السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

كمبيوتر بـ 100 مليون دولار

17 سبتمبر 2006 23:48
إعداد ـ عدنان عضيمة: أسفر التنافس الكبير بين بضع شركات عالمية شهيرة على بناء أسرع سوبركومبيوتر (كمبيوتر خارق) في العالم، عن بناء طراز جديد يمكن عدّه الآلة الأكثر ذكاءً في العالم من دون منازع· وكان الحديث عن هذا الإنجاز الهائل الموضوع الرئيسي لمجلة (فورتشن)· ويعود فضل بناء هذا الجهاز لشركة (آي بي إم) الشهيرة، وأطلق عليه اسم (بلو جين/إل) Blue Gene/L ويمكن اعتباره أيضاً أقوى كمبيوتر في العالم على الإطلاق؛ فهو يضمّ 131 ألف معالج، ولا توجد منه إلا تسع نسخ· وهو يأتي ثمرة لجهود مضنية بذلها بضع مئات من كبار الخبراء الأميركيين والألمان في شركة (آي بي إم) وتهدف إلى ربح جولة التنافس مع اليابانيين لبناء الكمبيوتر الأكثر سرعة في العالم· وانطلق هذا السباق منذ السنوات الأولى لعقد التسعينات من القرن الماضي وبزخم لا يختلف عن ذلك الذي يميز سباق الجائزة الكبرى (الفورملا 1) في السيارات· وخلال شهر يونيو الماضي، تم الإعلان عن نتائج أحدث هذه السباقات حيث أجمعت آراء الخبراء على أن السوبركومبيوتر (آي بي إم بلو جين/إل) هو الأجدر بحمل لقب أقوى وأسرع كمبيوتر في العالم· وبلغت تكلفة بناء الجهاز 100 مليون دولار، وتشغل منصّاته قاعة ضخمة تبلغ مساحتها 250 متراً مربعاً تابعة لمختبر لورنس ليفرمور الوطني بولاية كاليفورنيا· وتقاس قوة الكمبيوتر بسرعته في حل المشاكل الحسابية؛ أي بعدد العمليات التي يمكنه إنجازها في كل ثانية· وتبلغ هذه السرعة في حالة (بلو جين/إل) 367 تيرافلوب (367 ألف مليار فلوب)، أو 367 ألف مليار عملية حسابية في الثانية· وتساوي هذه القوة مجموع قوة المعالجات الموجودة في 75 ألف كمبيوتر شخصي تعمل في وقت واحد· ولم يكن العلماء الذين بذلوا هذه الجهود الجبارة لبناء (بلو جين/إل) يهدفون من ذلك إلى مجرّد استعراض عضلاتهم الذهنية في مجال بناء الحواسيب الخارقة بل لتلبية حاجة بعض قطاعات الصناعات الحديثة والمراكز العلمية إلى هذه السرعة العالية في الحساب لحل المشاكل المعقدة· ومن ذلك مثلاً أن (بلو جين/إل) صمم بحيث يكون قادراً على تحليل كم هائل من البيانات والمعلومات المتدفقة من دون انقطاع من محطات الطاقة النووية من أجل الوقوف على حالتها وأفضل أساليب تشغيلها· كما يستخدم السوبركومبيوتر كجهاز لتحليل البيانات المتدفقة من أجهزة القياس التي تحملها الأقمار الاصطناعية المتخصصة بالأرصاد الجوية، وهي تقيس باستمرار كلاً من سرعة الرياح ودرجة الحرارة والرطوبة في كافة نقاط الأرض؛ وهي مقادير لا تتوقف عن التغيّر بين لحظة وأخرى· وبما أن عدد هذه النقاط لا نهاية له فقد تطلب تحليل التغيرات التي تطرأ على بياناتها سرعة هائلة في مجال المعالجة والتخزين الرقمي· ومن الواضح أن مقارنة هذه البيانات بين لحظتين متتاليتين يقتضي تسجيلها في اللحظة الأولى والثانية ثم يتولى السوبركمبيوتر دراسة الاختلافات بين الحالتين حتى يتمكن من فهم مدلولات التغيرات الطارئة عليها واستقراء التغيرات المنتظرة بعد ذلك· ومثّل الإعلان عن فوز (بلو جين/إل) بهذا اللقب دافعاً قوياً للحكومة لتقديم دعمها لمثل هذه الاختراعات الكبيرة حيث وعد الرئيس جورج بوش في خطابه الأخير حول حالة الاتحاد بمضاعفة التمويل الفيدرالي لميزانية مشاريع بناء الحواسيب الخارقة لعام ·2006 وقدم آلن جارا كبير مهندسي (بلو جين/إل) توضيحاً مهماً حول الجهاز الجديد حين قال: (لقد أصبحت الحواسيب الخارقة اليوم أسرع بنحو ألف مليار مرة مما كانت قبل 30 عاماً؛ كما أن تكاليف بنائها أصبحت أقل بنحو ألف مليار مرة أيضاً)· وربما كانت الوظيفة الأهم للسوبركومبيوتر هي التي تتعلق باستخدامه في (المحاكاة الحاسوبية) computer simulation. وتعتمد هذه التقنية على الحقيقة التي تشير إلى أن (الواقع) غني جداً بالمعلومات التي يمكن استغلالها في بناء (الأنظمة الافتراضية)، وحيث يمكن بعد ذلك التعامل مع هذه الأنظمة ومعالجتها لاكتشاف الحقائق الجديدة أو التنبؤ بنتائج تأثير العوامل المختلفة على نظام ما· ويبدو من هذا التمثيل المبسط للأمور مدى جسامة المهمات الحاسوبية التي يطلب من السوبركومبيوتر التكفل بها لحل مشاكل معينة· وفي مجال الابتكارات الصناعية، أصبحت (المحاكاة) وسيلة أساسية في علم هندسة التصميم وخاصة فيما يتعلق بالآلات المتحركة كالسيارات والطائرات والسفن، وحيث يلعب الكمبيوتر الخارق دوراً مهماً في تصميم الهياكل التي تجمع إلى جمال الشكل، القدرة على الحركة بأقل مقاومة ممكنة من مادة الوسط الذي تتحرك ضمنه· وتتفق آراء الخبراء الذين تحدثوا عن فوائد السوبركمبيوتر بأنه سوف يصبح ذات يوم ضرورة ماسة لتصميم كافة أنواع الآلات والأدوات حتى تخرج وهي أكثر انسجاماً مع الغايات التي صنعت من أجلها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©