الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من شر حاسد

4 فبراير 2017 23:10
نعم إنها النار المتغيظة الساكنة بين الجنبات والضلوع وحارقة جدران القلب بلهيب لا ينتهي، يأكل الأخضر واليابس. إنه الحسد والعياذ بالله وما ينطوي عليه من نار تأكل القلوب، كما تأكل الوحوش فرائسها، فالحاسد في جحيم يومي لا ينتهي، وهو كاره لنفسه ولحياته وناقم على الآخرين جاحد لأنعم الله عليه، وتتأرجح مشاعره بين الحقد والغل والجحود، فالحاسد يتمنى زوال النعمة عن الآخرين وذهابها إليه فقط، وإن تعذر ذلك فإنه يريد أن تزول عن الآخرين وكفى، فكل ما يهمه ويشغله زوال النعمة عن الآخرين، أما إن تمنى له مثل ما للآخرين دون تمني زوال النعمة عنهم فهذا التمني يعرف بالغبطة، وهو حسد إيجابي يدفع صاحبه للاجتهاد والعمل، ولكن الحسد الذميم المقصود هنا هو ذلك الذي ينطوي على ذنب عظيم نسأل الله عز وجل أن يحفظنا من شره، ألا وهو الاعتراض على قدر الله، فنعم الله علينا واجب شكرها وحمدها كي تبقى وتزيد وتستمر، وصحيح أن الإنسان العادي يألف النعمة ويعتادها ويفقد الشعور بقيمتها تدريجياً، لكن يبقى المؤمن الحق وحده لا يركن لذلك الاعتياد قدر استطاعته، فهو كثير الشكر والحمد فأنت تبصر وتسمع وتتذوق وتشعر والعديد الذي لا يحصى من النعم، ولكنك ألفت ذلك فما عدت تشعر بقيمته وهذا خطر يجب اجتنابه بالشكر والحمد، أما الحاسد فهو يعتاد النعم التي يملكها ويمتنع عن الشكر والحمد حتى يملأه الجحود ومن ثم الحسد، فالاعتراض على قضاء الله وكل ذلك مقترن ببعضه متزامن وقت الحدوث، فلو علم الحاسد أن نصيبه من نعم الآخرين يزيد على نصيبهم لكفّ عن الجحود ولرحم روحه وذاته من ظلمه لها، ولأضحت حياته غير تلك السوداء التي يدور في فلكها دون مأوى فانظر للعالم المنعم عليه بالعلم، وللممثل المنعم عليه بخفة الظل، والكاتب المنعم عليه بملكة الشرح والتوضيح، والمتصدق المنعم عليه بوفرة المال، والمرأة المنعم عليها بالأدب والحياء وحلاوة الوجه والروح، كل هؤلاء نصيبهم من نعمهم أقل من الآخر المتلقي عنهم، فأنت الذي تنتفع بعلم العالم، وتسر بخفة ظل الممثل، وتتزوج من المرأة الجميلة، ويصيبك مال المتصدق، فأنت المنتفع حقاً وليس هم، ولهذا نقول للحاسد علام تحسد الآخرين على نعم يحملوها لك، انظر كيف تؤذي نفسك وتظلمها وتترك الحسد ناراً تأكلها، فيا حاسداً كفاك هماً وغماً بحياتك. مصطفى حامد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©