اللعبة التي مارسها في فيلمه الأشهر ''سهر الليالي''، وتتلخص في توليفة علاقات بين شخصيات الفيلم مع ربطها بخيوط درامية تجعلها تسير في اتجاه واحد نحو الهدف النهائي للفيلم· ولكن حظ تامر حبيب لم يكن حسنا هذه المرة عندما اراد تكرار ''سهر الليالي'' في فيلمه الاخير ''عن العشق والهوى''· الفيلم مبني على مجموعة من علاقات العشق والهوى بين الابطال، اما فلسفة العنوان فإننا نستنتجها استنتاجا دون ان يذكرها لنا أحد من صناع الفيلم· فقد أراد المؤلف ان يقول ان العشق شيء والهوى شيء آخر· فالأول وجداني روحي والثاني جسدي حسي، والمفترض ان هناك صراعا في الفيلم بين العشق الروحي والهوى الحسي، لكننا لم نلاحظ هذا الصراع بل رأينا انتصارا ساحقا للهوى، ولم يكن للعشق المقصود الا وجود باهت للغاية في بداية الفيلم من خلال قصة الحب بين البطلين احمد السقا ومنى زكي، وهي القصة التي لم تعمر طويلا وتحول كل من طرفيها سريعا من العشق الى الهوى· علاقات بلا منطق نعرف في بداية الفيلم ان هناك قصة حب بين احمد السقا ومنى زكي التي تهوى الموسيقى وتود ان تشق طريقها في عالم الفن· ولكن طارق لطفي شقيق السقا يفاجئ اخاه بأن لمنى زكي شقيقة ''غادة عبدالرازق'' تعمل في بار ولا تكتفي بتقديم الطعام والشراب للزبائن بل تقدم لهم نفسها ايضا كبائعة هوى· يهجر السقا منى زكي ويتزوج ''بشرى'' بشكل تقليدي عن طريق الأسرة وينجب منها طفله الوحيد، ولكنه زواج بلا حب كما يقال· وبسرعة ايضا يقع السقا في غرام سكرتيرته ''منة شلبي'' ويتزوجها سرا ثم تحمل منه وتطالبه بإعلان زواجهما فيفعل ويؤدي ذلك الى انفصاله عن زوجته ''بشرى''· اما منى زكي فإنها تدخل علاقة آثمة وبسرعة ايضا مع جارها المدمن الشمام كما تسميه ''مجدي كامل'' وتحمل منه وتحاول اجهاض نفسها الى ان تلتقي في آخر مشهد مع الفنان الذي اكتشفها وأنتج لها اغانيها ''شريف منير''· ويبدو من الحوار انهما على وشك الحب والزواج وهكذا ظهر شريف منير في آخر مشهد كضيف شرف ربما ليليق بالزواج من منى زكي التي لا يمكن بالطبع ان تتزوج كومبارس· وتظهر الأحداث ''طارق لطفي'' عاشقا لزوجة اخيه ''بشرى'' التي تبكي على كتفيه ويقبلها على رأسها ونستنتج بالطبع ان ''السقا'' عندما يطلق ''بشرى'' سيتزوجها ''طارق لطفي''· ولم يكن الدور في الفيلم مكسبا كبيراً لخالد صالح، لكن خالد نفسه مكسب للدور الذي كان صغيرا، فهو لرجل يتردد على البار الذي تعمل فيه غادة عبدالرازق ويكتشف فيها النبل والشهامة وتفانيها في تربية اختها منى زكي فيقرر انتشالها مما هي فيه والزواج منها، وتلك تيمة سينمائية صارت معروفة ومملة· فقدان القدرة كل العلاقات التي حاول تامر حبيب صياغتها في الفيلم افتقدت المنطق والقدرة على الإقناع رغم جهد الممثلين والنجاح اللافت للمخرجة كاملة ابوذكرى وقدراتها العالية على ادارة الكاميرا، وتمكنها من أدواتها وتطورها الملحوظ من فيلم الى آخر· فقد أعادتنا كاملة الى اسلوب الإخفاء التدريجي والظهور التدريجي والانتقال الهادئ بين المشاهد، بدلاً من القطع المباشر والمفاجئ وهو اسلوب تمكن من توصيل رسالة الترابط بين الأحداث رغم تفكك السيناريو· عموما لم يستطع تامر حبيب اقناع المشاهد بما يريد رغم جهد المخرجة والممثلين في سد النقص وضبط الإيقاع، فلم نر اي منطق لإقامة علاقة او فشل علاقة اخرى· ولم نقتنع بالهدف من انتصار النزوات والهوى على العشق الحقيقي، ولم يصل الينا شعار السينما النظيفة الذي رفعه صناع الفيلم· واذا كان هناك منطق في هجر احمد السقا لمنى زكي، فلا يوجد اي منطق في زواجه السريع من فتاة لا يحبها ''بشرى''· ولا يوجد منطق في نجاح علاقته بامرأة عرفها بنزوة وهي ''منة شلبي'' التي كانت متزوجة من رجل آخر وانفصلت عنه وتزوجها السقا وعاش معها الحب بكل تفاصيله· أجاد أحمد السقا في أول دور رومانسي له في السينما بعد سلسلة افلام الأكشن التي نجح فيها واكتسب من خلالها جماهيرية· لكن السقا لم يبرع في الرومانسية نفس براعته في الأكشن ولعله اضطراب التجربة الاولى· ولاحظنا ان السقا بكى كثيرا وانتحب في معظم مشاهد الفيلم وقابل المشاهدون بكاءه بالسخرية والضحك مما أفقد الشخصية رجولتها وتماسكها المفترض· أما منى زكي فقد أجادت في حدود السيناريو، لكنها لم تجتهد ولم نلحظ تطورا في دورها الذي مر بمرحلتي حبها للسقا ثم احباطها ووقوعها في شباك جارها المدمن· فقد ظلت ملامح منى كما هي وظل اداؤها رومانسيا تقليديا في المرحلتين· وقد استطاعت غادة عبدالرازق سرقة الكاميرا من الجميع ويبدو انها استعدت جيدا لدور بائعة الهوى فأدته بتمكن واقتدار· وافضل ما فعلته غادة انها استطاعت اقناعنا بأنها فعلا بائعة هوى دون ان تلجأ الى ما يخدش حياء المشاهد· لكن ما أراده المؤلف من استدرار العطف والاحترام لبائعة الهوى لم يتحقق وهذا ليس ذنب غادة عبدالرازق· أما مجدي كامل فكان بالفعل مفاجأة الفيلم لأنه أدى دوره كمدمن واستطاع اقناع المشاهد بكل مواقفه وردود أفعاله· ومهما يكن الرأي في الفيلم فإنه يعد خروجا على المألوف وسباحة ضد التيار السائد في السينما المصرية، وقد راهن صناعه على الجمهور وكسبوا الرهان لأنه حقق ايرادات عالية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©