السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

زايد.. وحدة المصير الإنساني حلمه والحكمة المتوازنة نهجه

زايد.. وحدة المصير الإنساني حلمه والحكمة المتوازنة نهجه
2 نوفمبر 2010 00:34
تبوأت دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، مكانة مرموقة بين الأمم والدول لسياستها الحكيمة المتوازنة وصدقيتها في التعامل مع مختلف القضايا الثنائية والإقليمية والدولية. وتنطلق السياسة الخارجية لدولة الإمارات التي وضعها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان من مرتكزات الالتزام بالانتماء الخليجي والعربي والإسلامي، والحرص على تعزيز وتوسيع دائرة الصداقة مع جميع دول العالم. كما ترتكز ثوابت هذه السياسة على نهج الشفافية والحوار والمصارحة، ومراعاة الجار، وإقامة علاقات متينة مع جميع الدول على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، والجنوح إلى حل النزاعات بالطرق السلمية، والالتزام بمواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية الأخرى، والوقوف إلى جانب الحق والعدل، والإسهام الفعال في تعزيز ودعم الاستقرار والسلم الدوليين. وكرس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على مدى أكثر من ثلاثة عقود جهوده من أجل تحقيق الوفاق بين الأشقاء، وحل توحيد الخلافات العربية بالتفاهم والتسامح، حتى أصبح بفضل مساعيه الحميدة المستمرة لتعزيز التضامن العربي والإسلامي رائداً في العمل من أجل وحدة الصف العربي والإسلامي، وإعلاء شأن الأمة العربية والإسلامية وتأكيد دورها ومكانتها في العالم. ونظر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- بفكر متوازن حر وحكمة راسخة إلى الاتحاد كلبنة أولى في بناء أمة قوية، انطلقت من الكيان المحلي ووثبت نحو سماء الحرية والوحدة الإقليمية والعربية. وكان فكر المغفور له دائم البحث عن سلام حقيقي، وجده أولاً في اتحاد الإمارات العربية التي عبر عن قيامه بمقولته الشهيرة والتي سكنت كل قلب “ليس لدي أغلى من لحظة قيام اتحاد الإمارات”. دفعه ذلك فيما بعد إلى السعي الحثيث لوحدة إقليمية، فعربية، قامت على أسسها الرصينة سياسة الإمارات العربية المتحدة الخارجية. آمن الشيخ زايد في مجال السياسة الخارجية إيماناً راسخاً وثابتاً بالتضامن العربي، والتعاون بين الشعوب، على قاعدة الصداقة والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وارتكزت فلسفته الخاصة بالعلاقات الدولية على فرضية حاجة كل دولة كبيرة أو صغيرة إلى التعامل مع بعضها بعضاً، لمواجهة المشكلات التي تعترض مسيرة البشرية، وحلها بعيداً عن لغة المواجهة والعنف والصراع. وتكشف نظرة سريعة إلى المكانة المرموقة التي احتلتها دولة الإمارات العربية المتحدة، على الساحتين العربية والدولية، في عهد الشيخ زايد رحمه الله، بوضوح رؤيته الثاقبة وأفقه السياسي الواسع، ومن قاعدة خليجية عربية موصولة بالعالم الإسلامي، غير منعزلة عن دول العالم وشعوبه، تصادق في شرف، وتتعاون في كرامة، وتناصر مبادئ المساواة والعدل، وحق الشعوب في تقرير مصيرها. وانطلاقاً من إيمانه بأسلوب الحوار لحل المشكلات والنزاعات بين الدول، عالج بحكمة قضية جزر الإمارات الثلاث التي تحتلها إيران منذ عام 1971، واتبع نهجاً سلمياً ودبلوماسياً مرناً لإنهاء احتلال إيران للجزر الثلاث “طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى”، بالوسائل السلمية عن طريق المفاوضات الجادة والمباشرة أو إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية. وحظي هذا النهج بقبول ودعم من دول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية والمجتمع الدولي والدول الشقيقة والصديقة. وحدة الهدف والمصير وجه الشيخ زايد -رحمه الله- نظره إلى جواره الإقليمي، وقادته حكمته إلى ضرورة قيام كيان إقليمي، يعزز قوة دوله في مواجهة خطر الدول الطامعة بالثروة الخليجية. وانطلقت مبادئه من وشائج الدين والقربى والجوار والآمال الواحدة والمصالح المشتركة. وأسهم المغفور له بشكل فاعل في تطوير آليات العمل الخليجي، ونظر إلى هذا التكوين الإقليمي استناداً إلى اعتبارات أمنية صرفة عضدتها الأحداث اللاحقة، خصوصاً في مطلع عقد تسعينات القرن الماضي. ترسخت في ذهنه فكرة التعاون الخليجي كضرورة يفرضها الواقع الجيوسياسي لتكون بمثابة واجهة سياسية واقتصادية في تلك الفترة بالغة الحرج، وبشكل أساسي، كانت ضرورة للتصدي للأطماع على منطقة الخليج العربي في إطار سياسي وليس حلفاً عسكرياً. واضطلعت الإمارات في عهده، مع أشقائه في الكويت بعرض فكرة إنشاء استراتيجية خليجية مشتركة للتعاون في جميع المجالات على قادة دول الخليج العربية الست، وكان التصور يبنى على تقوية الروابط بين هذه الدول في كل المجالات السياسية والاقتصادية والنفطية والثقافية والعسكرية في إطار تنسيق مشترك تجمعه استراتيجية شاملة. وانطلاقاً من هذه الرؤية، أطلقت أبوظبي في عهده المساعي لاستضافة أول قمة لـ”مجلس التعاون الخليجي” في الفترة من 25 إلى 26 مايو 1981، ويعد هذا الاجتماع المؤتمر التأسيسي للمجلس، حيث تم فيه التصديق النهائي على النظام الأساسي، مما شكل البداية القانونية له. وأصدرت الدورة الأولى للمجلس الأعلى “إعلان أبوظبي” الذي أكد أن قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية كـ”استجابة للواقع التاريخي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي والاستراتيجي الذي مرت وتمر به منطقة الخليج العربي، وأن التضامن الطبيعي الذي يربط البلاد العربية في الخليج حري به أن يظهر في إطار مشترك يجسد كل الخطوات الإيجابية والفعالة الثنائية والجماعية التي اتخذت حتى الآن لصالح شعوب المنطقة”، وفقاً لنص الإعلان. وبحث المجلس في هذه الدورة التعاون العسكري، وقرر دعوة وزراء الدفاع للاجتماع لتحديد الأولويات التي تحتاجها دوله من أجل تأمين استقلالها وسيادتها. وفي فبراير عام 1981، عقد في الرياض مؤتمر ضم وزراء خارجية دول الخليج وهي: دولة الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، المملكة العربية السعودية، سلطنة عُمان، دولة قطر، دولة الكويت، حيث تمت مناقشة خطة العمل لقيام الكتلة الإقليمية الخليجية. فلسطين.. حجر الزاوية عربياً وبرزت حكمة الشيخ زايد بن سلطان -رحمه الله- وأصالته العربية عبر مناصرته الدائمة للقضايا العربية، ومبادرته إلى لم الشمل، وسعيه إلى مد جسور التعاون، وتطلعه إلى أن تلعب أمتنا دورها التاريخي في بناء الحضارة الإنسانية. ولأن فلسطين تقع في سويداء قلبه، فقد نذر نفسه لخدمتها، فدعم صمود الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة وتحرير مسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ووضع ثقله الشخصي والسياسي في ميدان السياسة العربية والدولية، لإيضاح الحق العربي ونصرة القضايا العربية. ومثلت القضية الفلسطينية بالنسبة للدولة حجر الزاوية في العمل العربي المشترك، ووضعها المغفور له على رأس أولوياته في علاقات الإمارات بمختلف دول العالم، وقد دعم نضال الشعب الفلسطيني في جميع مراحله بمواجهة ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي حتى يتمكن من استعادة حقوقه الوطنية وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.‏‏‏ واعتبر المغفور له أن العدالة تتحقق عندما يسترجع الفلسطينيون حقوقهم المشروعة في بلادهم. لذلك أقامت دولة الإمارات مشاريعها الداخلية بناء على أن عدو العرب هو عدو لها. وبناء على ذلك، رأى أن هناك ضرورة لبناء قوة دفاعية لتدعيم السلام، معتبراً أن “الأمة العربية في صراعها ضد إسرائيل تخوض معركة شرسة ضد عدو غادر ينتهج ضدنا الممارسات البربرية والأساليب غير الأخلاقية كافة”. كما دعم -رحمه الله- إعمار الأرض الفلسطينية وبناء المجمعات السكنية بدءاً من مدينة الشيخ زايد في غزة، والتي بلغت تكاليفها 62 مليون دولار وتتكون من 736 وحدة سكنية استوعبت حوالي ثمانية آلاف نسمة، وقد استمرت الإمارات في تعزيز هذا التوجه عبر إقامة أربع مدن سكنية فيما بعد، ناهيك عن مشاريع أخرى لا تقل أهمية عن الجهد السياسي والدعم الذي توج مسيرة الإمارات في إطار الحق الفلسطيني المشروع. العراق.. مواقف مشهودة وقف رجل المبادئ والمواقف وقفة مشهودة ضد غزو النظام العراقي للكويت الشقيقة في أغسطس عام 1990، فاستنكر العدوان، ووقف ضد الاحتلال، وبتوجيهات منه فتحت الإمارات ذراعيها بكل الحب والترحاب للأسر الكويتية التي قدمت إلى وطنها الثاني الإمارات، وشاركت القوات المسلحة الباسلة في معركة تحرير الكويت بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة. لكنه بالمقابل وبعد تحرير الكويت، تعامل بشفافية كبيرة مع الأزمة التي نشبت بين العراق والأمم المتحدة حول التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل، وأكدت الإمارات باستمرار رفضها استخدام القوة ولأي عمل عسكري ضد العراق. تضامنت دولة الإمارات في عهد المغفور له مع شعب العراق وساندته في المحن التي مر بها قبل وأثناء الحرب وبعدها، ودعمت جهود قادته وأبنائه في إعادة بناء دولتهم واسترداد سيطرتهم على وطنهم ومقدراته وشؤونه كافة. فأمام التداعيات السلبية للحصار الذي فرض على العراق، بلغت قيمة المساعدات الإنسانية التي أرسلتها هيئة الهلال الأحمر لدولة الإمارات إلى الشعب العراقي في أواخر عام 1996 ما يناهز 10 ملايين درهم. وبقيت سياسة الدولة هادئة وحكيمة ومتزنة تسعى لتثبيت معادلات الاستقرار والأمن في المنطقة أثناء بروز أزمة العراق، وليس أكثر دلالة على هذا، ما عرف بـ”مبادرة زايد” قبيل الحرب على العراق عام 2003، لتجنيب الشعب العراقي أولاً والمنطقة برمتها ويلات العدوان، والتي لا يزال العراقيون يعيشون فصولها المريرة القاسية. «النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي» منذ اللحظة الأولى التي اندلع فيها القتال في سيناء والجولان في أكتوبر 1973، أعلن الشيخ زايد -رحمه الله- أن دولة الإمارات تقف بكل إمكاناتها مع مصر وسوريا في حرب الشرف، من أجل استعادة الأرض العربية المغتصبة. وخرج زايد الرجل العربي المسلم بوقفته التاريخية المشهودة مطلقاً صيحته المدوية متجاهلاً كل التهديدات الغربية: “إن الذين قدموا دماءهم في معركة الشرف قد تقدموا الصفوف كلها، وإن النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي، إننا على استعداد للعودة إلى أكل التمر مرة أخرى، فليس هناك فارق زمني كبير بين رفاهية البترول وبين أن نعود إلى أكل التمر”. واقتحم المعركة بالسلاح الجبار الذي يملكه، فبادر بكل شهامة إلى قطع النفط عن الدول المساندة لإسرائيل وتبعته بقية الدول العربية المصدرة للنفط، مما شكل ضغطاً فاعلاً على القرار الدولي بالنسبة لهذه الحرب. وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده زايد أثناء المعركة، سأل أحد الصحفيين الأجانب المغفور له: “ألست خائفاً من الدول الكبرى، لقد كنت أول من قطع النفط عن الولايات المتحدة؟”، حيث أجابه -رحمه الله- على الفور: “إننا لا نخاف من أحد، وإذا تسلل الخوف إلى قلوبنا، فإننا سنقاتل دفاعاً عن شرفنا، ونسترد حقوقنا المسلوبة، إن أغلى شيء يملكه الإنسان هو روحه والأرواح بيد الله عز وجل، إن إسرائيل توجه صواريخها إلى الأرض العربية، وتتمركز فيها منذ أكثر من 30 عاماً، والولايات المتحدة تساندها وتدعمها بالسلاح الذي يصل إليها براً وبحراً وجواً وبالمال الذي يدفع لها من الخزانة الأميركية كل يوم بلا حساب، فإلى متى نخاف ونحسب ونخطط ونخشى الخطر؟”. وتأكيداً لمبادئ زايد في رأب الصدع ولم الشمل وتوحيد الصفوف وإنهاء الخلافات بين الأشقاء، دّوى صوته منادياً بعودة مصر إلى الصف العربي في قمة عمّان في أكتوبر 1987، وبادر بإعادة العلاقات مع جمهورية مصر العربية في خطوة رائدة لدعم التضامن العربي. لبنان.. دعم غير محدود أكدت دولة الإمارات بقيادة زايد منذ اندلاع الأزمة اللبنانية عام 1975، وما أعقبها من إفرازات وتداعيات، دعمها المطلق لسلامة لبنان ووحدة أرضيه وسيادته وعروبته، وقد حددت موقفها من هذه الأزمة وفق أسس ثابتة دعم لبنان مادياً ومعنوياً للمحافظة على طابعة العربي الأصيل. وسعى الشيخ زايد -رحمه الله- إلى مساعدة اللبنانيين وفق ذلك التصور على بسط سيطرة السلطة اللبنانية على جميع أراضي لبنان، مع تأكيد وحدة لبنان أرضاً وشعباً، يرافقها الاستعداد للإسهام في إعادة تعمير لبنان. وتفعيلاً لهذه الثوابت التي وضعها المغفور له، شاركت دولة الإمارات عام 1977 في قوات الردع العربية لحفظ الأمن في لبنان. ولم تترك سانحة إلا ودعت فيها المجتمع العربي والدولي إلى العمل على إنقاذ لبنان من محنته. واعتبر الشيخ زايد -رحمه الله- الحرب في لبنان ضد مصلحة الأمة، ودعا في أكتوبر 1980 إلى عقد قمة عربية لإنقاذ لبنان مما يعيش فيه من حرب ودمار وفرقة. وحين وصلت الأزمة اللبنانية إلى ذروتها في سبتمبر عام 1988، حيث لم يتمكن مجلس النواب اللبناني من الانعقاد لانتخاب رئيس جديد للبلاد، أطلق سمو الشيخ زايد -رحمه الله- مبادرته الشهيرة التي دعا فيها إلى تحرك عربي فوري لإنقاذ لبنان ومساعدته على الخروج من محنته. وأعرب -طيب الله ثراه- في حديث لجريدة الأنوار اللبنانية نشرته يوم 17 نوفمبر 1990 في أعقاب بدء سيطرة الدولة على لبنان عن ثقته بأن لبنان على أبواب السلام والنجاة بعد محنته الأليمة التي دامت 15 عاماً. وقدمت الإمارات دائماً منذ عهده دعمها للبنان في مسيرة البناء والتعمير وإعادة تعمير ما تم تخريبه من قبل العدوان الإسرائيلي على الجنوب اللبناني، وأوفدت عدداً من كبار المسؤولين ومديري الدوائر إلى الجنوب اللبناني يوم 30 مايو 2000 للاطلاع على احتياجات الشعب اللبناني وتقديم “ما يمليه علينا الواجب الوطني والقومي تجاه أشقاء عانوا طويلاً جراء الاحتلال الإسرائيلي المدمر”. ووقعت الإمارات مع الجمهورية اللبنانية في 25 أكتوبر 2001 في بيروت على الاتفاقية الخاصة بتنفيذ مشروع التضامن الإماراتي بجهود المغفور له، لإزالة الألغام في جنوب لبنان بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية، بتكلفة قدرها 50 مليون دولار أميركي، لإزالة نحو 130 ألف لغم موزعة في عشرات القرى في الجنوب اللبناني. كما أزالت القوات المسلحة 62 ألفاً من الألغام والذخائر غير المتفجرة في نحو 92 بلدة. واعتبر لبنان حكومة وشعباً أن دولة الإمارات عبر هذه الخطوة التاريخية باتت شريكاً في تحرير الجنوب اللبناني، كما هي شريكة في التنمية وإعادة إعمار ما هدمه الاحتلال الإسرائيلي. القضايا العربية.. توازن حكيم وقفت الإمارات مع القضايا العربية بالنهج المتوازن نفسه الذي اتسمت به سياستها الحكيمة، فأكدت في الشأن السوداني أهمية اتفاقية السلام. ومنذ عهده -رحمه الله- أكدت الإمارات دائماً أن الأوضاع الإنسانية على الساحة السودانية ظلت على الدوام محل اهتمامها حكومة وشعباً. وفي الشأن اليمني، اتصفت العلاقة بين البلدين بدرجات عالية من التواصل والتعاون والشراكة. فقد تأسست العلاقات الرسمية الحديثة بين اليمن والإمارات عقب قيام الاتحاد في 1971 وبالتوجه الحكيم نفسه للشيخ زايد لتمتين العلاقات والأواصر بين العرب، وبدأت بتبادل التمثيل الدبلوماسي. وفي بداية السبعينيات من القرن المنصرم، أسس البلدان مجلس تنسيق مشترك لتنظيم علاقات التعاون بينهما عقد ثلاث دورات في الفترة من 1974 إلى 1984. أما في الشأن الصومالي، فقد طالب -رحمه الله- بتدخل دولي عاجل من أجل وضع حد للاقتتال والصراع الطائفي الذي اندلع في الصومال وتدهور الأحوال الإنسانية والسياسية والاجتماعية بهذا البلد العربي. واستمرت الإمارات على هذا النهج الحكيم، فشاركت بقواتها ضمن قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصومال، كما قدمت العديد من أشكال المساعدة الإنسانية لشعبه. دولياً.. السلم والأمن انخرطت دولة الإمارات منذ استقلالها في العمل الدولي إيماناً منها بإمكانية خلق فضاء دولي خال من الحروب والأزمات، فانضمت في عهد المغفور له إلى الأمم المتحدة وأسهمت بشكل ملموس في بلورة مبادئها وتحقيق أهدافها المرتبطة بتحقيق السلم والأمن الدوليين من خلال المشاركة في هيئاتها واتفاقياتها. وعبر الشيخ زايد عن دعمه لمعظم قضايا التحرر في العالم، وأمام الانعكاسات السلبية للعولمة على مختلف الواجهات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية وما تلاها من اتساع الفجوة بين مختلف الدول والشعوب، طالب بنهج حوار بناء بين دول الشمال والجنوب بالشكل الذي يخدم المصالح المشتركة لكل الأطراف سواء الفقيرة منها أو الغنية. وحرصت الدولة منذ انضمامها إلى الأمم المتحدة في التاسع من ديسمبر 1971 في عهده على تأكيدها التمسك بالمواثيق والمبادئ الدولية التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة، والعمل على تعزيز مكانة الإمارات الدولية عبر الانضمام إلى جميع الهيئات والمنظمات والمنبثقة عن الأمم المتحدة، الأمر الذي انعكس على حضورها الدولي اللافت للنظر. مدت الإمارات يدها منذ عهده بالمودة لدول العالم الإسلامي ليس من خلال عضويتها الفاعلة والمؤثرة في نطاق المؤتمر الإسلامي فحسب، بل ومن خلال علاقاتها الثنائية الداعية لتعميق أواصر الإخاء وتوثيق عرى الصداقة مع كل الدول الإسلامية على إطلاقها وأسهمت معها في أوجه التنمية الاقتصادية ودعمت ولا تزال هيئاتها لمنظماتها. أما في إطار منظمة عدم الانحياز، فقد أكدت الإمارات أهمية تعزيز دور الحركة ووحدة مواقفها إزاء التحديات التي تهدد أمنها واستقرارها. وانضمت الإمارات في عهده إلى المنظمة في 9 أغسطس 1972 الذي عقد في جورج تاون عاصمة جوايانا. وأكدت التزامها بمبادئ الحركة واستناداً إلى تلك المبادئ أقامت علاقات دبلوماسية مع الدولتين العظميين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي “سابقا” وحافظت على علاقاتها الطيبة مع دول العالم الأخرى. باكستان وأفغانستان والبوسنة ارتبطت الإمارات وباكستان بعلاقات مميزة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي تعززت بفضل الدعم المستمر والمتواصل من المغفور له الشيخ زايد مرسياً دعائم ثابتة على مدى العقود الأربعة الماضية. وتعتبر باكستان من أوائل الدول التي تبادلت التمثيل الدبلوماسي مع دولة الإمارات، وشهدت العلاقات الثنائية تطوراً ملحوظاً. وقدمت الإمارات لباكستان مساعدات ودعماً على مختلف الصعد، ولم تتوان عن بذل المساعدات التنموية والمادية لضحايا الكوارث والحروب. أما على صعيد أفغانستان، فقد التزمت دولة الإمارات منذ عهده -رحمه الله- برعاية القضية الأفغانية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأولتها الكثير من الاهتمام، حيث وقفت في طليعة الدول المساندة لدعم الكفاح الأفغاني، وقدمت في سبيل ذلك المعونات الغذائية والدوائية. وفي قضية البوسنة والهرسك، كان الشيخ زايد -رحمه الله- في مقدمة الذين دعموا شعب البوسنة إثر الاعتداءات الصربية. وحظيت القضية منذ تفجرها باهتمام بالغ من حكومة وشعب الدولة، فكانت أولى الدول التي هبت لمساعدة شعب البوسنة بإرسال شحنات الإغاثة من المواد الغذائية والطبية، واستقبلت أفواجاً من الجرحى لعلاجهم بمستشفيات الدولة، كما تكفلت بإقامة العشرات من العائلات ووفرت لهم فرص العمل، وفتحت أبواب المدارس والمعاهد لأبنائهم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©