الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بين ترامب وشافيز!

31 يوليو 2015 22:20
الحكمة التقليدية تشير إلى أن دونالد ترامب المتسابق على ترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية الأميركية، ما هو إلا مهرج شعبوي لن يستطيع وضع قائمة أولويات جمهورية ولا الحصول على الترشيح الجمهوري ولا الفوز بالانتخابات الرئاسية عام 2016. لكن الحكمة التقليدية تخطئ في الغالب. ويذكرني صعود ترامب بصعود الزعيم الشعبوي الفنزويلي هوجو شافيز. فبعد أن كان ترامب مجرد سمسار عقارات ومشارك في برامج الواقع، أصبح المرشح الأكثر تأييداً بين الساعين للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري في أحدث استطلاعات الرأي. وفي استطلاع للرأي أجرته «واشنطن بوست» و«أيه. بي. سي» تقدم ترامب على باقي المرشحين للفوز بترشيح الحزب الجمهوري بحصوله على 24? من التأييد، يتبعه سكوت ووكر حاكم ولاية ويسكونسن بنسبة 13?، وجيب بوش حاكم ولاية فلوريدا السابق بنسبة 12?. ولم يحمل كثيرون شافيز، مثلما يفعلون مع ترامب الآن، على محمل الجد عندما ظهر الديماجوجي الفنزويلي المعادي للولايات المتحدة في نهاية تسعينيات القرن الماضي. وترامب وشافيز يأتيان من جانبين متقابلين في الطيف السياسي. ترامب مثال للرأسمالية ومليادير يقول: «أنا غني»، ويزعم أن ثروته تبلغ عشرة مليارات دولار رغم أن تقارير مستقلة تذكر أنها أقل من هذا بكثير. أما شافيز فكان ضابط جيش يدعو للاشتراكية. لكن ترامب وشافيز يشتركان في ثلاث صفات محورية للشعبوية: أولًا: الشعبويون يحتاجون إلى عدو حتى يصبحوا قادة لقضية قومية، والعدو الأجنبي أفضل كثيراً من العدو الداخلي. وقد اختار ترامب المكسيكيين كعدو زاعماً أن الولايات المتحدة قد اكتسحها فيضان من المهاجرين المكسيكيين غير الشرعيين تصدِّرهم بلادهم عمداً حسب زعمه. وصرح ترامب أن المكسيك «ترسل أشخاصاً لديهم مشاكل كثيرة يجلبونها إلينا. إنهم يجلبون المخدرات والجريمة». وهذه المزاعم خاطئة لأن الغالبية العظمى من المهاجرين المكسيكيين صالحون وكادحون، والهجرة غير الشرعية من المكسيك انخفضت إلى مستوى قياسي من 400 ألف سنوياً قبل عقد من الزمن إلى 125 ألفاً حالياً، بحسب بيانات لمكتب الإحصاء الأميركي. لكن مهاجمة المكسيك أصبحت حجر الزاوية في حملة ترامب. ثانياً: الشعبويون يلعبون باستمرار دور الضحية ويزعمون أنهم سيتعرضون للقتل من العدو في أي وقت. فقد صرح ترامب أثناء زيارة لمدينة لاريدو في تكساس، أنه يعرض نفسه لـ«خطر كبير» بزيارة المدينة الحدودية، وأضاف في أداء درامي أنه رغم ذلك «مضطر لفعل هذا لأنه يحب هذه البلاد». وقبل الزيارة كان قد صرح لشبكة «فوكس نيوز» قائلا: «قد لا تروني مرة أخرى». لكن لاريدو واحدة من أكثر المدن أمناً في تكساس ومعدلات القتل والسرقة والاعتداء فيها أدنى مما هي عليه من مدينة نيويورك التي ينتمي إليها ترامب. ثالثا: معظم الشعبويين لديهم هوس بالذات. وقد دأبت على وصف شافيز باعتباره رئيساً «لينيناً نرجسياً» عالمه المفضل هو «أنا». وفي كلمة يوم 15 يناير 2011 استخدم شافيز كلمة «أنا» 489 مرة. صحيح أن ترامب لا يلقي خطباً تمتد أربع ساعات مثل شافيز، لكنه تفوه بكلمة «أنا» 220 مرة في كلمة إعلان الحملة الانتخابية التي استمرت 42 دقيقة يوم 16 يونيو الماضي. هناك شيء آخر يجمع بين ترامب وشافيز، كونهما يستخدمان نفس استراتيجية الحملة لإصدار بيانات غاضبة على أساس يومي لتحتل العناوين وتضع نفسها في قلب المسرح السياسي. وبعد كل خطبة عاصفة ينتقد ترامب وسائل الإعلام بشدة لأنها تشوه تصريحاته مما يتمخض عن جولة جديدة من عناوين الصحف. وهذه بالضبط هي الطريقة التي فاز بها شافيز دون مال أو آلة سياسية بأول انتخابات عام 1998. وفي اعتقادي أن ترامب يفرض نفسه، على الأقل لأنه صعد إلى المرتبة الأولى بين الساعين للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري. وقد لا يفوز بترشيح الحزب الجمهوري، لكنه قد يضع قائمة أولويات جمهورية ويخوض الانتخابات مستقلا ويسحب عدداً من الأصوات الجمهورية في انتخابات 2016. لقد حان الوقت لنحمل ترامب على محمل الجد لكونه قومياً شعبوياً ديماغوجياً، تماماً مثل شافيز. أندريس أوبنهامير* *كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©