الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستقرار والطمأنينة من ملامح المجتمع الآمن

5 أغسطس 2011 22:24
أولى الإسلام عناية خاصة وأهمية كبرى للجانب الاجتماعي من الحياة ومن مظاهر عنايته الاهتمام بسلامته ورعاية أمنه والأمن هو الطمأنينة في النفس والمال والولد وزوال الخوف وأسبابه، وهو شعور يبعث في النفس الراحة والاستقرار في معاشنا ومعادنا، ومع ما بأهل الجنة من نعيم فقد امتن الله عليهم بنعمة الأمن، يقول تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ) “الحجر: 45 - 46”، وما ذاك إلا لحاجة النفس إلى الأمن، وقد بات الأمن مقصداً إنسانياً ودوليا يسعى له العالم لما له من دالة على الناس، فهو علامة على استقرار الأمم والشعوب، وقد كان من دعوات أبينا إبراهيم عليه السلام وهو يبني بيت الله الحرام قوله: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) “البقرة، 126”. ملامح قد بين لنا القرآن الكريم جانباً من ملامح المجتمع الآمن وهي كما يأتي: أولاً: سلامة المعتقد بالله تعالى، فالعقيدة هي الهوية التي تميز المسلم عن غيره وبدونها تشتبك الصلات فلا يكاد المرء يميز بين من اعتقد وبين من جانب الاعتقاد، فالعقيدة هي الركن المتين الذي تؤسس عليه شخصية المسلم وتصقل علاقته فيما بينه وبين ربه وبينه وبين الناس جميعاً، كما أن صحة العلاقة بيننا وبين الله تعالى هي السبيل لقبول أعمالنا، والسلامة تقتضي منا تجديد إيماننا دوماً وأن نعتقد بالله ما يجب بحقه وننزهه عما لا يليق بجلاله وشأن من يعتمد الخرافة ويجانب الاعتقاد أن يكون خائفاً وهو ما فسر به سيدنا إبراهيم أثر الأمن العقائدي على النفس إذ قال: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) “الأنعام، 81 - 82”. ثانياً العبودية لله تعالى، العبودية إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل ولا يستحقها إلا من له غاية الأفضال وهو الله تعالى ولهذا قال: (ألا تعبدوا إلا إياه) والعبادة ضربان: عبادة بالتسخير وهو كما في السجود، وعبادة بالاختيار وهي لذوي النطق وهي المأمور بها في نحو قوله (واعبدوا الله) ... والناس كلهم عباد الله بل الأشياء كلها كذلك لكن بعضها بالتسخير وبعضها بالاختيار. والعبودية من ملامح المجتمع الآمن فإذا سلم المعتقد بالله تعالى صار لزاماً علينا أن نتعبد الله تعالى بالتزام ما أمر والكف عما نهى فيرانا جل وعلا حيث أحب وأمر ولا يرانا حيث كره ونهى، وقد قضت سنة الله تعالى مع عباده أن يعيشوا آمنين مطمئنين ما كانوا لعبادته ملتزمين وتلك سنة خلد الله ذكرها فذكّر قريشا بفضلها فقال سبحانه: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) “قريش، 3 - 4”. بل إن الله تعالى وعد عباده بأنواع التمكين العلمي والاقتصادي والإنساني بسبب العبادة “وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا” (النور، 55). من هنا فانه يجب علينا جميعا أن نراجع أنفسنا في عبادتنا لله تعالى فمن قصر في صلاة أن يؤديها، أو تأخر عن مال يزكيه أو تقاعس عن رمضان يصومه، وجب عليه استدراك تلك العبادات ليعش راضياً مرضياً آمناً مطمئناً فالعبادة هي حظنا للنجاة من الزلل في الفتن. الاستقرار الأسري ومن ملامح المجتمع الآمن الاستقرار المادي والاقتصادي فالإنسان يكدح ويتعب ليؤمن لنفسه أسباب الاستقرار الآمن من سكن وعمل ومطعم وزواج قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (من أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا في سِرْبِهِ مُعَافًى في جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ له الدُّنْيَا)، “الترمذي”، ومن فضل الله تعالى على أبناء هذا البلد أن هيأ لهم قيادة راشدة حققت لهم ما يطمحون له من أسباب الاستقرار الاجتماعي والعيش الكريم قلما يناظرهم فيه أحد، فالمواطن وغيره من المقيمين على أرضه يرعون بالأمن الصحي والتعليمي والاقتصادي ومن حيث هو معلوم بأن دخل المواطن الإماراتي هو من أعلى الدخول في العالم. إن الأمن نعمة تستحق منا الاهتمام والمحافظة عليها ومن الأمور التي تعزز الاستقرار في نفس المسلم ليغنم بالأمن في نفسه ومجتمعه، القناعة والرضا فعلينا أن نشكر الله تعالى على نعمه وعلى فضله فعن عبداللَّهِ بن عَمْرِو بن الْعَاصِ عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال قد (أَفْلَحَ من هُدِيَ إلى الإِسْلامِ وَرُزِقَ الْكَفَافَ وَقَنَعَ بِهِ)، “ابن ماجة”. استشعار النعم والشكر عليها ومن سبل استقرار الأمن في النفس والمجتمع، استشعار قيمة النعمة التي يعيشها الإنسان فنعم الله تعالى كثيرة منها ما يلمسه الإنسان ويشاهده مباشرة ومنها ما لا يعرف قيمته إلا بعد فقده ومنها ما يحتاج المرء إلى المقارنة ليعرف فضل الله تعالى عليه في مأمن الوطن والقيادة والخيرات الموفورة، وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى طريقة المقارنة للتعرف على النعم المخفية فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (انْظُرُوا إلى من هو أَسْفَلَ مِنْكُمْ ولا تَنْظُرُوا إلى من هو فَوْقَكُمْ فإنه أَجْدَرُ أَنْ لا تَزْدَرُوا نعمه اللَّه)، “ابن ماجة”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©