الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

هكذا يمنع الأميركيون صواريخهم من الانتحار

17 سبتمبر 2006 01:32
واشنطن - الاتحاد "خاص": حتى لا تصل الصواريخ التقليدية ميتة إلى أهدافها، ماذا يفعل الأميركيون؟·· الخيار النووي لم يعد مستبعداً أبداً· هناك خطة لاستخدام الأسلحة النووية التكتيكية التي تتناثر نظائرها المشعة في نطاق محدود، ولكن ماذا عن التداعيات السيكولوجية، وحتى الاستراتيجية، في حال التنفيذ وبعد ستة عقود من ''النسيان''؟ وهل يبقى شكل العالم، هو تحديداً، الشكل الحالي؟ هذه مسألة ''هامشية''··القيادة الاستراتيجية (ستراكوم) أبلغت الرئيس ''جورج دبليو بوش'' كما وزير الدفاع ''دونالد رامسفيلد'' بأنها جاهزة للضربة الشاملة، هنا متابعة حول هذا الموضوع الذي يُعتبر ساخناً الآن: لا أحذية على الأرض· هل تكفي، إذاً، الأحذية الطائرة؟ هذه باتت مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة التي بنت فلسفتها العسكرية على أساس تدمير العدو، أو شلّه، من خلال القصف الجوّي أو الصاروخي· وإذا كان هذا قد حقق نجاحاً منقطع النظير في صربيا، فالسبب هو أن نظام ''سلوبودان ميلوسوفيتش'' كان على حافة الانهيار· ما فعلته قاذفة ''الشبح'' هو أنها دفعت بالحائط إلى الهاوية· لا بل إنّ الـ''نيويورك تايمز'' كتبت أنّ ''ميلوسوفيتش'' كان بحاجة إلى عود ثقاب فقط لكي يسقط· لم يكن أبداً بحاجة إلى قاذفات القنابل· المشهد قد يكون مختلفاً في أمكنة أخرى من العالم· ماذا إذا كانت الجبهة الداخلية معبأة ايديولوجياً، أو سيكولوجياً؟ تؤخذ بالاعتبار في هذه الحالة المساحة الجغرافية كما الكثافة الديموغرافية· هذه مسائل دقيقة ومؤثرة بطبيعة الحال الصواريخ لتدمير الأهداف· ولكن ثمة شيئاً حدث في لبنان وأعطى أمثولة مختلفة··الإسرائيليون استخدموا أنواعاً أميركية متطوّرة من الصواريخ، لكنها لم تتمكن من اختراق التحصينات العميقة والتي روعيت في بنائها مواصفات معينة غير قابلة للاختراق· صواريخ ميتة وحين يتحدث الأميركيون عن إيران وكوريا الشمالية يقولون إنّ عمق بعض التحصينات الحسّاسة يتجاوز الـ250 متراً··الصواريخ التقليدية مهما كانت هائلة لا تستطيع أن تفعل شيئاً في هذه الحال، والدليل أنها استُخدمت ضد أمكنة افتراضية في مناطق حدودية بين باكستان وافغانستان من دون أن تحقق أهدافاً· ربما تغيّر شكل الصخور، وإن كان رعاة المواشي في تلك المناطق قد تحدثوا عن هزّات أرضية أحدثت دوياً مروعاً· الواقع أن الأميركيين بحثوا الموضوع منذ سنوات· أجروا التجارب، وتبين لهم أنّ الصواريخ ''تصل ميتة إلى أهدافها''، ولقد لوحظ كيف أن الدوريات العسكرية في الولايات المتحدة أولت الأحداث العسكرية في لبنان أهمية خاصة جداً، فالطائرات الإسرائيلية التي عجزت عن تحقيق نتائج باهرة في دكّ التحصينات التي كانت تُطلق منها الصواريخ، أو كان الرجال ''ينبعثون'' من داخلها، أصيبت بالهذيان، وراحت تضرب الأبنية السكنية لكي لا يعود الطيار خاوي الوفاض· قائدة إحدى الطائرات قالت لإذاعة الجيش الإسرائيلي: شعرت أننا نوجِّه القنابل إلى أشباح لأن الأمكنة التي كان يوجد فيها ''المخرِّبون'' إما أنها غامضة أو أنها محصَّنة على نحو لا تؤثر فيه أطنان المتفجرات· حديث قائدة الطائرة الذي سُحِب على الفور ربما هو الذي جعل معلقاً عسكرياً مثل ''زئيف شيف'' يقول: ''لقد شعر الكثيرون بالهزيمة حتى قبل أن تحصل''· المهم هنا، على مستوى التحليل الاستراتيجي، أنّ التحصينات المكثفة يمكن أن تحوّل الصاروخ إلى مجرد خردة معدنية· ولم يكن الخبير الاستراتيجي الأميركي ''هيدسون آرثر'' يبالغ حين قال ''إن الصواريخ تنتحر···''· كانت تنتحر، فعلاً، هذا قبل أن يطرح السؤال التالي: كيف نمنع صواريخنا من الانتحار؟ في هذه الحال، لا بد من الخيار النووي· الأميركيون اكتشفوا ذلك الشيء الآخر بعد أحداث 11 أيلول / سبتمبر ،2001 إذ لا بد أن يرفعوا من ''نوعية'' الأداء· العدو في مكان ما، وقد يكون داخل كهف، أو داخل نفق جرى تحصينه بطريقة تحميه من أي تفجير كلاسيكي مهما كانت فاعليته· ولهذا أنجزمشروع ''كوبلان 8022 ـ ''22 في تشرين الثاني / نوفمبر ،2003 الاستعمالات النووية ممكنة، بل وقد تكون ضرورية· وفي كانون الثاني / يناير ،204 أبلغ الأميرال ''جيمس ايليس'' الرئيس ''جورج دبليو بوش'' وكذلك وزير الدفاع ''دونالد رامسفيلد'' بأن القيادة الاستراتيجية (ستراكتوم) جاهزة لضربة شاملة· قنابل تكتيكية في هذه الضربة تُستعمَل القنابل النووية التكتيكية والصغيرة والتي لا تترك على السطح سوى كمية محدودة من الاشعاعات· إنها الوحيدة القادرة على تدمير المغارات والأنفاق والتحصينات العميقة· وحين تقف الولايات المتحدة أمام ذلك الواقع، فليس من المستغرب أن يسحب الرئيس ''بوش'' المشروع من درج مكتبه ويأمر باستخدام الميني أسلحة نووية· وحسبما يقول ''جريغ ميلو''، مدير فريق البحث ''لوس آلاموس''، فإن البنتاجون يمتلك مخزوناً من قنابل ''بي ـ ''61 و''مود ــ ''11 التي يمكن لطائرات استطلاع ولطائرات ''إف ـ ''16 أن تحملها· وهذه القنابل تدخل في المنظومة النووية من دون أي تعديلات فيزيائية، وهي بقوة أدنى من 5 كيلوطن· والغريب أن هناك في واشنطن مَن بات يعتبر أن استخدام القنبلة النووية أصبح ضرورة للبشر، إذ أن قنبلتي هيروشيما وناكازاكي ألقيتا من أجل وضع حدّ لحرب كان يمكن أن تبقى حتى يومنا هذا· المعادلة بسيطة، وعدد قتلى أي حرب تمتد لعشر سنوات إضافية يتجاوز عدد قتلى القنبلتين الذريتين بـ19 مرة· الولايات المتحدة لا تحدد الظروف التي يمكن أن تستخدم فيها القنبلة، هذا لكي تبقي الأعداء في دائرة القلق، وإن كان الباحثون يقولون: إنّ ذلك لن يحصل إلا في حالات قصوى· حتى ''الحالات القصوى'' تبدو مربكة، ولكن مما لا شك فيه أنّ لدى صانعي القرار معايير معينة، هذا لا يمنع البعض من القول إن الرئيس ''جورج دبليو بوش'' ''ايديلوجي جداً''، ولطالما قال إنه يتلقى الأوامر من السماء· هذا يعني أن من الممكن جداً تجاوز السقف الذي حدده واضعو الخطة· الضربة الفضفاضة إن عبارة ''الضربة الوقائية'' فضفاضة جداً، وهي تحتمل كل أنواع الخيارات، وإن كان الخبراء يشككون، إلى حد بعيد، في نظافة القنابل التكتيكية، فالولايات المتحدة قد تكون بحاجة إلى خمس أو ست قنابل نووية لضرب المنشآت النووية في كوريا الشمالية أو ايران، وإذا كانت كل قنبلة تدمر مساحة كيلومترين، فإنها تبث إشعاعاتها لنحو مائة كيلومتر، في كل الأحوال، النتائج كارثية، كما يقول الخبير العسكري الإٍسرائيلي ''روفن بيداتزور'' الذي يرى أن على واشنطن أن تأخذ بالاعتبار التداعيات السيكولوجية التي يتركها استخدام السلاح النووي بعد 60 عاماً من ''النسيان''· وفي نظره، فإن ذلك الخيار يحطم الخط الفاصل بين الحرب التقليدية والحرب النووية· وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تقويض الاستقرار الاستراتيجي النسبي الذي لا يزال قائماً منذ اندلاع الحرب الباردة في نهاية الاربعينات من القرن الماضي· خبير إسرائيلي آخر هو الجنرال ''شلومو بروم'' يحذر من ''الهيستيريا النووية''، متسائلاً عن ''أي كرة أرضية سنعيش عليها إذا تحوّلت القنبلة النووية إلى دمية في يد رجال السياسة؟''· ولكن هناك في الولايات المتحدة مَن يعتقد أن هذا العالم الذي يضخّ الفوضى بحاجة إلى أقراص مهدّئة، والمقصود بطبيعة الحال، هو أقراص قاتلة، فهل حقاً انّ القنبلة تعيد ''الأشرار'' إلى رشدهم أم أنها تفضي إلى الفوضى، بما في ذلك الفوضى الأخلاقية بطبيعة الحال· يذكر الأميركيون كيف أنّ الرئيس ''هاري ترومان'' استدعى، على عجل، الجنرال ''دوغلاس ماك آرثر'' من كوريا، عندما طلب إليه استعمال السلاح النووي ضد القوات الشيوعية، هذا خشية أن يتحوّل ذلك الخيار إلى ''خيار كلاسيكي'' يلجأ إليه الأميركيون وغير الأميركيين على السواء· ولكن لا وجود الآن سوى لقطب واحد في هذا العالم· مَن يتجرّأ غير الأميركيين أن يفعل ذلك؟ حتى الأميركيون لا يتجرؤون، ومع ذلك هناك مَن يؤكد أن مبدأ الضربة الوقائية (النووية) جاهز، لا تحتاج المسألة سوى إلى ''لحظة مجنونة''· أورينت برس
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©