الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلامُ أوجب على الآباءِ والأمَّهاتِ أنْ يتحمَّلوا مسؤولياتِهِمْ تجاه أبنائهم

4 أغسطس 2011 22:47
لقدْ رعى الإسلامُ حقوقَ الإنسانِ في مراحلِ وجودِهِ كلِّها جنيناً وطفلاً وشاباً وشيخاً كبيراً، ولا فرقَ في ذلكَ بينَ الذَّكرِ والأنثى، ولا شكَ بأنَ اهتمامَ الإسلامِ بالطفولةِ كان مميَّزاً ولا فتاً ومبهراً وعظيماً، لأنَّها هي المرحلة الأولى من مراحل عمره، وتبدأ منذ ميلاده وتنتهي ببلوغه سنَّ الرشد، حيث يكمل نمو عقل الإنسان ويقوى جسمه ويكتمل تمييزه، ولمَّا كانت هذه المرحلةُ منْ أهمَّ المراحلِ في التَّأسيسِ والبناءِ واللَّبِنَة الأساسيَّة في بناء شخصيَّة الفرد إيجاباً جعلَ الإسلامُ للأطفالِ علينا حقَّاً عظيماً وفرضاً أكيداً في القيامِ بحقوقِهِم اهتماماً بهِمْ ورعايةً وتربيةً لهم وإنفاقاً عليهِمْ منذُ نعومةِ أظفارِهِم حتَّى يبلغوا أشُدَّهُم، وإليكم بعض هذه الحقوق. مسؤوليَّة الآباء والأمَّهات لقدْ أوجبَ الإسلامُ على الآباءِ والأمَّهاتِ أنْ يتحمَّلوا مسؤولياتِهِمْ، ويقوموا بواجباتِهِم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ» متفق عليه. وقالَ: «إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استرعاهُ، أحفظَ أم ضيَّعَ، حتى يُسألَ الرَّجلُ عنْ أهلِ بيتِهِ» صحيح ابن حبان. حقوقُ الأطفالِ حقُّ الطفل قبل وجوده، وذلك باختيار أم له صالحة، يفخر بها، ولا يُعيَّرُ بها بين الناس، لهذا حثَّ الإسلام الرجال إلى حسن اختيار زوجاتهم وأمَّهات أولادهم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى إِحْدَى خِصَالٍ ثَلَاثَةٍ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى مَالِهَا وَتُنْكَحُ الْـمَرْأَةُ عَلَى جَمَالِهَا وَتُنْكَحُ الْـمَرْأَةُ عَلَى دِينِهَا فَخُذْ ذَاتَ الدِّينِ وَالْـخُلُقِ تَرِبَتْ يَمِينُكَ». وكذلك من حق المرأة أن يكون لها حق الاختيار لوالد أولادها، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ». ب- حقُّ الحياةِ، فقدْ ضمنَ الإسلام للطفلِ ذكراً كانَ أو أنثى حقَّهُ في الحياةِ، فحرَّمَ التَّعدِّي عليهِ قبلَ وبعدَ ولادتِهِ، قال اللهُ سبحانَهُ: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ، سَأَلْتُ النَّبِيَّ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ: «أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ». اختيارُ اسمٍ حسنٍ لهُ، ولقدْ اختارَ النَّبيُّ أسماءَ أولادِهِ، وكانَ يدعو إلى تسميةِ الأبناءِ بخيرِ الأسماءِ، ويغيِّرُ الاسمَ القبيحَ إلى حسنٍ، قالَ: «أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ».. ومن المعلوم أن الاسم الحسن يتركُ آثاراً نفسية واجتماعية عظيمة في نفوس الأطفال، وكم أصيب أطفال بانطواء وفشلٍ في حياتِهِم بسبب أسماء يعيرون بها من أقرانهم، والاسم زينة لصاحبه، وشعار يدعى به في الدنيا والآخرة. ت - ومنْ حقِّ المولودِ الرَّضاعةُ الطَّبيعيَّةُ الَّتي تشكلُ الأساسَ الأوَّلَ في البناءِ الجسميِّ والنَّفسيِّ لهذا المولودِ، لذلكَ طلبتِ الشَّريعةُ الغرَّاءُ منَ الأمِّ أنْ ترضعَ وليدَها حولينِ كاملينِ، قالَ تعالى: «وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ». وأباحَ الإسلامُ للمرضعةِ والحاملِ الإفطارَ في شهرِ الصِّيامِ رعايةً لحقِّ الطِّفلِ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ وَعَنْ الْحَامِلِ أَوْ الْمُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوْ الصِّيَامَ». وهذا توجيهٌ للأمِّ لتهتمَّ بغذائِها في فترةِ الرَّضاعةِ، لأنَّ الغذاءَ الصِّحيَّ ينعكسُ على حليبِ الرَّضيعِ، لهذا وجبَ على الأبِ أنْ يؤمّنَ الغذاءَ السَّليمَ للأمِّ على قدرِ استطاعتِهِ، قال جلَّ في علاهُ: «وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا» وقدْ أثبتَ العلمُ الحديثُ ما للرَّضاعةِ الطَّبيعيَّةِ منَ الفوائدِ الجليلةِ للرَّضيعِ. د - من حقوق الأولادِ التَّربيةُ الجسميَّةُ والعقليَّةُ والنَّفسيَّةُ والخُلقيَّةُ، فدعا هذا الدِّينُ العظيمُ الآباءَ إلى الإنفاقِ على أولادِهِم، وعدَّهُ منْ جملةِ العباداتِ والطَّاعاتِ، قالَ النَّبِيُّ: «وَمَا أَطْعَمْتَ وَلَدَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ» الترمذي. ويتحمَّلُ الأبُ الَّذي يهملُ تربيةَ أبنائِهِ، ولا ينفقُ عليهِم إثماً عظيماً، قالَ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يقوتُ» أبو داود. ومنْ حقِّ الطفلِ التعليمُ، وقديماً قالوا العلمُ في الصِّغرِ كالنَّقشِ في الحجر، وهنا نوجِّهُ الآباءَ والأمَّهاتِ ألاَّ يتساهلوا معَ أبنائِهِمْ في قضيَّةِ التَّعليمِ، ولا يسمحوا لهم بتركِ الدِّراسةِ والتَّحصيلِ العلميِّ، ولا يفرقوا بينَ الذَّكرِ والأنثى في هذا الأمرِ، فالعدلُ بينَ الأولادِ مطلوبٌ، قال رسولُ اللهِ: «اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ». ولا شكَّ في أنّ تربيةَ أبنائِنا وغرسَ القيمِ النَّبيلةِ في نفوسِهِم، حقُّ لهم وواجبٌ علينا تجاهَهُم، فتربيةُ الأطفالِ على الأدب والأخلاقِ الحميدةِ كرامةٌ لهُم، إعلاءٌ منْ شأنِهِم، وشرفٌ لهُم في مجتمعِهِم وهذا أعظمُ عطاءٍ نقدِّمُهُ لأبنائِنا، عنْ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنْهُ، في قولهِ عزَّ وجلَّ: (قوا أنفسَكُمْ وأهليكُمْ ناراً) قالَ رضيَ اللهُ عنْهُ: علِّموا أنفسَكُمْ وأهليكُمْ الخيرَ».. وهذه التَّربيةُ إنَّما تكونُ في إطارٍ منَ الرَّحمةِ والرِّفقِ اللِّينِ، قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا»، وإنَّ أسلوبَ التَّربيةِ بالرَّحمةِ والرَّفقِ واللِّينِ، أسلمُ وأقومُ وأنجحُ وأشدُّ تأثيراً في نفسِ الطِّفلِ الصغيرِ في البيتِ، أو التِّلميذِ في المدرسةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا، أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الرِّفْقَ». زكرياء الحمقة
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©