الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

انتماء مشترك

31 يوليو 2015 22:36
في بيوتنا نغلق الأبواب ونفتح القلوب، نفكر كما نشاء ونفعل ما نشاء، هذه نعمة تضاف إلى كثير من نعم الله علينا. بيوتنا، حياتنا الأسرية، عالم آخر ما أن نكون بداخله حتى نمتلك من الحرية ما لا يقاس. في داخل هذا العالم الذي يستعصي على الآخرين الدخول إليه، نحن نضع قوانينا الشخصية وأفكارنا، فلا أحد يمكنه أن يفتح قلوبنا بمفتاحه ويحجر عليها، ولا قانون تصل يديه إلى حد التعرف إلى ما نفكر فيه في داخل أنفسنا، في عقولنا وما نحمله في قلوبنا. لا أحد يمكنه الوصول إلى دواخلنا إلا نحن، ولا أحد يسن قوانيننا الداخلية إلا أنفسنا، بأفكارنا أياً كانت وكل ما يجسد رؤيتنا لما حولنا. كلنا نفكر وكلنا حر في تفكيره ومعتقداته، وهناك مناطق بعيدة لا يصلها القانون، هي دواخلنا. فبنود القانون يمكنها أن تطبق علينا خارج هذا النطاق في حياتنا العامة وفي المدرسة، وفي المناهج الدراسية، وفي المساجد، وفي الشوارع، والأماكن العامة، وفي وسائل الإعلام من تلفزيون وإذاعة وصحيفة، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، لكن ما أن تغلق علينا أبواب بيوتنا حتى نكون أحراراً في أن تصبح لنا رؤيتنا الشخصية للعالم من حولنا. رؤية نحن الذين نقوم بصياغة قوانينها. في هذا العالم الداخلي، تفاصيل صغيرة تحدد موقفنا من الحياة والآخرين. هذه تفاصيل من حق الإنسان أن يعيشها وأن يعي من خلالها نفسه، يعرف أشياء تتعلق به، بانتماءاته اجتماعياً ودينياً وحتى عرقياً وغيره، ومن حقه أن يفكر فيها بحرية، لكن في النهاية تبقى هذه تفاصيل صغيرة مهما كبرت في داخلنا! هي كذلك لأن بعض التفاصيل لا يمكن أن يترك لها المجال لتصبح أكبر ثم تتحول إلى سلوك مستقبلي مدمر، نربي عليه نحن الآباء أبناءنا داخل الأسرة، فنغرس في نفوسهم الأنانية والتعالي والرغبة في إزاحة الآخر، بل والشعور بالكراهية لكل من وما يختلف عنهم. تفاصيل صغيرة في النهاية تنسف القيم الإنسانية في داخلنا. قد يصل بنا تفكيرنا نحن الكبار أحياناً إلى تسريب خطاب السم والكراهية والتمييز لأبنائنا، ونحن نربيهم دون أن نعي ذلك. والواقع أن حياتنا الأسرية هي التي تحدد حياة مجتمعاتنا أو موتها، وفي ظل هذا الخواء الثقافي الاجتماعي الذي تعيشه المجتمعات اليوم، فإن الضامن الوحيد لأن نبقى هو تربية أبنائنا على الوعي بالانتماء المشترك للوطن وللإنسانية قبل كل شيء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©