الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لعلكم تتقون

4 أغسطس 2011 22:50
إن الله سبحانه وتعالى جعل للصيام غاية كسائر العبادات، ورسم له هدفا ألزم المؤمنين أن يسعوا لبلوغه، وهذا الهدف النبيل هو التقوى، تقوى الله تعالى، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) “البقرة، 183”، فالصوم في الظاهر كف عن الشهوة وترك لملذات المأكل والمشرب، هذا هو الصوم في الظاهر، وهو أدنى المراتب، ذلك أن المؤمن الذي زكى نفسه بالإيمان، وذاق حلاوة الإيمان يرقب رضا خالقه، ويرجو منه القبول، ولن يتقبل العمل، ولن يبلغ به منازل الأبرار إلا إذا كان من المتقين، قال تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْـمُتَّقِينَ) “المائدة، 27”. والحكمة من الصيام الإعانة على التقوى، والتقوى قوة في النفس تقدر قبل كل خطوة يخطوها الفرد عاقبة الأمر. التقوى دافع يدفع المؤمن للمضي في طريق الهدى والرشاد والنور، ويسرع به إلى الخير والفضيلة، وهي من ناحية أخرى كابح شديد يحول بين المؤمنين والرذيلة والضلال والفساد والتقوى هو نور يشع في داخل النفس يضيء لها طريق الخير، فكيف يكون الصوم صوم المتقين؟ يكون ذلك بالحرص على أداء العبادات والمحافظة عليها، فالتقوى هي حب لله وحب لرسوله، حباً يجعل المؤمن يقف عند الحدود التي حددها الله، فالتقوى آثارها طاعة الله تعالى وتمسك بصراطه المستقيم في الحياة. يكون ذلك بحفظ اللسان، وحفظه يكون بالصدق إن هو تحدث والابتعاد عن الكذب، ومن الكذب شهادة الزور، يقول عليه السلام: “مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ” (البخاري)، وأن يحفظ لسانه عن الغيبة، فمن يغتاب غيره ويمزق أعراض المؤمنين والمؤمنات، ويتحدث عنهم بما يكرهون يكون قد أفطر على أخبث ما يمكن أن يتصور أن يفطر عليه الصائم، يقول تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) “الحجرات، 12”. وأن يحفظ لسانه أيضاً من النميمة، فيطلب من الصائم أن يكف لسانه عن كل محرم، وعن فحش القول والكلام الفارغ وعن الخصام واللجاج، وليعمر لسانه في شهر رمضان بالذكر وتلاوة القرآن، ذلك أن الثواب يعظم إذا كان الصائم صائماً حقاً. وعلى الصائم للتقوى أن يحفظ بقية جوارحه عن المحارم فلا يتعدى حدود الله تعالى، والله تعالى يقول: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) “الطلاق، 1”، وأي مطمع لصائم لم يستفد من صومه تقوى الله؟ فلا مطمع له في الأجر والمغفرة، وما وعد الله به الصائمين، يقول صلى الله عليه وسلم: (رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ) “ابن ماجة”. فعلى الصائم وهو يريد قصد التقوى أن يحسن التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْـمُرْسَلَةِ (البخاري). فالصيام الحق هو الذي يزيد في رقي المسلم روحاً وخلقاً وقرباً من الله تعالى، تجسيداً لمعاني التقوى التي شرع الصيام من أجلها، فلن يصل إلى درجة الأبرار الصالحين المقبولين عند الله إلا إذا تغلب على نوازع النفس، وسار على منوال سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©